هي واحدة من أبرز الوجوه اللبنانية المشرّفة في عالم التمثيل وفي مسيرتها الحياتية. يضفي حضورها قيمة مضافة في أي عمل تشارك به لما تتمتع به من خبرة وصدق وشغف، والأهم لمبادئها المهنية التي لم تحد عنها قيد أنملة منذ بداياتها إلى اليوم.
كُرّمت رندة كعدي الشهر الماضي مارس/ شباط 2023 في "مهرجان بيروت لسينما المرأة"، وكان لكلمتها أثر كبير في النفوس.
قدّمت كعدي رسالة مدوّية بهدوئها الصارخ وكلماتها التي حملت العاطفة والشعور بالامتنان للتقدير الذي نالته عن تعبها وجهدها المبذول منذ سنوات. ووجّهت كلمتها للقيّمين على المهنة، وتمحورت حول ممثلات جيلها المخضرمات. فطالبت بإنصافهن على غرار الممثلات صاحبات الخبرة في دول العالم الأول قائلة: "لا يمكنك وضع حبة الألماس في منفضة، بل في خاتم أو عقد. كلما كبرت الممثلة وتقدمت في النجاحات والعمر ونضجت واختمرت خبرتها وازدادت اللعبة حلاوة عندها، يبدأ دورها بالتقلص ويقترب إلى الهامشي، وتصبح شبيهة بربّة المنزل التي تحضر السفرة دون أن تتذوقها".
إنها سيدة الشاشة اللبنانية رندة كعدي التي تطل عبر رصيف22 لتجيب على العديد من الأسئلة المتعلقة بهذا التكريم، وبدورها في مسلسل "الثمن"، وبمشاركتها الرمضانية في الجزء الثالث من مسلسل "للموت 3" وغيرها من الأفكار والأحلام وحتى لحظات الخذلان في هذا اللقاء.
مبروك تكريمك من قبل "مهرجان بيروت لسينما المرأة"، ماذا يعني لكِ هذا التكريم، وهل يعوض جزءاً من تقصير الدولة تجاه كبارها الذي يأتي متأخراً دائماً؟
التكريم هو الـ"Bravo" التي تخرج من القلوب المحبة والعيون الشاخصة على المُكرم لتقول له "يعطيك ألف عافية". لهذا التكريم وقع غالٍ على قلبي، لأنه جمع عدداً كبيراً من أهل المهنة من منتجين وممثلين ومخرجين، بالإضافة إلى أهل الصحافة والإعلام. أما عن تقصير الدولة فحدّث ولا حرج "مش ليكون في دولة بالأول"؟
كُرّمت رندة كعدي في شباط/ مارس الماضي في مهرجان بيروت لسينما المرأة، وخصصت جزءاً من كلمتها للمطالبة بإنصاف الممثلات المخضرمات صاحبات الخبرة
لمن تهدي رندة كعدي هذا التكريم؟
أهديه أولاً لعملي الدؤوب ولصبري وإصراري على الوصول إلى قلب المشاهد الأكاديمي المحترف، وأهديه إلى المشاهد الذي يتلقف عملي بقلبه ولو بدون أن يدرك كامل تفاصيل وتقنيات هذه المهنة، كما أهديه إلى كل أمهات وآباء ضحايا "انفجار 4 آب" ولأرواحهم الطاهرة.
قلتِ في كلمتك يومها "في داخلي غول لا يشبع وعشق وشغف وجنون بهذه المهنة"، هل أنصفتك المهنة؟
أكررها مرة أخرى هنا؛ نعم... في داخلي غول لا يشبع وعشق وشغف وجنون لهذه المهنة التي أعطيتها أكثر من نصف عمري دون أي تخاذل أو تنازل عن قدسيتها، بالتأكيد أنصفتني لأنني طوعتها لتصبح كما أرغب.
في أي مرحلة شعرتِ بأنها خيّبت آمالك وأن أدرينالين الشغف قد هدأ، أو تحت أي ظرف قد تشعر رندة كعدي بذلك؟
لا أنكر أنني في البدايات وبعد تخرجي من معهد الفنون حين حُبست في إطار الأم، قلت في نفسي "لم لا يحق لي أن أُحِب وأُحَب وأن أكون فتاة الشاشة؟"، لكن فيما بعد بدأ الأدرينالين يتضاعف ويتصاعد بقوة بعد أن بت في منافسة شرسة مع ذاتي، فقررت أن ألوّن تلك الأم بهويات وبصمات مختلفة، ولم أعد أشعر أبداً أن أي عامل خارجي من شأنه أن يُسكت طموحي هذا أو يؤثر عليه.
في إجابة على سؤال هل عوضكِ التكريم عن تقصير الدولة؟ رندة كعدي لرصيف22: "مش ليكون في دولة بالأول"
بعد سنوات من الجهد والعطاء؛ هل يبقى الفنان شغوفاً بالتكريم، أو بكلمة إطراء على دور قدمه، أم يعتبره تحصيلاً حاصلاً؟
لم أعتبره مرة تحصيلاً حاصلاً، بتكريم أو بدونه دائماً أنتظر كلمة "يعطيك العافية"، أو "قديش صدقناكِ"، أو كم جميل هذا الدور الذي قدمتهِ، وكل الكلمات التي تنبع من قلوب الناس. هذه الكلمات تفرحني وتعني لي الكثير إذ اعتبرها من القلب إلى القلب بعيداً عن أي إطراء. وعلى الرغم من كل تلك السنوات لا زلت في سعي دائم وأتوجه بنقد لاذع لنفسي، وأشعر بالخوف مع كل دور، وأنتظر دائماً أن تكون النتيجة بحجم الجهد الذي بذلته.
قلتِ أيضاً خلال كلمتك ليت المعنيين بالإنتاج الفني يعطون مساحة أوسع للممثلات من جيلك، ماذا قصدتِ بذلك وكيف تصفين السينما والدراما اللبنانية اليوم؟
قلت هذا لأن الممثلة كلما كبرت وتقدمت في النجاحات والعمر ونضجت واختمرت خبرتها وازدادت اللعبة حلاوة عندها، كلما بدأ دورها بالتقلص وصار يقترب إلى الهامشي، فتصبح شبيهة بربّة المنزل التي تحضر السفرة من دون أن تتذوقها، خصوصاً في لبنان. لكن هذا التهميش قد ينطبق على المسلسلات لكن ليس على السينما بالضرورة، فهامش الحرية في السينما أوسع وقيودها أقل من قيود الدراما التلفزيونية التي تزداد شروطها ومواصفاتها وترتبط بمسألة العرض والطلب لبيع المسلسل من خلال أسماء النجوم والنجمات. أما في السينما والمسرح فتُفرض القصة واللاعبين.
اقترحت السينما كي تساند شغف الممثلات المخضرمات على غرار ما تختبره بنات جيلهن في الدول المتحضرة، فكلما كانت الممثلة مخضرمة كلما كانت محور اللعبة ليكون باقي اللاعبين حولها سنداً لها. أتشوق كثيراً لهذه اللعبة، فلتكن اختباراً ينعكس على الجمهور ولنرى مدى شوقه وتلقفه لما سيتابع، وما إن كانت الخطوة مربحة.
إلى جانب كونك إمرأة وأم وممثلة أنت أيضاً مدرّسة ومربية أجيال، ماذا تقولين للمرأة اللبنانية والعربية؟
المرأة هي التي تملك في يدها نجاح المجتمع وفشله. والأم التي تستطيع أن تهز السرير بيمينها والعالم بيسارها، وإن كانت قادرة على فرض المساواة والعدالة في المنزل، فهي قادرة على فرض العدالة والمساواة في المجتمع، فكيف إن كانت هذه الأم مربية وقدوة ومعلمة في مسيرتها في الحياة. أقول لكل النساء كنُّ واثقات، لأن واثق الخطوة يمشي ملكاً بالفعل، وكل السيدات ملكات بنظري.
هل من رسالة توجهينها للمعلمات في لبنان اللواتي يعانين كثيراً بعد الأزمات المتتالية، وهل أنت خائفة على العام الدراسي وتأثير ذلك على الأجيال القادمة؟
دوري كمعلمة يشكّل رسالة مهمة جداً في حياتي قدمتها بكل حب وتفانٍ لأكون إلى جانب الجيل الجديد، إذ أتعلم منهم بعض الخصال المتطورة، وفي نفس الوقت أساندهم لبناء حياتهم وشخصيتهم بشكل سليم. نحن نبني اليوم لنشهد على نساء ورجال الغد، هذا العام الدراسي يشبه إلى حد ما وضع لبنان التعيس حالياً. لكنني أؤمن أن المرحلة الصعبة التي نمر بها حالياً ومهما اشتدت ظروفها لا بد أن تنجلي وأن يعود المعلم إلى صرحه التعليمي حاملاً رسالته بكل أمانة.
رندة كعدي: إذا استطاعت المرأة اللبنانية فرض المساواة والعدالة في منزلها، فهي قادرة على فرض العدالة والمساواة في المجتمع ككل
بالعودة إلى الفن، نتابعك في مسلسل "الثمن" بدور "ناديا" المطيعة لزوجها، لكنها تنتفض عندما تشعر أن حياة حفيدها في خطر، كم تشبهك الشخصية بهدوئها، ومتى تغضب رندة كعدي؟
"ناديا" مطيعة لزوجها كما تربّت، لكن لديها رأيها الذي فرضته بكل نبل وذكاء واحترام، في عز غضبها احترمت ذاتها وعائلتتها وزوجها واستطاعت أن تقنعه بوجهة نظرها، وأن تقول له أنت أخطات هنا، وهنا كنت على صواب. بالطبع كل الشخصيات التي أؤديها من الضروري أن أتلمس فيها ما يشبهني إذ أعطيها من إحساسي وروحي وحقيقتي وصدقي. حتى عندما أديت دور الأم القاسية المعنفة، خرج شيء من حقيقتي، فالممثل في النهاية بشر يمر بكل الحالات والانفعالات.
تؤدين ثنائية إلى جانب الكبير رفيق علي أحمد، بعد ثنائيات عديدة قدمتها مع كبار الممثلين أيضاً، أخبرينا عن هذا اللقاء وانطباعك عنه؟
كانت تجربة أولى بيننا حملت الكثير من الجمال والمتعة، فكلينا متمكن من أصول اللعبة ونعرف كيف ومتى نمرر الـ"pass" الذي يوصل المغزى الحقيقي من المشهد. وهذا ينطبق أيضاً على ثنائيات أخرى أديتها إلى جانب نقولا دانيال، غابريال يمين، أحمد الزين، وحصدت النجاح. المهم أن نؤدي اللعبة بشكل صحيح وأن نصل إلى قلوب الناس. وهنا لا بد من أن أهنئ كل الممثلين في مسلسل "الثمن" وأقول "يعطيكن ألف عافية" على الجهد والتعب الذي بذلتموه، مع تمنياتي لهم بالتوفيق في أعمالهم القادمة.
شهر رمضان الحالي يعج بالأعمال الدرامية، ومن أبرزها الجزء الثالث من مسلسل "للموت" الذي تشاركين فيه، بماذا ستفاجئنا "حنان" هذا الموسم؟
باتت الدراما تنافس ذاتها في هذا الشهر الفضيل بعد أن غزته المسلسلات خلفاً للفوازير التي كانت تقدم في السابق، حتى بات يطلق عليه اسم "الموسم الدرامي". أتمنى أن ينال الجزء الثالث من مسلسل "للموت" النجاح وإعجاب المتابعين بعد النجاح الذي تحقق في الجزئين السابقين. أما بالنسبة لحنان فستعود إلى الميتم وسنكتشف ما لم نكتشفه عنها في هذه المرحلة من حياتها بعد أن سمعنا ولم نر كيف ساعدت "سحر" و"ريم" على الهروب منه، وساعدت "وجدان" أن تحصل على الهوية باسم "ريم".
بطبيعة الحال العمل سيكون محط الأنظار وتحت المجهر، هل تشعرين بالخوف إذ أن تجربة الأجزاء في الأعمال الدرامية نادراً ما تحافظ على المستوى نفسه، أم تشعرين أنك بين أياد أمينة؟
من المفترض أن يكون أي عمل تحت المجهر سواء كان الجزء الأول أو السابع عشر، لا خوف طالما ركائز العمل متينة، فالنص متماسك بأفكار ومفاجآت جديدة، وممثلين جدد بنكهة جديدة، وإخراج بين أيدٍ أمينة مع المبدع فيليب أسمر. في العمل نحترم المُشاهد، ولتحقيق هذا الهدف علينا أن نكون كريمين من كل النواحي؛ إنتاجاً وإخراجاً ونصاً وأداءً، وهذا ما تفعله شركة الإنتاج التي تضاعف من زخمها وكرمها لتعطي العمل حقة.
رندة كعدي: الجزء الثالث من مسلسل "للموت" بين أيد أمينة، وسيحمل هذا الموسم مفاجآت جديدة
على ماذا يُبنى قرارك بقبول أو رفض الدور، خصوصاً في تجربة الأجزاء؟
بالتأكيد أقرأ النص كاملاً، وإن لم يكن جاهزاً يجب أن أقرأ ملخصاً عنه وعن دوري، ليأتي بعدها قرار القبول أو الرفض. فخط الشخصية يجب أن يكون واضحاً، أي أن تمتلك بدايتها وعقدتها ونهايتها، فإن كانت الشخصية ضعيفة أو غير محورية لا أوديها، وهذا مسار اخترته منذ بداياتي، وباتت معظم الشركات في لبنان وخارجه تدركه، فتعرض عليّ أعمالها بكل احترام وحرص.
وأخيراً، هل من مشاريع جديدة؟
حتى الآن لم أتخذ قراراً بعد، ما زلت في مرحلة القراءة وأبحث عن العمل الجديد الذي يناسبني ويناسب ظروفي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...