أستأنف في هذه الحلقة نشر المعالجة السينمائية الأولية التي قمت بكتابتها مستنداً إلى جلسات متتالية من الذكريات المستفيضة التي حكاها لي النجم عمرو دياب عام 2001 لتكون أساساً أعتمد عليه في كتابة فيلم سينمائي بعنوان "العالمي" مستوحى من قصة حياته، وكان سيخرجه المخرج طارق العريان، لكن المشروع لم ير النور مع الأسف:
في انتظار موعد دخول الجيش لأداء الخدمة العسكرية، يقضي بطل فيلمنا عمرو فترة من الصعلكة بين حضور جلسات التدريب للاعبي أحد فرق النادي المصري، والمضحك أن بعض جلسات الإعداد الفني للمباريات كانت تنعقد على أحد مقاهي بور سعيد، وبين عمله مساعداً لأحد المدربين، ولكن في مهمة خاصة تنحصر في الزعيق على اللاعبين وإبلاغهم نصائح المدرب الذي كان صوته رفيعاً ومحشرجاً ولا يفهمه اللاعبون حين يتحدث، بالإضافة إلى مهمة جسيمة هي "لمّ" الكرات التي تخرج من الملعب خلال التدريبات والمباريات وإعادتها إلى داخل الملعب.
نرى استمرار علاقة عمرو بصديقيه محمد وزياد الذين فشلا أيضاً في إكمال الدراسة، وعمل أحدهما في حلقة السمك، وهو محمد الذي يحبه عمرو لطيبته ونقائه، بينما يبدأ زياد في ممارسة التهريب من الجمرك، وقام باستغلال عمرو لمساعدته ذات مرة دون أن ينتبه عمرو الى ذلك الاستغلال، وهو ما يغضب عمرو حين يكتشفه، ونرى كيف يفشل زياد في التهريب مثلما فشل في ممارسة أكثر من مهنة، وتكون نهاية علاقته بعمرو غريبة ومضحكة، حين يستلف جاكيت جلد من عمرو ثم يختفي فجأة، ليعرف عمرو أنه سافر خارج مصر هرباً من أداء الخدمة العسكرية.
أستأنف في هذه الحلقة نشر المعالجة السينمائية الأولية التي قمت بكتابتها مستنداً إلى جلسات متتالية من الذكريات المستفيضة التي حكاها لي عمرو دياب عام 2001 لتكون أساساً أعتمد عليه في كتابة فيلم سينمائي بعنوان "العالمي"، لكنه لم ير النور للأسف
يستمر عمرو ومحمد في "التصعلك" بين المقاهي والنادي المصري والحفلات الغنائية المُقامة في بيوت ومراكز الشباب انتظاراً لدخول الجيش، وخلال هذه الأيام، كان عمرو يهرب من البقاء فترة طويلة في البيت، ليتجنّب نظرات والده ووالدته له والتي يملؤها الأسف والاتهام بالتقصير والفشل، تلعب الأم دوراً في تخفيف التوتر بين عمرو ووالده، ونتعرّف أكثر على شخصيتها المستقلة، وكيف تعلمت الفرنسية في المدرسة وأحبت العزف على البيانو فاشترته لابنها، فضلاً عن إجادتها قيادة السيارات وهو ما كان نادراً جداً في ذلك الوقت.
يرمي عمرو نفسه وهمومه في الحفلات الموسيقية وفي مباريات الكرة التي أصبح مدمناً لحضورها، حيث يسعده الاشتراك مع الجماهير في نوبات التشجيع الحماسية، وتختزن ذاكرته أصوات التصفيق بإيقاعاته الموسيقية التي ستظل حاضرة في وجدانه، ليستدعيها بعد ذلك في مشواره الغنائي، ويقوم بتوظيفها في أكثر من أغنية، وفي إحدى المباريات بين النادي المصري ونادي الزمالك، نرى عمرو وهو يقود المشجعين لتشجيع النادي المصري بحماس شديد، وعندما يُهزم المصري في الدقائق الأخيرة من المباراة بهدف مباغت، يقود عمرو في نوبة جنون مفاجئة الجماهير من حوله لإلقاء الكراسي في الملعب على الحكم واللاعبين، ويضع كرسياً خلف رأسه لحمايته، ونرى أحد المصورين وقد قام بالتقاط صورته ليثبت عليها الكادر ونراها على غلاف أحد المجلات.
يتسع الكادر لنرى عمرو بزي المجندين وهو يُري الصورة المنشورة في المجلة لعدد من زملائه في مركز التدريب، ويحكي لهم ضاحكاً ذكرياته في ذلك اليوم، قبل أن يسمع الجميع نداء بالجمع في الطابور، ونعرف أن عمرو بدأ أداء الخدمة العسكرية في سلاح الدفاع الجوي، ونرى كيف يتعرّف خلال فترة التجنيد على شباب من جميع أنحاء مصر، وكيف يقوم بالتخفيف من قسوة الحياة في الجيش بالغناء والطرب وجمع زملائه حوله، وهو ما يثير ضده حنق أحد الضباط الذي يشتم عمرو ويلسّن على أهله وعلى أهل بور سعيد، فيندفع عمرو لرد الشتيمة وسط ذهول الجميع.
عندما يُهزم المصري في الدقائق الأخيرة من المباراة بهدف مباغت، يقود عمرو في نوبة جنون مفاجئة الجماهير من حوله لإلقاء الكراسي في الملعب على الحكم واللاعبين
تتدخّل رتبة أعلى لكي تلمّ الموقف قبل أن يتصاعد أكثر، لكن الضابط يقرّر أن يحلق لعمرو شعره تأديباً له، فيندفع عمرو لأخذ الماكينة بنفسه ليقوم بحلاقة شعره وهو يتصور أن النتيجة ستكون لا بأس بها، فيفاجأ بضحك الضابط ساخراً منه، وعندما يعود للنظر في المرآة يعرف السبب لأنه أفسد رأسه تماماً، ويضطر لحلاقة شعره "زلبطة"، ويتعرّف عمرو على شاب "دُفعة" من الصعيد الذي يعجب بصوته وينصحه بدخول معهد الموسيقى العربية في القاهرة.
بعد سعي من والده، يتم نقل عمرو الى النيابة العسكرية في بورسعيد، ليجد أن والده قد تمت ترقيته الى درجة وظيفية أكبر، وتم تخصيص سيارة ميري له ليرتاحوا أخيراً من السيارة المهكّعة التي كانت لدى الأسرة، والتي كانت تجلب لهم سخرية بعض أهل الشارع بسبب صوتها المزعج، ومع ذلك لم تهن السيارة عليهم، فاحتفظوا بها وقاموا بنزع كنبتها الخلفية لتستخدم في الجلوس في الجنينة، وذات يوم اضطر عمرو لاستخدامها فأخذها دون إذن والده، ومن حظه السيئ عمل بالسيارة حادثة، وحين نزل ليرى آثار الحادثة، اكتشف أنها ليست زرقاء اللون كما كان يظن طول الوقت، بل هي حمراء اللون وتم طلاؤها، حين تتسبب الحادثة في زيادة الخلافات بين عمرو ووالده، تقوم والدة عمرو بقيادة السيارة المشؤومة إلى مكان بعيد خارج بور سعيد، ثم تعود إلى البيت بصحبة أحد الأقارب الذي تطوع بتوصيلها لأداء مهمة التخلص من العربية غريبة الأطوار.
خلال مدة الخدمة في النيابة العسكرية يجد عمرو نفسه مطالباً بكتابة تفاصيل التحقيق في مخالفات عسكرية بسيطة جداً، ومع ذلك يتم عقد تحقيقات مطولة لها، ولكيلا يقوم بعمل أي مشاكل خلال وجوده في بور سعيد، يشجّعه عليها الأصدقاء الذين يعتبرهم والده مفسدين له، يوافق الأب على أن يسمح له بالنزول إلى مصر لكي يبدأ إجراءات الالتحاق بمعهد الموسيقى العربية بعد إنهاء خدمته العسكرية، وهو الحلم الذي أصبح مسيطراً عليه بعد أن التقى بموسيقار شهير يقود فرقة غنائية خلال زيارته إلى بور سعيد، وأعجب الموسيقار بصوته ونصحه بالنزول إلى مصر لدراسة الموسيقى، لأنه لن يستطيع تحقيق أحلامه الغنائية إذا بقي في بور سعيد.
من حظه السيئ عمل بالسيارة حادثة، وحين نزل ليرى آثار الحادثة، اكتشف أنها ليست زرقاء اللون كما كان يظن طول الوقت، بل هي حمراء اللون وتم طلاؤها.
ولأن الأب يقلق من نزوله إلى مصر بمفرده، لأنه يمكن أن يتعرض لمشكلة تعقد من موقفه في الخدمة العسكرية، يتفق معه على أن يسافر إلى مصر بسيارة الشغل ويعود في نفس اليوم، وتظل هذه غصة تزعج الأب فيما بعد، لأنه يعتبر أنه جامل ابنه بسيارة الحكومة مجاملة لم يكن يليق به أن يقوم بعملها، مع أن هذا التصرف كان معتاداً بين المديرين من أمثاله، وقام عمرو بشراء وجبة أكل فاخرة للسائق لكي يقود السيارة بسرعة توصله إلى مصر في الموعد المحدد ودون تذمر أو تعمّد للتعطيل.
حين نزل عمرو إلى مصر وذهب لأول مرة إلى معهد الموسيقى العربية لحضور امتحان القبول، اكتشف آسفاً أن الامتحان قد انتهى وتم إغلاق المعهد، لأنه خرج من بور سعيد متأخراً بسبب اضطراره لإنهاء دوامه في النيابة العسكرية قبل السفر، وبينما هو يتسكع في طرقات الأكاديمية وجد طابوراً طويلاً فسأل عنه، فقالوا له إنه طابور معهد السينما، فوقف فيه ودخل ليفشل في الاختبار، بعد أن قال للدكاترة بمنتهى الأمانة إنه يريد أن يدخل معهد السينما ليغني في السينما، لم ييأس عمرو وعاد ثانية إلى القاهرة في الموعد المحدد ليلحق بامتحان معهد الموسيقى العربية، وحين تظهر النتيجة يكون الأول على الطلبة المتقدمين، ويكون ذلك حدثاً فارقاً بالنسبة له، خصوصاً أمام أسرته، لأنها المرة الأولى التي ينجح فيها في حياته بتفوق، لأن ذلك حدث في المجال الوحيد الذي يحبه ويحلم به.
في المعهد، يعرض عليه أحد الدكاترة الالتحاق بفرقة أم كلثوم للموسيقى العربية، فيرفض، وكان مبرّر رفضه أنه لم يتعود على الغناء الطربي في حفلات بيوت الشباب والنوادي ببور سعيد، وعندما يعرض عليه التخصص في أي من أقسام الكلية، يختار قسم التأليف الموسيقي، لكنه لا يجد أحداً من الطلبة غيره راغباً في الالتحاق بالقسم، فيشترط عليه أساتذته أن يقوم بتجميع خمسة على الأقل من زملائه للالتحاق بذلك القسم، ويبدأ في اللف على زملائه لإقناعهم بدخول القسم، وتظهر شخصيته المتمردة موسيقياً في علاقاته بأساتذته في المعهد، ومن بينهم من هو تقليدي النزعة يحاول إحباطه، وبينهم من يعجب به ويقوم بتشجيعه.
في ظروف كهذه يقابل عمرو فتاة من نوع خاص، يراها مختلفة عن البنات اللاتي عرفهن في بور سعيد: بنت جميلة ومثقفة ومن عائلة مثقفة متوسطة، يتبادلان الإعجاب والحب وتنشأ بينهما علاقة حب لا تستمر بسبب الظروف المادية القاسية التي يمرّ بها، والمفارقة أن الجميع كانوا يظنونه شاباً غنياً مرفهاً لأنه جاء إلى المعهد بالسيارة أكثر من مرة، وكان يعتني بمظهره جيداً كجزء من السلوك الذي تعود عليه في بور سعيد، ورغم أن تلك الفتاة كانت تحبه جداً، وكانت مؤثرة في حياته لأنه كان بلا طموح من أي نوع، وكانت تدفعه للأمام وتحاول تحريك طموحه، حتى أنها كانت تذاكر له دروس المعهد، وتحكي له عن رحلتها الوحيدة ضمن أوائل الثانوية العامة الى بلغاريا، واستمرت قصة الحب هذه طيلة العام الدراسي الأول، لكنها انتهت مع أول اختبار واقعي تعرضت له، عندما تقدم عريس جواهرجي لخطبتها، فطلبت من عمرو التقدم لها بينما هو لا يملك من أمر نفسه شيئاً، وبرغم أنها تنتمي الى عائلة مثقفة ووالدها دكتور جامعي، لكنها وهي بنت الطبقة المتوسطة التي تسير حياتها بالستر، لم تستطع أن تصمد أمام إغراء العريس الغني الجاهز الذي كان يعتبر مكسباً لا يمكن التفريط فيه.
يكون ذلك حدثاً فارقاً بالنسبة له خصوصاً أمام أسرته، لأنها المرة الأولى التي ينجح فيها في حياته بتفوق، لأن ذلك حدث في المجال الوحيد الذي يحبه ويحلم به
بعد هذه الصدمة، قرر عمرو أن يترك الأحلام الرومانسية المفرطة إلى الأبد وأن يكون واقعياً، وقرر عدم العودة إلى بور سعيد في الإجازة الصيفية، ليبدأ في محاولات احتراف الغناء في القاهرة.
يسكن في البداية لدى خاله المقيم في مدينة نصر، ولأن التجربة لم تكن مريحة، يقرّر أن يبدأ في خطوات الاستقلال بنفسه بعد تحويش مبلغ من المال يمكّنه من ترك بيت خاله، ولذلك يوافق على أول عمل عرض عليه في ملاهي شارع الهرم، في هذا الوقت لم يكن لديه إلا قميصين، أحدهما بيج والآخر بني، وكان خاله يراهن ساخراً على أي قميص سينزل به اليوم للعمل في شارع الهرم، هل هو القميص البيج أم البني؟ ولم يكن الخال يعرف أن عمرو لم يبدأ العمل كمطرب كما أخبره، وأن كل ما كان يقوم به أساساً هو سواقة ميكروباص الفرقة من مقر سكن أفرادها في المقطم الى شارع الهرم.
كان عالم شارع الهرم بالنسبة لعمرو عالماً غريباً يستكشف فيه أول خطوات اللقاء بالواقع المرير، بعيداً عن الصورة الوردية لعالم الفن، وكان في البداية يتعامل مع الكل بتلقائية، فعندما يرى شخصاً يرتدي بدلة سموكن يظنه جرسون، ويطلب منه "كوباية ميّه" ثم يكتشف على طريقة أفلام الأبيض والأسود أنه كان يتحدث مع مطرب في الملهى الليلي، ويتسبب ذلك له في مشكلة يتدخّل أولاد الحلال لحلها، وفي إحدى المرات جاءته الفرصة فجأة ليكون "مطرب سنّيد" بديلاً عن أحد المطربين الذين تأخروا عن الحضور إلى الملهى، وبسبب ارتباكه تأخر عمرو في الدخول بعض الشيء إلى المسرح، ليكتشف أن تأخره في الدخول جعل من بالصالة ينتظرونه قليلاُ، وانتظارهم له جعلهم يصفقون عند دخوله، رغم أنه يدخل للمرة الأولى أمامهم، لأنهم ظنوا أن تأخره مع بدء الموسيقى في العزف يعني أن له أهمية ما، ومن ثم يكتشف في وعيه المبكر أن ترتيب "الدّخلة" على المسرح أمر مهم بالنسبة للمطرب في علاقته بالجمهور، وهو ما سيظل يتذكره طوال مشواره.
ينجح عمرو في وصلته الأولى التي جاءت بالصدفة، برغم أنه لم يكن يغني أغاني خاصة به، وهو ما دفع مدير الملهى للاتفاق معه على فقرة ثابتة، وبدأ عمرو يحيي الفقرة الغنائية كل ليلة بأحد القميصين الذين لم يكن يملك غيرهما، وهو ما جعل البعض من رواد الملهى الثابتين يظن أنه يقوم بموضة خاصة به، فبدأ يشار إليه بوصفه "المطرب اللي بيلبس قميص وما بيلبسسش بدلة"، عكس باقي المطربين، وحين تنتشر هذه التفصيلة بين العاملين في الملهى يفاجأ بأن بعض زملائه يقلدونه ويخلعون البدلة لارتداء قميص مثله خلال فقراتهم الغنائية.
مع تواصل نجاحه وزيادة الزبائن الذين يطلبون فقرته ويحرصون على حضورها، يقوم مدير الملهى بتوقيع عقد احتكار مدى الحياة معه، ويوقعه فرحاً بالفلوس وهو لا يفهم أنه يضر نفسه، فقد كان كل ما يهمه هو الخروج من شقة خاله ليسكن في مكان آخر، وهو ما حدث بالفعل مع بداية العام الدراسي التالي، عندما سكن مع عدد من زملائه من بور سعيد الذين يدرسون بالمعاهد الفنية المختلفة، مثل معهد السينما ومعهد التمثيل، حيث تعود أن يستيقظ من النوم على أصوات مجلجلة تردد مقاطع من مسرحيات شكسبير وموليير، وبدأ حضوره للدراسة في معهد الموسيقى العربية يتلاشى، وبدأ يركز على حفلات شارع الهرم ليكسب من ورائها.
رغم أنه يدخل للمرة الأولى أمامهم، لأنهم ظنوا أن تأخره مع بدء الموسيقى في العزف يعني أن له أهمية ما، ومن ثم يكتشف في وعيه المبكر أن ترتيب "الدّخلة" على المسرح أمر مهم بالنسبة للمطرب في علاقته بالجمهور، وهو ما سيظل يتذكره طوال مشواره
في هذه الفترة يعرض عليه أحد أصدقائه التوسط لدى أحد مخرجي التلفزيون الذي يشتهر عنه أنه يحصل على رشاوى لإظهار المطربين الشباب في برامجه التلفزيونية الناجحة، يشعر عمرو أنها ستكون فرصة العمر لكي يظهر في التلفزيون الذي إذا ظهرت فيه في تلك الأيام، يشاهدك الشعب المصري بأكمله، وهو ما سيجعل مهمة عمرو في إظهار مواهبه أسهل، ولذلك قام عمرو وأصدقاؤه المؤمنون بموهبته بالتحويش والاقتراض من آخرين، واشتروا للمخرج "جنيه دهب" وقاموا بتسليمه له بجوار التلفزيون، وبالفعل قام عمرو بالتسجيل في البرنامج التلفزيوني مغنياً واحدة من أكثر الأغاني التي يجيد غنائها، وشعر أنه سيصل إلى النجومية لا محالة لو أذيعت تلك الأغنية، وأخبر أهله بموعد إذاعة البرنامج الذي أبلغه به المخرج، وانتظره الجميع بفارغ الصبر، ثم فوجئ هو والجميع بعدم ظهوره في البرنامج بعد أن قام المخرج بحذف فقرته في المونتاج، وكانت صدمة شديدة لم يستطع تحملها ولم يكن يتوقعها بأي حال من الأحوال بعد التضحيات التي قام بها.
يفكر عمرو في الذهاب إلى المخرج الفاسد لفضحه والانتقام منه، لكنه يعلم أن المخرج كان أذكى من أن يقوم بتوريط نفسه بأي شكل، وأنه لا يوجد أي إثبات يؤكد أنه قام باستلام أي هدية أو رشوة من عمرو، ولذلك لم يجد عمرو ما يفعله سوى أن يسير باكياً على كورنيش النيل وهو يقسم لنفسه بأنه سينجح في يوم من الأيام دون أن يحتاج للظهور في التلفزيون الحكومي، وأنه سيجعل التلفزيون هو الذي يجري وراءه، ثم يتصل بوالدته ليعتذر لها عن تخييب أملها، ويسألها عن رد فعل والده تجاه ما حدث، فتحاول الأم تطييب خاطره وتطلب منه ألا يشغل باله بما حدث ويهتم بدراسته، وبالطبع لا يجرؤ على أن يخبرها بأنه لم يعد يذهب إلى المعهد، وأن كل ما يفكر فيه هو أن ينجح في الغناء كمحترف أياً كان الثمن، وبالطبع لم تكن هناك وسيلة سوى العودة من جديد إلى شارع الهرم.
...
نختم الأسبوع القادم بإذن الله.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه