أطلقت مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، حملة لتشجيع القراءة في المجتمع الفلسطيني في التاسع والعشرين من نيسان/أبريل الماضي إلى 5 أيار/مايو الجاري، برؤية جديدة ومختلفة، مستهدفةً الأماكن كافة التي تتفاعل معها المؤسسة وتعمل، لتمكّن التعليم غير المنهجي فيها وتسانده، تاركةً أثراً مهماً في الثقافة الفلسطينية وصانعةً رؤيةً تتحدى بها الوقت والانشغال، ومركّزةً من خلالها على الهمّ الفلسطيني العام.
جاء عنوان الحملة لهذا العام "نحن الذهاب المستمر إلى البلاد"، في إشارة من مؤسسة تامر إلى رؤيتها المستقبلية، وإلى الفعاليات التي اختارتها كي تطرحها على المشاركين في الحملة هذا العام، حيث اهتمت بشكلٍ أساسي برفع الوعي الفلسطيني حول قضايا عديدة، أهمها رؤية شاملة وواضحة إلى كيف يمكن أن تكون فلسطين دون وجود احتلال، برؤية واقعية، وبأقلام وأفكار جيل جديد، لم يعايش النكبة، لكنه ما زال يعايش تبعاتها.
جاء عنوان الحملة لهذا العام "نحن الذهاب المستمر إلى البلاد"، في إشارة من مؤسسة تامر إلى رؤيتها المستقبلية، وإلى الفعاليات التي اختارتها كي تطرحها على المشاركين في الحملة هذا العام، حيث اهتمت بشكلٍ أساسي برفع الوعي الفلسطيني حول قضايا عديدة
انطلقت المؤسسة في حملتها بثيمة الوقت، أهميته وكيف ينساب من بين أيدينا، حيث قررت وضعه تحت المجهر وتفكيكه وتحريره لنتمكن كفلسطينيين من بناء شيء جديد من خلاله، وليبني أطفال تامر ما هو جَمعيّ. فاختيار وقت الحملة في أيار/مايو، يذكّر دوماً بالنكبة، وهو التاريخ الذي سُلبت فيه البلاد قبل 75 عاماً، والفعاليات التي سنتحدث عنها خلال التقرير، هي الفعاليات التي أُقيمت في مدينة القدس على وجه الخصوص، كي نتحدث عنها على الخريطة، وكيف من المهم عدم تجاهلها عند الحديث عن فعاليات وطنية جمعيّة ورؤية وطنية شاملة.
مؤسسة تامر والكلّ الفلسطينيّ
تعمل مؤسسة تامر منذ عشرات السنوات في فلسطين، وتميّزت دوماً بمحاولاتها العمل على كافة الأراضي الفلسطينيّة باختلاف المناطق الجغرافية. في مقابلة حصرية لرصيف22، مع أحمد حنيطي، وهو مدير مشروع في مؤسسة تامر، يقول: "المؤسسة موجودة بشكلٍ أساسي من خلال مكاتبها في الضفة وقطاع غزة. يعمل لدينا طاقم كامل في قطاع غزة تحت إدارة المكتب الرئيسي في رام الله، كما أننا نحرص على العمل أيضاً في الأراضي المحتلة عام 1948، وفي الشتات وفي القدس، ونحاول من خلال فعالياتنا الوصول إلى كامل التراب الوطني الفلسطيني. نعمل في المؤسسة من خلال برنامجين رئيسيين الأول هو تشجيع الأطفال على القراءة، وهو يمتد على كل الجغرافيا الفلسطينية من خلال توفير بيئة آمنة للأطفال للتعلم وتالياً تكون تدخلاتنا متنوعةً من خلال قراءة كتب، ورشات دراما، أنيمايشن، مسرح وغيرها، وذلك من أجل تلبية احتياجات الطفل ورغباته".
ويضيف في هذا الصدد: "عملنا مع الأطفال يتم من خلال شركاء موجودين في مختلف المحافظات في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس وبعض المؤسسات في فلسطين 1948 والشتات، ويتم العمل بشكل أساسي مع شبكة مكتبات أدب الأطفال التي تساعدنا في العمل الميداني بشكلٍ أساسي. على سبيل المثال كان لدينا مؤخراً مشروع للشباب باسم نقش وحجر، وهو مشروع يعمل على النقوش الموجودة على المباني التاريخية، وتالياً كانت لدينا 6 مجموعات شبابية في لبنان، غزة، القدس، عكا، وجنين وبيت لحم. هذا المشروع كان محاولةً لاختراق السياسة التي تفرّق المناطق الجغرافية الفلسطينية عن بعضها، وحاولنا لمّ شملها من خلال الثقافة".
تطوير أدب الأطفال والنهوض به
تُعدّ مؤسسة تامر اليوم واحدةً من أهم المؤسسات الفلسطينية التي تعمل في مجال أدب الأطفال واليافعين وتُعنى به، كما أن لديها إنتاجاً ليس بسيطاً في مجال أدب الأطفال، ومكتبة غنية ومتنوعة تحاول توفير النقص في المجال في فلسطين. عن ذلك يقول أحمد حنيطي: "من خلال برنامج الإنتاج الأدبي والمعرفي، تعمل مؤسسة تامر على إنتاج قصص وروايات للأطفال واليافعين، إذ نعمل على محاولة توفير قصص ممتعة وتحمل قيم شعوب مختلفة وتجاربها، ليس فقط لتشجيعهم على القراءة، إنما لنعمل على توفير كتب شيّقة وممتعة للأطفال".
كما أضاف: "نصدر أيضاً في المؤسسة قصصاً مترجمةً، وذلك لتعريف الطفل الفلسطيني على ثقافات وشعوب مختلفة، وتوفير هذه القصص المترجمة يهدف إلى إخراج الأطفال من الحصار المعرفي والثقافي الّذي يعيشونه من خلال قراءة الأدب. كما أن من أهم المشاريع التي تهتم بالطفل مشروع سلسلة 'كتابي الأول'، والذي يحمل إصدارات خاصةً للأطفال، قاموا هم بتأليف قصصه ورسم رسوماته، ويصدر عن المؤسسة كل عام.
ونعمل في بعض المشاريع الأخرى والتي نحرص على توفّرها، وهي المشاريع التي تحمل إنتاجات خاصةً للأطفال واليافعين، مثل الإصدار الأخير الذي عملنا عليه بعنوان 'ماذا حدث للعيد' والذي يُعدّ تجميعاً لذاكرة الأطفال في غزة عن الحرب في 2014، إلى جانب كل المشاريع المهتمة بالأطفال واليافعة إذ تهتم المؤسسة أيضاً بالجانب النقدي والتطويري لأدب الأطفال من خلال إقامة مؤتمرات ومنتديات تعمل على تطوير المجال، وأيضاً من خلال إصدار مجلة سنوية تحمل دراسات ونقداً للمجال الثقافي".
القدس المتخيّلة خلال 20 عاماً
تعمل مؤسسة تامر ضمن سياسة واضحة تهدف إلى توفير بيئة تعليمية حاضنة وآمنة للتعددية والاختلاف، موظفةً رسالتها وفلسفة عملها وقدرات العاملين فيها، وكذلك قدرات المجتمع من أجل توفير هذه البيئة، وانطلاقاً من هذه السياسة عملت مؤسسة تامر خلال فعالياتها في الحملة على تثبيت رؤيتها وسياستها الأساسية.
يقول أحمد حنيطي، عن العمل بشكلٍ عام في القدس: "نواجه في معظم الأحيان صعوبةً في العمل في القدس بالذات، بسبب التضييقات التي تتعرض لها المدينة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، فنضطر في كثير من الأحيان إلى عدم الإعلان بشكلٍ كافٍ عن الفعاليات التي ستقام في المدينة خوفاً من منعها أو سياسات التضييق التي تتّبعها السلطات الإسرائيلية".
تعمل مؤسسة تامر منذ عشرات السنوات في فلسطين، وتميّزت دوماً بمحاولتها العملَ على كافة الأراضي الفلسطينيّة باختلاف المناطق الجغرافية.
أما يوسف غنيم، منسّق مؤسسة تامر في القدس، فيقول: "بشكلٍ أساسي نعمل نحن في المؤسسة على خلق مجتمع تعلّمي آمن وفعّال. لدينا ثلاث حملات رئيسية كلّ سنة: 'أبي اقرأ لي'، 'تشجيع القراءة في المجتمع الفلسطيني' و'أنا تبرعت بكتاب'. كما نعمل خلال العام في المدارس من خلال التعليم المساند، المخيمات الصيفية، تطوير مهارات القراءة للطّلاب، وتوفير بعض الاحتياجات المادية لبعض المدارس إذا احتاج الأمر".
ويضيف يوسف شارحاً الحملة الحالية، وبالتحديد فعالية القدس المتخيلة خلال 20 عاماً: "لكي تنجح هذه الفعالية تحديداً، كنا نحتاج إلى عمل مشترك مع العديد من المؤسسات الأخرى الموجودة على الأرض، خاصةً أن السياسة الممنهجة ضد القدس تطال الجميع، كان أساس الفعالية هو تخيّل القدس حرّةً ومن دون احتلال، حيث يكون العمل على تفعيل الارتباط الثقافي والسياحي داخل المدينة، خاصةً أنها مدينة مهمة جداً سياحياً على الصعيد الديني والثقافي في العالم، كذلك الاستفادة من الطاقات الشبابية في القدس، وهي الطاقات المهدورة في ظل الحكومات الإسرائيلية المتتالية بسبب محاولتها إبعاد الناس عن الهم الوطني والثقافي الجَمعي، كما رسم المعالم المستقبلية للحياة في القدس. أنشأنا معرضاً للصور خلال النشاط استمر لمدة أسبوع، وقد حاولنا من خلاله ربط الماضي بالحاضر لنخرج بصورة أكثر شموليةً للمدينة".
هجرة المؤسسات المدنية للقدس
تمتاز مؤسسة تامر من بين مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني بمحاولتها العمل في كل المناطق الجغرافية الفلسطينية، وهي من المؤسسات القليلة التي ما زالت تعمل داخل مدينة القدس بعد هجرة معظم المؤسسات الأخرى المدينةَ في السنوات الأخيرة، سواء بسبب نقص التمويل أو بسبب التضييق الإسرائيلي على العمل المجتمعي الوطني داخل القدس الشرقية.
وقال يوسف غنيم عن هجرة المؤسسات الأخرى للمدينة: "بعد اتفاقية أوسلو، حدث نوع من هجرة المؤسسات من القدس، حيث نقلت غالبيتها مكاتبها الرئيسية منها إلى رام الله لسهولة التواصل مع السلطة والحصول على التراخيص اللازمة للعمل. اليوم بعد نحو 30 عاماً، انتبهت معظم المؤسسات إلى هذه الهجرة التي حدثت، حيث تُركت القدس مع القليل من مؤسسات المجتمع المدني لتعمل فيها. ومما زاد الطين بلّةً، هو انتشار المراكز الجماهيرية بشكل مكثف في المدينة، وما كان قبل أوسلو غريباً بات اليوم عادياً. المضحك في الموضوع أن هذه المراكز تعمل بشكلٍ جدّي على 'أسرلة' وتغيير الوعي الجمعي، إلى درجة أن مركز كفر عقب الجماهيري يتواجد عند حاجز قلنديا".
ويضيف يوسف شارحاً: "تقوم المراكز الجماهيرية في ظل غياب مؤسسات المجتمع المدني بالترويج لفكرة الخدمة المدنية، ما يعني وفق التعريف الإسرائيلي تشابهاً مع خدمة الجيش، حيث يحصل مؤدّوها في نهايتها على شهادة تتشابه مع شهادة الجندي المسرّح، وتقوم المؤسسة الإسرائيلية بالترويج لهذا الأمر من خلال الأجيال الصغيرة والنساء اللّواتي لا يملكن عملاً، حيث يحصل المتطوع داخل المؤسسات الإسرائيلية على راتب شهري بالكاد يصل إلى 2،500 شيقل، لكنها بذلك تكون قد كسبت فئةً كبيرةً من الشباب إلى جانبها، بالإضافة إلى إقناع الشباب بأنهم سيحصلون على منح وتخفيضات في الدراسة الجامعية لمجرد خدمتهم المدنية".
هي من المؤسسات القليلة التي ما زالت تعمل داخل مدينة القدس بعد هجرة معظم المؤسسات الأخرى المدينة في السنوات الأخيرة، سواء بسبب نقص التمويل أو بسبب التضييق الإسرائيلي على العمل المجتمعي الوطني داخل القدس الشرقية.
كما قال: "ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية هو أنها تسمح لنا كمؤسسات مجتمع مدني بالعمل في القدس من خلال فعاليات بسيطة؛ دورات دبكة، تشجيع على القراءة، دورات مساعدة ومساندة في التعليم المنهجي واللا منهجي، لكن في اللحظة التي تقرر فيها مؤسسة تامر أو غيرها من المؤسسات الفلسطينية المستقلة التي لا تتبع للحكومة الإسرائيلية في التمويل، تمرير ورشة أو العمل على مشروع يحذّر على سبيل المثال من الخدمة المدنية، فلن تتردد الحكومة في إغلاق مكاتبها في القدس ومنع العمل في المشروع بطبيعة الحال، ومن المتوقع أن تحارب الحكومة الحالية المؤسسات المتبقية في القدس بصورة أكبر".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع