استيقظ قطاع غزّة المحاصر، فجر الثلاثاء 9 نيسان/ أبريل 2023، على قصف إسرائيلي وحشي بعشرات الأطنان من المتفجرات والصواريخ استهدف مناطق مختلفة تمتد من رفح جنوباً حتى بيت حانون شمالاً، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 13 فلسطينياً، بينهم أربعة أطفال وأربع نساء، وإصابة 20 آخرين (بينها ثلاثة أطفال وسبع سيدات) بجروح بين المتوسطة والحرجة.
وعقب منتصف ليل الاثنين/ الثلاثاء، سُمع دوي انفجارات متتالية في أرجاء قطاع غزّة تبين لاحقاً أنها سلسلة غارات من الطيران الحربي الإسرائيلي على عدد من المنازل والشقق السكنية.
وفق وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية الرسمية (وفا)، ضمّت قائمة الضحايا و"الشهداء: جهاد غنام (62 عاماً) وزوجته وفاء شديد غنام، وخليل البهتيني (44 عاماً) والطفلة هاجر البهتيني، وليلي مجدي مصطفي البهتيني، والأسير المحرر المبعد طارق عز الدين (من بلدة عرابة جنوب جنين) وطفليه علي وميار، وجمال صابر محمد خصوان، ونجله يوسف، ومرفت صالح محمد خصوان، ودانية علاء عطا عدس".
ورجّحت الوكالة الرسمية ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي بالإشارة إلى "وجود عدد من المواطنين تحت أنقاض منازل تعرضت للقصف"، مضيفةً أن "جثامين بعض الشهداء وصلت متفحمة إلى مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، ومستشفى أبو يوسف النجار في رفح".
بدورها، أكدت "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، "استشهاد ثلاثة من قادتها"، هم: أمين سر المجلس العسكري بالحركة جهاد شاكر الغنام، وعضو المجلس العسكري وقائد المنطقة الشمالية في الحركة خليل صلاح البهتيني، وطارق محمد عزالدين - أحد قادة العمل العسكري بسرايا القدس في الضفة الغربية، في "عملية اغتيال صهيونية جبانة" فجر الثلاثاء. وتوعّدت بأن "دماء الشهداء ستزيد من عزمنا، ولن نغادر مواقعنا، وستبقى المقاومة مستمرة بإذن الله".
هجوم متزامن بأكثر من 40 طائرة حربية و100 صاروخ… #غزة_تحت_القصف الإسرائيلي وحصيلة الضحايا "13 شهيداً، بينهم 4 نساء و4 أطفال" وما لا يقل عن 20 إصابة بين متوسطة وخطيرة، وهي حصيلة مرشحة للزيادة
إسرائيل: حققنا أهدافنا
واعترف الجيش الإسرائيلي، في بيان، باستهداف القادة الفلسطينيين الثلاثة بهجوم متزامن بأربعين طائرة من سلاح الجو الإسرائيلي، في ما أطلق عليه "عملية السهم الواقي" أو "درع وسهم"، مضيفاً "حققنا أهداف العملية في هذه المرحلة. إذا تطلّب الأمر، سنزيد من الإصابات"، مبرزةً أن القادة الفلسطينيين الذين قامت باغتيالهم لعبوا الدور الأكبر في التخطيط لشن الهجمات الصاروخية على أهداف إسرائيلية الشهر الماضي، وقبل أيام رداً على وفاة الأسير الشيخ خضر عدنان في سجن إسرائيلي.
وزعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن الهجمات المشتركة للجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك) استهدفت بأكثر من 100 صاروخ، علاوة على قادة الجهاد، 10 مواقع لإنتاج وتخزين الأسلحة ومجمعات عسكرية تابعة "للجهاد الإسلامي" وورشاً لإنتاج الصواريخ في خان يونس، وأنفاقاً لحركة حماس وموقعاً عسكرياً تابعاً لها.
وصرّح ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي (لم يُرد ذكر اسمه) لوسائل إعلام محلية بأن المناطق الجنوبية في إسرائيل "في حالة تأهب" نظراً لأن "الصواريخ البعيدة المدى هي من أهم إمكانيات الجهاد الإسلامي الآن"، ما أسفر عن تعميم لسكان بلدات غلاف غزّة بـ"الاحتماء في الملاجئ" وقرار بـ"تعطيل المدارس الثلاثاء".
شملت التدابير الاحترازية الإسرائيلية لرد على عدوانها على غزّة وقف حركة القطارات في بلدات الجنوب وإغلاق طرقات وكذلك معبري بيت حانون (تسميه إسرائيل معبر إيرز) وكرم أبو سالم (تسميه إسرائيل كيرم شالوم). كما وافق وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت على تفعيل خطة تسمح لسكان البلدات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزّة بالإخلاء نحو باقي المناطق داخل إسرائيل في جميع المدن.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأنه جرى "نشر بطاريات القبة الحديدية ليس فقط في الجنوب بل في كل أنحاء إسرائيل استعداداً لإطلاق الصواريخ من غزة".
هذا على أن يجتمع المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية في إسرائيل، السابعة من مساء الثلاثاء، "لتقييم الوضع واتخاذ قرارات بشأن ما يستجد وما يلزم تبعاً للتطورات"، وفق موقع هيئة البث الإسرائيلية الرسمية (مكان).
"تصعيد خطير يهدد بتفجير ساحة الصراع بالكامل"... الجيش الإسرائيلي يتباهى بتحقيق "جميع أهدافه" عملية "السهم الواقي" (درع وسهم)، و"المقاومة الفلسطينية" تتوعده بأن يكون "الثمن غالياً" برد "شامل وموحد"!
الخارجية الفلسطينية: امتداد لحرب مفتوحة
وعلى الفور، نددت وزارة الخارجية والمغتربين التابعة للسلطة الفلسطينية "الجريمة البشعة" التي اعتبرتها "امتداداً لحرب الاحتلال المفتوحة ضد شعبنا وحقوقه الوطنية العادلة والمشروعة، واستمراراً لمحاولات الحكومة الإسرائيلية تصدير أزماتها للساحة الفلسطينية وحلّها على حساب حقوق شعبنا، ومحاولة إسرائيلية مفضوحة لتكريس منطق القوة العسكرية الغاشمة في التعامل مع قضية شعبنا بديلاً للحلول السياسية السلمية للصراع".
كما حمّلت الوزارة الفلسطينية حكومة إسرائيل "المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذا العدوان ونتائجه على ساحة الصراع، باعتباره تصعيداً خطيراً يهدد بتفجيرها بالكامل"، مطالبةً المجتمع الدولي بـ"تدخل عاجل لوقف العدوان على شعبنا" على أساس أن "الحل السياسي التفاوضي للصراع هو المدخل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في ساحة الصراع".
حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) دانت هي الأخرى هذه العملية الإسرائيلية و"حمّلت الاحتلال الصهيوني وحكومته الفاشية المتطرّفة المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة البشعة وتداعياتها الخطيرة"، متوعّدةً بأن يدفع "الثمن غالياً".
وأضافت حماس أن "إجرام وإرهاب الاحتلال المتصاعد… لن يجلبا له أمناً مزعوماً، ولن يتمكّنا من تحقيق أهدافه ومخططاته العدوانية، بل سيزيدان شعبنا ومقاومته الباسلة وحدة في كل ساحات الوطن وخارجه، وإصراراً على مواصلة الصمود والنضال، تمسكاً بالحقوق والثوابت ورداً للعدوان، حتى دحر الاحتلال وزواله".
وفي تصريح صحافي، قال رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، إن "العدو أخطأ في تقديراته وسيدفع ثمن جريمته، والمقاومة وحدها ستحدد الطريقة التي تؤلم العدو الغادر". وعبر حسابه في تويتر، قال الرئيس الأول للمكتب السياسي لحماس، د. موسى أبو مرزوق، إن "رسالة المقاومة ستكون شاملة وموحدة"، مطالباً المجتمع الدولي بألّا "يساوي بين الضحيّة والجلّاد المجرم".
ألمح فلسطينيون عبر مواقع التواصل إلى "تواطؤ مصري" مع إسرائيل ضد القادة المغدورين بـ"طمأنتهم" لقضاء الليلة في منازلهم قبل السفر لاستئناف محادثات الهدنة في القاهرة. لكن تقارير إعلامية متطابقة تحدثت عن "امتعاض مصري شديد" لتعرض المسؤولين المصريين "لخداع" من حكومة نتنياهو
امتعاض مصري
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، أعرب فلسطينيون عن غضبهم إزاء الدور الذي لعبته مصر في "طمأنة قادة المقاومة" لقضاء الليلة في منازلهم رفقة أسرهم قبل مغادرة القطاع إلى القاهرة لاستئناف محادثات "الوساطة" لأجل التوصّل لاتفاق "الهدنة" بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. ألمح كثيرون منهم إلى "تواطؤ مصري" مع إسرائيل ضد القادة المغدورين.
لكن تقارير إعلامية متطابقة، بما في ذلك في وسائل الإعلام الإسرائيلية، تحدثت عن "امتعاض مصري شديد" وقرار بـ"وقف جهود الوساطة حالياً" إزاء تعرض المسؤولين المصريين إلى "خداع" من حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي "ارتكبت خطأً" في وجهة نظر المصريين قد يهدد بتدخّل جماعة حزب الله اللبناني بشكل مباشر في المواجهة. نقلت وسائل إعلام عن مسؤول مصري مطّلع على المحادثات أنه كانت هناك "مؤشرات إسرائيلية واضحة" على أن تل أبيب لن تلجأ إلى سياسة الاغتيالات في هذه المرحلة.
وفي أول رد فعل رسمي، نددت مصر بالاعتداءات الإسرائيلية التي قالت إنها "تتنافى مع قواعد القانون الدولي وأحكام الشرعية الدولية، وتؤجج الوضع بشكل قد يخرج عن السيطرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتقوض من جهود تحقيق التهدئة وخفض التوتر في إطار ما تم التوصل إليه من تفاهمات في اجتماعي شرم الشيخ والعقبة، بهدف تهيئة المناخ الملائم، لإعادة تحريك مسار عملية السلام".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ يومينلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 5 أياممقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه
بلال -
منذ أسبوعحلو
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعالمؤرخ والكاتب يوڤال هراري يجيب عن نفس السؤال في خاتمة مقالك ويحذر من الذكاء الاصطناعي بوصفه الها...