شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
عن حالة ثقافية جديدة تجمع بين المجتمعين المصري والتنزاني… منة ياسر تتحدث إلى رصيف22

عن حالة ثقافية جديدة تجمع بين المجتمعين المصري والتنزاني… منة ياسر تتحدث إلى رصيف22

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 10 مايو 202306:25 م

"KARATASI" و"NAKALAMU" هما كلمتان باللغة السواحلية، وهي لغةٌ تنتشر على سواحل شمال إفريقيا، وتُعد لغةً رسميةً لدولٍ إفريقية عدة مثل كينيا، تنزانيا، وأوغندا، وغيرها.

تعني الكلمتان بالعربية "ورقةً" و"قلماً"، وقد تم اختيارهما كعنوان لكتاب للكاتبة المصرية الشابة منة ياسر. ما يميز أعمال هذه الأديبة هو أنها تتمتع بحالة ثقافية جديدة تجمع بين المجتمعَين المصري والتنزاني، فهي تجمع بين اللغة العربية كلغة أم للشعب المصري، واللغة السواحلية كلغة أُم للشعب التنزاني. وهي حالة أدبية لم يتم التطرق إليها من قبل، وقد تم الترويج لأعمال هذه الكاتبة في تنزانيا.

تواصل رصيف22 مع هذه الكاتبة المصرية لتوضح لنا جوانب من واقع إبداعها الأدبي ومضمونه، خاصة أن عملها الأول بعنوان "NJIANI" أو "HAKUNA MATATA"، يجمع هو الآخر بين هاتين اللغتين، ويعني عنوانه: "في الطريق" أو "مفيش مشكلة".

الجدير بالذكر أن الكاتبة منة ياسر، تعمل مديرة إدارية للقطاع الطبي في جمهورية تنزانيا الاتحادية، بالإضافة إلى عملها مذيعة في راديو أون لاين باللغتين العربية والسواحلية، ومُنسقة عامة للغة السواحلية في حركة ناصر الشبابية في وزارة الشباب والرياضة.

-ما سبب اختيارك اللغة السواحلية تحديداً؟

التحقتُ بكلية الألسن، جامعة عين شمس في عام 2013، وتحديداً عقب ثورة الخامس والعشرين من كانون الأول/يناير عام 2011، فقد كنا مُقبلين بعمق على حياة جديدة ومصر جديدة، وقارة إفريقية جديدة أيضاً. أحسستُ بأنني أرغب في تعلم لغةٍ جديدة، غير اللغات التقليدية التي تُدرَّس في كلية الألسن كالإنكليزية، والفرنسية، والألمانية. فاللغة السواحلية لغة غير متداولة بين اللغات، مثلها مثل العبرية، التشيكية، والروسية. ومع دراستي لهذه اللغة، أيقنتُ أيضاً أن اختياري كان حكمة من الله سبحانه وتعالى، فهي لغة مُميزة حقاً، وقد حالفني الحظ في دراستها.

-ما هو الترابط والتشابه بين مصر، تنزانيا، والدول الإفريقية الأخرى من وجهة نظرك؟

مصر جزء مهم وأساسي من القارة الإفريقية. وتوجد أوجه تشابه كثيرة في عادات وتقاليد المجتمعين المصري والتنزاني؛ فمن خلال حواري مع نساء تنزانيات، أحسستُ وكأنني أتحدث إلى نساء عائلتي وصديقاتي المصريات المقربات. لدى هذا الشعب روح الفكاهة والدعابة والمرح، والطيبة والود اللذان يتمتع بهما الشعب المصري أيضاً، ولذلك لم أشعر باغتراب هناك.

-هل هناك كلمات باللغة السواحلية مطابقة تماماً للغة العربية؟

نعم، هناك أوجه تشابه بين كلمات اللغتين، في طريقة النطق، فكلمة كتاب مثلاً في اللغة العربية تُنطق بالسواحلية هكذا Kitabu، وكلمة وزارة Wizara، ورئيس Rais، وهكذا.

-أول كتاب لكِ كان عن التنمية البشرية ودورها في الحياة. لماذا اخترتِ هذا المجال، وكيف ساعدك في كتابة إنتاجاتك الأدبية؟

بجانب مجال دراستي، حرصتُ بانتظام على تصفّح كتب عن التنمية البشرية، وحضور دورات تعليمية عديدة كي أستوعب هذا المجال جيداً، حتى حصلت على دبلوم مكثف في مجال التنمية البشرية. وكان من أوائل رواد التنمية البشرية، الذين أثروا في تكوين خلفية عميقة في هذا المجال لدي هو الرائد الدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله.

"توجد أوجه تشابه كثيرة في عادات وتقاليد المجتمعين المصري والتنزاني؛ فمن خلال حواري مع نساء تنزانيات، أحسستُ وكأنني أتحدث إلى نساء عائلتي وصديقاتي المصريات المقربات. لدى هذا الشعب روح الفكاهة والدعابة والمرح، والطيبة والود اللذان يتمتع بهما الشعب المصري أيضاً"

لم يأتِ محاضر مثله في هذا المجال. فهو يُعدّ "الأب الروحي للتنمية البشرية". كان يتمتع بكاريزما وحضور قويين، بالإضافة إلى كونه متحدثاً جيداً، ويضع الشخص المتلقي لحديثه ضمن أولوياته القصوى. هو شخصية مميزة حقاً، وقد استفدتُ من كتبه عن التنمية البشرية، في كتابة موضوعات حية وأساسية لتطوير الجانب البشريّ من خلال تقديم قصص وموضوعات عن الحياة والمعاملات اليومية؛ في العمل، وعند التقدم لوظيفة، وعند مواجهة المحن والمصائب ومحاولة الحفاظ على النجاح واستمراريته، وكلها مفاهيم مهمة وضرورية من أجل تنمية النفس البشرية من خلال التعمق فيها.

-"كل إنسان يمتلك قوة في داخله تحتاج إلى الظهور، لكن أحياناً يحتاج إلى القليل من التوجيه، الدعم، الإرشاد، والتدريب الدقيق، وسوف يحقق الحدث الأعظم على وجه الإطلاق"، هذه مقولة لمدرب كرة القدم الأمريكي بيتر كارول، وأنت عملت "كلايف كوتش"، فهل تعتقدين أن مدرسة "لايف كوتشينغ" جزء مهم من مجال التنمية البشرية؟

"لايف كوتشينغ" جزء لا يتجزأ من مجال التنمية البشرية، ولكن مع فارق ضئيل؛ فهو يعني "مدرب الحياة". والمدرب هو المرشد والموجه. وعلم التنمية البشرية عموماً يقوم على التنقيب والبحث داخل خبايا وخفايا النفس البشرية من أجل إبراز نقاط القوة والتغلب على نقاط الضعف. وهذه هي متطلبات مواجهة الحياة. حاولت في كتاباتي المزج والدمج بين إبراهيم الفقي، رائد للتنمية البشرية، وإيزدين جيوماني، أحد رواد مدرسة اللايف كوتشينغ. حاولت استنباط أفكار من زوايا مختلفة من خلال قراءة هذه المجالات ثم وضعت استنتاجات خاصة بي.

-ما هو مضمون الكتاب الأول لك بعنوان NJIANI (في الطريق) أو HAKUNA MATATA (مفيش مشكلة)؟

يناقش هذا الكتاب أموراً عدة متعلقة بالتنمية الذاتية للإنسان. فجميعنا نعلم أن العالم مليء بالعديد من الأمور والمواقف المختلفة، ومنها ما هو معروف وواضح ومنها ما هو مبهم. ونجد أن الإنسان ذاته، جزء لا يتجزأ من هذه الأمور، فهو ركيزة أساسية وفعالة من أجل بناء مجتمع ناجح ومتقدم ومميز. لذلك من الضروري التعمق داخل الذات البشرية؛ كيف تفكر؟ لنُحدد العوائق التي تقف حائلاً دون تحقيق إنجازاتها، للتغلب عليها من أجل تحقيق طموحات وآمال هذه النفس، وهو ما يؤدي إلى تقدم المجتمع وتطوره.

-وما سبب تسمية كتابك KARATASI NAKALAMU بهذا الاسم؟

نحن بحاجة دائماً إلى تدوين ما يخطر في أذهاننا، من أفكار صغيرة على الورق. فعندما أشاهد موقفاً يمرّ أمامي، أقوم بتدوين ملاحظات عنه على اللابتوب أو الهاتف الإلكتروني الخاص بي. لكنني ما ألبث أن أعود مرة أخرى إلى "الورقة والقلم"، وكلمة ورقة وقلم أيضاً، ذكرت ضمن قصة من إحدى قصص المجموعة لدي، وكانت محوراً أساسياً فيها. فهناك قصص حدثت في المترو، في المشفى، في المدرسة، وفي أحد المتنزهات العامة. وفي ختام كلِّ قصة، يوجد درس مستفاد، يعطي لنا قيمة معينة لمحاولة تطبيقها على أرض الواقع.

-ما مضمون الكتاب الثاني KARATASI NAKALAMU؟

هذا الكتاب عبارة عن مجموعة قصصية، تضم العديد من المواقف التي نعيشها كل يوم من دون أن نشعر بها أو بأهميتها.

"يناقش هذا الكتاب أموراً عدة متعلقة بالتنمية الذاتية للإنسان. فجميعنا نعلم أن العالم مليء بالعديد من الأمور والمواقف المختلفة، ومنها ما هو معروف وواضح ومنها ما هو مبهم. ونجد أن الإنسان ذاته، جزء لا يتجزأ من هذه الأمور"

وانطلاقاً من تلك الأهمية، يناقش كتاب "ورقة وقلم" مجموعة من القيم الرئيسية، في حياتنا، على شكل قصص قصيرة. وفي نهاية كل قصة، درس مستفاد نحاول تطبيقه واقعياً كي نبدأ بإضافة الجديد إلى حياتنا. فوجود الورقة والقلم، ضروري للحفاظ على كل ما هو قيم وفعال.

-ما هو السبب الرئيس لديك للدمج بين اللغتين السواحليّة والعربيّة؟

في الحقيقة، لم أستطع نشر كتاباتي الأدبية في مصر، باللغة السواحلية فقط، لأن اللغة العربية هي اللغة الأم لبلدي وشعبي. لم نتطرق حتى الآن، إلى نشر أعمال أدبية بلغات أخرى غير اللغة العربية. فكل الكتب الأجنبية هي أعمال مترجمة فقط. كما أنني لم أستخدم اللغة العربيّة الفصحى، بل استخدمتُ اللغة العامية البسيطة. ولكنها ليست عامية ضحلة، إنما هي لغة تجمع بين اللغة العربية الفصحى واللغة العامية المُستخدمة في علاقاتنا وحياتنا اليومية. كما أنني أُخاطب فئتين؛ الأولى هي الفئة التنزانية المُتحدثة بطلاقة باللغة السّواحلية كلغة أم، أما الثانية فهي فئة المجتمع المصري المتحدثة أيضاً باللغة العربية بطلاقة، والتي تود تعلم اللغة السواحلية أيضاً.

-ما الدعم الذي حصلت عليه من جمهورية تنزانيا الاتحادية؟

كتابي الأول سافر إلى تنزانيا، قبل أن أسافر بذاتي. وقد تم الترويج له هناك بفعالية كبيرة، بحيث حصل على دعم كبير من السفير المصري في تنزانيا، والسفير التنزاني في مصر على حد سواء.

وتم الاحتفاء بي بشكل كبير، كما تم القيام بتسويق هائل للكتاب الأول "في الطريق"، بالإضافة إلى كتابي الثاني "ورقة وقلم"، وقد شاركت به في معرض القاهرة الدولي للكتاب لهذا العام 2023. وخلال زيارتي لتنزانيا تمت دعوتي كمتحدثة رسمية، في فعالية الاحتفال بمرور 61 عاماً على استقلال تنزانيا. وتحدثتُ عن أهمية اللغة السواحلية، كما تم تكريمي من وزارة التعليم العالي في دودوما، عاصمة جمهورية تنزانيا الاتحادية. وأرى أنني محظوظة لتطرقي إلى هذه اللغة السواحلية، وأن كتاباتي قد حالفها الحظ والفرصة أيضاً في أن تجمع بين لغتيْ شعبين، وتُوحد دولاً إفريقيةً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard