"الأطفال الذين تعرضوا لانتهاكات مروعة أثناء الاحتجاز والمحاكمة يواجهون خطر التعرض لضرر طويل المدى. يتعيّن على بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق إعطاء الأولوية للتحقيق في هذه الانتهاكات والتوصية بمسار نحو المحاسبة"؛ هكذا أكد بيل فان إسفيلد، المدير المشارك في قسم حقوق الطفل في منظمة "هيومن رايتس ووتش".
ونشرت "هيومن رايتس ووتش" يوم أمس الثلاثاء 25 نيسان/أبريل 2023، تقريراً جديداً حول الانتهاكات التي تعرض لها الأطفال المحتجزون في السجون الإيرانية. وأورد التقرير شهادات حول تعرض بعضهم للصعق بالكهرباء والضرب والاغتصاب، فضلاً عن خضوعهم للمحاكمة أمام محاكم البالغين، برغم أن القانون الإيراني نفسه يمنع ذلك، وينص على وجوب خضوع القاصرين للمحاكمة أمام محاكم الأحداث.
وأصدرت المنظمة تقريرها تحت عنوان "إيران: قوات الأمن تقتل وتعذب وتعتدي على الأطفال"، تحدثت خلاله عن الانتهاكات التي مارستها قوات الأمن الإيرانية أثناء "قمعها للاحتجاجات" التي اندلعت في البلاد في أيلول/سبتمبر الفائت. وذكر التقرير تعرض الأطفال "لأعمال قتل وتعذيب واعتداء جنسي وإخفاء قسري"، متهماً السلطات الإيرانية بعدم الالتزام بقوانينها الداخلية المتعلقة بحماية الأطفال، والمواثيق الدولية الخاصة بحقوقهم.
من ضمن التهم التي واجهها هؤلاء الأطفال "العداء لله والفساد في الأرض"؛ تهم غامضة وفضفاضة، يمكن أن تصل عقوبتها للإعدام أو بتر اليد اليمنى والقدم اليسرى
وجاء في التقرير أن السلطات الإيرانية قامت باعتقال أطفال واستجوابهم ومحاكمتهم دون الالتفات للضمانات القانونية المضادة لذلك، كما أنها "منعت عائلاتهم من توكيل محامين للدفاع عنهم".
ومن ضمن التهم التي واجهها هؤلاء الأطفال "العداء لله والفساد في الأرض"؛ تهم غامضة وفضفاضة، يمكن أن تصل عقوبتها للإعدام أو بتر اليد اليمنى والقدم اليسرى. مع ذلك تمت محاكمة الأطفال خارج نطاق محاكم الأحداث، "وهي الجهة الوحيدة المخولة للنظر في القضايا التي تشمل متهمين أطفال"، وفقاً للقانون الإيراني.
وورد في التقرير أنه في إطار زيادة الضغط على الأطفال وعائلاتهم، "تم احتجازهم لأسابيع أحياناً دون إخطار عائلاتهم، ومنعوا من العودة إلى مدارسهم، كما تم منع عائلاتهم من الاستفادة من المساعدات الاجتماعية".
وكانت هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية ومنظمات حقوقية أخرى قد وثقت استخدام السلطات للعنف ضد المتظاهرين، ومن بينهم أطفال. وكانت رايتس ووتش قد دعت في مناسبات سابقة "بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في إيران التحقيق في هذه الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في إطار تقاريرها الأوسع نطاقاً عن الانتهاكات الحقوقية المتسلسلة للحكومة الإيرانية".
ومن المفترض أن ترفع البعثة الأممية تقريرها الأول في مطلع الصيف المقبل، موجهاً إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وكانت قد نشرت البعثة إعلاناً مرفقاً باستمارة، يدعو المواطنين الإيرانيين إلى تزويدها بموارد انتهاك حقوقهم من قبل السلطات في طهران منذ أيلول/سبتمبر 2022 وحتى الآن.
الاعتداء الجنسي
قالت تارا سِبِهري فَر، الباحثة في الشؤون الإيرانية في هيومن رايتس ووتش، إن "القادة الإيرانيون أطلقوا العنان لقواتهم الوحشية لتعتدي على الأطفال جنسياً، ولم يستثنوهم من المحاكمات الجائرة والسخيفة. على مدى الأشهر السبعة الماضية، لم تتردد السلطات في توسيع نطاق القوة القسرية للدولة بغية إسكات الجميع بما فيهم الأطفال".
وذكرت المنظمة الحقوقية في تقريرها أنها حققت في 11 حالة وقعت فيها انتهاكات ضد أطفال، بين أيلول/سبتمبر 2022، وشباط/فبراير 2023. وثبت في تلك الحالات قيام قوات الأمن بتقييد الأطفال وعصب أعينهم وتعذيبهم أثناء الاحتجاز.
ووفقاً لشهادة قريب لأحد الأطفال (17 عاماً)، فقد تعرض للضرب والاعتداء الجنسي، ما خلّف له كدمات في كل جسده وتسبب له في نزيف شرجي. وأضاف: "عندما أطلق سراحه كان ينزف من الشرج. كانت الكدمات تغطي جسده... وفي جلسة الاستماع الثانية برأ القاضي الشاب، لكنه هدده بالإعدام إذا تم القبض عليه مرة أخرى".
الانتحار للخلاص من التعذيب
وأكدت طالبة أخرى أن عناصر القوى الأمنية دفعتها على موقد مشتعل أثناء اعتقالها، فاشتعلت النار في ملابسها، ثم ضربوها وجلدوها أثناء الاستجواب. شهادة أخرى تحدثت عن تعذيب صبي آخر بغرس إبر تحت أظافره، وتعذيب طفلين آخرين من أجل أن يكشفا عن أماكن أقارب لهما. وحاول صبي آخر (16 عاماً) الانتحار مرتين بعد أن تعرض للضرب والصعق بالكهرباء والاعتداء الجنسي.
وكانت الصحافية الإيرانية فاطمة فنايان قد تحدثت عن حالتين احتُجز فيهما صبيان مع بالغين، وهو أمر مخالف للقوانين الإيرانية نفسها؛ أحدهما يبلغ من العمر 17 سنة، كان قد تعرض للضرب المبرح أثناء الاعتقال في تشرين الثاني/نوفمبر العام الماضي، وتم تهديده بالاغتصاب من قبل سجناء آخرين، ثم أطلق سراحه لاحقاً بكفالة، والآخر الذي يبلغ 17 عاماً أيضاً، أُجبر على التوقيع على أوراق دون معرفة ماهيتها.
كما أوردت وسائل إعلام ناطقة باللغة الفارسية من خارج إيران وحسابات المعارضة على وسائل التواصل، شهادات إضافية عن عمليات تعذيب واعتداءات جنسية طالت أطفالاً في مدينة زاهدان. وذكرت وكالة أنباء "هال فاش" قيامَ قوات من الحرس الثوري بتاريخ 30 كانون الأول/ديسمبر 2022 باعتقال ثلاثة مراهقين (تراوحت أعمارهم بين 16 و17 عاماً)، وقامت بتعذيبهم في أحد مراكز الاحتجاز، بما في ذلك الصعق بالكهرباء.
وأكد تقرير رايتس ووتش أن السلطات لم تقدم الرعاية الطبية للأطفال، بل قامت بتهديد أفراد أسرهم ليلزموا الصمت حول الانتهاكات، التي توافقت مع عشرات الروايات الأخرى التي أبلغ عنها نشطاء ومجموعات حقوقيّة.
ضحايا الاحتجاجات واستمرار السياسات القمعية
سجلت جماعات حقوقية إيرانية مقتل 537 شخصاً حتى نيسان/أبريل 2023 في سياق الاحتجاجات الواسعة بعد وفاة الشابة مهسا أميني في مخفر شرطة الحجاب بعد احتجازها من قبل دوريات شرطة الأخلاق في منتصف أيلول/سبتمبر 2022.
ومن بين هذا العدد تم توثيق نحو 68 قتيلاً كانوا تحت سن الـ18، وكانت أبرز قصص الوفيات، موت الفتاة نِيكا شَاكَرَمِي البالغة 16 عاماً، والمراهقة سارينا إسماعيل زاده (16 عاماً) كذلك، والطالب كِيان بِير فَلك 10 أعوام، وزعمت السلطات الإيرانية حينها أن كلا الفتاتين توفيتا بسبب "القفز أو السقوط" من أماكن مرتفعة، أما كيان فقد ادعت بأنه تعرض لهجوم إرهابي.
وبرغم مرور نحو 8 أشهر على أحداث الحجاب، إلا أن السلطات ما زالت تستمر في ضغوطها وسياساتها القمعية ضد من لم تلتزم بقواعد الحجاب الإسلامي وفق القانون الإيراني، حيث وضعت الشرطة كاميرات مراقبة في الأماكن العامة لتغريم السيدات، كما أنها أخذت بإغلاق المتاجر والمطاعم والفنادق التي تقدم الخدمة للنساء اللواتي لا يرتدين وشاح الرأس.
برغم مرور نحو 8 أشهر على أحداث الحجاب، إلا أن السلطات ما زالت تستمر في ضغوطها وسياساتها القمعية ضد من لم تلتزم بقواعد الحجاب الإسلامي وفق القانون الإيراني، حيث وضعت الشرطة كاميرات مراقبة في الأماكن العامة
ووسط إغلاق آلاف المرافق في عموم البلاد بسبب حجاب زبائنها، أعلنت السلطات عن إغلاق مجمع "أوبال" التجاري في العاصمة طهران، والذي يتكون من 23 طابقاً على مساحة تزيد 7000 متر مربع، منها 9 طوابق تحت الأرض.
كل تلك الضغوط لم تثن الفتيات خاصة من هنّ من جيل z، فتمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بصور وفيديوهات لنساء يواصلن الخروج إلى الشارع دون حجاب. وفي بعض الأحيان حدثت مشاجرات كلامية وصراع بين النساء المحجبات التي ينتمين إلى الحكومة وأخريات يطالبن بحقوقهن الفردية.
مشاهير يدعمون مطالب المجتمع
أظهرت وثيقة مسربة أن طهران شكلت العام الماضي لجنة سرية لمعاقبة الشخصيات الشهيرة التي ساندت موجة التظاهرات المناهضة للنظام. وكانت قد أرسلت اللجنة قائمة تضم 141 اسماً لشخصيات شهيرة إلى وزارة الاقتصاد، بغية دفع ضرائب مالية مكلفة وحجب حساباتهم المصرفية والحد من بيع وشراء أموالهم، وعقوبات اقتصادية أخرى، وعمليات احتجاز، وقرارات بمنع السفر.
وتضمنت القائمة نجم كرة القدم علي دائي، ونجمة السينما تَرانه علي دوستي، والمخرج الشهير أصغر فرهادي، والمغني من أصول عربية (من الأهواز) مهدي يَرّاحي، فضلاً عن عشرات الشخصيات في الوسط الفني ومواقع التواصل الاجتماعي.
وتؤكد لجنة "قوة المهام الخاصة بالشخصيات الشهيرة"، على إعادة اسمها إلى لجنة "الشخصيات الشهيرة" بشكل دائم، وتؤكد وثائقها المسربة إلى أن أي قرار بخصوص المشاهير، يكون على عاتق وزارتي الثقافة والاستخبارات، حيث تتعامل الأولى مع الفنانين، بينما تتعامل الثانية مع الرياضيين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع