شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"لا تتركوا الشباب يلقوا مصيره"… هل مقتل "الأكحل" مقدمة لمزيد من الانتهاكات الحوثية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن وحرية التعبير

الاثنين 27 مارس 202305:49 م

"لاتتركوا الشباب يلقوا مصير حمدي"، بهذه الكلمات استغاثت الصحافية والناشطة الحقوقية اليمنية سامية الأغبري لإنقاذ أربعة شباب يمنيين قالت إن جماعة الحوثي المتمردة "اختطفتهم" في محافظة إب لا لشيءٍ إلا لمشاركتهم في تشييع ناشط قُتل أثناء اعتقاله لدى الحوثيين.

عبر حسابها في تويتر، كتبت الأغبري: "الحوثيون اختطفوا في إب أربعة شباب (محمد النجار، وهيثم أحمد الحضرمي، وبهجت الشرعبي، وهيثم حسن دهاق) بسبب مشاركتهم في جنازة الشهيد حمدي الملقب بـ(المُكَحّل) الذي صفّته العصابة الحوثية في سجنها. بالطبع ليس لأنهم شاركوا في الجنازة بل لأنها تحولت إلى ثورة غضب".

وتواترت أنباء عن اعتقال الميليشيات الحوثية عدد أكبر من المشاركين في جنازة المُكَحّل. قال ناشطون حقوقيون وصحافيون إن الحوثيين "اختطفوا الشابين علي السياغي ومحمد الشيبة في إب" لمشاركتهما في التشييع أيضاً.

وأكدت المحامية والناشطة الحقوقية هدى الصراري، رئيسة مؤسسة دفاع للحقوق والحريات، تلقي "عدة بلاغات عن قيام جماعة الحوثيين في إب باعتقال بعض الذين شيعوا جثمان ‎المُكَحّل واقتحام منازلهم"، متوقعةً "ارتفاع وثيرة المداهمات والاعتقالات في الأيام القادمة انتقاماً لخروجهم في المظاهرات مما قد يؤدي لتلقيهم التعذيب داخل السجون ومقرات الاحتجاز التابعة للجماعة".

"بلاغات عن قيام جماعة الحوثيين في إب باعتقال بعض الذين شيعوا جثمان #‎المُكَحّل واقتحام منازلهم"... مخاوف على مصير مشيعي الناشط اليمني حمدي الخولاني الذين اعتقلتهم جماعة الحوثي بسبب الهتافات المناهضة لها

وقالت مواقع إخبارية يمنية إن العشرات اعتُقلوا خلال التشييع الذي تحوّل إلى مظاهرة ضد الحوثيين وشهد هتافات من بينها: "لا إله إلا الله، والحوثي عدو الله".

من هو "المُكَحّل" وكيف قضى؟

وحمدي عبد الرازق الخولاني، الشهير بـ حمدي المُكَحّل، فهو ناشط من إب اعتاد انتقاد الحوثيين في مقاطع مصورة عبر السوشال ميديا. وكان قد اعتُقِل للمرة الثانية من قبل الجماعة في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، بعد مقطع فيديو ينتقد فيه ممارسات الحوثيين. وقد اكتسب شهرته - المُكَحّل - من عادة تكحيل عينيه.

وشيع الآلاف من أبناء مدينة إب، عصر الخميس 23 آذار/ مارس 2023، جثمان الخولاني الذي أفادت السلطات الأمنية في المدينة بأنه توفي الأحد الموافق 19 من الشهر الجاري.

وفي بيان رسمي، نفت إدارة أمن إب التابعة للحوثيين، الاتهامات التي أطلقها أبناء إب حول تعرض المُكَحّل للتعذيب أو التصفية، ملمحةً إلى وفاته خارج السجن عقب هروبه بساعات، بينما زعمت أن سبب اعتقاله كان "تعرضه في فيديو في قناته باليوتيوب بالسب والشتم والقذف لأسرة بيت الغرباني، متعرضاً في ذلك على نسائهم وأطفالهم ورجالهم وأحيائهم وأمواتهم بكلام بذيء موثقاً ذلك بفيديو وناشراً له في قناته" وشكاوى بعض أفراد هذه العائلة ضده.

وزاد البيان أن المُكَحّل انتهز فرصة إعداد المساجين لصلاة الفجر في يوم إعلان وفاته ليهرب من "شباك دورة المياه"، لتقيد - على حد زعمها - بلاغاً بهروبه وتبحث عنه في منزل أسرته وحارته. وختمت بأنه عُثر عليه مقتولاً مساء نفس اليوم "في بدروم عمارة قيد الإنشاء جوار المجمع القضائي".

على الجانب الآخر، غرّد وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة المعترف بها، معمر الإرياني، قائلاً إن حكومته "تدين وتستنكر بأشد العبارات إقدام مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، على تصفية الناشط حمدي عبدالرزاق الملقب بـ ‘المُكَحّل‘ بعد خمسة أشهر من مداهمة منزله بمدينة إب، واعتقاله، على إثر انتقادات وجهها للمليشيا، وكشف ممارساتها الإجرامية وفساد قياداتها والأوضاع المأساوية التي يعيشها غالبية اليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها".

وأضاف الإرياني إن "جريمة تصفية الناشط حمدي عبدالرزاق في معتقلات الحوثي بمدينة إب ليست الحادثة الاولى، فقد لاقى مئات المختطفين والمخفيين قسراً ذات المصير في معتقلات المليشيا غير القانونية، نتيجة التعذيب النفسي والجسدي المميت وسوء المعاملة والحرمان من الرعاية الطبيعية ومن أبسط الحقوق"، لافتاً "لا يزال خمسة من الناشطين ومشاهير منصات التواصل الاجتماعي في مناطق سيطرتها رهن الاعتقال، ويخضعون لمحاكمة غير عادلة في محكمة غير قانونية بتهم ملفقة، على خلفية آرائهم".

والناشطون الذين ذكرهم الوزير اليمني هم: أحمد حجر، ومصطفى المومري، وأحمد علاو، وعيسى العذري، وحمود المصباحي. وكانت المحكمة الجزائية التابعة للحوثيين قد قضت، قبل أيام، بحبس أحمد علاو 3 سنوات ومصطفى المومري سنة ونصف وأحمد حجر سنة، وحمود المصباحي ستة أشهر، علاوة على حذف قنواتهم الخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي وتغريمهم 10 ملايين ريال وذلك لانتقادهم انتهاكات الجماعة ونهبها المال العام.

وصف بأنه "جيفارا اليمن"... مطالبات بأن يتحول مقتل الناشط حمدي الخولاني #المكحل إلى "انتفاضة" ضد حكم الحوثيين في إب، بالتزامن مع بداية العام التاسع من سيطرة الجماعة المتمردة على السلطة

وفي ختام تغريدته، حثّ الإرياني "المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأمريكي ومنظمات وهيئات حقوق الإنسان" على "إدانة واضحة لهذه الجرائم النكراء، باعتبارها انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني وجريمة مرتكبة ضد الإنسانية، والضغط لإطلاق فوري لكافة المختطفين في معتقلات مليشيا الحوثي وعلى رأسهم الصحافيين والإعلاميين والنشطاء".

انتفاضة؟

وبينما خرج آلاف اليمنيين غاضبين في تشييع المُكَحّل، كانت هناك "انتفاضة" أخرى لأجله لكن إلكترونية حيث دشّن عشرات اليمنيين وسمي #أنا_من_بلاد_المُكَحّل و#المُكَحّل_شهيد_الكرامة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن غضبهم من "إجرام الحوثي" وتضامنهم مع المُكَحّل الذي وصفه البعض منهم بأنه "جيفارا اليمن".

قال الصحافي اليمني محمد الجماعي: "يجب على كل أبناء إب وإقليم الجند بل وكل مواطن يمني رفع هذا الشعار وتعميم الهاشتاغ، تتويجاً لـ‘الانتفاضة‘ التي أشعلها حمدي الخولاني ضد السلالة الكهنوتية"، في إشارة للحوثيين.

واعتبر الصحافي اليمني محمد المخلافي أن "ثورة #المُكَحّل_شهيد_الكرامة كشفت كل كذب وخداع وشعارات الحوثي في الإعلام، يحاول إقناع الداخل والخارج بأن الجميع يقف معه ويواليه ويحبه وينصبه حاكماً على البلاد وليس بقوة السلاح وأهل قريته أنفسهم لا يطيقونه وإذا اندلعت ثورة ضد هذا الدخيل فسيكونون أول من يقف معها".

تسع سنوات في قبضة الحوثيين العسكرية

والأحد 26 آذار/ مارس 2023، احتفل الحوثيون ومؤيدوهم في اليمن بالذكرى الثامنة لتصدي الجماعة المسلّحة للتحالف العربي الذي قادته السعودية في البلاد.

وجرى تداول صور ومقاطع مصورة لاحتشاد الآلاف في العاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وهم يرددون الهتافات والشعارات التي تعكس شعورهم بـ"الانتصار" بمناسبة مرور ثماني سنوات على حربهم ضد قوات التحالف. ورفع كُثُر منهم البنادق وهزّوها في الهواء احتفالاً.

"لا يزال خمسة من مشاهير منصات التواصل الاجتماعي في مناطق سيطرة #الحوثي رهن الاعتقال، ويخضعون لمحاكمة غير عادلة في محكمة غير قانونية بتهم ملفقة، على خلفية آرائهم" عقب صدور أحكام سجنية ضدهم تراوحت بين 3 سنوات و6 أشهر

على الجانب الآخر، دشّن العديد من اليمنيين وسم #تسعه_أعوام_إرهاب_حوثي عبر تويتر، للتعبير عن رفضهم وجود الجماعة التي يرون أنها كانت سبباً في الخراب والانهيار الذي حصل لبلدهم. وقال بعضهم إن من خرجوا احتفالاً ببقاء الحوثيين كانوا "مكرهين" على ذلك.

ومنذ اشتعال الحرب الأهلية في اليمن بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دولياً عام 2014، وتدخّل التحالف بقيادة السعودية في عام 2015، سقط مئات آلاف اليمنيين قتلى ومصابين، وتدهور الاقتصاد المحلي وانهارت البنى التحتية، فيما أصبح آلاف السكان يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات الإنسانية للبقاء.

برغم الحملة العسكرية المتواصلة جواً وبراً، لم يتمكن التحالف من حسم المعركة ضد الحوثيين الذين لم يتمكنوا من تحقيق انتصار حاسم بدورهم. في الأثناء، باءت كل محاولات السلام بين الأطراف المتنازعة بالفشل ووصلت إلى طريق مسدود، ما أدى إلى إطالة أمد الصراع في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وفق توصيف "الأمم المتحدة".

خلال احتفالات الحوثيين ببدء العام التاسع على معاركهم ضد التحالف العربي، قال مساعد قائد سلاح الجو الحوثي، العميد أحمد شرف الدين: "إذا لم يأتوا بسلام، فنحن مستعدون لأي خيار آخر بجميع أنواع ووسائل القوات العسكرية والبرّية والجوية والبحرية. ولا شك في ذلك. العروض العسكرية خير دليل على ذلك. هناك أيضاً تدريباتنا العسكرية الأخيرة التي تم إجراؤها فقط لإظهار استعداداتنا في جميع المجالات".

وفي حين توصّلت السعودية (قائدة التحالف العربي)، وإيران (الداعمة الأولى للحوثيين) إلى اتفاق لاستعادة وتجديد العلاقات الدبلوماسية والثنائية بينهما في وقت سابق من الشهر الجاري، ما اعتبر البعض أنه يُحيي الآمال في التوصل إلى تسوية سياسية للصراع في اليمن، إلا أن تصاعد القتال في محافظة مأرب (وسط اليمن) قبل أيام، جرّاء مهاجمة المتمردين الحوثيين مناطق تسيطر عليها الحكومة، يُثير شكوكاً في ذلك.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard