شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
هل تسعى

هل تسعى "زين" لشراء ذمم الصحفيين السودانيين؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

اقتصاد

الأحد 12 مارس 202301:23 م

أحدث اتفاق بين نقابة الصحفيين وشركة زين للاتصالات في السودان، انقساماً حاداً في الوسط الصحفي بين رافض ومؤيد، قبل أن يمتد الجدل إلى النقابة وتأسيسها ونظامها الأساسي.

بدأت الأزمة حين أعلنت نقابة الصحفيين السودانيين، عن اتفاق مع شركة زين للاتصالات، بموجبه يُمنح الصحفيين أرقاماً خاصة لتسهيل التعرف على هويتهم، إضافة إلى اتصالات مجانية بين الصحفيين وأسرهم وتخفيض أسعار الاتصالات وخدمة الإنترنت لهم، كما شمل الاتفاق توفير خدمة الإنترنت لمقر النقابة مجاناً.

وسرعان ما أثار ذلك الاتفاق الجدل بين الصحفيين حيث رآه البعض مدخلاً قوياً لتتبع الصحفيين والتجسس عليهم وعلى أسرهم، فيما دافع البعض الآخر عن الميزات التفضيلية باعتبارها خدمات تُقدمها النقابة، ومن لا يرغب فيها يمكنه عدم تقديم طلب للحصول عليها.

هل ستسلم نقابة صحفيين مكالمات أعضائها إلى الأمن كما يتخوف البعض؟

صفقات مشبوهة

أستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية، عباس حمد النيل، تحدث مع رصيف 22 قائلا: "إن الطرفين حققا مكاسب من الاتفاق، زين كسبت استقطاب فئة الصحفيين وأسرهم؛ مما يوسع نطاق انتشارها، كما ستضعه ضمن مشاريع خدماتها الاجتماعية، فيما قدمت النقابة لأعضائها خدمات اتصال وإنترنت مخفضة".

واعتبر عضو النقابة، الصحفي مرتضى أحمد بمثابة رشوة للصحفيين، خاصة وأن هناك اتهامات لشركة زين بعقد صفقات مشبوهة مع الحكومة، علاوة على أنها تأخذ مبالغ هائلة من المواطنين مقابل خدمات رديئة، مما يؤثر على نزاهة الصحفيين المفترض أن يكونوا رقباء على المؤسسات.

ويقول مرتضى لرصيف 22: "أرفض هذه الميزات المقدمة من الشركة، لأنها تحدث تحييداً في التحقيق حول أنشطتها، وتجعلها كأنه صاحبة فضل علينا وصاحب الفضل لا يُنتقد، ولذلك ألزم نفسي بعدم الحصول على خدمات الشركة المخصصة للصحفيين، ومع ذلك يحق لكل زميل التقدم لنيلها".

ويشير إلى أن اتفاق النقابة والشركة وضع الصحفيين في موضع حرج أمام المجتمع الذي بات ينظر إليهم كرقيب غير موثوق فيه على الشركات والسُّلطة: ويضيف "الاتفاق إشانة سمعة للزملاء".

الاعتراف بالنقابة

وجدير بالذكر أن هذا الاتفاق يأتي ضمن سلسلة خدمات قدمتها النقابة لأعضائها، منذ فوزها بالانتخابات الأخيرة في سبتمبر/ أيلول 2022، بعد صراع بين المجموعات الصحفية استمر مُنذ عزل الرئيس عمر البشير في أبريل/ نيسان 2019.

لتجرى انتخابات النقابة، بناء على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 الخاصة بالحرية النقابية وحرية التنظيم التي صادق عليها السودان، ودخلت حيز النفاذ منذ مارس/ آذار 2022، ومع ذلك لم تعترف بها السُّلطة بدورها تتمسك بقانون نقابات صادر في 2010 لا يعترف بنقابة المهنة.

نزاهة الصحفيين على المحك

واعتبرت شبكة الصحفيين، وهي كانت ضمن ثلاث قوائم في انتخابات النقابة، إن الاتفاق انتهاك للاستقلالية والنزاهة الصحفية ومخالفاً لميثاق الشرف الصحفي الذي يمنح الصحفيين من قبول الهبات والمنح من القطاعين الخاص والعام، كما أن شركة زين "التي تخدم الحكم العسكري تُعد أحد الأذرع الأمنية، ولها أدوار مشبوهة بالتورط في قطع الإنترنت".

وجرى قطع الإنترنت في السودان بعد أن فض الأمن الحكومة اعتصاماً حاشداً أمام قيادة الجيش في 3 يونيو/ حزيران 2019، قبل أن يُعاد بحكم قضائي بعد 36 يومًا، وتم قطع الخدمة مجددا لمدة 23 يوماً بعد الانقلاب الذي نفذه الجنرال عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، إضافة لانقطاعات أخرى بالتزامن مع تنظيم الاحتجاجات.

وتقول الشبكة، في بيان، إنه ينبغي للنقابة أن تُدافع عن حقوق الصحفيين في الأجور وساعات العمل والتأمين الاجتماعي والصحي والدفاع عن الحريات الصحفية، بدلاً عن ارتكاب مخالفات مثل توقيع اتفاق مع مركز صحي وصندوق الضمان الاجتماعي وتلقي مساعدات للتدريب وعقد ورش العمل.

وشددت على أن هذا الاتفاق يُعد مدخلا لرشو الصحفيين وشراء ذممهم وإسكات صوت السُّلطة الرابعة بتقديم مثل هذا الحوافز.

وعددت الشبكة أخطاء قالت إن النقابة وقعت فيها، مثل الطلب من السُّلطة اعتماد النظام الأساسي، على الرغم من فتحها نقاش لتعديله، ومشاركة نقيب الصحفيين وبعض أعضاء المجلس التنفيذي في عدة محافل لائتلاف الحرية والتغيير ومخالفات إجرائية صاحبت عقد الجمعية العمومية وانتخابات النقابة.

شبكة الصحفيين: الاتفاق انتهاك للاستقلالية والنزاهة الصحفية ومخالفاً لميثاق الشرف الصحفي

دفاع مستميت

وعلق عضو النقابة، الصحفي حسن محمد علي، على بيان الشبكة، وقال إن إثارتها الغبار حول تعاقد النقابة مع شركة زين، ربما يكون مقصوداً منه خلط الأوراق لإعادة إنتاج الواقع المتشرذم باعتبارها البيئة الأمثل التي تعيش فيها منظومات مثل الشبكة.

وقال لرصيف 22 "النقابة ليست محكمة للفصل في القضايا المتهمة فيها شركة زين بتبعيتها أو عدم تبعيتها لأنظمة البطش والحكم العسكري، ومحاولة تشبيه النقابة بأنها أداة لأي مؤسسة رأسمالية مجرد سذاجة".

ويشير حسن محمد علي إلى أن تصور تبعية النقابة لحزب أو ائتلاف سياسي تكذبه الشواهد، حيث كان الصحفيون أول من طالب بتكوين نقابة تُمثلهم، ونجحوا في تكوينها، وقد شرعت بقية الفئات المهنية في سلك سلوكها.

ويقول إن دور نقابة الصحفيين هو العمل على ميزات لأعضائها، والتعاقد مع شركة زين خالي من أي حمولات سياسية، بل هو خدمة سيكون لها أثر مباشر على الأداء الصحفي من حيث استخدام خطوط اتصال بأسعار مخفضة وسهلة وسريعة، خاصة إذا ما توفرت في شكل شبكات داخلية للمؤسسات الصحفية،

ورفض نقيب الصحفيين السودانيين عبد المنعم أبو إدريس الدفاع عن الاتهامات التي أُثيرت عن الاتفاق، وقال لرصيف 22: "لا نريد أن ندخل في أي جدل مع العضوية".

ودافع السكرتير الاجتماعي للنقابة وليد النور، خلال حديثه لرصيف 22، عن الاتفاق مع شركة زين، وقال إنه اتفاق على تقديم خدمة مدفوعة الأجر، لكن بأسعار مخفضة.

وتحدث النور عن أن النظام الأساسي للنقابة ينص على أن من أوجب واجبات النقابة هي توفير الخدمات للصحفيين وأسرهم، كما تنص المادة 22 من اللائحة المنظمة لأعمال المكتب التنفيذي على تقديم الخدمات الاجتماعية للصحفيين وأسرهم.

ويشير إلى أن الخدمات التي جرى الاتفاق عليها مع زين لا تُقدمها الشركة حصرًا للصحفيين، وإنما هي خدمة اجتماعية تُوفرها لكافة قطاعات المجتمع مثل النقابات.

ووصف النور الاتهامات الموجهة إلى النقابة من بعض الصحفيين بشأن الخدمة والتي قالوا إنها رشوة، بالمؤسفة قبل أن يصفها بأنها اتهامات خطيرة، مبديًا عدم الممانعة من انتقاد أعمال المكتب التنفيذي والنقابة، لكنه شدد على أن الانتقاد ينبغي أن يكون وفقًا للوائح المكتب التنفيذي والنظام الأساسي للنقابة.

وسواء تراجعت نقابة الصحفيين عن الاتفاق مع شركة زين، أو لم تتراجع، سيظل الجدل مستمرًا باعتبارها سابقة سيجرى تداولها عند كل منعطف أخلاقي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image