تندرج هذه المادة ضمن ملف "75 عاماً من النكبة... الحلم وسط المأساة"
خلال نكبة 1948، كانت هناك حوادث نهب للممتلكات الفلسطينية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية والمهاجرين اليهود. واتخذت عمليات النهب أشكالاً مختلفة، بما في ذلك الاستيلاء على الممتلكات الشخصية والأثاث والأدوات المنزلية من منازل الفلسطينيين، فضلاً عن سلب الأراضي والتحف والقطع الفنيّة والمكتبات والكتب وغيرها من الممتلكات.
كان النهب ومصادرة الممتلكات جزءاً من عملية التهجير الأوسع لمئات الآلاف من الفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم، ولا تزال قضية نهب ومصادرة الممتلكات الفلسطينية خلال النكبة موضوعاً مثيراً للأسئلة في تاريخ الاستعمار الإسرائيلي لفلسطين، ويدّعي الكاتب أنّ لها تأثيراً دائماً على العلاقة بين "اليهود والفلسطينيين في المنطقة".
يحاول كتاب (نهب الممتلكات العربية في "حرب الاستقلال") للمؤرّخ آدم راز، دراسة مسألة نهب الممتلكات الفلسطينية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية، وما يتبعها ويلحق بها من مهاجرين يهود خلال النكبة. يقدم الكتاب تحليلاً لعمليات السلب والنهب، بما في ذلك طبيعة ومدى هذه العمليّات، وتأثيرها على المجتمعات العربية، والنزاعات القانونية والسياسية التي نشأت عنه.
يحاول راز أيضاً أن يستكشف الآثار الأخلاقية للنهب، بما في ذلك مسائل حقوق الملكية والعدالة وانتهاكات حقوق الإنسان. من خلال فحص للسجلات التاريخية وروايات شهود العيان، يقدم راز تحليلاً نقدياً لهذا الموضوع، ويحاول أن يسلّط الضوء على جانب بقي في الظلّ بين كم الكتابات والتأريخ المتعلّق بالنكبة والتهجير القسريّ للفلسطينيين.
"نهب الممتلكات العربية" هو كتاب للمؤرخ الإسرائيلي آدم راز، نشرته دار الكرمل في عام 2020 بالتعاون مع معهد "عكيفوت لأبحاث الصراع الإسرائيلي الفلسطيني". يستند الكتاب إلى وثائق أرشيفية وشهادات تكشف مدى وطبيعة نهب الأصول المنقولة الفلسطينية من قبل المدنيين اليهود والجنود ومؤسسات الدولة أثناء نكبة عام 1948 وبعدها.
كان النهب ومصادرة الممتلكات جزءاً من عملية التهجير الأوسع لمئات الآلاف من الفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم، ولا تزال قضية نهب ومصادرة الممتلكات الفلسطينية خلال النكبة موضوعاً مثيراً للأسئلة في تاريخ الاستعمار الإسرائيلي لفلسطين
يتحدّى الكتاب الادّعاء الإسرائيلي الشائع بأن النهب كان ظاهرة عفوية وهامشية، مدفوعة بالجشع الفردي أو الفقر. بدلاً من ذلك، يُظهِر أن النهب كان واسع النطاق وممنهجاً، وغالبا ما نظمته الوحدات العسكرية والكيبوتسات والمجالس المحلية والوكالات الحكومية. ويبحث الكتاب أيضاً في العلاقة بين النهب وطرد المواطنين الفلسطينيين، بحجّة أن النهب عمل على تعزيز سيطرة قوات الاحتلال الإسرائيلية على الأراضي والممتلكات المهجورة، ومنع عودة المُهَجَّرين.
يعتمد الكتاب على مجموعة متنوعة من المصادر، مثل التقارير الرسمية والمراسلات واليوميات والمذكرات والصحف والصور الفوتوغرافية والتاريخ الشفوي، وتغطي هذه الوثائق والمصادر مناطق ومدن مختلفة، مثل طبريا وحيفا ويافا والقدس واللد والرملة وبئر السبع، كما يحاول الكتاب أن يستكشف مصير الممتلكات المنهوبة، والتي تم بيع بعضها أو التبرع بها أو إعادة تدويرها أو إتلافها، بينما تمّ حفظ البعض الآخر في المتاحف أو المحفوظات أو المجموعات الخاصة.
يتحدّى الكتاب الادّعاء الإسرائيلي الشائع بأن النهب كان ظاهرة عفوية وهامشية، مدفوعة بالجشع الفردي أو الفقر.
قد نقول إنّ هذا الكتاب يقدّم دراسة شاملة – بيْد أنّها أتت من طرف واحد - لجانب أهمله المؤرخون من تاريخ دولة الاحتلال، وهو يسلّط الضوء على أحد الجوانب المظلمة للنكبة، وتداعياتها ويثير أسئلة أخلاقية وقانونية حول المسؤولية والمساءلة عن تجريد الشعب الفلسطيني من ممتلكاته وتهجيره.
وقد شاعت حوادث النهب خلال الحروب في القرن العشرين، وتشمل بعض الأمثلة على النهب خلال هذه الفترة: الحرب العالمية الأولى: كان النهب والسلب شائعاً خلال الحرب العالمية الأولى، لا سيما على الجبهة الشرقية، حيث نهبت القوات الألمانية والنمساوية المجر وأحرقت المدن والقرى في روسيا وأوروبا الشرقية.
الحرب العالمية الثانية: كان النهب واسع الانتشار خلال الحرب العالمية الثانية، حيث عُرِف أن القوات الألمانية نهبت الأعمال الفنية والمقتنيات الثمينة والممتلكات الشخصية من بيوت المدنيّين في الدّول التي احتلّتها، وكانت هناك أيضاً تقارير عن قيام القوات اليابانية بالسلب والنهب في جميع أنحاء آسيا والمحيط الهادي.
الحرب الكورية: شاركت كل من القوات الكورية الشمالية والجنوبية في أعمال نهب خلال الحرب الكورية، مع وجود تقارير عن نهب واسع النطاق للمنازل والشركات والممتلكات العامة.
حرب فيتنام: شهدت حرب فيتنام نهباً واسع النطاق من قبل القوات الأمريكية، ومن المعروف أن الجنود الأمريكيين نهبوا المنازل والشركات والمقتنيات الشخصية للفيتناميين.
على وجه العموم، كان النهب أثناء الحروب قضية مستمرة طوال القرن العشرين، ولا يزال يمثل مشكلة في النزاعات حول العالم. يمكن أن يكون لنهب الممتلكات والأشياء الثمينة والممتلكات الشخصية تأثير مدمر على حياة وسبل عيش المدنيين ضحايا الحروب.
وفي حين قد يُنظر إلى كتاب راز على أنه يتخذ موقفاً نقدياً تجاه تصرفات الجيش الإسرائيلي خلال النكبة، أو ما أسماها المؤلّف "حرب الاستقلال"، إلا أنه يقدم أيضاً تحليلاً للسجل التاريخي، ويسعى إلى تقديم منظور متوازن -وإن كان أحاديّ الطرف- حول قضية معقدة.
وفي حين ينتقد الكتاب دور الجيش الإسرائيلي في أعمال النهب، فإنه ينزح إلى تقديم بعض العذر، أو ربّما يحاول أن يساوي بين الطرفين في ميزان بحثه، حين يركّز على التحديات التي واجهتها قوات الاحتلال الإسرائيلية خلال النكبة، أو "الخيارات الصعبة التي كان لا بد من اتخاذها في سياق صراع عنيف وفوضوي".
يستند الكتاب إلى أبحاث أرشيفية وشهادات لجنود إسرائيليين ومدنيين يهود، شاركوا أو شهدوا نهب الممتلكات الفلسطينية خلال نكبة عام 1948. ويكشف الكتاب عن مدى ودوافع النهب، فضلاً عن ردود فعل السلطات الإسرائيلية والرأي العام على هذه الظاهرة.
يستند كتاب "نهب الممتلكات العربية" للمؤرخ الإسرائيلي آدم راز إلى أبحاث أرشيفية وشهادات لجنود إسرائيليين ومدنيين يهود، شاركوا أو شهدوا نهب الممتلكات الفلسطينية خلال نكبة عام 1948
بيد أن بعض المراجعين أشادوا بالكتاب باعتباره عملاً شجاعاً ودقيقاً يكشف فصلاً مظلماً ومخفياً من تاريخ الاحتلال، إلّا أننا قد نرى فيه رواية متحيزة وأحادية الجانب تتجاهل دقّة التاريخ وحيثيات الأحداث وتداعياتها. إذ إن راز قام باستخدام مصادر انتقائية، وبالغ في حجم وتأثير التحديات التي واجهت قوات الاحتلال والتي يدّعي أنّها هي التي أدّت إلى اتساع عمليات النهب.
بهذا المعنى، يمكن اعتبار كتاب راز محاولةً للموضوعية التاريخية، فمن ناحية يدّعي راز أنه يبني كتابه على مصادر قوية ومتنوعة، مثل الوثائق الرسمية واليوميات الشخصية والتاريخ الشفوي والصور الفوتوغرافية والصحف، ويقرّ بالقيود والتحديات التي واجهت أبحاثه، مثل ندرة بعض المصادر وعدم موثوقيتها، والثغرات والصمت، والمعضلات الأخلاقية المتمثلة في الكشف عن المعلومات الحساسة، ومن ناحية أخرى، يعترف راز بأن كتابه مدفوع بقناعاته الشخصية والسياسية، مثل معارضته لسياسات الاحتلال الراهنة ودعمه لحقوق الإنسان، وهذه بطبيعتها مسألة جدليّة لا يمكن اعتبارها متكأ معرفياً لضمان الموضوعية الحقيقية، في ظل الروايات والأساطير السائدة التي شكلتها البروباغندا الإسرائيلية.
وعلى هذا، يمكن اعتبار كتاب راز مساهمة في عمل المؤرخين الإسرائيليين الجدد، ويمكن تقدير أبحاثه ونهجه النقدي، ولكنه يبقى موضع تساؤل بسبب افتراضاته ومصادراته التاريخية إسرائيلية المنشأ، فلا يمكن قراءته كسرد موضوعي لواقع تاريخي، بل كتعبير شخصي عن أجندة سياسية، إذ يعتبر آدم راز نفسه أحد المؤرخين الجدد.
"المؤرخون الجدد" هو مصطلح يستخدم لوصف نهج حديث للتاريخ يركز على قضايا جديدة ووجهات نظر مختلفة في تحليل الأحداث التاريخية. يتميز بالتركيز على تاريخ المرأة والطبقات الفقيرة والمجتمعات المهمشة والقضايا الاجتماعية والثقافية، فضلاً عن تحليل النظم السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والفنية.
وقد تعزز هذا النهج بفعل التطورات التكنولوجية والإعلامية التي جعلت الوصول إلى المصادر التاريخية أكثر سهولة، بما في ذلك المحفوظات الإلكترونية والوثائق الإلكترونية. يسعى هذا النهج إلى توسيع فهم التاريخ وتقدير الأحداث التاريخية من وجهات نظر مختلفة.
في السياق الإسرائيلي، يشير مصطلح "المؤرخين الجدد" إلى مجموعة من المؤرخين الإسرائيليين الذين ظهروا في ثمانينيات القرن العشرين، وتحدوا الرواية الصهيونية التقليدية للتاريخ الإسرائيلي. انتقد المؤرخون الجدد الرواية التاريخية الإسرائيلية التقليدية التي أكدت على النضال البطولي للرواد الصهاينة وعدالة القضية الصهيونية.
سعى المؤرخون الجدد إلى تقديم منظور أكثر انتقاداً ودقة للتاريخ الإسرائيلي، من خلال الاعتماد على مواد ومصادر أرشيفية جديدة، وركزوا على قضايا مثل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، ودور المنظمات الإرهابية اليهودية
وسعى المؤرخون الجدد إلى تقديم منظور أكثر انتقاداً ودقة للتاريخ الإسرائيلي، من خلال الاعتماد على مواد ومصادر أرشيفية جديدة، وركزوا على قضايا مثل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، ودور المنظمات الإرهابية اليهودية التي تمثلت في قوات الاحتلال الإسرائيلية.
ومن بين المؤرخين الجدد البارزين بيني موريس وآفي شلايم وإيلان بابيه، الذين نشروا جميعا أعمالاً تتحدى الرواية الصهيونية التقليدية وتقدم منظوراً نقدياً للتاريخ الإسرائيلي.
كان المؤرخون الجدد مثيرين للجدل في إسرائيل، لأن أبحاثهم تحدت العديد من الأساطير التأسيسية للدولة، وكثيراً ما انتُقِد عملهم من قبل عناصر أكثر تحفظاً في المجتمع الإسرائيلي الذين رأوا فيه هجوماً على شرعية الدولة.
كان المؤرخون الجدد مثيرين للجدل في إسرائيل، لأن أبحاثهم تحدت العديد من الأساطير التأسيسية للدولة، وكثيراً ما انتُقِد عملهم من قبل عناصر أكثر تحفظاً في المجتمع الإسرائيلي الذين رأوا فيه هجوماً على شرعية الدولة
آدم راز مؤرخ وباحث متخصص في تاريخ إسرائيل والصهيونية. وهو مؤلف للعديد من الكتب والمقالات حول مواضيع مثل نكبة عام 1948، وقضية لافون، وحادثة ألتالينا، واغتيال إسحاق رابين. وهو أيضا محاضر في الجامعة المفتوحة في دولة الاحتلال، وباحث في معهد "عكيفوت لأبحاث الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".
ولد آدم راز في القدس عام 1975. درس التاريخ والفلسفة في الجامعة العبرية في القدس، حيث حصل على درجتي البكالوريوس والماجستير. حصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة تل أبيب في عام 2014 وركزت أطروحته على دور المخابرات العسكرية الإسرائيلية في تشكيل الرأي العام والسياسة خلال خمسينيات القرن العشرين.
يشتهر آدم راز بنهجه التنقيحي للتاريخ الإسرائيلي، متحدياً بعض الروايات والأساطير السائدة التي قبلها المؤرخون والمجتمع، وقد كشف عن العديد من الوثائق والشهادات التي تلقي الضوء على بعض أكثر الأحداث إثارة للجدل وحساسية في ماضي إسرائيل، مثل قضية لافون، وهي عملية سرية فاشلة في مصر عام 1954، أدت إلى أزمة سياسية وتغيير الحكومة. حادثة ألتالينا، وهي مواجهة عنيفة بين الفصائل المتنافسة للحركة الصهيونية حول تهريب الأسلحة في عام 1948؛ واغتيال اسحق رابين، رئيس الوزراء الذي وقع اتفاقات أوسلو مع الفلسطينيين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومينحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 3 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين