شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
ميني جوب وسروال وموضات سابقة لعصرها… أخبار مثيرة عن ثياب النساء في عهد المماليك

ميني جوب وسروال وموضات سابقة لعصرها… أخبار مثيرة عن ثياب النساء في عهد المماليك

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة نحن والنساء نحن والتاريخ

الجمعة 28 يوليو 202301:29 م

ميني جوب وسروال وموضات سابقة لعصرها… أخبار مثيرة عن ثياب النساء في عهد المماليك

استمع-ـي إلى المقال هنا

طوال تاريخها أولت المرأة أهميةً قصوى لإبراز جمالها، وكما اهتمت بمكانتها السياسية والاجتماعية والفكرية في العصر المملوكي، اهتمت أيضاً بزينتها وظهرت في أبهى صورة، حتى يمكن القول إنها سبقت نساء عصرنا الحالي بنحو ستة قرون، لكن هذا الاهتمام كان يتجاوز في بعض الأحيان حدود المنطق.

أكلت مرارة الرجل

يقول ابن الحاج في الجزء الثاني من كتابه "المدخل": "إن السمنة كانت من معايير الجمال وقتها. وأجبرت النساء أنفسهن على كثرة الأكل، برغم الشبع". ويضيف: "إن المرأة إذا أتت إلى فراشها بعد أن كانت قد تناولت عشاءها وملأت جوفها، تأخذ عند دخولها الفراش لباب الخبز لتفتيته مع جملة حوائج أخرى، فتبتلع ذلك بالماء، إذ إنها لا تقدر على أكله لكثرة شبعها المتقدم. وكنّ يفعلن ذلك مرةً أخرى في وقت متأخر من الليل".

 ارتدت المرأة المملوكية نوعاً من السراويل الطويلة الضيقة التي تُظهر أوصاف جسدها كاملةً، وكانت منتشرةً إلى حد كبير إلى درجة أن زوجة الوزير شمس الدين موسى كانت تمتلك 400 سروال، وكانت شجرة الدُّر ترتديها من وقت مقتلها

ويضيف في المرجع نفسه، أن بعض النساء كنّ يقدمن على أكل مرارة البني آدم، لاعتقادهنّ بأنها فاتحة للشهية. يضيف ابن الحاج: "وقد أدى الأمر بسبب تعاطي السمن، إلى أمر شنيع فظيع، وذلك أن بعضهنّ يأكلن مرارة الآدمي، لأن من استعملتها منهنّ يكثر أكلها وقلّ أن تشبع، فتسمن بسبب ذلك".

وبحسب المرجع نفسه، كان من الشائع الإفطار في رمضان للغرض نفسه، وكان الأهالي يجبرون بناتهم على الإفطار خشية تغيّر أجسامهن. يقول ابن الحاج: "بعض البنات الأبكار يفطرهنّ أهلهن خيفةً على تغيّر أجسامهن عن الحسن والسمنة".

لذا باتت المرأة في عهد المماليك جاهزةً لقيادة تحدّي الموضة.

ارتدت "الميني جوب"

تنوعت أشكال الملابس التي ارتدتها المرأة المملوكية، ومنها ثياب عُرفت باسم "الثوب"، وكانت قصيرةً ذات أكمام واسعة. يقول عنه ابن الحاج في الجزء الأول من كتابه: "إذا رفعت المرأة يدها أظهرت نهديها، وكانت بعض النساء لا يرتدين السراويل أسفلها حتى إذا وقفن في باب ريح على السطوح أو غيره، فمن رفع رأسه أو التفت رأى عورتهن".

يفسر أحمد عبد الرازق في كتابه "المرأة في مصر المملوكية"، ذلك، بأن "نساء عصر المماليك، قد عرفن الميني جوب قبل نساء عصرنا الحالي بما يقرب من ستة قرون من الزمان".

كما ارتدت المرأة المملوكية نوعاً من السراويل الطويلة الضيقة التي تُظهر أوصاف جسدها كاملةً، وكانت منتشرةً إلى حد كبير إلى درجة أن زوجة الوزير شمس الدين موسى كانت تمتلك 400 سروال، وكانت شجرة الدر ترتديها من وقت مقتلها.


وانتشر خروج النساء بها إلى الشوارع والأسواق، ما جعلهم محل هجوم من شيوخ ذاك العصر وفقهائه، حيث استنتجت دراسة لجامعة تكريت بعنوان "الملابس والحلي في العصر المملوكي"، أن النساء ارتدين ملابس تظهر ملامح أجسادهن عندما كنّ يخرجن إلى الأسواق أو الشوارع برغم التشدد ومنع الملابس.

وجرت العادة أن ترتدي النساء "البهطلة"، وهي قميص يتميز بشدة اتساع أكمامه التي تبلغ ثلاثة أذرع، وله ذيل طويل، وهي موضة امتدت من القاهرة إلى نساء الفلاحين، ويصفها الكاتب أحمد عبد الرازق، بحسب وصف ابن الحاج، "حتى أن الرجل كان يجامع زوجته من كم قميصها".

وغير ذلك، اهتمت النساء في عصر المماليك بتسجيل مجريات الوقائع والأحداث المهمة في أزيائهن، وهي أشبه بفكرة "التراند" في عصرنا الحالي. يستدل أحمد عبد الرازق على ذلك في كتابه "المرأة في مصر المملوكية"، بأنه "في أواخر القرن الثامن الهجري، اكتُشف في الجهة الشرقية من القاهرة، عمودان كبيران من الرخام الأبيض بقصر الزمرد أحد قصور الفاطمية، وكانت لاكتشافهما ضجة في القاهرة، حيث تجمع الناس من كل صوب وحدب لمشاهدة هذين العمودين، وكان من الأيام المشهورة في القاهرة، وأبقى له النساء ذكرى ثيابهنّ، فاخترعن زيّاً يُسمّى 'جر العمود' بمناسبة اكتشاف العمودين".

"اتمخطري وامشي"

يقول أحمد عبد الرازق في كتابه المرأة في مصر المملوكية: "وعلى الرغم من تحريم أغلب فقهاء هذا العصر لثقب الأذن إلا أن النساء في عهد المماليك استخدمن الأقراط الذهبية والفضية بشكل كبير، حتى أن عدد ثقوب الأذن كانت تصل إلى ما بين 8 و10 ثقوب".

ويضيف الكاتب: "وارتدت أقراطاً مُزخرفةً بأشكال نباتية وهندسية، كما ارتدت الأساور التي تنتهي برأس أسد أو تنين ومُزيّنة بجمل عربية من قبيل 'عزّ من قنع وذلّ من طمع'، وكانت الحلي لها أسواق خاصة مثل سوق القفصيات.

أزياء في زمن المماليك

ويضيف أيضاً: "كما ارتدت القباقيب الخشبية مرتفعة القدمين، والتي كانت تصل أحياناً إلى تسع بوصات، وكانت مُرصعةً بالذهب والأحجار الكريمة أو بالصدف والعاج ومزيّنةً برسوم 'اللاكيه'. استخدمتها النساء عند الاستحمام وفي بعض الأحيان في المنازل للكشف عن مفاتن أقدامهن المنقوشة بأشكال بديعة من الحنّاء. وهي القباقيب التي لعبت دوراً محزناً في تاريخ نساء عصر المماليك عندما ضُربت بها شجرة الدر حتى ماتت.

ووفقاً لـ دراسة لجامعة اليرموك بعنوان "مراسيم الزواج في مصر وبلاد الشام من العصر الفاطمي حتى نهاية عصر دولة المماليك"، كانت المرأة إذا أرادت الخروج، تتنظف وتتزين وتنظر إلى أحسن ما عندها من ثياب وتلبسه، ولم تقتصر على تخضيب يدها بالحنّاء، بل اعتادت طلاء أظافرها بطلاء أحمر، تماماً كما تفعل نساء عصرنا الحالي.

المعارضة النسائية

ويذكر عبد الرزاق في "المرأة في مصر المملوكية"، أنه في أحيان كثيرة لم تكن المرأة تخضع للقرارات التي تطال هيئتها وملابسها، مثل قرار المنع الذي طال "الكاميلية"، وهي ملاءة طولها 3 أذرع وعرضها ذراعان، مصنوعة من الحرير، كانت تلتف بها المرأة. تشبه الثوب الذي يرتديه القديس سان مارك في لوحة الفنان الإيطالي بليني. لكن الدولة منعتها بسبب ارتفاع سعرها (ألف درهم)، وصودر الموجود في الأسواق لحساب السلطان.

المرأة في زمن المماليك

لكن برغم المنع، عادت النساء إلى ارتدائه ثانيةً. ويستكمل أنه في عام 876 هـ، استعملت المرأة المملوكية قناع وجه يُسمّى "العصابة أو سراقوش"، يُصنع من الحرير وهو غطاء تتخذه المرأة للرأس والوجه معاً، وكان طول القماش الذي يُلفّ حول العصابة نحو ثلثي ذراع، وصار الرسل يطوفون في الأسواق، فإن وجدوا امرأةً بعصابة أو "سراقوش" ضربوها والعصابة مُعلّقة في رقبتها.

إلا أن النساء لم يلتزمن بذلك، ورجعن إلى ما كنّ عليه بحسب كتاب "المرأة في مصر المملوكية"، بل تطورت العصابة وصارت تُطرّز بالذهب واللؤلؤ واهتم بأسواقها ملوك لاحقون، أبرزهم الصالح إسماعيل والكامل شعبان والمظفر حاجي.

ويضيف أن النساء ارتدين غطاء رأس يُدعى "شاش"، وهو عصابة تلبسها بحيث يكون أولها عند جبينها وآخرها عند ظهرها، وشكلها العام مثل سنام الجمل، وتزينت بالذهب واللؤلؤ، وكانت تشبه التي يرتديها الرجال، فأصدر الظاهر بيبرس في 662 هـ مرسوماً يقضي "بأن امرأةً لا تتعمم ولا تتزين بزيّ الرجال". وهدد كل من تفعل ذلك بسلب ملابسها.

كانت كل طبقة من نساء مصر في عهد المماليك مولعةً بالطبقة التي تعلوها في ما يتعلق بالموضة، فوجدت الموضة لها أرضاً خصبةً، حتى أبدعن فيها 

"لكن من الواضح أن هذا النداء لم يُحترم طويلاً، شأنه شأن بقية النداءات الأخرى التي أصدرتها الدولة المملوكية وهدفها التحكم في شكل وأنواع الملابس في مصر"، يقول أحمد عبد الرازق.

ويضيف الكاتب أن النساء لم يلتزمن أيضاً بالتمييز المفروض من الدولة ضد نساء الديانات والطوائف المختلفة (الأزرق للمسيحيات والأصفر لليهوديات والأحمر للسامريات)، بل كانت نساء الطوائف الأخرى يتمتعن بأفخر الثياب وأجمل الأزياء، حتى أن بعض التجار كانوا يكرمونهنّ بسبب حسن ملابسهنّ.

في النهاية، تمتعت المرأة في عصر المماليك بالملابس الفاخرة وزيّنت نفسها بالمجوهرات الثمينة ومن بينها اللؤلؤ والذهب والعقيق والفضة، ولبست الثياب المصنوعة من أفخر أنواع الحرير، كما ارتدت الفراء المستوردة، وكانت كل طبقة من نساء مصر في عهد المماليك مولعةً بالطبقة التي تعلوها في ما يتعلق بالموضة، فوجدت الموضة لها أرضاً خصبةً، حتى أبدعن فيها، وهو ما يفسره البعض، مثل الدكتور أحمد عبد الرازق، بأنه ضرب من ضروب الملل من النظام الاجتماعي، فالنساء أسرع الناس إلى التغيير والتجديد.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image