شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
نداءات دولية لتسهيل تبني أيتام الزلزال السوري في أوروبا

نداءات دولية لتسهيل تبني أيتام الزلزال السوري في أوروبا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والمشرّدون

السبت 15 أبريل 202302:25 م

لم تكن الرضيعة آية التي ولدت تحت أنقاض مبنى منهار في شمال غربي سوريا، الطفلة الوحيدة التي أراد تبنّيها أشخاص في العالم العربي وفي أوروبا وبقية العالم، وإنما لقيت صور الأطفال في سورية وتركيا العشرات من الاستفسارات عن طريقة الاتصال بالمسؤولين عن أولئك الأطفال بغرض تبنيهم. وبعد الرغبة والتعاطف، حضرت استفسارات حول إمكانية استقدامهم إلى أوروبا ومرونة القانون الأوروبي في تقديم التسهيلات لهم.
العراقيل القانونية التي تزداد عند تجاوز المعابر الحدودية بين القارات، لم تكن المعضلة الوحيدة في وجه وصول طفل عربي منكوب يتّمته الأنقاض، إلى حضن عائلة أوروبية كي ينعم عندها بمقومات حياة صارت رفاهية في بلده. إنما حضرت عراقيل أخرى نُصبت لها حدود أخرى، قررت أن لا تساهل مع نكبة في حضرة الموروث والتقاليد.

"تبنّيت عام 2019 طفلاً سورياً وجد على الحدود المجرية بعد أن توفيت أمه خلال عبورها الحدود، واليوم أسعى لتبني طفل من سورية فقد أهله بعد الزلزال". البولندية إيديت ساندورنيه

في أوروبا، أبدى العديد من المتعاطفين مع ضحايا الزلزال رغبتهم بتبني أطفال سوريين وأتراك خسروا أهاليهم في الزلزال، بعد أن انتشرت صور لهم على وسائل التواصل الاجتماعي. البولندية إيديت ساندورنيه، 39 عاماً، واحدة منهم، تقول لرصيف22: "أنشط في العمل الإغاثي منذ 20 عاماً، وتبنّيت عام 2019 طفلاً سورياً وجد على الحدود المجرية بعد أن توفيت أمه خلال عبورها الحدود، واليوم أسعى جاهدة لتبني طفل من سورية فقد أهله بعد الزلزال".

فيتو عائلي

تواصلت ساندورنيه التي تعيش في المجر مع منظمة Save the Children بعد أن تحدث معها أحد أعضائها عن طفل سوري فقد عائلته في أنطاكيا بتركيا، وطلبت تسهيل إجراءات استقدامه إلى المجر أو بولندا كي تتبناه، لكنها اصطدمت بصعوبة الإجراءات.
تضيف ساندورنيه: "أخبرني المحامي في بداية الأمر أن جلب الطفل مستحيل، ثم بحثنا عن طريقة تضع في الاعتبار الحالات الإنسانية وكنا على مقربة من إنجاز الأمر بالتنسيق مع منظمة Hungary Helps وهي إحدى المنظمات الناشطة في العمل الإغاثي بسورية، لكن الرفض كان من قريب للطفل يعيش في الكويت".
رفض خال والدة الطفل الذي يعيش في الكويت عملية التبني، وقال بحسب ساندورنيه إنه يريد استقدام الطفل إلى الكويت ليعيش مع عائلته، لكن خلال إحدى المحادثات بين الخال والمنظمة، ظهرت لديه مخاوف لها مرجعيات وموروثات عربية وتعصب ديني يفترض أنه في المنزل الأوروبي بيئة لا تناسب طفلاً عربياً".
تتابع: "لم ترقْه فكرة أنني بولندية من بيئة أوروبية، هذا شأنه وهو حر، لكنني تبنيت طفلاً في السابق. هذا هو القانون، ولا يسعني إلا احترامه". تقول العاملة الاجتماعية في منظمة إيليم المجرية: "لدي زميلة في المنظمة ترغب بتبني طفل من تركيا، وزوجة أخي في بولندا تسعى لتبني طفل من ضحايا الزلزال، لذلك نطالب المنظمات والدول بتسهيل هذا الموضوع عبر القنوات الدبلوماسية".
ترافقت استغاثة ساندرونيه بنداءات محلية ودولية أطلقت من جهات مجتمعية وثقافية تطالب بتغيير القوانين المتعلقة بموضوع التبني، أو إبداء بعض المرونة حيالها في ظل هذه الكارثة التي تركت عدداً كبيراً من الأطفال الذين إما فقدوا أسرهم أو ليس لديهم أقارب.

مجاز قانونياً

المسألة معقدة ومتشابكة بحسب القانوني الهولندي شادي التلي الذي قال لرصيف22: "عندما يكون الشخص الذي يرغب في التبني في سورية أو تركيا، فالموضوع ممكن ويسير، رغم أن القانون السوري لا يسمح بالتبني ولكنه يسمح بالرعاية البديلة أو ما يسمى كفالة اليتيم. أما إذا كان المتبني في بلد أجنبي، فالمسألة لا تتم بشكل رسمي إلا إذا كان هناك تنسيق بين البلدين، وسورية ليس لها تمثيل دبلوماسي في معظم الدول الأوروبية، لذلك لن يتسنى للشخص الذي يرغب بالتبني استقدام الطفل عبر التأشيرات الرسمية".

"رغم أن القانون السوري لا يسمح بالتبني ولكنه يسمح بكفالة اليتيم. أما إذا كان المتبني في بلد أجنبي، فالمسألة لا تتم بشكل رسمي إلا عن طريق التنسيق بين البلدين، وسورية ليس لها تمثيل دبلوماسي في معظم الدول ". القانوني الهولندي شادي التلي

تقضي قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاصة بالحضانة والتبني، بحسب التلي، أن تكون القاعدة في إجراءات التبني خارج البلد، هي إتمامها عن طريق السلطات أو الوكالات المتخصصة، مع تطبيق ضمانات ومعايير معادلة للضمانات والمعايير القائمة فيما يتعلق بحالات التبني علي الصعيد الوطني.
ويضيف التلي: "بموجب الأمم المتحدة لا ينبغي النظر في أي حالة من حالات التبني خارج البلد قبل التثبت من عدم وجود قيود قانونية تمنع تبني الطفل، مع التأكد من توافر جميع الوثائق ذات الصلة اللازمة لإتمام التبني، مثل موافقة السلطات المختصة".
ينظم التبني الدولي اتفاقيّة لاهاي لعام 1993 المتعلقة بحماية الأطفال والتعاون في مجال التبنِّي على الصعيد الدولي، والتي خصصت نصوصاً معيّنة لحالات الاضطرابات والحروب والكوارث، وتلتزم كل الدول التي وقعت على معاهدة لاهاي ببنودها، إضافة للقوانين الداخلية الأوروبية الناظمة لموضوع التبني، والتي على سبيل المثال تسمح به في ألمانيا وفرنسا، لا بل تخصص تأشيرة إقامة طويلة الأجل لغرض التبني، فيما تحرمه بعض الدول بشكل نهائي مثل رومانيا.
ينصح التلي الشخص الراغب في التبني بتقديم طلب خاص إلى دائرة الأجانب أو السفارة بالتنسيق مع المنظمات الدولية المعنية، على اعتبار أن الأطفال الذين تركوا من غير ذويهم بفعل الزلزال يُعتبرون الآن "أطفالاً سلامتهم معرضة للخطر" في نطاق قانون حماية الطفل، ومن الممكن أن تراعي السلطات القضائية والإدارية والمنظمات غير الحكومية هذا الاستثناء وتعمل على الموضوع بالتنسيق مع الوزارات المعنية في سورية أو تركيا".
وبحسب الإعلان المتعلق بالمبادئ الاجتماعية والقانونية الخاصة بالحضانة والتبني على الصعيدين الوطني والدولي، يكون للطفل في جميع الأوقات اسم وجنسية وممثل قانوني، وينبغي ألا يحرم الطفل، نتيجة للحضانة أو التبني أو أي نظام بديل، من اسمه أو جنسيته أو ممثله القانوني، وينبغي أن يعترف المسؤولون عن رعاية الطفل المحتضن أو المتبني بحاجته إلى معرفة أصله، إلا إذا كان ذلك يتعارض مع مصالح الطفل.

ينبغي ألا يحرم الطفل، نتيجة  التبني، من اسمه أو جنسيته أو ممثله القانوني، وينبغي أن يعترف المسؤولون عن رعاية الطفل بحاجته إلى معرفة أصله. 

وحسب إحصائيات الأمم المتحدة، أدت الزلازل الأخيرة إلى تضرر أكثر من سبعة ملايين طفل وحرمان نحو 1362 طفلاً من عائلاتهم.
وفي تركيا تلقت وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية أكثر من 200 ألف طلب للتبني من قبل الأسر بعد الزلزال، في الوقت الذي حذرت فيه منظمات من أن التبني ليس استجابة مناسبة للأطفال الناجين من الزلزال غير المصحوبين بذويهم، حتى تستنفد السلطات المحلية والوكالات الإنسانية جميع الجهود لتعقب وجمع شملهم مع أسرهم وأقاربهم.

النجاة فوق كل اعتبار

أي بديل قد يكون أفضل لهؤلاء الأطفال؟

المكوث في ملجأ أيتام، أم افتراش الأرصفة والشوارع كحال المئات من السوريين في سورية وتركيا؟ إذا كان قاطنو هذه الشوارع وحتى العابرون يرون السفر بارقة الأمل الوحيدة للنجاة، فمن حق هؤلاء الأطفال أن يكبروا في بلد لا تعتبر فيها أدنى مقومات الحياة ترفاً.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

لعلّ تعريفنا شعوباً ناطقةً بالعربية لم يعد يستقيم من دون الانتباه إلى أننا صرنا شعوباً متفلّتةً من الجغرافيا. الحروب الدائرة في منطقتنا والنزاعات الأهلية والقمع، حوّلتنا إلى مشردين، بين لاجئين ونازحين، وأي تفكير في مستقبلنا لم يعد ممكناً من دون متابعة تفاصيل حياة الجميع، أينما كانوا، وهو ما نحرص عليه في رصيف22. اكتبوا قصصكم. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard