شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"خريف عمر" بوليسي ورومانسي يدفئ القلب، وكارمن لبّس: "انسجمت مع سلّوم حدّاد"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والتنوّع

الاثنين 8 مايو 202302:41 م

غرد مسلسل "خريف عمر" خارج السرب مبتعداً عن مسلسلات البيئة الشامية العديدة التي امتلأت بها الشاشات. فمن رحم عمل بوليسي اجتماعي تشويقي خرجت واحة حب كنا بحاجة لجرعتها.
العمل الذي يعرض عبر منصة شاهد وشاشة "MBC" في عرض ثانٍ، أنتجته "Pentalens"، وأخرجه المثنى صبح وكتبه حسام شرباتي ويزن مرتجى ومجموعة كتاب، كما ضم عدداً كبيراً من نجوم سوريا أمثال سلوم حداد، باسم ياخور، عبدالمنعم عمايري، معتصم النهار، قمر خلف، حسن عويتي، أسامة الروماني، علاء قاسم، رامز الأسود، ترف تقي وغيرهم، بالإضافة إلى النجمة اللبنانية كارمن لبس التي أطلت للمرة الأول لتؤدي دورها باللهجة السورية.

تدور أحداث القصة حول المحامي  المتقاعد "سلّوم حدّاد" الذي يتحول إلى قاتل متسلسل انتقاماً لشقيقته التي قتلت بجريمة بشعة، وبعد أن تتعرض ابنته للعنف والمعاملة السيئة من قبل زوجها وهما مقيمان في دولة أخرى، يحاول جاهداً حمايتها بالطرق القانونية، لكن تقف أمامه العديد من العقبات فيضطر لاستخدام أساليب أخرى أو اللجوء إلى "ِشريعة حمورابي"، فينفذ أحكام إعدام بطرق مختلفة.

يشارك في العمل عبد المنعم عمايري في دور "رائد عنابة" الذي يلعب شخصية ابن رجل أعمال المتنفذ "هشام عنابة" ومَن خلفه من أزلام، يؤدي شخصيته أسامة الروماني الذي تلمع صورته في المجتمع، إذ استخدم نفوذه ليخفي معالم الجريمة وينقذ ابنه، لكن أوقعته رسالة بخط يد الضحية، شهد عليها طفل صغير "فارس عز الدين" (باسم ياخور) الذي بات "المُقدم فارس"، الذي كان يعتقد أن والدته توفت قضاءً وقدراً بحريق نشب في المنزل، ليكتشف في النهاية أنها قتلت عن سابق تصور وتصميم بقرار من رجل الأعمال نفسه لإخفاء الرسالة التي سلمتها لها الضحية قبل وفاتها لتوصلها إلى شقيقها "عمر".

غرد مسلسل "خريف عمر" خارج السرب مبتعداً عن مسلسلات البيئة الشامية، فمن رحم عمل بوليسي اجتماعي تشويقي خرجت واحة حب كنا بحاجة لجرعتها

"عمر" الذي كان يربط جرائمه بجمل مختلفة ويتركها إلى جانب ضحاياه وبالمحقق فارس وببلدة "تل الباردة"، هذه الجمل مأخوذة حرفياً من كلمات كتبتها شقيقته في رسالتها، تزوج وأنجب ابنة وحيدة "ميرفت" (قمر خلف) بعد أن فقد كل أمل بالزواج من حب العمر"ليلى" (كارمن لبس).

"ليلى" حبيبة الطفولة وصديقة المدرسة والجامعة التي تركته في ليلة ظلماء وسافرت دون أن تترك له أي كلمة أو إشارة، لتتخلص من ضغط المجتمع وعائلتها التي رفضت رفضاً قاطعاً زواجها بشاب من غير دينها.
قصة الحب الملهم التي شهدت عليها مجموعة من أصدقاء المدرسة الذين حافظوا على علاقتهم الفريدة طوال تلك السنوات، ظهرت جيداً من خلال المشاهد التي تجمع كل مشاعر الرومانسية والنوستالجيا بعد 35 عاماً، إذ قررت "ليلى" التي نالت شهادتها في الطب العودة إلى بلدها لتبحث عن عشقها الصارخ، بعد أن أعطتها الحياة فرصة أخرى ونجت من أنياب السرطان الذي هاجمها وكاد يوصلها للموت.

عاش "عمر" و"ليلى" عشقاً نادراً ممتعاً بكل تفاصيله وشغفه وذكرياته التي لم تغب عنهما، ولم تستطع كل سنوات الفراق محوها

عاش "عمر" و"ليلى" عشقاً نادراً ممتعاً بكل تفاصيله وشغفه وذكرياته التي لم تغب عنهما، ولم تستطع كل سنوات الفراق محوها، إلى أن انتصر عليها السرطان الذي عاد ليسكن "ليلى" وقضى عليها بعد اكتشافها حقيقة "عمر".
قصة الحب الممنوع هذه تجددت مع حفيدة شقيقة "ليلى"، وحفيد "عمر" اللذين جمعتهما مقاعد المدرسة، وكادا أن يواجها العراقيل المجتمعية نفسها التي واجهت الجيل السابق.
العمل الذي حافظ على سره حتى الحلقة الأخيرة، تؤخذ عليه بعض الأحداث البطيئة التي قد تشتت عقل المتلقي أحياناً، لكن تحسب له نقطة مهمة ومضيئة جداً تتجلى في المساحة التي تأخذها قصة الحب التي جمعت النجمين كارمن لبس وسلوم حداد في مرحلتيهما الفنية والعمرية في منتصف العمر، الأمر الذي لم نعتده في مسلسلاتنا التي عادة ما تدور بين نجمي شباك أو في مرحلة عمرية شابة، تُبنى عليهما كل القصة وخطوطها الدرامية وباقي الوجوه المشاركة فيها.
في "خريف عمر" جاء الأمر معاكساً بحيث جمع عدداً من النجوم تحت عباءة مجموعة خطوط درامية من صلب مشاكل مجتمعنا طغت على نجومية أصحابها وأدوارهم، فاختفى البطل الأوحد الذي كنا نراه مع معظمهم في أعمال أخرى.
فيفضح العمل من خلال الإعلامي "مهند الشلبي" (معتصم النهار) الذي يستخدم شهرته وعلاقاته لكشف ملفات وجرائم وقضايا تثير ضجة كبيرة في المجتمع، وتنكشف علاقة الإعلام وألاعيب ارتباط الوسائل الإعلامية بالسياسة ورجال الأعمال وأجهزة الأمن، وانتقائية الملفات التي تطرح إلى العلن، وتلك التي يتم التستر عليها وفق الحاجة والمصلحة والصفقات المتبادلة.

كما تُفضح العلاقة التي تجمع بعض رجال الأجهزة الأمنية و"رجال المجتمع الأسود" كالمحقق "لؤي" الذي يؤدي دوره علاء قاسم، و"طارق عنابة" الذي يقدم شخصيته رامز الأسود المتورط بإدارة شبكات دعارة ومخدرات وأعمال أخرى غير مشروعة.

يُحسب للمسلسل قصة الحب التي جمعت النجمين كارمن لبس وسلوم حداد في منتصف العمر، الأمر الذي لم نعتده في مسلسلاتنا التي عادة ما تدور قصص الحب فيها بين الشباب  

كذلك تتم الإضاءة على قضايا الشرف والعنف الأسري والتنمر من خلال الجمعية التي تديرها "سمر عنابة" (تؤدي دورها ترف تقي) التي تكتشف في النهاية حقيقة والدها وتهرع لمساعدة والدتها التي تكتشف بأنها كانت أولى ضحاياه.
ويتطرق العمل أيضاً إلى موضوع الجماعات التكفيرية وعمليات الخطف وجشع الأخوة، من خلال الطبيب "قصي" الذي يؤدي شخصيته إياد عيسى الذي يعود إلى منزل أهله بعد سنوات من الخطف، فيجد والده مرمياً في مأوى، وشقيقه متوفىً في السجلات الرسمية ليحصل على ميراثه غير سائل عنه ولا عن والده.
عن هذه التجربة وتقييمها حملنا سؤالنا إلى كارمن لبس، تقول: "شعرت بأن العمل قريب ومنوع ويختصر الحياة التي نعيشها. الجميل في هذه التجربة أنها تتضمن ثلاثة أجيال ولا تقتصر على قصة واحدة، بل هنالك أيضاً جرائم القتل المتسلسل وقصص جانبية أخرى، من المحققين إلى الإعلام والإعلاميين وقصة الحب الكبير، وشلة المدرسة التي بقيت مترابطة طوال تلك السنوات".

أما فيما يتعلق بأدائها للهجة السورية التي أطلت فيها للمرة الأولى والصعوبات التي واجهتها، تقول: "في البداية كنت بحاجة لمن يتابعني ليصحح الهفوات التي قد أمر بها، لكن خلال إقامتي تلك الفترة في سوريا، ومتابعتي لمجموعة من المسلسلات التركية المدبلجة باللهجة السورية التي تعرض على الشاشة، بت أمتلك مخزوناً لا بأس به من المفردات. مع إشارتي إلى بعض التعليقات على اللكنة، وشعوري بأنني مقيدة بعض الشيء في بعض المشاهد، إذ كان عليّ بذل جهد مضاعف للتركيز على اللكنة إضافة على حفاظي بعفوية مشاعري واحساسي، لكن فيما بعد باتوا يرددون لي "شامية وجاية من الشام". 

كارمن لبّس: في البداية كنت بحاجة لمن يصحح هفواتي في اللهجة السورية، ثم صاروا يرددون لي "شامية وجاية من الشام" 
وعن علاقة الحب التي جمعتها بالعمل مع سلوم حداد والأثر الذي تركته في القلوب والموضوع التاريخي الأزلي في موضوع الزواج المختلط، تقول: "الانسجام بدا واضحاً من النتيجة على الشاشة والشوق لقصة الحب التي باتت نادرة في أعمالنا بهذا العمر، أما فيما يتعلق بالحب والديانات، فيا للأسف ما زال الأمر على صلابته عند جزء من الناس رغم التطوارت التي تشهدها مجتمعاتنا".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

تنوّع منطقتنا مُدهش

لا ريب في أنّ التعددية الدينية والإثنية والجغرافية في منطقتنا العربية، والغرائب التي تكتنفها، قد أضفت عليها رومانسيةً مغريةً، مع ما يصاحبها من موجات "الاستشراق" والافتتان الغربي.

للأسف، قد سلبنا التطرف الديني والشقاق الأهلي رويداً رويداً، هذه الميزة، وأمسى تعدّدنا نقمةً. لكنّنا في رصيف22، نأمل أن نكون منبراً لكلّ المختلفين/ ات والخارجين/ ات عن القواعد السائدة.

Website by WhiteBeard
Popup Image