شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
بعد اعتقال نعمة، زوجة الباقر:

بعد اعتقال نعمة، زوجة الباقر: "الحوار الوطني كالجمهورية الجديدة"... مجرّد هاشتاغ

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي نحن والحقوق الأساسية

الأربعاء 19 أبريل 202304:35 م

في مفارقة عجيبة، وبعد ساعات من اعتقال نعمة هشام، زوجة المحامي محمد الباقر المسجون منذ نحو 4 سنوات، نشرت صفحة "الحوار الوطني" على صفحتها تهنئة للمصريين بـ.... "شمّ النسيم". اللافت أن المشاركين في إدارة الحوار الوطني، كلما طالبوا بالإفراج عن معتقلين بعينهم، كلما تعرّض هؤلاء المعتقلين للتعذيب والتنكيل داخل السجون، وفي الوقت نفسه حجب موقع "المصري اليوم"، المدجّن من الأساس، بسبب تجرؤه على نشر أخبار جنود الجيش المصري في السودان، رغم أن المصريين، معارضين أو مؤيدين، لا يعتبرون ما حدث إلا تأكيداً على بطولتهم، ولا يخلط أحد -اللهم إلا دعاية إعلام الحرب الإخوانية- بين الموقف من النظام وبين أسر جنودنا، أما الطريق إلى الجمهورية الجديدة فهو كالحوار الوطني، مجرّد هاشتاج.

أما نعمة هشام، زوجة المحامي الحقوقي محمد الباقر، مؤسس ومدير مركز عدالة للحقوق والحريات، فكل ما فعلته هو أنها كتبت عن انتهاكات واعتداءات تعرّض لها زوجها في سجن بدر. في اليوم التالي لكتابة المنشور، داهمت قوة أمنية منزل نعمة، واقتادتها إلى جهة غير معلومة.

رغم أن نعمة أفرج عنها بعد يوم، لتعلن ربما عن وجود أصوات عاقلة داخل النظام المصري، تحاول أن توقف عجلة التصرّف برعونة، إلا أن الحقائق تظل كما هي: اعتقال نعمة كان انتقاماً تعسفياً من ممارستها لحقها في الدفاع عن زوجها.

اعتقال نعمة هشام، زوجة محمد الباقر، بسبب "بوست" عن تعذيبه، ثم الإفراج عنها... الحقائق تظل كما هي: اعتقال نعمة كان انتقاماً تعسفياً من ممارستها لحقها في الدفاع عن زوجها

ووفق بيان مشترك من 11 منظمة حقوقية:

تعود أحداث الواقعة إلى يوم الاثنين 10 نيسان/ أبريل 2023 حيث رفض المعتقل حامد صديق الخروج من زنزانته للذهاب إلى جلسة تجديد حبسه، معللاً ذلك بحالته النفسية السيئة على خلفية وفاة زوجته مؤخراً بمرض السرطان، وتدويره على قضية جديدة بعد انقضاء الفترة القانونية للحبس الاحتياطي، الأمر الذي قام إثره مأمور السجن باستعمال القوة الضاربة (مجموعة أمنية داخل السجون تقوم بفض أعمال الشغب بالقوة) بهدف إخراجه من الزنزانة بالقوة، وقاموا بالاعتداء عليه بالضرب باستخدام العصا ودهس وجهه بأحذيتهم، ليس هذا فحسب، بل وأمرهم بنقله إلى التأديب ملفوفاً في بطانية.

لم نعد نسأل عن العدل عند النظام المصري، بل الرشد.

إثر ذلك، قام زملاء زنزانته، محمد الباقر ومحمد أكسجين، بالتدخّل محاولين منع الاعتداء على صديق، وطلب النجدة من أحمد دومة والزنازين المجاورة في العنبر، إلا أن المأمور قام بالاعتداء عليهم، الأمر الذي أدى، وفقاً لزوجة الباقر، إلى إصابة بارزة في معصمه وفمه، هذا فضلاً عن إصابة محمد أكسجين في أحد ضلوعه، ونقلهم جميعاً إلى التأديب بملابسهم الداخلية فقط، حيث ظلوا محتجزين طوال يوم الثلاثاء داخل زنازين التأديب، بلا طعام أو شراب أو أدوية، حتى صباح يوم الأربعاء، حيث سُمح لهم بإدخال بعض الأدوية وزجاجات المياه وتعيين السجن (رغيف واحد ومعه قطعة جبن صغيرة) وفي يوم الخميس تم إعادة باقر وأكسجين وحامد صديق إلى عنبر السجن، ولكن في زنازين انفرادية متباعدة، ودون أي من أغراضهم، فضلاً عن حرمانهم من التريّض.

يذكرنا ما حدث بوقائع الاعتداء بالضرب وسوء المعاملة الذي تعرّض له السجناء في سجن بدر، كالناشط السياسي أحمد دومة، الصحفي محمد أكسجين، وغيرهم، بل وغيرها من السجون، لكن سجن بدر تحديداً هو واحد من السجون سيئة السمعة.

رغم أن القبضة الأمنية لم تتلاش طيلة عهد النظام الحالي، إلا أن اشتدادها مؤخراً يُنذر بكارثة، إذ يعيش النظام المصري مشاكل اقتصادية كبيرة، تحتاج، منه قبل غيره، إلى استقرار حقيقي، لن تفلح معه سياسة نفي الجميع وترهيبهم، عبر ممارسات البطش المستمرة دون رادع.

وقبل أيام، أحالت النيابة المهندس يحيى حسين عبد الهادي، للمحاكمة أمام محكمة جنح مدينة نصر، بعد أن كتب مقالاً على صفحته على فيسبوك ينتقد فيه المشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة، بعنوان "قفا حامد"، وقال فيه: "ما نحن بصدده ليس انتخاباتٍ وإنما مَلهاة، والمسرحيةُ التي يُرَوِّجون لها قديمة ومُملَّة (فضلاً عن أنها هابطة... يُعادُ عرضها منذ عدة مواسم كمسرحيات عادل إمام، غير أن الأخيرة كان يُمَدِّدُها الجمهور بإقباله عليها لجودتها، بينما المسرحية التي يُسَوِّقُونها لنا تُعادُ بأمر المُخرِجِ لا الجمهور".

وتساءل عبد الهادي: "أَيُّ انتخابات تلك التي تم إقصاء كل المعارضين المحتملين منها بتلفيق قضايا واستصدار أحكام ضدهم لا تزال قائمةً دون ردِّ اعتبارٍ... واستصدار قوانين مُفَصَّلَة من البرلمان المُعَلَّب تجعل العصمة في يد الرئيس؟".

القبضة الأمنية لم تتلاش طيلة عهد النظام الحالي، إلا أن اشتدادها مؤخراً يُنذر بكارثة، إذ يعيش النظام المصري مشاكل اقتصادية كبيرة، تحتاج منه لاستقرار حقيقي، لن تفلح معه سياسة نفي الجميع وترهيبهم

يحيى حسين عبد الهادي هو المتحدث السابق للحركة المدنية الديمقراطية، وقد أعيد للمحاكمة في قضية جديدة، بعد أشهر من الإفراج عنه بموجب عفو رئاسي صدر في يونيو 2022.

وكان عبد الهادي أعلن عن تلقيه استدعاء من النيابة العامة للمثول أمام محكمة مدينة نصر اليوم الخميس، لبدء محاكمته في القضية رقم 1206 لسنة 2023، فيما لا توجد أي معلومات أخرى، بينما كشف محاميه خالد علي، أن التهمة الموجهة إلى عبد الهادي هي "حيازة منشورات"، وأنهم حاولوا الحصول على نسخة من أوراق القضية أو الاطلاع عليها، ولكن تمّ إخطارهم بأن ملف القضية ليس في القلم الجنائي، ولكنه بحوزة القاضي رئيس الدائرة.

"هل الجمهورية الجديدة ولغة حوارها الوطني هو لغة الانتقام والثأر؟"... تتساءل الصحفية سلافة مجدي التي قضت 18 شهراً خلف القضبان مع زوجها حسام الصياد، بالتهم نفسها التي توزّع على الجميع مجاناً، وتكتب على صفحتها عن "تحمّل المعتقلين للتحرّش والتعذيب والتنكيل والنوم بدون غطاء والجوع لأيام والرعب في كل دقيقة وثانية داخل السجن"، لتشرح أن حديث المسجون مع أهله عمّا يتعرّض له لا يحدث إلا عندما يشعر أنه قريب من الموت بخطوة، لحماية الأهل والأقارب من الأخبار السيئة، أي أن اضطرار الباقر للحكي لزوجته لم يكن إلا خياره الأخير، وكل ما فعلته الزوجة هو أنها صدقت أن هناك جهة مستقلة يمكن لها اللجوء إليها للتحقيق فيما حدث وحماية زوجها، لكنها لم تتلق سوى التنكيل بها بدورها.

كيف ستواصل لجنة الحوار الوطني عملها في تلك الأجواء؟ وهل كان البعض على صواب حين وصفها بالمهزلة التي تستخدم فقط كورقة لإزالة الضغوط الخارجية على النظام المصري، وبأي منطق ستقام الانتخابات الرئاسية العام القادم في ظل نفي المعارضة وترويعها؟

لم نعد نسأل عن العدل، بل الرشد.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard