حظي الكوميدي والإعلامي المصري باسم يوسف بإشادات واسعة في بلاده عقب مناظرة تلفزيونية "قوية" فنّد فيها مزاعم الممثل الأمريكي من أصول أفريقية، كيفن هارت، بأن "أجداده بنوا الأهرامات"، وحذّر فيها من أن "هوليوود" تسعى إلى "محو" شعبه وتشويه حضارة بلاده في أعمالها "الوثائقية" الأخيرة.
وخلال ظهورهما مع الإعلامي البريطاني بيرس مورغان، رفض باسم ادعاءات هارت بأن "أجداده" كانوا "ملوك مصر" و"بنوا الأهرامات"، متحدثاً عن سعي "ممنهج" لـ"الاستحواذ الثقافي" على الحضارة المصرية وتصوير المصريين "غُزاة" لا "أصحاب حضارة".
"لماذا يروي الأفارقة الأمريكيون تاريخ بلادي؟"
وفي مقطع من المقابلة مدته دقيقة و12 ثانية شاركه باسم عبر حسابه في تويتر وراج بقوة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المصرية، أوضح باسم أن اعتراض المصريين على فيلم "كليوباترا" الذي أعلنت عنه "نتفليكس" أخيراً لا يتعلق بإظهار الملكة البطلمية ببشرة سوداء وإنما لإكساب تصور غير حقيقي صفة "التوثيق" بإظهار جميع المصريين ببشرة سوداء.
قال: "الأمر لا يتعلق بالبشرة البيضاء أو السوداء بل نتحدث هنا عن عملية استحواذ ثقافي والترويج لفلسفة التاريخ التي يتبناها أتباع المركزية الأفريقية (الأفروسينتريزم)".
"لماذا يروي الأفارقة الأمريكيون تاريخ بلادي؟"... #باسم_يوسف يحظى بإشادة مواطنيه عقب مناظرة تلفزيونية دحض فيها مزاعم "الأفروسنتريك" واتهمهم بـ"الاستحواذ الثقافي" على الحضارة المصرية. لكنه يطالب بـ"تحرك مدروس" من الدولة المصرية
و"الأفروسنتريزم" هي حركة تشكّلت في سبعينيات القرن الماضي وثمانينياته، فهي تجادل بأن الثقافة الإفريقية بدأت في مصر التي قادت أفريقيا السوداء الموحدة إلى أن أتى الغرب وسرق حضارتها السوداء ونسب إنجازاتها إليه. وفقاً لهذه المزاعم، تعتبر المركزية الأفريقية أن الحضارة الأفريقية أصل الحضارات الإنسانية.
وكانت هناك فعالية ضخمة مقررة لهارت في استاد القاهرة الدولي في شباط/ فبراير الفائت، أُلغيت عقب حملات شعبية واسعة رفضاً لأفكاره المرتبطة بـ"الأفروسنتريزم".
وقال باسم إن الحركة انطلقت "لهدف نبيل" هو "تعليم الأمريكيين من أصول أفريقية التاريخ الغني لغرب أفريقيا مثل الإمبراطورية العظمى لبنين وغانا ومالي…"، مخاطباً هارت: "تجد أشخاصاً مثل كيفن هارت يدّعي أن أجداده بنوا الأهرامات. أنا آسف، أجدادك لديهم حضارة رائعة غرب أفريقيا وليس في مصر".
وشدد باسم على أن "هوليوود تمحو شعبي… لا يُسمح لنا برواية تاريخنا. ويؤسفني أن أختلف معكم، الأمر لا يتعلق فقط بكليوباترا، فكل الأشخاص في فيلم كارتون جديد ينتجه هارت، يفترض أن يكونوا مصريين لكنهم يبدون وكأنهم قادمون من غرب أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء. نحن المصريين يُطلق علينا ‘دخلاء‘ و‘غُزاة‘ لثقافتنا الخاصة. هذا يحدث بشكل ممنهج".
وتابع: "لا أود أن أستيقظ ذات يوم لأجد أن المتحف الأمريكي لتاريخ وثقافة الأمريكيين الأفارقة يدّعي أن الآثار المصرية المسروقة في المتحف البريطاني ملكه"، متعجباً من اختيار بطلة نيجيرية ألمانية لأداء البطولة في عمل عن مصر القديمة، متسائلاً "أين الممثلات المصريات؟ أين الممثلون العرب؟".
وأردف: "تسمع في البرومو الترويجي للفيلم: "لا أدري ماذا أخبروك، لكن كليوباترا كانت سوداء"، معقّباً "من هي هذه السيدة؟ لماذا يروي الأفارقة الأمريكيون تاريخ بلادي؟".
"أحسنت"
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي المصرية، أعرب كثيرون عن إعجابهم بحديث باسم "الموزون" و"المرتب" وقدرته على إثبات حجته، مرجحين أنه أعد لحديثه وقرأ جيداً قبل المناظرة، قائلين إن حديثه أجبر نتفليكس على تغيير تصنيف الفيلم من "وثائقي" إلى "خيالي".
بعد أن ألبسوه عباءة "البطل الشعبي" وامتدحوا "وطنيته"، #باسم_يوسف للمصريين: أنا غير متخصص ومش حقدر أواجه فلوس كيفن هارت أو كايري إيرفين أو شعبية ريهانا أو زيندايا
غرّد علاء مبارك، نجل الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، على كلمات باسم يوسف بالقول: "أنت محق تماماً في ذلك، لقد أصبت الحقيقة باسم بنقاط قوية، أحسنت".
وقال الروائي والمفكر عمار علي حسن: "باسم يوسف يدافع عن الحضارة المصرية القديمة... باسم يعرف كيف يكون جاداً ورصيناً إن أراد. سخريته اللاذعة والجارحة أحياناً كانت مختلفة جداً، ولو استمر برنامجه إلى الآن لكانت الأكباد قد انفجرت من فرط الضحك. انتقلوا بالشعب لمرحلة: كل واحد يضحك في بيته".
وأشاد الكاتب الليبرالي سامح عسكر بقدرة باسم على دحض مزاعم "الأفروسنتريك" دون الوقوع في شرك "العنصرية" قائلاً: "عجبني لقاء باسم يوسف. رد على خصمه بدون عنصرية على البشرة السوداء، وتقليل من حضارات الأفارقة. ياريت كل اللي سمع باسم يتعلم من أسلوبه المتحضر في الحوار، وأن فيه فارق كبير بين الدفاع عن هويتك وثقافتك وبين التقليل واحتقار الغير".
وتداول مغردون مقاطع فيديو لناشطين أجانب يرفضون تجسيد كليوباترا في صورة امرأة سوداء، بمن فيهم أشخاص من ذوي البشرة السوداء، قائلين إنهم يؤيدون حديث باسم في الميديا الغربية.
حتّى أولئك الذين اختلفوا مع باسم سابقاً، أعربوا عن إعجابهم بحديثه. كتبت شيرين هلال: "باسم يوسف خاض معركة إعلامية ضد المركزية أمن بلاد الفرنجة. اتكلم بقوة وكان محضّر أهم أدوات وتفنيد رائع. بغض النظر عن اختلافي معاه في آراء ومواقف أخرى إلا أنه قام بدور النخبة اللي نتمناها في هذا الموضوع الخطير، استغل تعليمه ولغته وثقافته للدفاع عن إرثه التاريخي المصري".
باسم يوسف: قبل ما ننبسط بالانتصارات الصغيرة دي، إحنا بيتم النظر لينا إننا معتدين وسرقنا حضارتهم. الدولة المصرية لو متحركتش تحرك ذكي، النتيجة إننا حنشوف بعد سنتين أفلام ومسلسلات عن الفراعنة وإحنا حنكون ممسوحين منها
باسم: مش حقدر أواجه
وبعدما ألبسوه عباءة "البطل الشعبي" وامتدحوا "وطنيته"، شكر باسم مواطنيه على ردود الفعل الإيجابية، منبهاً إلى أنه ليس الشخص المناسب للتصدي لهكذا قضية، مطالباً بدور قوي وسريع ومنظم تتولاه الدولة المصرية ضد محاولات تزوير التاريخ وسرقة الحضارة المصرية القديمة.
في منشور عبر فيسبوك مساء الثلاثاء 25 نيسان/ أبريل، كتب باسم: "شكراً لكل الرسائل اللطيفة الداعمة بعد حوار إمبارح. لكن نقطتين مهمين عايز أتكلم فيهم، أولاً أنا غير متخصص وفيه ناس تانية عندها علم أحسن مني والمفروض يبقى فيه تحرك مدروس للرد على السرقة الممنهجة للهوية بتاعتنا في السينما والتلفزيون. أنا مش أحسن واحد يمثل القضية دي لكن لما تمت دعوتي للكلام في البرنامج ما كنتش أقدر أقول لأ".
وأضاف: "تاني حاجة، قبل ما ننبسط بالانتصارات الصغيرة دي فيه حالياً مشاريع بتتعمل في أمريكا ومنها مسلسل كارتون كيفين هارت بينتجه اسمه ‘الرمال السوداء‘. في المسلسل ده مش بس كليوباترا لا كل المصريين اللي فيه أفارقة. وإحنا بيتم النظر لينا إننا معتدين وسرقنا حضارتهم. الدولة المصرية لو متحركتش تحرك ذكي بعيد عن حوارات القضايا والمنع لأن ده مش بيجيب نتيجة، النتيجة إننا حنشوف بعد سنتين أفلام ومسلسلات عن الفراعنة وإحنا حنكون ممسوحين منها".
واستفاض: "لازم الدولة ممثلة في وزارة الآثار والسياحة تدفع فلوس لشركات دعاية وتتفق مع علماء مصريات مش بس مصريين لكن أجانب ويتكلّموا في الموضوع ده بعقل وحكمة وبطريقة أكثر علماً ومعرفة مني. أنا مهما عملت مش حقدر أواجه فلوس كيفن هارت أو كايري إيرفين أو شعبية ريهانا أو زيندايا. اللهم بلّغت اللهم فاشهد".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...