شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
كاميرات تراقب من تظهر شعرها... ملكية الجسد في إيران بين صراع المواطن والحاكم

كاميرات تراقب من تظهر شعرها... ملكية الجسد في إيران بين صراع المواطن والحاكم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 15 أبريل 202303:32 م

باشرت الشرطة الإيرانية اليوم السبت 15 نيسان/أبريل بتطبيق خطة مراقبة غير المحجبات باستخدام كاميرات دقيقة، حيث سيتم تغريم السيدات عبر تقنية التعرف على الوجه ومن ثم إحالتهن إلى المحكمة.

ومنذ وفاة مهسا أميني الشابة التي توفيت بعد اعتقالها من قبل شرطة الحجاب في طهران، والاحتجاجات التي خلفتها في العام الماضي، تخلت أعداد متزايدة من النساء عن الحجاب على الرغم من خطر الاعتقال.


وقالت الشرطة إن النساء اللائي يتم التعرف عليهن سيتلقين رسالة نصية تحذرهن من عواقب عدم تغطية شعرهن، وفي حال تكرار ذلك ستكون هناك غرامة مالية وتشكيل ملف قضائي.

وصرحت الشرطة الإيرانية أن ذلك سيساعد في الحد من مقاومة قانون الحجاب، وهو أحد الأسس الحضارية للمجتمع الإيراني حسب قولها. وأعلن قائد الشرطة أحمد رضا رادان: "تأكدوا من أن هذه الكاميرات لن تتسبب في أي أخطاء".

ولدت فكرة مراقبة حجاب النساء عبر كاميرات المراقبة، قبل بدء الاحتجاجات في أيلول/سبتمبر الماضي، حيث أعلن وقتذاك سكرتير هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، "إن انتهكت النساء قانون الحجاب، يمكن عبر تقنية التعرف على الوجه ومن خلال الكاميرات المتواجدة في المترو مثلاً"

ويدعم قرار الشرطة هذا مؤسسات البلاد برمتها، حيث أكد المرشد الأعلى علي خامنئي في تصريحاته الأخيرة أن "خلع الحجاب حرام شرعي وحرام سياسي"، كما جاء التأكيد من رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي، على أن "خلع الحجاب يرقي إلى العداء للقيم، وستعاقب من يرتكبن مثل هذا الشذوذ".

وزعم البرلماني الإيراني محمد تقي نقد علي، أن من يبحث عن إلغاء هذا القانون يهدفون إلى إسقاط النظام، "يعتبر الأعداء التخلي عن الحجاب بمثابة إسقاط أول ساتر من سواتر النظام وفي النهاية يهدفون إلى إسقاط الجمهورية الإسلامية".


وبدأت شركتي مترو العاصمة طهران ومدينة مشهد، بمنع من لم ترتدي وشاح الرأس من الدخول إلى المحطات، كأول تطبيق لخطة منع غير المحجبات من الخدمات العامة وحقوق المواطنة في البلاد.

نظام مراقبة صيني في شوارع إيران

نقل تقرير لموقع قناة يورونيوز، عن خبير في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها أمريكا، كريغ سينغلتون، قوله إن الكاميرات التي تحل محل دوريات شرطة الحجاب، يشتبه بشدة أنها جاءت فعلاً من الصين.

وبحسب ما ورد في التقرير، فإن بكين باعت لطهران، نظام مراقبة قوياً قادراً على مراقبة اتصالات الخطوط الأرضية والهواتف المحمولة والإنترنت كذلك.

ولدت فكرة مراقبة حجاب النساء عبر كاميرات المراقبة، قبل بدء الاحتجاجات في أيلول/سبتمبر الماضي، حيث أعلن وقتذاك سكرتير هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، "إن انتهكت النساء قانون الحجاب، يمكن عبر تقنية التعرف على الوجه ومن خلال الكاميرات المتواجدة في المترو مثلاً أن يتم تطبيق الصور مع بطاقات الهوية، ومن ثم يتم إرسال رسالة الغرامة لهن. وهذا ما تسمح به التكنولوجيا اليوم".


وقد نفى الكثير من المسؤولين تلك الخطة وقتها، ولم تعلن عنها بشكل رسمي إلا قبل أسبوع، حيث أكدت الشرطة جهوزيتها التامة لتطبيق تلك الخطة بناءاً على طلب المسؤولين والمؤمنين حسب قول قائد الشرطة.

لم تمر هذه التصریحات دون تفاعل واسع على منصات التواصل في إيران، بين ساخرين وغاضبين وناقدين ومشككين في إمكانية استخدام عملية التعرف على الوجه عبر التكنولوجيا، فغرد الناشط محمد علي جنت خواه، "في طهران هناك 30 ألف شارع وفي عموم البلاد 300 ألف، وهذا يتطلب جهد كبير للسيطرة على أرجاء الوطن، من معدات لوجستية وكاميرات وما يزيد عن 100 ألف ضابط، ومئات الآلاف من الملفات القضائية."

وأكمل تغريدته: "يسمى ذلك محاسبة المخاطر. كل شيء فيه مخاطر ولكن الشيء المهم هو أن تكون قادراً على تنظيم برنامج دقيق وتتعرف على مدى مخاطره. هذه جماليات الرياضيات والإحصائيات في الحياة اليومية، لم يحصل ذلك فعيشوا حياتكم الطبيعية."، ساخراً من تخطيط الشرطة ليؤكد مدى فشل الخطة وعدم إمكانية تنفيذها.

غردت الصحافية هنكامه شهيدي: "تبحثون عن ضبط حجاب السيدات والتعامل معهن قضائياً عبر كاميرات شرطة المرور، فكيف لا يمكنكم التعرف على مرتكبي الهجوم الكيمياوي على المدارس؟".

استمرار تسمم طالبات المدارس

في ظل أزمة الحجاب في إيران، عادت حالات التسمم في مدارس الفتيات، بعد قضاء عطلة رأس السنة الإيرانية، دون أن يتم التعرف على من هم خلف هذه الاعتداءات التي تسببت في دخول الطالبات للمستشفيات ونشر الذغر في مدارسهن، إذ أبلغت حتى الآن آلاف الطالبات عن أعراض مثل الغيثان والصداع والسعال وصعوبة التنفس وخفقان القلب والخمول.

وبعد مرور 5 أشهر على مسلسل حالات التسمم، أعلن وزير الصحة الإيراني بهرام عين اللهي أنه "لا توجد أدلة قوية وكافية على تسمم الطالبات"، وفقاً لأبحاث مخبرية شارك فيها كبار الأطباء، حسب قوله.

ووصف وزير الصحة الإيراني ما يحدث في المدارس، "سوء الحالة الصحية" وليس "تسمم"، وأضاف: "في أكثر من 90% مما حدث في المدارس لم يكن هناك حالات تسمم ولا أثر للسم، وسبب تدهور حال الطالبات هو القلق والتوتر".

وخرجت اليوم احتجاجات لعوائل الطالبات في مدارس محافظة أصفهان، تندد باستمرار حالات التسمم وعدم حماية بناتهم من قبل السلطات، كما هناك شكوك كثيرة بأن من يقوم بتسمم الطالبات هم متشددون مدعومون حكومياً.

وكان للتلميذات مشاركة ملموسة في الاحتجاجات المناهضة للجمهورية الإسلامية التي عمت البلاد قبل 7 أشهر، إذ كانت تلك المشاركة تحدث لأول مرة في تاريخ البلاد.

توقيف السيارات وإغلاق المحلات التجارية

وبموازاة تنفيذ خطة تغريم غير المحجبات عبر كاميرات المراقبة في الشوارع والمنتزهات، والنقل العام، كثفت شرطة المرور خطة توقيف سيارات النساء الذي لم يرتدين الوشاح أثناء السياقة، حيث يتم تسجيل رقم السيارة أولاً ثم تقوم الشرطة بتوقيف السيارة إن وجدتها بالصدفة في الشوارع.

وتم تنفيذ الخطة منذ سنة 2019، إلا أنها تكتفي عادة بتغريمهن بعد المراجعة إلى مخفر شرطة الحجاب، حيث يعتبر القانون، السيارة كمكان عام، يجب أن يطبق فيها القوانين التي تجري في الشوارع على السيدات.

تشن السلطات حملة واسعة لإغلاق أي محل يقدم الخدمات لغير المحجبات أو يضم موظفات لا يرتدين غطاء الرأس، وهو ما سبب بتضرر الكثير من الشركات والناشطين في الأسواق

ورد القانوني والأستاذ الجامعي محسن برهاني: "السيارة ليست آلة جريمة خلع الحجاب حسب القانون، ولا يمكن توقيفها من قبل الضباط"، وأكد أن هذا الاستدلال ينطبق تماماً على إغلاق المحال التجارية والنوادي والعيادات والأسواق.

وتشن السلطات حملة واسعة لإغلاق أي محل يقدم الخدمات لغير المحجبات أو يضم موظفات لا يرتدين غطاء الرأس، وهو ما سبب بتضرر الكثير من الشركات والناشطين في الأسواق.

كما هناك أصوات تعلو من داخل الطبقة الدينية والسياسية، تدعو لكف الصراع مع السيدات خاصة الجيل الجديد عبر الأساليب البوليسية والأمنية والقضائية، وتدعو لقبول الآخرين حسب حقوق المواطنة.

حملة السراويل القصيرة

وراجت في الأيام الأخيرة حملة رجالية لارتداء ربطة العنق أو السراويل القصيرة في الشوارع، بغية زيادة تكلفة الاصطدام لقوات الشرطة، وتخفيف الأعباء من الضغوط على الفتيات. ورغم عدم الحظر القانوني لربطة العنق والسراويل القصيرة للرجال، إلا أن هناك حظراً عملياً تمارسه السلطات ضد المجتمع، كما يحظر على رجال الدولة ارتداء ربطة العنق في مزوالة العمل، إذ تعتبر ذلك تشبهاً بالغربيين والكافرين.

"منذ بداية العام الإيراني الجديد، وأنا أرتدي السروال القصير فقط"، هكذا كتب أحد رواد منصات التواصل الاجتماعي، إذ يعدون ذلك أمراً مؤثراً في المقاومة ضد قرارات الحكومة التي تأتي لتقويض الحريات الفردية.

دولياً ندد خبراء حقوقيون تابعون للأمم المتحدة بتطبيق خطة الحجاب الإجباري واعتبروا ذلك "اضطهاد المرأة"، معبرين عن قلقهم إزاء تزايد الإجراءات القاسية والقسرية من قبل السلطات الإيرانية.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image