شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
الأخضر هو الموضة... الانتقال الأنيق إلى أزياء صديقة للبيئة

الأخضر هو الموضة... الانتقال الأنيق إلى أزياء صديقة للبيئة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والبيئة

الثلاثاء 9 مايو 202312:50 م

هل فكرنا يوماً في أن هذا العالم الحالم للأزياء والأقرب ما يكون إلى الجمال بمفهومه السائد، يحمل وجهاً قبيحاً؟ أو أن هذا العالم الإبداعي والمرن قد يحمل حدةً ومحدودية؟

لعالم الأزياء بُعدٌ قد لا تراه العامة ظاهراً، فبعيداً عن كون صناعة الأزياء تسبب الكثير من الظلم الاجتماعي، وانتهاك حقوق العمال، وعدم الحصول على أجور كافية، وظروف عمل غير صحية وغير آمنة. إلا أن للأزياء جانباً آخر يمسنا جميعاً، حتى لو لم نكن من المستهلكين النهمين، أو المتابعين للموضة.

القميص الذي قتل الشجرة 

تسبب صناعة الملابس أنواعاً مختلفة من الأذى البيئي، فتصنيع الأقمشة لوحده هو من أكثر الصناعات تلويثاً للهواء في العالم. إذ تراوح نسبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بإنتاج الملابس من 6% إلى 10% من إجمالي انبعاثات الكربون العالمية. أي أكثر مما تنتجه جميع الرحلات الجوية، والشحن البحري. ناهيك بغيرها من الانبعاثات السامة التي تلوث الهواء.
تشير إحصاءات برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن صناعة الأزياء تستهلك حوالى 20% من مياه الصناعة في العالم، أي أنها ثاني أكبر مستهلك للمياه في العالم. بكميات تكفي لتلبية إحتياجات خمسة ملايين شخص من الماء.
كما تشير الدراسات إلى هدر نحو 15% من القماش المستخدم خلال عملية التصنيع. ففي الولايات المتحدة وحدها يتم التخلص من 13 مليون طن من الملابس والنسيج في العام الواحد. كذلك تزعزع المخلفات الكيميائية والمبيدات الحشرية المستخدمة في إنتاج الأقمشة النظام الإيكولوجي للتربة، ونفس الضرر تسببه النفايات الورقية والبلاستيكية المستخدمة لصنع الأكياس والكراتين التي تستخدم في تعبئة وتغليف الملابس. 

أزياء بدون نفايات 

شهد مصطلح الأزياء الخالية من النفايات "Zero Waste Fashion" شهرة واسعة في السنوات الأخيرة، ويقصد به عملية تصميم وإنتاج الملابس التي تقلل النفايات الناتجة عن هذه الصناعة إلى الحد الأدنى المقارب للصفر.
لكن في الموضة، يمكن أن يكون التصميم الخالي من النفايات تحدياً إبداعياً هائلاً، من خلال توحيد أدوار المصمم وصانع النماذج في نهج شامل لإنشاء الأزياء، مع مراعاة الجماليات والمهام الوظيفية للملابس في آن واحد. وأيضاً سيشكل تحدياً في مجال الخياطة المبتكرة.
تسعى هذه الأزياء إلى تحقيق توازن بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للصناعة، وتشجع على إعادة التفكير في الأساليب التقليدية لإنتاج الملابس إذ سيتطلب ذلك تغييرات كبرى في نماذج الأعمال، جنباً إلى جنب مع الابتكارات التكنولوجية والعملية، والتوصيات البيئية، وتالياً أهم التوصيات والخطوات التي يجب اتخاذها للتحول إلى صناعة أزياء نظيفة.  

الأقمشة المتحللة

من أهم شروط صناعة الأزياء المستدامة استخدام المواد والأقمشة التي تتحلل بسرعة بمجرد أن تتعرض للظروف البيئية، وبالتالي لا تترك أي أثر سيئ على البيئة.

تختلف سرعة تحلل الأقمشة بناءً على نوعها وظروف تحللها. فعلى سبيل المثال، تحتاج الأقمشة الطبيعية مثل القطن والصوف ما بين ستة شهور وخمس سنوات لتتحلل. بينما يستغرق البوليستر والنايلون عدة عقود، وقد تصل إلى 400 عام.

الاستفادة من كل قطعة القماش

للوصول إلى هذه الغاية البيئية السامية، يوصي الخبراء بتصميم الملابس بما يسمح بالحصول على القدر الأقصى من الفائدة من المواد المستخدمة، وذلك من خلال استخدام القطع الزائدة من الأقمشة لصنع أجزاء صغيرة في الملابس، مثل الجيوب والأكمام والياقات، وتوحيد دور المصمم وصانع النماذج للاستفادة من كل جزء من عرض القماش المستخدم.

استخدام الملابس القديمة

إعادة تدوير الملابس والأقمشة القديمة وتحويلها إلى منتجات جديدة وذات قيمة. مثل صناعة الأحذية والملابس الرياضية من مواد مستخرجة من البلاستيك الملقى في البحار، واستخدام  جلود الأسماك والأصباغ الطبيعية بدلاً من المواد الكيميائية، وجلود الفاكهة محل الفراء، وصناعة الحقائب من القماش المهمل. 
تشير بعض المصادر إلى أن النسبة العالمية لإعادة التدوير في صناعة الملابس تراوح بين 0.1٪ و 5٪ فقط، بينما تقدّر مؤسسة "Ellen MacArthur Foundation" أن ما يقارب 500 مليار دولار أمريكي من القيمة تُفقد كل عام بسبب الملابس التي بالكاد يتم ارتداؤها، ولم يجرِ التبرع بها، أو إعادة تدويرها وينتهي بها المطاف في مكب النفايات. 

طبيعة المواد 

وطبعاً الخطوة الأكبر هي استخدام المواد الصديقة للبيئة، والأقمشة المستدامة في الصناعة. تشير بعض التقديرات إلى أن نسبة المواد المستدامة في صناعة الأزياء لا تتجاوز 1٪ إلى 10٪ من إجمالي المواد المستخدمة.

التلوث الناتج عن النقل 

للانتقال إلى صناعة أزياء صديقة للبيئة يوصى بالاعتماد على إنتاج الملابس في الأسواق المحلية، مما يساعد على تقليل النفايات المرتبطة بالنقل والتصدير.

استخدام التكنولوجيا الصديقة 

استخدام تقنيات جديدة، مثل البرامج التصميمية ثلاثية الأبعاد، والتي تعطي محاكاة إلكترونية عن العلاقة بين الشكل وقطع الأنماط والهدر، دون الحاجة إلى إنتاج عينات فعلية وبالتالي نفايات. من أهم هذه البرامج التي تهم مصممي الأزياء:
" CLO3D"
"Marvelous Designer"
"Optitex"
"CLO Virtual Fashion"
"Browzwear VStitcher"
"Tukatech"  

دور المستهلكين الأهم

أدت وتيرة التصنيع السريعة والمتقلبة للموضة إلى تسريع الاستهلاك، فالشخص العادي يشتري اليوم ملابس أكثر بنسبة 60٪ مقارنة بعام 2000. الناس لا يشترون المزيد فحسب، بل يتخلصون أيضاً من المزيد نتيجة لذلك. هذه الخطوات التالية تساعدنا في تحسين عملية الشراء:
-  الشراء الذكي والاقتصاد التجاري من خلال التسوق من الماركات المتخصصة في الملابس المستدامة، والمتبنية للمعايير الإيكولوجية. وفي حالة عدم توفر الأزياء المستدامة في مناطقكم، ضع في اعتبارك شراء الملابس العالية الجودة، والتي تدوم طويلاً، فغالباً ما لا تتحمل الملابس الرخيصة دورات الغسيل المتكرره، فكل عام إضافي من ارتداء الثوب يعني تلوث أقل، وتوفير أكبر، إذ يقول Anastas and Zimmer man، في مقال بعنوان "التصميم من خلال المبادئ الاثني عشر للهندسة الخضراء": "من الأفضل منع الهدر بدلاً من معالجة النفايات، أو تنظيفها بعد تكوينها".
- إعادة التدوير وإعادة الاستخدام من خلال قص الأقمشة القديمة وإعادة ترتيبها لصنع أزياء جديدة أو مواد أخرى، مثل القماش المستخدم في تغطية الأرضيات والمساند واللُحف، والأقمشة المستخدمة في الديكور.
- التبرّع بالملابس القديمة أو بيعها بأسعار منخفضة، أو تبادلها. كما أن لدى بعض الشركات سياسة إرجاع لتتمكن من إعادة تدوير الملابس بعد استهلاكها.
- شراء الملابس المستعملة. يقول مايكل ستانلي جونز، الأمين المشارك في تحالف الأمم المتحدة للأزياء المستدامة: "خلال السنوات الثلاث الماضية، كان سوق الملابس المستعملة ينمو بمعدل 21 مرة أسرع من تجارة التجزئة. وسيتجاوز هذا السوق الموضة سريعاً، كأكبر مورد للملابس في العالم". ووفقًا لـثريد آب: "من المتوقع أن ينمو سوق السلع المستعملة في العالم، الذي تبلغ قيمته حالياً 24 مليار دولار أمريكي، ليصل إلى 64 مليار دولار أمريكي عام 2028".
- الاستثمار في الأقمشة المستدامة، مثل القطن العضوي، الصوف العضوي، الكتان أو المنتجات المصنوعة من المواد المعاد تدويرها. ويعد القطن العضوي بديلاً مستداماً عن القطن التقليدي الذي يحتاج إلى كميات كبيرة من المبيدات الحشرية.
- تمديد عمر الملابس من خلال العناية بها بشكل صحيح، كالغسيل بحرارة  مكافئة لتلك الموجودة على ملصق الرعاية داخل الملابس، وتجنب استخدام المجفف. كما يمكنك الاستثمار في أدوات الصيانة مثل مكواة الملابس ومستحضرات العناية بالملابس، وإجراء إصلاحات فورية للملابس في حال تمزقها. كما يعتبر التخزين الجيد في مكان جاف ومعتم، وبعيداً عن الرطوبة والحرارة العالية أمراً أساسياً لزيادة عمر الملابس.
- شراء ما نحتاجه فقط. في بعض البلدان لا يتم استخدام 40٪ من الملابس المشتراة مطلقًا.
- شراء الملابس المصنوعة يدوياً، وصناعتها أيضاً، فإلى جانب أنها توفر مصدر دخل مستداماً للأفراد، فإنها أيضاً تقلل من استهلاك مصانع الملابس للطاقة والموارد الطبيعية.  
إذا انتقلنا أو على الأقل حاولنا الانتقال إلى جوانب معرفية أوسع وأشمل، حينها فقط بإمكاننا الحد من الفكرة المتداولة بأن الموضة والاستدامة مفهومان متضاربان ومنفصلان، فهل نستيطع أن ننتقل بأناقة إلى الجانب الأخضر من الأزياء. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image