وسط ضجيج الاحتفاء الذي بدا إلزامياً بعدد من الأعمال الفنية التي عُرضت خلال شهر رمضان في مصر، توارت شكاوى جملة من المبدعين المصريين وأسرهم من انتهاكات طالت أعمالهم المستخدمة في الإنتاجات الدرامية التي عرضتها الشاشات ومنها المسلسل ذو الإنتاج الضخم "سره الباتع" للمخرج خالد يوسف ومن إنتاج المتحدة للإنتاج الإعلامي.
الانتهاكات التي سجلها الموسيقار الذي يحظى باحترم واسع، راجح داوود، وسجلتها أسرة الشاعر الراحل صلاح جاهين، كانت من الوقائع البارزة التي لم تحظ باهتمام إعلامي يذكر، طارحة مسألة غياب ثقافة احترام حقوق المبدعين عن الوسطين الفني والإعلامي في مصر. فخلال أقل من شهر كان هناك أكثر من حالة تعدٍ على حقوق ملكية لمبدعين كبار.
"كل فترة نفاجأ كأسرة صلاح چاهين إن شغله بيتاخد ويتم استغلاله في إعلانات وأعمال تلفزيونية أو سينمائية بدون إذننا. لما تكون فرقة هواه على قد حالها مثلاً واخدة غنوة مستخدماها في مسرحية ولا عرض غنائي طبعاً ما بنتكلمش، ولو إنه من الذوق واللياقة إنهم على الأقل يتواصلوا معانا ياخدوا إذننا. لكن لما تكون شركات زي أورانغ ولا فودافون ولا شركة إنتاج كبيرة في دبي للمنتج اللبناني جمال سنان زي اللي عاملين مسلسل #كامل_العدد المفروض إنهم بيعملوا كل حاجة قانوني، ويحترموا حقوق الملكية الفكرية وحقوق الأداء العلني، مش يستغلوا شغل صلاح جاهين من غير إذن ولا اتفاق! عيب يا جماعة ما يصحش كده، لسه واخدة بالي إنهم حتى ما اهتموش يحطوا إسم صلاح چاهين على التتر مع إنهم ذاكرين إسم الغنوة واللي وزعها!".
كانت أحدث وقائع الاستغلال لأعمال صلاح جاهين في مسلسل "كامل العدد" إذ قامت الفنانة إسعاد يونس بغناء أغنية "البيانولا" التي كتبها جاهين، ولم تقم الشركة المنتجة بدفع حق الأداء العلني للورثة كما تم تجاهل الحقوق الأدبية أيضاً للكاتب الراحل
بهذه الكلمات التي كتبتها على صفحتها الشخصية في فيسبوك، عبّرت سامية جاهين ابنة الراحل صلاح جاهين عن امتعاضها من الاستغلال المتكرر لأعمال والدها من دون احترام حقه وأسرته في نسبة أعماله إليه، وكانت أحدث الوقائع في مسلسل "كامل العدد" الذي عرض في شهر رمضان المنقضي، وهو من بطولة دينا الشربيني وشريف سلامة، إذ قامت الفنانة إسعاد يونس بغناء أغنية "البيانولا" التي كتبها جاهين ولحنها سيد مكاوي، ولم تقم الشركة المنتجة بدفع حق الأداء العلني للورثة - بحسب منشور سامية جاهين- ومن دون استئذانهم كما تم تجاهل الحقوق الأدبية أيضاً للراحل صلاح جاهين.
وعلى خلفية اتهام سامية جاهين للشركة المنتجة، أصدرت الشركة بياناً توضيحياً نشرته معظم المواقع الإخبارية المصرية، جاء فيه "شركة إيجل فيلمز إيجيبت برودكشنز للإنتاج الفني، قد حصلت على حقوق استغلال المصنف المذكور بجميع عناصره من كلمات وألحان وأداء وحقوق مجاورة خلفاً للشركة المنتجة لهذا المصنف، أخذاً في الاعتبار أن مؤلف الشطر الموسيقي هو صاحب الاختصاص في التعاقد على استغلال المصنف، طبقاً للمادة 29 من القانون رقم 354 لسنة 1954 بشأن حماية حق المؤلف، وأن الشركة المنتجة تعتبر مالكة المصنف في الاتفاق على استغلاله طبقاً للمادة 177 فقرة (خامساً) من القانون رقم 82 لسنة 2002 بشأن حماية حقوق الملكية الفكرية.
واستكمل البيان أن الشركة حازت تصريحاً من شركة تدعى "استارز" لخدمات الرقمية والإعلامية لاستغلال المصنفات الرقمية بالمسلسل ومنها "بيانولا"، نافية عن ورثة مؤلف كلمات "بيانولا"، أي ورثة صلاح جاهين، الحق في التعرض للشركة.
د. حسام لطفي: "الخلط ما بين امتلاك التسجيل وامتلاك الأغنية تلاعب وعبث بحقوق الناس، لأن الشركة المالكة للتسجيل تقاضت فلوس إعادة النشر؛ وهي ليست مالكة لإعادة النشر، كل من أراد غناء الأغنية أو إعادة توزيعها عليه أن يدفع مقابل ذلك للمؤلف والملحن"
تلاعب بالقانون
قال لرصيف22 الدكتور حسام لطفي أستاذ القانون وخبير الملكية الفكرية ومقرر لجنة حماية الملكية الفكرية بالمجلس الأعلى للثقافة، إن في ما يتصل بأغنية "البيانولا" قامت شركة الإنتاج بأخذ الحقوق من غير صاحب حق، لأن الأغنية لها مؤلف ولها ملحن. أما الشركة المالكة للتسجيل القديم للأغنية فهي غير ذات حق، فإعادة النشر تختلف عن الأداء العلني، "حق الأداء العلني يكون ملكاً للمبدع ومن بعده ورثته، والشركة المالكة للتسجيل الأول لا يحق لها إعطاء الإذن بإعادة نشر الأغنية في تسجيل جديد".
وأضاف: "إعادة النشر يستلزم موافقة المؤلف والملحن أو ورثتهما، لكن الشركة من حقها استغلال التسجيل الذي تمتلكه وليست الأغنية، ومثال على ذلك أن هناك تسجيلات لحفلات فريد الأطرش مملوكة لشركة صوت القاهرة، لكن هناك شركة أخرى تمتلك تسجيلات الأستديو، وكل شركة منهما تستغل تسجيلاتها فقط ولا تمتلك الأغنية".
وأكد لطفي أن "الخلط ما بين امتلاك التسجيل وامتلاك الأغنية تلاعب وعبث بحقوق الناس، لأن الشركة المالكة للتسجيل تقاضت فلوس إعادة النشر؛ وهي ليست مالكة لإعادة النشر، فإعادة النشر مورد متجدد للمؤلف والملحن كلما أراد شخص استخدام الأغنية بصوت جديد. كل من أراد غناء الأغنية أو إعادة توزيعها عليه أن يدفع مقابل ذلك للمؤلف والملحن ويستلزم الأمر موافقتهما".
وأشار لطفي إلى أن المادة التي ذكرها البيان المادة 29 "تقصد استغلال التسجيل الصوتي الموجود من قبل وليس تسجيل جديد، لأنه وفقاً لقانون 354 لسنة 1954 يعطي الملحن الحق التصرف منفرداً في مصنف موجود. الشركة تتفق مع الملحن، لكن نحن لسنا في صدد استخدام الأغنية. بل في صدد تسجيل جديد، فيصبح صاحب الحق المؤلف والملحن، لأن هذا مصدر دخل لهما، لكن ما حدث هو استغلال للجهل بالقانون".
وتابع الخبير المختص في الملكية الفكرية أن جمعية المؤلفين والملحنين التي يمكن أخذ موافقتها على استخدام الأغنية، هي جمعية أهلية خاضعة لوزارة التضامن الاجتماعي، موكول إليها تقاضي مستحقات حق الأداء العلني للأغنية، وتخصم منها المصاريف الإدارية وتعطي النصف للمؤلف ومثله للملحن ولا تأخذ ربحاً.
"ليس لمصنفاتنا المصرية بصمة إلكترونية، وعندما تواصلنا مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية وتطوعت المنظمة بإعطائنا تطبيقاً رقمياً ينشئ البصمة مجاناً؛ أرسلت وزارة التضامن ردها أنها منظمة أجنبية ولم توافق لنا حتى الآن على تلقي البرنامج واستخدامه"
البحث عن منظومة شاملة
التحليل الذي قدمه لطفي يشير إلى وجود التباس في كثير من البنود المتعلقة بقوانين حماية الملكية الفكرية في مصر، بشكل يلجأ البعض إلى استغلاله للحصول على مستحقات لا يعطيه القانون الحق في تقاضيها، مطيحاً بحقوق المبدعين وورثتهم، كما في حالة صلاح جاهين.
ويتهم لطفي الإعلام بـ"المشاركة في زيادة الجهل بحقوق الملكية الفكرية، ففي مشكلة أغنية البيانولا نشرت المواقع والصحف بيان الشركة صاحبة المصلحة، ولم يلجأ الصحافيون إلى متخصصين ليؤكدوا صحة الموقف القانوني من عدمه".
وأكمل: "نحتاج إلي منظومة شاملة لحماية حقوق الملكية الفكرية من نيابة متخصصة ومحكمة متخصصة وإعلام متفاعل لكي عندما يكون هناك انتهاك ووصل الأمر للمحكمة لا تقرأ الورق بشكل غير صحيح، إذ مع وجود غير متخصصين نخسر. وفي عصر الرقمنة فإن الحماية أسهل، لأن هناك شيئاً اسمه بصمة الأغنية. فلو استُخدمت أغنية مثلاً ونشرت على الإنترنت يتم رفعها فوراً، ويأتي للشخص الذي نشرها تحذير. السرقة سهلة ومكافحتها أسهل لأن الذكاء الاصطناعي يقوم بعمل بصمة لكل مصنف، وبمجرد استغلاله على الانترنت يتم رفعه تلقائياً".
وأضاف الخبير القانوني: "للأسف، ليس لمصنفاتنا المصرية بصمة حتى الآن، وعندما تواصلنا مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية وتطوعت المنظمة بإعطائنا تطبيقاً رقمياً ينشئ البصمة مجاناً؛ أرسلنا جواباً لوزارة التضامن من خلال جمعية المؤلفين والملحنين وطالبنا بالموافقة على استخدام البرنامج الممنوح لنا مجاناً، وكتبنا أنها منظمة تابعة للأمم المتحدة ومصر عضوة فيها منذ أكثر من 59 عاماً وستعطينا البرنامج مجاناً، وأرسلت الوزارة ردها أنها منظمة أجنبية ولم توافق لنا حتى الآن على تلقي البرنامج واستخدامه، لذلك سنجد كل مصنفات مصر من أغان وأفلام مسروقة على الإنترنت، إلا الشركات الكبيرة التي قامت بعمل بصمة لأفلامها لكن أعمالنا القديمة مستباحة".
خسارة اقتصادية
بحسب حسام لطفي، يتسبب غياب بصمة المصنف الفني عن المصنفات والأعمال الإبداعية المصرية في "خسارة بالمليارات"، مفسراً "لأن الأجر الذي كان سيتلقاه المؤلف والملحن ويدفعا عليه ضرائب لم يتقاضوه، لذلك من الضروري مواجهة سارقي المصنفات على الإنترنت، هناك تجاهل غير مبرر رغم وجود إرادة سياسية بمبادرة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للإستراتيجية المصرية للملكية الفكرية، ولن تتحقق الإستراتيجية على أرض الواقع إلا في وجود نيابة وقضاء وإعلام مؤهل لتكون هناك منظومة كاملة".
المحامي الحقوقي عماد مبارك: "في السينما تكون حماية حقوق الملكية الفكرية أصعب، لأن المنتج الفني يُعطي العمل لشركة توزيع لمدة خمس سنوات، بعدها يعطي المنتج العمل لموزع أخر، وهناك تعاقد يكون للمؤلف فيه نسبة من حقوق الملكية، وآخر يعطي الحقوق للمنتج بمقابل مادي والحالتان محتفظتان بالحق الأدبي"
صعوبات الحصول على الحقوق
المحامي الحقوقي عماد مبارك مؤسس "حرية الفكر والتعبير" التي تعني بحقوق الملكية الفكرية، ومديرها السابق، يقول لرصيف22 إن هناك حالات متعددة لمسألة التعامل مع المصنفات "ثمة قوانين للملكية الفكرية محددة لديها تعريف أساسي للمؤلف بغض النظر إذا كان مؤلف كلمات الأغنية أو اللحن، كل هؤلاء في نظر القانون (مؤلف) يتمتع بحماية على مؤلفه لمدة خمسين عاماً بعد الوفاة. وهناك مصنفات مشتركة فيها لحن وكلمات أغان وتوزيع، كل واحد من أصحابها له حق، يظل يتقضاه طوال حياته وورثته من بعده، ويتم احتساب مدة الخمسين عاماً من تاريخ وفاة آخر واحد منهم".
وأضاف أن هناك نقطة أخرى هي من يمتلك حقوق العمل؟ "فمثلاً مطربة مثل أم كلثوم من يمتلك حقوق أغانيها؟ فيمكن أن يكون هناك مقطع لأغنية من حفلة لأم كلثوم يمتلكه محسن جابر، فحق الاستغلال يكون منه، لكن لو المقطع نفسه في تسجيل تلفزيوني يكون التعاقد هنا مع التلفزيون".
وواصل: "في السينما الموضوع أصعب، لأن المنتج الفني يُعطي العمل لشركة توزيع لمدة خمس سنوات، توزع لمنصات متعددة بعد الخمس سنوات يعطي المنتج العمل لموزع أخر، فالحقوق تتنقل، لكن أزمة السينما في التعاقد وحقوق الملكية الفكرية، فهناك تعاقد يكون للمؤلف فيه نسبة من حقوق الملكية، وآخر يعطي الحقوق للمنتج بمقابل مادي والحالتان محتفظتان بالحق الأدبي".
وتابع مبارك: "هناك أعمال لها علاقة بالتراث، يكون إذن استغلالها من وزارة الثقافة التي تقدر ثمن الحقوق تقديراً معقولاً نسبياً، والأغاني معروف أن لكل واحد حقاً يستمر خمسين عاما من الوفاة. في حالة أغنية البيانولا لصلاح جاهين، لا بد أن تعود الشركة لأصحاب الحق وهم الورثة المذكورون في إعلام الوراثة".
وأشار إلى أن كل عمل يتم انتهاك حقوقة ننظر لطبيعة المخالفة أولاً، وعلى أساسها يجري التحرك لأخذ الإجراءات القانونية وفقاً لقانون حماية الملكية الفكرية.
ويبين مبارك "هناك من يتجاهل القانون ويستخدم المصنف دون امتلاك حقوقه، وهناك من يجد صعوبة في إيجاد صاحب الحقوق ليطلب منه استغلالها"، ضارباً المثل بفيلم "عاش يا كابتن": قال: "هناك أغنية في خلفية الفيلم عندما كانت البطلة تركب تاكسي وكانت الأغنية تذاع في الراديو، بحثت المخرجة لطلب حق استغلالها وذهبت لجمعية المؤلفين والملحنين التي تحدد حق المادي وفقاً لرؤيتها دون معيار موحد، كما ذهبت للتلفزيون حتى توصلت أن الحقوق مع محسن جابر وراسلته وحصلت على حق الاستغلال، وهذه هي الطريقة للحصول على حق الإستغلال للمصنف، لكن هناك من يتجاهل الحقوق حتى تحدث المشكلة وحينها يبحث عن حلول، وهناك من هم حريصون على الحصول على الحقوق خاصة لو هناك انتاج مشترك دولة أجنبية".
وأكد أن "القوانين الدولية ترى أنه لا توجد حماية للفكرة كفكرة لكن لا بد من وجود خطوات عملية للفكرة لحمايتها. الأفكار ليست محمية إلا إذا كان هناك خطوات عملية لها، لذلك ليست القوانين والقرارات والأحكام ملكية فكرية".
دليل قانوني
لعماد مبارك "دليل قانوني للعاملين في المجال السينمائي" يحمل عنواناً رئيسياً هو "التعبير الفني بين الرقابة وحقوق الملكية الفكرية".
ويوضح لرصيف22 أن الفكرة وراء الدليل جاءت من خبرته في مجال حقوق العاملين بالحقل السينمائي، إذ تابع تعرض بعض العاملين فيه لمشاكل قانونية ناجمة عن تواضع المعرفة بالقوانين المتعلقة والمنظمة لعمليات الإنتاج والعرض والتوزيع، "وحتي لا يقعوا تحت الملاحقة القضائية نتيجة لعدم معرفة جيدة بالقانون، قررت توضيح الأجهزة التي يتعامل معها هؤلاء العاملون بالحقل السينمائي من خلال هذا الدليل، واولها جهاز الرقابة على المصنفات. والأزمة الأخري وفقاً لرؤيتي لها علاقة بالتعاقدات أحياناً إذ يعمل البعض بثقة زائدة. ويبدأ العمل دون أن يكون هناك عقد، ومع أول خلاف لحل الموضوع لا نجد عقداً لنحل من خلاله. هذه الإشكالية تجدها مع العاملين في المجال السينمائي، وهذا جزء أردت توضيحه لأن الملكية الفكرية جزء كبير ومهم من عملهم، فيجب أن يفهموا معنى المؤلف وحقوق الاستغلال ومدة الحماية، وكل العاملين في المجال السينمائي يمكن من خلال الدليل أن يجدوا مرجعية يلجأون لها قبل أخذ أي خطوة توضح لهم أساسيات التعاقد التي ينتبهون لها أثناء الاتفاق، والمستهدف الحقيقي من الدليل هو شركات الانتاج الصغيرة للسينما المستقلة والمخرجون والمصورون وكتاب السيناريو الشباب".
راجح داوود: لاحظت في بعض حلقات مسلسل "سره الباتع" استخدام متكرر لموسيقى وجمل لحنية كثيرة ليست من تأليفي ولا أعرف من هو مؤلفها، رغم أن اسمي مكتوب على التيتر كصاحب موسيقى العمل من بدايته لنهايته، هنا لم أستطع الصمت أو إظهار عدم اللامبالاة، فهذه مسؤولية وقواعد مهنية يجب أن تحترم"
أشكال أخرى للانتهاك
لم يكن انتهاك حقوق أغنية "البيانولا" لصلاح جاهين هو الحادث الوحيد في شهر رمضان، إذ أطل الموسيقار الكبير راجح داوود ببيان اتهم فيه المخرج خالد يوسف بتجاهل رؤيته الفنية واستخدم موسيقى فيلمه "الريس عمر حرب" في المسلسل الرمضاني "سره الباتع" بدلاً من الموسيقى التي ألفها داوود خصيصاً للمسلسل.
وأوضح في بيانه "عندما أبديت اعتراضي أخبرني بأنه لا توجد مشكلة، فهذه الموسيقى من تأليفي وهذا هو فيلمه. وبرغم عدم اقتناعي آثرت الصمت حتى لا يؤثر كلامي على استقبال الجمهور للمسلسل في بداياته، برغم اتهامي من البعض بأنني أكرر نفسي، لكني تجاهلت هذه الاتهامات غير الحقيقية وقلت إنها مرة فقط ولن تتكرر، إلا أنني لاحظت في الحلقات التالية استخدامه المتكرر لموسيقى وجمل لحنية كثيرة ليست من تأليفي ولا أعرف من هو مؤلفها، رغم أن اسمي مكتوب على التيتر كصاحب موسيقى العمل من بدايته لنهايته، هنا لم أستطع الصمت أو إظهار عدم اللامبالاة، فهذه مسؤولية وقواعد مهنية يجب أن تحترم".
وتابع: "من قبيل الجريمة أن تنسب إليّ موسيقى لم أؤلفها، أو أن أقتبس ولو جملة من مؤلف موسيقي آخر وأنسبها لنفسي، وما فعله المخرج خالد يوسف لا يجوز بأي حال من الأحوال، ولا يمكن تبريره بدعوى أن هناك أجزاء ناقصة تحتاج لموسيقى، برغم موافقته بعد سماع الموسيقى كاملة، لأن المسؤول أولاً وأخيراً هو أنا المؤلف الموسيقي راجح داوود الذي لا يقبل إطلاقاً أن يقال عنه إنه أخذ جملة من زميل هنا أو هناك، احتراماً لذاتي ولتاريخي ولمهنتي، لذلك أعلن في هذا البيان عدم مسؤوليتي عن تلك الزيادات الموسيقية التي ليست من تأليفي، وأحمل المسؤولية كاملة للمخرج وليس لشركة الإنتاج".
تعليقاً على تلك الواقعة قالت الناقدة الموسيقية الدكتورة ياسمين فراج أستاذة النقد الفني بأكاديمية الفنون لرصيف22: "لا يوجد شيء اسمه الموسيقى ناقصة فيستكملها المخرج من أماكن أخرى، لأن المخرج هو المسؤول عند استلام موسيقى العمل من مؤلفها، وما حدث هو خطأ المخرج وليس المؤلف الموسيقي، خاصة أنه أخذ ألحاناً لم يؤد الحقوق المادية لمالكيها وأضافها للعمل تحت اسم ملحن آخر".
وأشارت ياسمين إلى أن هناك مواقع عالمية تعرض مقاطع موسيقية تصلح لتكون موسيقى تصويرية لأفلام منها للاستماع بشكل شخصي وتكلفتها خمسة دولارات، ومنها ما يمكن استعمالها على أعمال ليست احترافية وسعرها يكون أعلى، أما النوع الثالث من المقاطع فيصلح للأعمال الاحترافية ويكون سعرها أعلى أكثر، وخالد يوسف استعان بالمقاطع الشخصية ووضعها في عمل تحت اسم الموسيقار راجح داوود".
وبينت أنها تابعت أيضاً مشكلة أغنية البيانولا معلقة: "في هذا الإطار حقوق الملكية الفكرية تسقط بعد 50 عاماً على رحيل المبدع، لكن طالما لم تمر هذه المدة يعتبر العمل في حوزة المؤلف الموسيقي والشاعر وورثتهما".
ورأت فراج أن الاستعانة بالأغاني القديمة من دون إذن من الورثة "فقر فني".
طارق الشناوي: "لا يوجد تفسير واضح لحدود الملكية الفكرية، ومن الممكن أن يقوم أحد بانتهاكها وهو غير مدرك، مثلما فعل خالد يوسف، فهو يرى أن الموسيقى رغم أنها قديمة هي في النهاية لراجح داوود، وأظن أنه لا يدرك خطورة الذي يقوله والفداحة القانونية والأدبية"
الناقد طارق الشناوي يقول لرصيف22: "هناك قانون يحكم بيننا ولا يستطيع أحد في أي موقع شعر بتشابه بين عملين فنيين أن يجزم بأن هناك سرقة مؤكدة، لأن السرقة المؤكدة لها قواعد وجهات التحقيق والقضاء يحكمان فيها، فمثلاً في الموسيقى لكي تكون سرقة يجب أن يكون في الاقتباس أربع موازير وبنفس الترتيب، وكل نوع فني له معايير تقاس عليها مسألة السرقة، لكن كل واحد شعر أن عمله سرق من حقه أن يتقدم ببلاغ، لكن الوحيد الذي من حقه أن يجزم بالسرقة وانتهاك حقوق الملكية هو القضاء".
وأضاف: "لا أشجع على إدانة أو تبرئة، لكن أن توضع موسيقى لموسيقار في عمل فني عليه اسمه، وهو لم يقم بتأليفها، أو يتم الاستعانة بموسيقى قديمة له في عمل جديد؛ هذه كلها أخطاء. لكن من يحكم في المسألة ويحدد أنها جريمة ليس الناقد أو الصحافي، بل القضاء الذي يستعين بمستشارين متخصصين في الدراما أو الموسيقى".
وأكد الشناوي: "لا يوجد تفسير واضح لحدود الملكية الفكرية، ومن الممكن أن يقوم أحد بانتهاكها وهو غير مدرك، مثلما فعل خالد يوسف، فهو يرى أن الموسيقى رغم أنها قديمة هي في النهاية لراجح داوود، وأظن أنه لا يدرك خطورة الذي يقوله والفداحة القانونية والأدبية، ومن المؤكد أن هناك خطأ ما وعدم دراية وأتمنى أن تعمل النقابات الفنية تثقيفاً فكرياً وقانونياً للعاملين لمعرفة حدود الملكية الفكرية".
جهل وسوء فهم للحقوق
الشاعر فوزي إبراهيم عضو مجلس إدارة جمعية المؤلفين والملحنين أبدى استياءه لرصيف22: "لا يزال لدينا في مجتمعنا جهل بثقافة الملكية أو سوء فهم، وخاصة فيما يخص المصنفات الفنية، وأغلب المشاكل تجور على حقين، حق مادي وحق أدبي. في مشكلة راجح داوود هو جور على حقه الأدبي، من استخدام موسيقي دخيل على عمله إلى الاجتزاء من موسيقاه السابقه للعمل الجديد، فأي فنان عندما يؤلف موسيقى لمسلسل تكون له رؤية للعمل تختلف عن رؤيته لدراما الفيلم وبالتالي الموسيقى التي تخرج منه لترجمة دراما المسلسل تختلف عن ترجمة دراما الفيلم".
وتابع: "الجزء الثاني عندما أضاف موسيقى لراجح أنا كمتلقي عادي سأنسبها لراجح بجمالياتها ومساوئها، الأمر الثالث هناك اعتداء على موسيقى الآخرين، هنا تعديت على الحق الأدبي للطرفين".
ويفسر: "أما التعدي على حق الأداء العلني هو عندما يُستغل مصنف في إعلان أو عمل درامي دون موافقة الملحن او المؤلف في حين أن القانون 82 لسنة 2022 وهو قانون الملكية الفكرية نص في المادة 147 على إعطاء الحق الحصري للمؤلف والملحن أو للورثة أو الجمعية بمنح أو منع الترخيص في استغلال المصنف الفني في أي عمل، والقانون جرم استغلال أي مصنف دون الحصول على إذن كتابي من المؤلف واعتبره جرماً وفقاً للمادة 81 قد تصل عقوبته للحبس".
وأضاف: "للأسف لا يزال في مجتمعاتنا جهل لقانون الملكية الفكرية لكن الدولة اطلقت الإستراتيجية القومية للملكية الفكرية، ورأينا وزارة العدل مع منظمة الوايبو وهي المنظمة الأم للملكية الفكرية في العالم، فيالمؤتمر الاقليمي الأول، والإتجاه أن يكون هناك توعية بثقافة الملكية الفكرية. ربما يبدأ المجتمع يعرف حدود الملكية الفكرية، مما سيعود بالنفع لكل أفراده وسيؤثر ذلك على الدخل القومي للبلد".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع