لم يتأخر الوقت طويلاً بعد الاتفاق السعودي الإيراني على استئناف العلاقات بينهما، قبل أن تبدأ الإشارات الدالة على قرب عودة الدفء للعلاقات المصرية الإيرانية التي تعاني بروداً منذ عهد الرئيس الأسبق أنور السادات.
وفي حين تلتزم وزارة الخارجية المصرية الصمت - رسمياً- إزاء التصريحات الإيرانية المتكررة حول استئناف العلاقات بين البلدين ورفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بينهما، لا تكف الدولة الإيرانية في تكرار الدعوات إلى الحوار عبر وسطاء، أو بشكل مباشر من خلال تصريحات وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وكان أحدثها، الأحد، 14 مايو/ أيار، في تصريح رسمي ورد خلال مقابلة أجرتها معه وكالة الانباء الإيرانية الرسمية.
وقال عبد اللهيان إن بلاده "تأمل أن ترى انفتاحاً جدياً وتطوراً في العلاقات مع مصر".
تصريحات مصرية متعارضة
مصدر مطلع على ملف العلاقات المصرية الإيرانية بوزارة الخارجية المصرية أكد لرصيف22 أن هناك مشاورات ومباحثات مطولة مع الجانب الايراني بدأت منذ وقت طويل وتهدف لاستعادة العلاقات، "ويمكن وصفها بالجيدة، ويوجد أيضاً تنسيق في عدد من الملفات المشتركة وعلى رأسها الأزمة السورية".
وأضاف المصدر نفسه لرصيف22 أن العلاقات "لم تكن مقطوعة، بل كانت تحكمها معايير معينة وتسير في نطاق ضيق"، مبيناً أن بين البلدين علاقات على مستوى "القائم بالأعمال" ممثلاً للمصالح الإيرانية الرسمية في السفارة الإيرانية بالقاهرة. مشدداً "من السابق لأوانه الحديث عن تطبيع مصري إيراني".
مسؤول بالخارجية المصرية لرصيف22: "هناك مباحثات ومشاورات بين مصر وإيران منذ وقت طويل بهدف استعادة العلاقات، ويوجد تنسيق في العديد من الملفات ذات الاهتمام المشترك"
في الوقت عينه رفض مصدر آخر بالوزارة لم يفصح عن اسمه تأكيد صحة ما جاء في تصريحات وزير الخارجية الإيراني عن وجود محادثات للتقارب بين البلدين، وقال المصدر لبوابو الأهرام المصرية الرسمية إنه "لا علم لدي بوجود مثل هذه المحادثات" دون أن ينفي وجودها قطعياً على عكس ما ذهب إليه عنوان التقرير.
وكانت الخارجية المصرية قد أعلنت بعد أيام قليلة من توقيع اتفاق التقارب الإيراني السعودي برعاية صينية، أنها ستمنح تسهيلات للسائحين الإيرانيين الراغبين في زيارة مصر، منها حق الحصول على التاشيرة عند الوصول في نطاق مطارات ومناطق محددة داخل الحدود الرسمية لجمهورية مصر العربية، وبدا من القرار أن هناك تحركاً لخلخلة الجدران القائمة في العلاقات بين البلدين.
سنوات من الشد والجذب
لسنوات طويلة ظلت العلاقات بين طهران ودول عربية عدة تراوح مكانها، بل واتسمت بالشد والجذب، أجهضت مرات عدة مساعي التقارب والحلول الودية، حتى ظهرت إشارات ورسائل تحمل في طياتها رغبة من جميع الأطراف في استئناف العلاقات وطي صفحة الخلافات، وبفضل الوساطة الصينية تم استئناف العلاقات السعودية الإيرانية في اتفاقية لا تزال حديث وسائل الإعلام في المنطقة والعالم.
لكن حتى قبل التوقيع الرسمي للاتفاق السعودي الإيراني في مارس/ أذار الماضي، تواترت التصريحات الرسمية الإيرانية المُغازِلة لمصر.
ورغم كل تلك السنوات من العلاقات التي اتسمت بالفتور، فإن مصدراً مطلعاً على الملف الإيراني في وزارة الخارجية المصرية، أكد لرصيف22 أن العلاقات "لم تكن مقطوعة إلا أنها تسير في دوائر ذات طابع خاص".
تتحفظ الخارجية المصرية بشكل رسمي على إعلان استعدادها للتقارب مع إيران، ولكن بعد أيام قليلة من توقيع اتفاق التقارب الإيراني السعودي برعاية صينية، أعلنت أنها ستمنح تسهيلات للسائحين الإيرانيين، منها حق الحصول على التاشيرة عند الوصول في نطاق مطارات ومناطق محددة داخل حدود مصر بعد سنوات من حظر مواطني إيران
ما وراء الكواليس
ظلت القاهرة تمسك العصا من المنتصف فلا تربطها علاقات جيدة أو سيئة بإيران، وكلما أرسلت إيران اشارات تعبر عن رغبتها في استعادة العلاقات؛ أرسلت القاهرة إشارات تؤكد ذلك أيضاً. ظهر هذا في تحفظ القاهرة تجاه دعوات المشاركة في تحالفات إقليمية سعت دول - داعمة اقتصادياً وسياسياً للإدارة المصرية- إلى تشكيلها في مواجهة إيران، كما فتحت مصر أبوابها - جزئياً- لمواطني إيران لزيارتها بعد 10 سنوات من المنع، وإن كانت مصر قد أصدرت تصريحات تفيد بعودتها خلال فترة توتر سياسي حادة مع السعودية في 2016، لكن تم تناسي تلك التصريحات من قبل الإدارة المصرية بمجرد استئناف دفء العلاقات مع المملكة.
وبحسب تصريحات سابقة لوزير الخارجية المصري الأسبق نبيل العربي، أدلى بها لوكالة فاس الإيرانية، فإن الموقف الرسمي للدولة المصرية "لا يعتبر إيران دولة عدوة"، وقال العربي الذي كان على رأس الدبلوماسية المصرية في 2011، إن مصر "مستعدة لفتح صفحة جديدة" مؤكداً أن هناك علاقات دبلوماسية قائمة بين البلدين منذ العام 1994.
باحث في الشأن الإيراني: العلاقات بين القاهرة وطهران "ستشهد تطوراً كبيراً خلال الفترة المقبلة، خاصة أنه لا توجد نقاط خلافية بين البلدين، سوى أن مصر كانت دائماً حريصة على الوقوف جانب أشقائها العرب في دول الخليج"
وفي محاولة لفهم المتغيرات السياسية التي طرأت على الساحة وما يجري واء الكواليس استطلع رصيف22 رؤية عدد من الخبراء والمحللين المختصين في الشأن الإيراني.
الباحث الدكتور محمد حامد مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية بالقاهرة، يعتقد أنه "حتى الآن لا توجد أية إشارة أو بادرة تؤكد أن العلاقات ستشهد زخماً أكبر عن الوضع الحالي، إلا أن هناك المزيد من التواصل والتفاهم والتنسيق في المحافل الدولية لم يكن موجوداً". مستشرفاً أن يسهم التقارب الإيراني الخليجي، وخاصة السعودي، في دفع العلاقات بين مصر وإيران "إلا أن مصر تتعامل بحذر شديد مع هذا الملف".
ويتفق معه موسى عبد الرحيم الباحث في الشأن الإيراني، الذي يؤكد لرصيف22 ثقته في أن العلاقات بين القاهرة وطهران "ستشهد تطوراً كبيراً خلال الفترة المقبلة، خاصة أنه لا توجد نقاط خلافية بين البلدين، سوى أن مصر كانت دائماً حريصة على الوقوف جانب أشقائها العرب في دول الخليج"، في إشارة إلى تأثر مجريات العلاقات المصرية الإيرانية بالعداء المعلن بين الأخيرة وعدد من دول شبه الجزيرة العربية وعلى رأسها السعودية.
مع السعي الإيراني الحثيث لاستعادة العلاقات مع مصر، بدأت إيران في محاولة قطع المسافة الواسعة عبر باب المغازلات الاقتصادية، خاصة أن مصر تسعى لدعم عملتها التي تواجه تحدياً غير مسبوق
انفتاح منقوص
يتوقع حامد أن تعود العلاقات تدريجياً "لكن وفقاً لعدد من القيود والأطر، وعملاً بمبدأ حسن النوايا، فقد فتحت القاهرة أبوابها للسياح الإيرانيين في الغردقة وشرم الشيخ؛ إلا أن القاهرة لن تنفتح انفتاحاً كاملاً بسبب المخاوف الأمنية وعواقب الانفتاح، ولذلك لا تزال تفرض قيوداً على السياحة الدينية، واكتفت بفتح أبوابها للسياح الإيرانيين في شرم الشيخ والغردقة فقط دون باقي المحافظات، خوفاً من ردة فعل التيار المحافظ، وخوفاً من نشر المذهب الشيعي"، وترصد تقارير حقوقية تاريخاً من التضييق على مواطنيها وزائريها ممن يدينون بالمذهب الشيعي وصلت حد إغلاق مزارات آل البيت في مواقيت معينة من السنة وإلقاء القبض على مصريين من الشيعة.
من جانبه، يرى عبد الرحيم أن نذر الانفتاح بين البلدين مبكرة، ووردت إشارات كثيرة عنها كما يرصد ارشيف الصحافة المصرية منذ العام 2011، الذي طرح فيه ملف إعادة تشكيل علاقات مصر الخارجية عقب إزاحة الرئيس الاسبق حسني مبارك عن قمة السلطة في مصر.
ويذكر الباحث المختص في الشان الإيراني أن "الكثير من الاجتماعات واللقاءات جرت على مستوى خبراء مصريين وإيرانيين خلال السنوات الأخيرة، وهو ما يعكس رغبة الجانبين في استعادة العلاقات". مؤكداً "العلاقات قد تتحسن الا أنها لن ترقى إلى أن تكون قوية، فستربطها فقط المصالح المشتركة".
باحث في الشأن الإيراني: "التطبيع بين البلدين سيجلب لمصر المزيد من الاستثمارات، فضلاً عن إنعاش قطاع السياحة باستقبال السياح الإيرانيين الذين يُعرف عنهم أنهم يفضلون الشواطئ المصرية، وكذلك سيجتذب التقارب الاستثمارات ورجال الأعمال الإيرنيين وهو ما سيعود بالنفع على الاقتصاد المصري"
كلمة السر: الاقتصاد
مع السعي الإيراني الحثيث لاستعادة العلاقات مع مصر، بدأت إيران في محاولة قطع المسافة الواسعة عبر باب المغازلات الاقتصادية، خاصة أن مصر تسعى لجذب الاستثمارات ودعم عملتها التي تواجه تحدياً غير مسبوق.
هذا الملمح يدفع مدير مركز شرق المتوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية إلى الاعتقاد أن مصر قد تغير سياستها الاستيرادية خلال الفترة المقبلة وتعتمد على إيران التي تشتهر بتصدير الصناعات الغذائية، خاصة الجبن والألبان "ولديها احترافية كبيرة في هذه التجارة، إذ كانت تصدر لبعض الدول الخليجية" على حد قوله.
ويتوقع حامد أن مثل هذا التقارب بين إيران والخليج ومن بعده مصر، "سيغير شكل الإقليم وتحالفاته بشكل كبير". مضيفاً: "من أهم إنجازات التقارب بين بلدين إستراتيجيتين لهما ثِقل مثل مصر وإيران، أنه سيصير لدينا إقليم ينعم بالأمان والاستقرار، وهو ما سينعكس بالإيجاب على الكثير من الملفات التي ظلت عالقة وتمثل بؤراً ساخنة طوال سنوات مرت، وأبرزها الملف السوري واليمني والعراقي واللبناني أيضاً، إلى جانب التخفيف المتوقع لحدة التوتر في الإقليم والحرب بالوكالة الدائرة منذ سنوات، وهو ما يخدم بشكل أو بآخر الأجندة المصرية".
ويتفق معه عبد الرحيم في أن الاقتصاد سيكون مفتاحاً لتسوية الملفات العالقة بين البلدين، ويقول لرصيف22 "التطبيع بين البلدين سيجلب لمصر المزيد من الاستثمارات، فضلاً عن إنعاش قطاع السياحة باستقبال السياح الإيرانيين الذين يُعرف عنهم أنهم يفضلون الشواطئ المصرية، وكذلك سيجتذب التقارب الاستثمارات ورجال الأعمال الإيرنيين وهو ما سيعود بالنفع على الاقتصاد المصري".
يذكر أن قدرة إيران ورجال الأعمال الحاملين لجنسيتها، خاصة المقربين منهم من نظام الحكم الإيراني، لن يكون بالسلاسة المنتظرة، إذا لم تتم تسوية ملف العقوبات الدولية ضد إيران.
انضم/ي إلى المناقشة
jessika valentine -
منذ أسبوعSo sad that a mom has no say in her children's lives. Your children aren't your own, they are their father's, regardless of what maltreatment he exposed then to. And this is Algeria that is supposed to be better than most Arab countries!
jessika valentine -
منذ شهرحتى قبل إنهاء المقال من الواضح أن خطة تركيا هي إقامة دولة داخل دولة لقضم الاولى. بدأوا في الإرث واللغة والثقافة ثم المؤسسات والقرار. هذا موضوع خطير جدا جدا
Samia Allam -
منذ شهرمن لا يعرف وسام لا يعرف معنى الغرابة والأشياء البسيطة جداً، الصدق، الشجاعة، فيها يكمن كل الصدق، كما كانت تقول لي دائماً: "الصدق هو لبّ الشجاعة، ضلك صادقة مع نفسك أهم شي".
العمر الطويل والحرية والسعادة لوسام الطويل وكل وسام في بلادنا
Abdulrahman Mahmoud -
منذ شهراعتقد ان اغلب الرجال والنساء على حد سواء يقولون بأنهم يبحثون عن رجل او امرة عصرية ولكن مع مرور الوقت تتكشف ما احتفظ به العقل الياطن من رواسب فكرية تمنعه من تطبيق ما كان يعتقد انه يريده, واحيانا قليلة يكون ما يقوله حقيقيا عند الارتباط. عن تجربة لم يناسبني الزواج سابقا من امرأة شرقية الطباع
محمد الراوي -
منذ شهرفلسطين قضية كُل إنسان حقيقي، فمن يمارس حياته اليومية دون ان يحمل فلسطين بداخله وينشر الوعي بقضية شعبها، بينما هنالك طفل يموت كل يوم وعائلة تشرد كل ساعة في طرف من اطراف العالم عامة وفي فلسطين خاصة، هذا ليس إنسان حقيقي..
للاسف بسبب تطبيع حكامنا و أدلجة شبيبتنا، اصبحت فلسطين قضية تستفز ضمائرنا فقط في وقت احداث القصف والاقتحام.. واصبحت للشارع العربي قضية ترف لا ضرورة له بسبب المصائب التي اثقلت بلاد العرب بشكل عام، فيقول غالبيتهم “اللهم نفسي”.. في ضل كل هذه الانتهاكات تُسلخ الشرعية من جميع حكام العرب لسكوتهم عن الدم الفلسطيني المسفوك والحرمه المستباحه للأراضي الفلسطينية، في ضل هذه الانتهاكات تسقط شرعية ميثاق الامم المتحدة، وتصبح معاهدات جنيف ارخص من ورق الحمامات، وتكون محكمة لاهاي للجنايات الدولية ترف لا ضرورة لوجوده، الخزي والعار يلطخ انسانيتنا في كل لحضة يموت فيها طفل فلسطيني..
علينا ان نحمل فلسطين كوسام إنسانية على صدورنا و ككلمة حق اخيرة على ألسنتنا، لعل هذا العالم يستعيد وعيه وإنسانيته شيءٍ فشيء، لعل كلماتنا تستفز وجودهم الإنساني!.
وأخيرا اقول، ان توقف شعب فلسطين المقاوم عن النضال و حاشاهم فتلك ليست من شيمهم، سيكون جيش الاحتلال الصهيوني ثاني يوم في عواصمنا العربية، استكمالًا لمشروعه الخسيس. شعب فلسطين يقف وحيدا في وجه عدونا جميعًا..
محمد الراوي -
منذ شهربعيدًا عن كمال خلاف الذي الذي لا استبعد اعتقاله الى جانب ١١٤ الف سجين سياسي مصري في سجون السيسي ونظامه الشمولي القمعي.. ولكن كيف يمكن ان تاخذ بعين الاعتبار رواية سائق سيارة اجرة، انهكته الحياة في الغربة فلم يبق له سوى بعض فيديوهات اليوتيوب و واقع سياسي بائس في بلده ليبني عليها الخيال، على سبيل المثال يا صديقي اخر مره ركبت مع سائق تاكسي في بلدي العراق قال لي السائق بإنه سكرتير في رئاسة الجمهورية وانه يقضي ايام عطلته متجولًا في سيارة التاكسي وذلك بسبب تعوده منذ صغره على العمل!! كادحون بلادنا سرق منهم واقعهم ولم يبق لهم سوى الحلم والخيال يا صديقي!.. على الرغم من ذلك فالقصة مشوقة، ولكن المذهل بها هو كيف يمكن للاشخاص ان يعالجوا إبداعيًا الواقع السياسي البائس بروايات دينية!! هل وصل بنا اليأس الى الفنتازيا بان نكون مختارين؟!.. على العموم ستمر السنين و سيقلع شعب مصر العظيم بارادته الحرة رئيسًا اخر من كرسي الحكم، وسنعرف ان كان سائق سيارة الاجرة المغترب هو المختار!!.