يؤرق شبح التوحّد عدداً كبيراً من العائلات حول العالم، خصوصاً مع زيادة أرقام حالات التوحّد خلال العقدين الأخيرين. فبحسب موقع مركز السيطرة على الأمراض CDC فقد ارتفعت نسبة الأطفال المصابين بهذا المرض من 1 من كل 150 طفلاً في عام 2000، إلى 1 من كل 44 طفلاً في عام 2018. في حين يتحدث موقع منظمة الصحة العالمية عن نسبة عالمية هي 1% من الأطفال.
ارتفعت نسبة الأطفال المصابين بالتوحّد من 1 من كل 150 طفلاً في عام 2000، إلى 1 من كل 44 طفلاً في عام 2018
ما هو التوحّد وما هي أبرز علاماته؟
التوحّد اسم جامع لعدة أمراض ضمن ما يسمى بـ"طيف التوحد". إذ يتسم الأطفال المصابون بهذا المرض بوجود عدد من المشاكل في تطورهم الاجتماعي.
يوماً بعد يوم، يتجه العلم إلى اعتبار التوحّد مرضاً جينياً بشكل أساسي، مع عدم القدرة على تحديد تلك الجينات بشكل دقيق، ولكن من المهم أن نعلم أن التأثير البيئي يضاف إلى التأثير الجيني بحيث يحفز أو يثبط هذه الجينات، الأمر الذي قد يفسر الزيادة المطّردة في عدد الحالات، خصوصاً في المجتمعات المتقدمة.
يعاني مرضى التوحّد من مشاكل في التواصل الاجتماعي، سواء كان ذلك عن طريق الكلام، أو لغة الجسد، كما يتفاوت المرضى في شدة تأثرهم بالإصابة، فمنهم من لا يقوى على الكلام بالمطلق، ومنهم من يعاني صعوبات أقل شدة.
التوحّد اسم جامع لعدة أمراض تسمى بـ"طيف التوحّد"، يوماً بعد يوم يتجه العلم إلى اعتباره مرضاً جينياً، لكن من المهم أن نعرف أن التأثير البيئي يضاف إلى التأثير الجيني
ويلاحَظ على من يعانون من التوحّد وجود حركات متكررة، إذ يعكف المصاب أو المصابة على تأديتها باليدين أو بالوجه. كما يحتاج المصاب في الغالب إلى المساعدة في إدارة جوانب حياته اليومية.
وقد يعاني بعض مرضى التوحّد، بالإضافة إلى العلامات السابقة من بعض المشاكل الجسدية مثل التشنجات، والإمساك وغيرها، من المشاكل التي قد يعاني منها أي شخص لكنها تبدو أكثر شيوعاً لديهم.
أهمية التشخيص، والعلاج المبكر
يبدأ التوحّد قبل عمر الثالثة، ويستمر غالباً مدى الحياة، لكن من المهم أن نعرف أن الأعراض تخف وتتحسن حالة المريض لدى الخضوع للعلاج اللازم. وهنا تكمن أهمية التشخيص والتدخل المبكر. فقد أثبتت الدراسات أن نتائج العلاج تكون أفضل لدى بدء العلاج مبكراً، وينعكس ذلك بشكل كبير على قدرتنا على تأهيل الطفل المصاب بشكل أفضل ومساعدته على ممارسة حياته على نحو أقرب إلى الطبيعي.
يبدأ التوحّد قبل عمر الثالثة، ويستمر غالباً مدى الحياة، لكن الأعراض تخف، وتتحسن حالة المريض لدى الخضوع للعلاج
بما أن التطور الاجتماعي للطفل يبدأ ما بعد عمر الستة شهور ويصبح واضحاً ما بين عمر اثني عشر وثمانية عشر شهراً، فإن هذه الفترات الأولى من العمر هي التي قد يشك فيها الأهل بإصابة أحد أبنائهم بالتوحّد. إلا أن هناك تنوعاً كبيراً في الأعراض وفي توقيتها أيضاً. فبعض الأطفال لا يتم تشخيصهم حتى عمر العامين أو الثلاثة، والبعض الآخر يظهرون علامات تطور اجتماعي مقبولة حتى عمر الثمانية عشر إلى الأربعة عشر شهراً ثم ينتكسون أو يفقدون هذه المهارات.
بسبب هذا التنوع الكبير، ولأهمية التشخيص المبكر، فمن المهم جداً تلخيص العلامات المبكرة لمرض التوحّد لتكون مرجعاً للعائلات والأهل، مع ضرورة التأكيد أن الهدف من هذه العُجالة ليس تشخيصياً، وإنما لزيادة الوعي بالعلامات المبكرة، وبالتالي مراجعة الطبيب في حال وجودها أو حتى الشك بوجودها. فتشخيص التوحّد يتم من خلال فريق من الخبراء والأطباء ممن يقوّمون الطفل في عدة جلسات وبيئات مختلفة، وليس عن طريق مقال طبي.
علامات في العام الأول
على الرغم من أنه من الصعب جداً أن نفكر بإصابة الأطفال بالتوحّد خلال عامهم الأول، إلا أن هناك بعض العلامات المقلقة التي لا يجدر تجاهلها والتي تظهر في مرحلة مبكرة جداً، وهي:
بعد الشهور الستة الأولى
- ألا يظهر الطفل اهتماماً بالوجوه بعد الشهر السابع.
- ألا ينظر الطفل في عيني أمه بشكل مباشر بعد الشهر السادس.
- ألا ينتبه الطفل لاسمه بعد الشهر التاسع.
- ألا يحب احتضانه بعد الشهر السابع.
- ألا تصدر من الطفل أصوات مثل "ما" أو "با" أو "تا" أو "دا" أو "نا" بعد الشهر الثامن.
علامات بعد العام الأول:
- ألا يشير الطفل للأشياء بعد الشهر السادس عشر.
- ألا يلوّح بما معناه مع السلامة "باي".
- ألا يحرك رأسه للتعبير عن النفي أو الاعترض "لا".
- ألا يوجد أي كلمة واضحة بعد الشهر السادس عشر.
- أن يكون الطفل انعزالياً ولا يشارك الناس.
- ألا يتمكن من إيجاد جملة من كلمتين بعد عمر السنتين.
- أن يفقد الطفل مهارات اكتسبها سابقاً، كان قادراً على القيام بها، مثل بعض الأصوات والكلمات.
من العلامات المبكّرة جداً التي تظهر مع الشهر السابع ألاّ يحب الطفل النظر في عيني أمه بشكل مباشر، أو ألا يحب احتضانه، أو ألا يظهر اهتماماً بالوجوه
علامات بعد العام الثاني:
- ألا ينطق بجمل مكونة من كلمتين على الأقل.
- ألا يحب اللعب مع الآخرين وخصوصاً الأهل.
- ألا يتعاطف مع الآخرين.
- قد يكون قادراً على حفظ بعض الأغنيات والأرقام، ولكن لا يجيد المحادثة والتعبير عن احتياجاته.
- ألا يظهر الطفل فهماً أو إدراكاً لما يقال له.
- ألا يستطيع اتباع التعليمات البسيطة.
- قد ينفجر بانفعالات غير مناسبة، مثل البكاء أو الضحك أو الصراخ بدون سبب واضح.
- أن يبدي اهتماماً بتفاصيل أو بجزء معين من لعبة مثل عجل سيارة بدلاً من اللعب بها.
- ألا يلعب لعباً فيه تظاهر، كأن يتظاهر بأنه سمكة أو طائر أو حتى يدّعي أنه شخص آخر.
- لا يشارك ألعابه أو طعامه.
- لا يفهم مبدأ الدور، كأن يعجز عن انتظار دوره في لعبة ما، أو إعطاء دور لشخص آخر.
- قد يؤذي نفسه أحياناً، كالعض مثلاً.
من العلامات المهمة بعد العام الثاني أن يُظهر الطفل حساسية عالية للمثيرات البيئية، مثل الأصوات العالية، أو الرائحة أو الضوء
- قد يقوم بحركات متكررة غير مفهومة وبدون هدف معين بيديه، مثل الرفرفة مثلاً.
- أن تكون لديه حساسية عالية للمثيرات البيئية، مثل الأصوات العالية، أو الرائحة أو الضوء.
- أن يظهر ردود أفعال غير ملائمة، وخصوصاً فيما يتعلق بالألم أو الخوف، فقد يتألم من حادث بسيط مثلاً ولكنه لا يتألم من جرح عميق، كذلك قد يخاف من شيء بسيط كبالون بينما لا يخاف من شكل مخيف كشكل الوحش مثلاً.
- أن يعاني بعض المشاكل في النوم، مثل صعوبة في الخلود إلى النوم أو أن يستيقظ عدة مرات خلال الليل، أو حتى صعوبة في الاستيقاظ.
- أن يعاني من بعض المشاكل السلوكية، مثل الاندفاع والعنف وفرط الحركة.
من المهم أن نتذكر أن وجود إحدى هذه العلامات لا يعني بالضرورة إصابة الطفل بالتوحّد، ولكنها ناقوس يدعوكم لمراجعة الطبيب للاطمئنان.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...