شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
أسامة الروماني يغلق بوابة

أسامة الروماني يغلق بوابة "سمسم"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة نحن والتنوّع

الاثنين 5 يونيو 202302:16 م

قبل أن يسترد نايف كرمه، وقبل أن يكمل نعمان العدّ للعشرة... غادرنا أسامة الروماني، وأغلق بوابة سمسم. توقف قلب الروماني عن الخفقان، صباح الاثنين الماضي 29 أيار/مايو 2023، ليودّع عالمنا عن عمر ناهز الثمانين عاماً.

أطلّ "المخضرم" علينا من عباءة الزمن الجميل، وآثر التواجد على الساحة الفنية في موسم رمضان الماضي، حين ألزمه شغف الممثل بالوقوف بعد انقطاع طويل أمام كاميرا الدراما السورية، معلّلاً ذلك بأن الشغف كما السُبات الشتوي، لا يموت: "اثنان وأربعون عاماً، لم تستطع محو رغبة العودة إلى التمثيل لدي".

مع رفاق الدرب

أسامة الروماني من مواليد 1942. لم يتلقَّ تعليماً فنيّاً أكاديمياً، فكان البديل حسب ما قال عند أبناء جيله، التعليم الذاتي أولاً، واكتساب الخبرة من خلال مشاهداتهم، حيث شرعوا بندوة للفكر والفن عام 1961، تحت إشراف الدكتور رفيق الصبّان الذي سبق له أن خاض تجربة المشاركة في المسرح الشعبي الفرنسي، ومن هنا انتقلت الخبرة، وعمّت بالخير على أعمال قدّمها الروماني مع شلّة فنيّة شابة.

أطلّ "المخضرم" علينا من عباءة الزمن الجميل، وآثر التواجد على الساحة الفنية في موسم رمضان الفائت، حين ألزمه شغف الممثل بالوقوف بعد انقطاع طويل أمام كاميرا الدراما السورية، معلّلاً ذلك بأن الشغف كما السُبات الشتوي

وقد ضمّت تلك الندوة أساطين الثقافة في الستينيات، من أمثال محمد الماغوط، جورج طرابيشي، أديب غنم، لؤي كيالي وسواهم كثر من أدباء ورسامين وفلاسفة، وبذلك تكون هذه الورشة قد حلّت محل المعهد العالي للفنون المسرحية المُفتقد آنذاك. وكانت الاستفادة من تلك الورشة ممنهجةً، حيث يتم الإنصات إلى الموسيقى، ومتابعة لوحات من الفن التشكيلي، كذلك التحليل السينمائي لأهم الأفلام، بالإضافة إلى المسرح ركيزة الندوة الأساسية.

لم يحالفهم حظ الانتشار، فكان التوسّع الفني محلياً حيث لا تواجد للفضائيات حينها.

أعمال مسرحية ومشاركات تلفزيونية

دخل الروماني التلفزيون بأعمال فنيّة تنوعت بين مسرح عالمي وفقرات فنيّة قدّمها قبل مشاركته في مسلسل "زقاق المايلة" (عام 1972)، من خلال فرقة الفنون الدرامية للتلفزيون (عام 1963).

شارك أسامة، وهو الأخ الأصغر للفنان الراحل هاني الروماني، في مسرحيات عدة كان أشهرها "ضيعة نشرين" (عام 1974) في دور نايف، الشاب الذي توقف زفافه عندما استولى "الحرامي"، على الكرم، والذي كان مهراً لعروسه زينة، كما شارك في مسرحية "غربة" في دور موظف الأوتيل (عام 1976)، وهنا ينوّه الروماني بأن تلك المسرحيات، كان لها الحظّ في التصوير التلفزيوني لذا اشتهرت أكثر من غيرها.


وعن مثلث الشراكة الناجح بين نص الماغوط، ودريد لحام، وكوكبة من الفنانين المشاركين، قال الروماني إنه استقطب جمهوراً واسعاً، كما شدّد على أهمية دريد لحام الذي شارك الماغوط في إعداد النص ليتناسب ورؤية العرض المسرحي: "فكنا نسمع ما يريد نص الماغوط قوله من خلال دريد لحام".

ابتلعته بوابة سمسم

سنة 1978، عُرض على الروماني أن يكون مسؤولاً عن أحد أقسام الإنتاج لبرنامج الأطفال "افتح يا سمسم"، وهو برنامج مكيّف عن برنامج "شارع سمسم" الأمريكي الشهير، ليصبح المشرف الرئيسي على البرنامج سنة 1982. عن "افتح يا سمسم" يقول الروماني: من أوائل البرامج التي نظرت إلى الطفل بشكل جدّي كزبون رئيسي. اعتمد على أسس تعليمية ترفيهية، وفي ذاك الوقت كان قياس حاجات الطفل وتقديمها بشكل تنويري شيئاً جديداً مبتكراً.

كما صرّح بأنه كان من المفترض أن يغيّبه هذا العمل الإنتاجي لمدّة سنة عن الساحة الفنية، لكن تظافرت الظروف لتصبح السنة 42 سنةً، شارك خلالها في سلسة من البرامج الإرشادية والتوعوية تخصّ الطفل، تابعة أيضاً لمؤسسة التعاون المشترك لمجلس التعاون الخليجي التي أولت المضمون أهميةً وإن لم يكن ربحياً، بحسب الراحل.


بالرغم من أن عمله في الإنتاج سرقه من الأضواء، وربما كان ليقدّم أعمالاً فنيّةً تساهم في صنع نجومية فنان، كما باح ذات لقاء بغيرته عند مشاهدة دور مغرٍ على الشاشات، وأنه يتمنى لو كان من لعبه، إلا أن ما قدّمه ثقافياً كان كفيلاً بتعزيته.

كما كان لمشواره الفني نصيب سينمائي، فشارك في أفلام عدة، كفيلم "عجاج" من إخراج مروان داغستاني، و"وجه آخر للحب" من بطولة منى واصف ويوسف حنا. كذلك فيلم "مغامرة" عام 1974.

العود أحمد

عاد الروماني إلى الدراما بمسلسل "حمام القيشاني" ( عام 1994)، بدور العقيد أديب الشيشكلي، رئيس سوري سابق، وقد تناول العمل حقبة الانقلابات في البلاد، ورصد الجو الثقافي والسياسي متعدّد الأحزاب حينها، ليعود إلى الكويت مجدداً إلى حين قرّر الاستقرار في مسقط رأسه دمشق قبل عامين.

ختم الروماني مشواره الفني مع المخرجة رشا شربتجي في "كسر عظم" (2020)، والذي تمنى لو كان دوره فيه أكبر، كما شارك في مسلسل "مربى العز"، للمخرجة آنفة الذكر (2023).

عاد ليرحل...

فجر الاثنين، غادرنا أسامة الروماني جسداً، ويبقى حاضراً في الذاكرة السورية والعربية. نعته نقابة الفنانين السوريين عبر صفحتها، كما فعل زملاؤه ورفاق الدرب، وأولهم ياسر العظمة، بكلمات مؤثرة ختمها على حسابه في فيسبوك قائلاً: "يا رفيق الدرب الطويل... أحزنني فراقك، وأوجع قلبي، ودفع الدموع إلى عينيّ".

وكتبت مواطنته أمل عرفة، والحزن يخيّم على تغريدة نشرتها على حسابها في تويتر: "بعد غربة تلاتين سنة رجع يواصل مشواره، وغاب اليوم بعد أمل كبير من كل اللي عرفوه أنو الكبار صارو بيناتنا!... فقدانك حزين جداً... عزائي لعائلة أسامة الروماني والوسط الفني والثقافي".

كما عبر باسل الخطيب، المخرج السوري وصديق الراحل عن حزنه لرحيله قائلاً: "لن يكفينا ما تبقّى من العمر للحزن على فقدانك".

 "فالسؤال أين هو؟ وأين تلك الغيبة؟ كرّره كثر على مدى عقود أربعة، لما تركه من انطباع جميل بثقافته الفنيّة الجليّة من خلال ما قدّم، كلّلتها كاريزما ساطعة. أفرحَ الجمهور بعودتها، لكنها كانت العودة القصيرة التي تشبه مطرة نيسان"

أما الكاتبة السورية ديانا جبور، فنعته بكلماتها المؤثرة قائلةً: "على أرجوحة من بهجة وحكمة... قضى عمره، بهجة الشاب وحكمة الشايب، تجاوز الثمانين فأعاد ترتيب الأولويات. وفي صدارتها المسامحة والحب. لكنه احتفظ ليس بروح الشباب من حيث الرغبة في العمل والذاكرة والدعابة والثقافة وحب الحياة، بل احتفظ في ثنايا صدره بثلاثة شبان كما لو قسّم عمره على ثلاث ليلحقوا بنهاراته الاحتفالية المزدحمة بشغف الحياة والعمل؛ لكن قلبه خذله".

وكان الكاتب حسن م. يوسف، قد أثنى على الروماني بعد حضور حفل تكريم سابق له في معهد العالي للفنون المسرحية حيث كتب يومها: "طوال ساعتين من البوح الحميم تكرّم المبدع أسامة الروماني بعد ظهر اليوم بنثر ذهب تجربته الفنية الثرية على رؤوسنا، أذاقنا عسل البدايات المرّ، كان يعطي عصارة عمره بغزارة عين الفيجة فيضوع منه عطر روحه الأخّاذ بتلقائية الوردة الشامية". الجدير ذكره أن الروماني شارك م. يوسف، تدريس مادة السيناريو في المعهد العالي للسينما إبان عودته إلى البلاد.

كما قالت الممثلة السورية سلاف فواخرجي، ما جال ببال جيل بأكمله عن الروماني: "فالسؤال أين هو؟ وأين تلك الغيبة؟ كرّره كثر على مدى عقود أربعة، لما تركه من انطباع جميل بثقافته الفنيّة الجليّة من خلال ما قدّم، كلّلتها كاريزما ساطعة. أفرحَ الجمهور بعودتها، لكنها كانت العودة القصيرة التي تشبه مطرة نيسان، بالكاد تبلّل الأرض, لكنها تنشر عطر التراب وتحيي قلب الإنسان".

إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image