لم يذكر الأستاذ حسن فؤاد اسم المعذِّب الذي حكى قصته، لكنه سمّى واحداً من أبرز من شجّعوه على التعذيب، وهو الكاتب الكبير صلاح حافظ، الذي لا يقلّ عن حسن فؤاد أهمية وتأثيراً في الساحة الصحفية في مصر خلال النصف الثاني من القرن العشرين، ولا يقل عنه أيضاً تعرّضاً للنسيان والتجاهل.
كان صلاح حافظ، كما يصفه صديقه حسن فؤاد مداعباً، "يحيط نفسه دائماً بحلقة ضخمة من المعذبين، ربما لجاذبية في شخصيتهم أو لهواية شخصية أو طبيعة، والله أعلم"، وأعتقد أن ذلك لم يكن وراءه رغبة صادقة أو هازلة في تعذيب أصدقائه، وإنما ينبع من تكوينه اليساري المنحاز للمستضعفين، وكونه شخصاً معطاءً يؤمن بأهمية توجيه الدعم والمساندة لكل من يطلبها، وهو ما جعله، عبر مشواره الصحفي والسياسي، يدعم عدداً من الموهوبين، ويقع أيضاً ضحية العديد من الموهومين.
كان المعذِّب الذي يحكي عنه حسن فؤاد أديباً ناشئاً مع أنه تعدى الأربعين من عمره، وكان من دراويش صلاح حافظ الذي جاء به إلى صحيفة "النداء" في أواخر عام 1948، حين كان حسن فؤاد سكرتيراً لتحريرها، وبعد أن قام صلاح بتعريفه بصفته أديباً واعداً، أخرج الرجل من حقيبته ثلاثة كشاكيل ضخمة ذات أغلفة سوداء كُتب عليها بخط كبير "رواية يهل القمر علينا"، وقال لحسن إنها رواية من ثلاثة أجزاء، "تستطيع أن تقرأها بأي ترتيب تريد، الأول فالثاني فالثالث أو بالعكس أو بأي ترتيب آخر، وفي كل مرة ستحصل على رواية مختلفة في المعنى والمضمون، إنها ثلاث روايات في رواية يا أستاذ"، وحين وعده حسن بقراءة الرواية، قال إنه سينتظر رسالة أو اتصالاً في عنوان أو هاتف محل الحلويات الكبير الذي يملكه في أحد أحياء القاهرة الشعبية.
تحتاج إلى تجارب مريرة ستدرك بعدها أن مواجهة أجهزة الأمن ربما تكون أحياناً أهون من مواجهة روائي موهوم يمكن أن يضربك بالنار لأنك أفسدت انتشائه بأوهامه
أُسقِط في يدي حسن حين تورط واستلم الرواية المعجزة، لأنه كان عليه أن يبدي رأيه فيها إن لم ينشرها، وحين تفحّص في ملامح المؤلف الحلواني الطويل النحيل الذي تعلو رأسه كتلة من الشعر الأبيض، شعر أنه لا يعرف الضحك ولن يتقبل أي دعابة أو تعليق على ما قاله عن شكل كتابة الرواية، وحين تصفح الكشاكيل الثلاثة وجدها مكتوبة بخط جميل، ولاحظ أن أسماء الأبطال كُتبت بالحبر الأحمر، وأن هناك عناية كبيرة بتنسيق الكتابة، لكنه حين حاول قراءة الرواية وجدها تندرج تحت بند "المواد المستعصية على القراءة" ولم يجد فيها ما تمناه من حلاوة أو براعة تليق بمؤلفها الحلواني البارع، فقرّر أن يضعها في "درج النسيان"، وهو درج لا يخلو منه مكتب مسؤول تحرير في أي صحيفة أو مجلة في العالم، تقبع فيه عادة "المقالات والأشعار والقصص والروايات التي ترد كل يوم إلى الصحف والمجلات، ويستعصي على المحرر المسؤول أن يفهم مضمونها أو يحل ألغازها أو يتتبع أسلوبها".
لم ينتظر المؤلف الواعد حتى يأتيه رد فعل حسن مكتوباً أو منطوقاً، بل كان يزور الجريدة كل شهر للاطمئنان على مصير روايته ومعرفة موعد نشرها، وكان صلاح حافظ يقول له مرة إن الرواية ما زالت عند حسن فؤاد الذي بدأ في قراءتها، لكن مشكلته أنه رجل مشغول للغاية ولذلك يقرأها ببطء، وفي الزيارة التالية يقول له إن حسن وصل إلى الجزء الثاني ويحتاج إلى المزيد من الوقت، وفي الزيارة التي تليها يقول له إن حسن معجب بالرواية لدرجة أنه يقرأها بالعكس مرة ثانية وثالثة ليستزيد من حلاوتها، وكان المؤلف يكتفي بتسديد نظرات تربص وانتظار إلى حسن من خلف باب مكتبه، كأنه يريد إثبات حضوره للاطمئنان على الرواية التي أظن أن حسن فؤاد قرّر دفنها في الدرج إلى الأبد، ليساهم في تقديم خدمة جليلة لقراء العربية المنكوبين بما يكفيهم من الكوارث الأدبية.
استقال حسن من جريدة النداء، وحين حمل أوراقه الخاصة معه، انتقلت الرواية دون قصد من درج النسيان إلى كراتين مهملة في شقة عزّاب كان يسكنها مع صلاح حافظ، "وتضافرت فوضى العزوبية مع بوهيمية الشباب على اختفاء الرواية وسط جبال الكتب والأوراق والرسوم التي حفلت بها الشقة، والتي كانت فندقاً عاماً ومنتدى خاصاً للعديد من الفنانين والصحفيين الشبان" الذين أصبحوا من أهم كتاب وفناني مصر فيما بعد، وحين تزوج حسن وترك شقة العزوبية، ثم تزوج صلاح بعد ذلك وأخذ كل منهما كتبه وأوراقه معه، اختفت الرواية ولم يعرف حسن هل ذهبت الكشاكيل في "جهاز صلاح" أم في جهازه؟ وكاد ينسى أمر الرواية لولا أن كاتبها العنيد داهمه بغتة في مجلة "مسامرات الجيب" التي انتقل حسن للعمل فيها.
الروائي المكلوم سيشتري مسدساً ماركة براوننج ويراقب مبنى "أخبار اليوم" طيلة يوم كامل حتى يخرج صلاح حافظ منه في منتصف الليل، فيتبعه حتى باب منزله، ويشهر مسدسه في وجهه ويهدّده بالقتل رمياً بالرصاص لو لم يسلّمه الرواية
ارتبك حسن من المداهمة، فقال من باب التتويه إن الرواية موجودة عند صلاح حافظ الذي كان وقتها مطارداً من الحكومة والسراي بسبب انتمائه اليساري، وحين تحسنت أوضاع صلاح، وعاد للعمل في الصحافة وبالتحديد في دار "أخبار اليوم"، فوجئ بمداهمة مؤلف الثلاثية له في مكتبه دون سابق ميعاد، فقال له مرتبكاً إنه قرأ الرواية ووافق على نشرها منذ زمن، وأنه أرسلها إلى "مسامرات الجيب" لكي ينشرها حسن فؤاد، كان حسن وقتها قد ترك "مسامرات الجيب" والتحق بالعمل في صحيفة "المصري"، ولم يكذب الروائي خبراً، فطبّ على حسن هناك، ليقول له حسن متملصاً، إن صلاح ربما أرسلها إلى عنوانه القديم في "مسامرات الجيب"، فسأله المؤلف: "يعني لو أخذتها من صلاح حافظ يمكن أن تنشرها؟"، فقال له دون تفكير: "طبعاً"، وهو متأكد أن أخينا لن يعثر على صلاح حافظ، وإذا وجده فلن يعثر على الرواية وسيتخلص صلاح منه بحجة جديدة، وهكذا إلى أن ييأس المؤلف ويقرّر كتابة ثلاثية جديدة ربما تكون أحسن حالاً أو أقل سوءاً من سابقتها.
لم يخطر على بال حسن وصلاح أن الروائي المكلوم سيشتري مسدساً ماركة براوننج ويراقب مبنى "أخبار اليوم" طيلة يوم كامل حتى يخرج صلاح حافظ منه في منتصف الليل، فيتبعه حتى باب منزله هو وبعض عمال محل الحلويات، ويشهر مسدسه في وجه صلاح ويهدّده بالقتل رمياً بالرصاص لو لم يسلمه الرواية في الحال، فيقسم له صلاح أن الرواية موجودة في صندرة منزل حسن فؤاد التي تم تخزين الكثير من أوراقهما فيها، ويقسم له أنه سيعثر عليها لو منحه مهلة مدتها أربع وعشرين ساعة، وإلا فليفعل به ما شاء.
جاء في حاشية الإمام السعدني على متن نصيحة الإمام حسن فؤاد، أن أسوأ فئة من البشر ينبغي تجنبها هم من يعشقون تعذيب غيرهم من البشر بأشكال متنوعة من ثقل الظل والغتاتة والغلاسة
قضى صلاح اليوم التالي كله معتكفا في صندرة منزل حسن للبحث عن الرواية اللعينة، وخرج بعد ساعتين من البحث غارقاً في العرق والغبار وهو يمسك بكشكولين من الرواية، دون أن يتمكن من العثور على الجزء الثالث الذي بدا أنه ضاع في العزال، وقال صلاح لحسن إنه سيسلّم الروائي العنيف الكشكولين، ويقول له إن الجزء الثالث موجود في مطبعة صحيفة "المصري"، فأحس حسن أن صلاح يرغب في توريطه مع المؤلف اللاسع الذي سيقوم بمداهمة المطبعة مع عماله، فأقسم له أنه سيقلب البيت كله بحثاً حتى يعثر على الجزء الثالث من الرواية، قبل أن يصبح هو أيضاً هدفاً لانتقام الروائي الغاضب، الذي شعر حسن أنه ربما اتخذ قراراً صائباً حين لم يبلغه برأيه الحقيقي في الرواية، لأنه كان يمكن أن يتعرّض للقتل انتقاماً منه.
غادر صلاح منزل حسن حاملا كشكولي الرواية، وقبل أن ينفذ حسن وعده في اليوم التالي ويبدأ رحلة البحث عن الكشكول الثالث، جاء من يخبره باعتقال صلاح حافظ، كان ذلك قبل قيام ثورة يوليو 1952 بشهور قليلة، وهو ما يعني ضياع الكشكولين وانتفاء مبرر البحث عن الكشكول الثالث، وحين علم الروائي بالخبر تأسف لما جرى لصلاح ووعد بزيارته في المعتقل تضامناً وسؤالاً عن مصير الرواية، وحين قامت الثورة، "ذهب الرجل وكشاكيله في زوايا النسيان وتغيرت الدنيا والصحف والناس والأماكن والأقدار" التي كان من مهازلها أن حسن عثر على الكشكول الثالث المفقود، فاحتفظ به انتظاراً لعودة صلاح حافظ من المعتقل، لكن صلاح لم يخرج من المعتقل، بل دخل حسن نفسه إلى معتقل الواحات الخارجة الذي قابل فيه صلاح بعد طول غياب.
في المعتقل الذي بقي فيه حسن فؤاد لمدة خمس سنوات بسبب انتمائه اليساري، وفي أول مرة ينفرد فيها صلاح بحسن جاءت سيرة الروائي المعذِّب، فأخبره حسن بعثوره على الكشكول الناقص، لينفجر صلاح في الضحك ويقول إن ضابط المباحث الذي فتش منزله يوم الاعتقال وجد أول كشكولين من الرواية بحوزته، وحين حاول أن يقرأهما لم يفهم شيئاً، فارتاب في أن تكون تلك السطور الملغزة منشورات سياسية كُتبت بطريقة الشفرة، ولذلك وضع الكشكولين ضمن الأحراز المضبوطة، فضاعا مرة أخرى في محفوظات النيابة، وضحك حسن وصلاح طويلاً، ثم نسيا القصة وسط غمرة الأحزان والمآسي.
بعد أن عاد حسن فؤاد إلى العمل في مجلة "صباح الخير" التي شارك في تأسيسها، فوجئ ذات يوم بصلاح حافظ يدخل عليه ومعه الروائي الحلواني الذي ازداد طولاً ونحولاً وازداد شعره بياضاً وأصبح وجهه رمزاً للجنون، وقبل أن يلتقط حسن أنفاسه من هول المفاجأة، وجد على مكتبه ثلاثة كشاكيل ذات غلاف أسود تشبه نفس الكشاكيل القديمة، وعلى الجزء الأول منها كتب بخط أحمر جميل "يهل القمر علينا"، ليقول له المؤلف الحلواني إنه كتب الرواية من جديد، لكنه هذه المرة قرر الإمعان في التجديد، فلم يجعل كل رواية مستقلة بنفسها، بل جعل كل رواية تحتوي على فصول مستقلة بنفسها، لتقرأ الفصل الثالث ثم الأول ثم الثاني ثم العكس وبأي ترتيب، فتخرج برواية جديدة في كل مرة، وأضاف أنه سمى الرواية الأولى "يهل القمر علينا"، والثانية "القمر يهل علينا"، والثالثة "علينا يهل القمر".
اشترى حسن فؤاد نفسه هذه المرة ورفض استلام الرواية، بدعوى أنه يتعرض للاضطهاد الحكومي ولا يملك أي نفوذ يجعله ينشر شيئاً في المجلة حتى لو كان خبر زواج صديق، ليقرّر الروائي المجدِّد توجيه سهام تعذيبه إلى مسؤول آخر في مجلة جديدة، ولا يبقى منه ومن روايته سوى تسجيل حسن له في الصفحات الأولى من تاريخ المعذِّبين الكبار، مضيفاً بسخرية، وهو يختم الحكاية، بأن الفضل في هذا التفنن في التعذيب لا يرجع إلى الروائي وحده، بل إلى الجهد الخارق والبديهة الحاضرة والصبر الطويل الذي اتسم به صلاح حافظ طوال هذه الأحداث، مما يؤهله لأن يوضع اسمه جنباً إلى جنب مع كبار المعذِّبين المعاصرين، ولكن لولا تواضع صلاح حافظ ورغبته في البعد عن الأضواء لاقترح حسن تسجيل اسمه في سجل المعذِّبين، بنفس التوقير والحجم والاهتمام الذي ناله المؤلف الحلواني ذو المسدس البراوننج.
من حقك الآن وقد انتهيت من قراءة حدوتة حسن فؤاد أن تسألني: لماذا اعتبرتُ أن المعذِّب في الحدوتة هو الروائي العنيد الذي يبحث بدأب مدهش عن روايته ويحلم بنشرها لأنه يراها تستحق النشر، ولم تعتبر أن المعذّبين الحقيقيين هم حسن فؤاد وصلاح حافظ وغيرهم من مسؤولي النشر الذين تهربوا من مواجهته برأيهم فيها، برغم قدرة بعضهم على مواجهة السلطات الباطشة دون خوف؟ ألم يكن من الأفضل لهم أن يطلبوا منه التوقف عن كتابة الرواية والتفرّغ لصناعة الحلويات التي يجيدها أكثر؟ أو يقولوا له إن ثلاثيته لم تناسب ذوقهم الأدبي، وأنها يمكن أن تعجب آخرين غيرهم؟
ضابط المباحث الذي فتش منزل صلاح حافظ يوم الاعتقال وجد أول كشكولين من الرواية بحوزته، وحين حاول أن يقرأهما لم يفهم شيئاً، فارتاب في أن تكون تلك السطور الملغزة منشورات سياسية كُتبت بطريقة الشفرة، ولذلك وضع الكشكولين ضمن الأحراز المضبوطة
وبالطبع لك عذرك إن ظننت ذلك، لأنك تحتاج إلى تجارب مريرة ستدرك بعدها أن مواجهة أجهزة الأمن ربما تكون أحياناً أهون من مواجهة روائي موهوم يمكن أن يضربك بالنار لأنك أفسدت انتشائه بأوهامه، وأن الكر والفر في معركة كهذه أرحم من المواجهة التي إن لم تخرج منها مبطوح الرأس ممزق الملابس، ستخرج منها مشوّه السمعة، ملعون السنسفيل، ومضطراً للدفاع في أقسام الشرطة ومقاهي القاهرة عن حقك البديهي في رفض كتابة تراها رديئة أو غير صالحة للنشر.
لحسن حظي، لم تصل المسألة معي طيلة سنوات عملي في الصحافة إلى حد التهديد بالمسدسات أو التلويح بالأسلحة الحادة، بل اقتصر الأمر على التشكيك في الوطنية والخوض في الأعراض والاتهام بالعمالة للأجهزة الأمنية، فضلاً عن التكفير والاتهام بإفساد المجتمع ونشر الانحلال والحصول على مكانة لا أستحقها، وكلها اتهامات كان يمكن أن تؤثر فيّ وتفتّ من عضدي لو لم تكن قد وجهت إليّ، قبل ذلك وبعده، آلاف المرات من أناس عاديين لم تدركهم حرفة الأدب ولم أخيّب آمالهم في النشر أو الدعم، ولذلك كان من البديهي أن أتجاوز عنها حين تأتي من غاضبين أحبطهم رفضي أو تجاهلي لما كتبوه، فأعتبر ذلك الغضب مقترناً بالشعور بالرفض، فضلاً عن كونه جزءاً من شروط المهنة، وأتعامل مع أصحابه بالبلوك والميوت والأنفولو والأنفريند، وغيرها من وسائل الخلاص من المعذِّبين.
وحين تلهيني الغفلة وأقع في شر أعمالي، فيقع في أرابيزي صديق طارئ، يرفض أن يتفهم اعتذاري له عن قراءة أول عمل روائي ملحمي أرسله إليّ بشغف وسرور، لأن الطبيب نصحني بالتقليل من النظر إلى الشاشات، فلا يدرك أنني أحاول التملص من إبداء رأيي في كتابته، ويقرّر أن يحضر روايته إلى لقائنا في المقهى، مطبوعة بالبنط العريض على ورق مصقول، ويقول إنه سينتظر انتهائي من قراءتها بفارغ الصبر، وسيحضر لي في جلساتنا التالية الجزء الثاني منها لأنه قرّر أن يجعلها سداسية شبيهة بسداسية الروائي الفرنسي مارسيل بروست، ثم يخرج من حقيبته دراسة نقدية عن الرواية كتبها أحد أصدقائه من نقاد فيسبوك، لعلي أستعين بما فيها من إضاءات نقدية حين أكتب عن روايته، ثم يكمل نعمته بأن يزفّ لي بشرى إضافية بأنه سيمهلني بعض الوقت قبل أن أحظى بفرصة قراءة مجموعة قصصية مستوحاة من تجربة عمله الطويلة في بيع وثائق التأمين.
لم يكن غريباً بعد كل ما شهدته من تجارب مريرة أن أرفض مصارحة أخينا برأيي الصريح في كتابته المريعة، استجابة لإحساس الخطر الذي تولّد لديّ حين قرأت وقائع تعامله الصارم البتار مع شخصيات روايته التي جرؤت على الاستخفاف ببطل الرواية فدفعت ثمناً غالياً تراوح بين الطعن والضرب والبصق على الوجه، ولذلك قرّرت طلباً للسلامة أن أكتفي بتغيير القهوة التي أجلس عليها، حتى لو كانت فريدة من نوعها بين مقاهي نيويورك، وأتجنب تماماً الرد على اتصالاته ورسائله، وحين ألحّ صديقنا المشترك الذي بلاني به في فهم سر موقفي المفاجئ منه، ذكّرت نفسي بأن الإنسان منا ضعيف وإن توهم القوة، وتهيبت مواجهته بالحقيقة التي قد تكون جارحة لخمسيني مغترب، يظن أن خلاص الأدب العربي سيكون على يديه، ولذلك اضطررت للاستعانة بوسيلة إيضاح مثالية هي حواديت العم حسن فؤاد، مستعيداً شعاره الأثير "احترس من المعذِّبين"، ومفوضاً أمري إلى الله، ونِعم بالله.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.