شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
صانع الفرح… ليبي يجذب زبائنه بتربّعه داخل خيمته

صانع الفرح… ليبي يجذب زبائنه بتربّعه داخل خيمته

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 18 مايو 202311:30 ص

يتربع مسعود حمد، أو "صانع الفرح" كما يلقّبه أبناء الجنوب الليبي (شاب عشريني)، وسط خيمته في مدينة العوينات في الجنوب الليبي، مرتدياً زيّه التارقي، وتعلو رأسه عمامة بيضاء لُفّت بإتقان يضاهي إتقانه تجهيز الشاي الأخضر، أو "الطاسة الخضراء"، كما يحلو لمجتمع التوارق تسميتها.

يقول مسعود إن حرصه على ارتداء الزي التارقي خلال عمله ميّزه عن الآخرين. ويضيف أنه يجد في هذه الحرفة متنفساً له كونه يحضّرها بكل فنّ، فتجهيز الشاي الأخضر التارقي يتطلب خفةً في حركة اليد، ومهارات في السكب حتى توشَّح كؤوس الشاي الأخضر برغوة متلألئة وكأنها تاج ذهبي، كما أنها حرفة تعود عليه بمردود مالي لا بأس به لتغطية احتياجاته.

رغم الحرب والدمار في ليبيا ما زال البعض يسعون للسعادة والبهجة، متشبثين بحب الحياة

"فن التحضير "

مسعود يؤكد في حديثه إلى رصيف22، "أنه أصبح مشهوراً بإتقانه تجهيز الشاي الأخضر، لذلك يتم الاتفاق معه من قبل الأهالي هناك للإشراف على تجهيز "العزومات" في المناسبات الاجتماعية التي تكثر في فصل الصيف.

وحتى تُتوَّج كؤوس الشاي الأخضر بالتاج الذهبي (الرغوة الذهبية)، عليها أن تمر بمراحل عدة، يقول مسعود إن أولها وأهمها على الإطلاق مرحلة اختيار نوعية الشاي الموشّحة بأسماء تارقية، والتي يبقى أفضلها "تينيري"، وتعني الصحراء أو" إيمران" والمقصود بها الأحباب، وهي أنواع يفضّلها طهاة الشاي بقوة مقارنةً بغيرها.

وبخصوص الأدوات اللازمة للحصول على كأس شاي أخضر لذيذ، يؤكد أنها تتمثل في إبريقين أحدهما يوضع فيه الماء والشاي على النار، والآخر يُستعمل لتصفية ما جاد به الإبريق الأول، ثم تتم تعبئته بالماء المغلي مرةً أخرى، ليمر بعدها الشاي إلى عملية التحلية بالسكّر وتجهيز "الرغوة للطواسي" (الكؤوس) وهي عبارة عن علامة الجودة لمجتمع التوارق الذي يتناول الشاي الأخضر في كل الأوقات (الرغوة عبارة عن فقاقيع صفراء اللون تعلو الكؤوس)، ثم يعاد إلى النار مرةً أخرى ليكون بذلك جاهزاً للشرب.

ويكشف مسعود لرصيف22، سرّ الحصول على رغوة الشاي الأخضر، قائلاً إنها تتطلب كأساً كبيرةً يطلق عليها التوارق اسم "الحوال" ويوضع فيها السكر، ويُخلط بالشاي ويعاد سكبه مرات عدة عن بعد وبخفة.

ويشير مسعود إلى أن "الظروف المعيشية وانتشار البطالة بين صفوف أبناء الجنوب الليبي، الدافع الأساسي وراء فكرة مشروعه الذي يطلق عليه اسم "شطّ الحرية"، تيمّناً باسم المسلسل الليبي الذي لاقى نجاحاً متواصلاً طوال 5 مواسم على التوالي لدى الجمهورين المحلي والعربي.

ويضيف "صانع الفرح"، أن بيع الشاي الأخضر بالنسبة له ليس مجرد مورد رزق فحسب، بل هو إرث عائلي ورثه عن أجداده وجبت المحافظة عليه.

"خيمة ثقافية"

وفي حديثه عن تفاعل الناس معه في بيع الشاي التارقي الأخضر، يقول مسعود إن الجميع يعاملونه بلطف ويصطفون أمامه للفوز بكأس شاي أخضر من يده، كما أنهم يجدون في خيمته أجواءً مناسبةً لتبادل أخبار منطقة العوينات، خاصةً في المساء حين يلتقي الكبير والصغير على شاهي مسعود، ليستغلوا وجودهم للقيام ببعض الأنشطة الترفيهية، مثل لعب كرة القدم وإلقاء الشعر وغيرهما من الأنشطة الترفيهية البسيطة بحكم افتقار مناطق الجنوب الليبي إلى التظاهرات الثقافية التي تحتضنها بنغازي (الشرق الليبي)، أو طرابلس (الغرب) طوال العام.

ويعرب مسعود عن طموحه إلى تحوّل خيمته إلى مقهى ثقافي تغيب فيه وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، لتحضر مكانها الكتب التي تتحدث عن الإرث الحضاري لليبيا والمعزوفات والرقصات التي يشتهر بها التوارق، وأن تكون خيمته الثقافية ثابتةً في مكان واحد، لأنه مُجبَر على الترحال بصحبة معداته من مكان إلى آخر طلباً للرزق.

 هكذا أصبح مسعود حمد، أو "صانع الفرح" نجم الجنوب الليبي عبر كوب من الشاي 

"العود التارقي "

ويرى محمد الخير، وهو أحد زبائن مسعود، أن خيمة مسعود أدخلت حركيةً على منطقة العوينات الليبية، لأنها مختلفة عن بقية الأكشاك التي تبيع الشاهي الأخضر، حيث جذب مسعود الأنظار إليه بأناقة زيّه التارقي، ونظافة معداته، والمذاق المميز للشاهي المجهّز على الفحم بالإضافة إلى ميزة الجلوس على الأرض في خيمته التي أضفى عليها عزف العود التارقي رونقاً جلب الزوار إلى مسعود من مدن أخرى على غرار مدينة غات.

ويشير الخير، إلى أنه يعرف زبائن يتكبدون عناء مسافة 120 كلم من غات نحو العوينات، لشرب كأس شاي أخضر داخل خيمة مسعود، ويضيف أن خيمة مسعود لبيع الشاي الأخضر أدخلت أجواء جميلةً على منطقة العوينات خاصةً في شهر رمضان الماضي، متمنياً أن يلاقي مسعود الدعم المناسب لتتحول هذه الخيمة إلى مقهى ثقافي يجتمع فيه شباب الجنوب الليبي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image