تحمل فاطمة عبد الله (15 عاماً)، آنيةً مُسطحةً فوق رأسها، وهي تجوب سوق أم درمان الشعبي في العاصمة الخرطوم، عارضةً فيها مُنتجات التسالي والفول السوداني وحلويات مصنوعة محلياً وثمار القورو، لبيعها للمتسوقين.
ومثل فاطمة، هناك مئات الفئات في أعمار تُقارب سنّها ونساء مُسنّات أيضاً، يعرضن ثمار القورو التي تصل إلى أسواق السودان عبر ولاية شمال دارفور غرب البلاد، قادمةً من تشاد التي تصلها هي الأخرى من نيجيريا ودول غرب إفريقيا مثل مالي والنيجر والكاميرون.
تقول فاطمة لرصيف22، إن أمها تُعدّ لها التسالي والفول السوداني والحلويات، فيما يجلب لها والدها القورو الذي تشير إلى أن مواطني دول غرب إفريقيا يعدّونه منبهاً مثل الشاي والقهوة ويعطي حيويةً ونشاطاً جسمانياً، لذا أغلب زبائنها من سائقي المركبات العامة، وتبيع القطعة الواحدة بـ500 جنيه (الدولار يساوي 586 جنيهاً).
وفي سوق الحصاحيصا، وسط السودان، يعرض محمد طه (61 عاماً)، أعشاب التداوي البلدية وثمار القورو ذات الطعم المر، ويؤكد على أن طعمها غير مستساغ لكن فوائدها كثيرة. ويضيف لرصيف22: "إنها تُعالج الضعف الجنسي وتقوّي الانتصاب وتعزز مناعة الجسم".
ويشير طه، إلى أن هذه الثمار يمكن تناولها بطرائق عدة، منها طحنها على شكل مسحوق لإضافتها إلى الأطعمة في أثناء الطبخ أو غليها على النار لتضمين خلاصتها في العصائر الطبيعية، لكن إذا كنت ترغب في الحصول على أمثل فائدة فتناولها مضغاً، وهنا يفيد بأن البعض يحاول أكلها لتلافي طعمها المر ولا أعتقد أنه في الحالة هذه سيجني منها فائدةً.
ثمار القورو التي يوقن البعض أنها تُعالج الضعف الجنسي، وتقوّي الانتصاب وتعزز المناعة
فحولة مفتقدة
تُؤخذ ثمار القورو من شجرة الكولا، وهي شجرة مُعمّرة يصل ارتفاعها في بعض الأحيان إلى 60 قدماً، وموطنها الأصلي غرب إفريقيا، وتأخذ شكلاً دائرياً أو شبه دائري، وحجمها يبلغ حجم نصف برتقالة أو أقل قليلاً، وفقاً لمحمد طه، الذي يوضح أن الثمرة تأخذ ثلاثة ألوان: الأحمر والأبيض والأغبش (شبيه باللون الرمادي)، ويفيد بأن الأخير أشد مرارةً في المذاق لكونه الأكثر فائدةً.
يقول طه، إنه يواظب على مصغ ثمرة القورو يومياً، معتقداً أنها تعطيه الحيوية وتقيه من أمراض القلب والسكري والأعصاب والفشل الكلوي، كما يعمل على تحريض المقبلين على الزواج على تناولها بدلاً عن الفياغرا، فهي ثمرة صحية وتتوفر في السوق طوال العام ولا تُسبب أي أعراض جانبية.
ويتفق شعيب عبد الله (40 عاماً)، الذي يمتلك ورشةً لصناعة الأثاث المنزلي في مدينة سنار ويعمل فيها وحده، مع محمد طه، حول ما يتعلق بفائدة ثمرة القورو بالنسبة إلى النشاط الجنسي.
ويقول لرصيف22: "أعمل من 8 إلى 10 ساعات في اليوم تتضمن فترة القيلولة، وعملي في النجارة شاقّ بدنياً، ويتطلب مهارةً وتركيزاً عالياً، ومع تناول ثلاث ثمار من القورو يومياً، في الصباح وفي منتصف النهار وفي المساء، أكون حيوياً وقادراً على العمل والأهم أني أستطيع ممارسة الجنس مع زوجتي من دون مخاوف من عدم الانتصاب جراء الإرهاق الذي يُسببه العمل".
ويوضح أنه لا يقلق من آثار القورو الجانبية، مثل مخاوف الإصابة بسرطان الفم، طالما تساعده على أداء عمله وممارسة الجنس بفعالية، وهذا أمر يشترك فيه كثيرون من السودانيين وأعني به عدم الاهتمام بالأضرار المحتملة لأي شيء في المستقبل طالما تتوفر فيه فوائد آنية.
ومثل شعيب، ولكن بنحو أقل، يتناول سائق ناقلة البضائع الثقيلة عباس الطاهر، ثمرةً واحدةً من القورو يومياً، ويمكن أن يزيدها إلى اثنتين أو ثلاث ثمرات وأحياناً أربع، في حالتين: تنحصر الحالة الأولى، وفقاً لما قاله لرصيف22، عندما يكون سائقاً في الليل، والثانية عندما يرغب في المضاجعة.
سعادة مجانية
وتؤكد الطبيبة الصيدلانية بدور عمر، على احتواء ثمار القورو على فوائد عديدة، مثل زيادة الحيوية وقوة الانتصاب، لكن آثارها الجانبية مثل الأرق وازدياد معدل ضربات القلب تجعلنا نحذر من الإفراط في تناولها، فيما لا يُنصح الذين يعانون من أمراض القلب وضغط الدم والسكري، بتناولها إطلاقاً بسبب تأثيرها المُنشّط وتسببها في اضطراب مستوى سكر الدم.
وتوضح بدور لرصيف22، أن ثمار القورو يُمكن أن يُدمن عليها الإنسان، لذا من يتناولها يجب عليه الاعتدال. وسردت قصتها الشخصية التي مفادها: "في 2017، كنت أُعاني من الإعياء والخمول الجسدي، ليس بسبب مرض عضوي، وإنما لأسباب نفسية تتصل بالقلق على مستقبلي المهني وأخرى ذاتية تتعلق بجدوى الحياة والاستمتاع بها والأشياء الجيدة التي أُقدّمها للآخرين".
وتضيف: "في ذلك الوقت، كنت أذهب إلى العمل وكأني مجبرة لأنها تعيل طفلاً منذ وفاة زوجها في حزيران/ يونيو 2015، وفي خضم ذلك الاستياء نصحني صديق بتناول ثمار القورو وبالفعل بدأت الحيوية تعود إلى جسدي، إذ كنت أمضغها مرةً في الأسبوع، وتطور الأمر إلى مرتين إلى أن صرت أتناول ثمرةً في اليوم. الأمر يبدو إدماناً، لكني تخلصت منه في العام 2019".
تنصح بدور عمر المقبلين على الزواج والمتزوجين بتناول ثمرة واحدة في الأسبوع، وذلك لتلافي الوقوع في إدمانها، إذ إنها مغرية مثل كل شيء يتصل بزيادة القدرة الجنسية للرجال.
تقول تقارير طبية، إن احتواء القورو على الفيتو-أندروجين والفيتو-أستروجين، قد يساعد بحسب الدراسات في قتل الخلايا السرطانية في البروستاتا والعمل على وقف النمو السرطاني. كما تحتوي على الكافيين والثيوبرومين والكولانين، وتالياً قد تعمل على تنشيط الجسم وجهاز الدوران والجهاز العصبي ولها فوائد مضادة للبكتيريا أيضاً.
وتفيد هذه التقارير بأن احتواء القورو على الكافيين يساعد في نشاط الجسم وعمليات الأيض، بالإضافة إلى مساعدتها في زيادة إنتاج حمض المعدة، وتالياً زيادة فعالية إنزيمات الهضم في المعدة، مما يساهم في تحسين عملية هضم الطعام وتقليل مشكلات الجهاز الهضمي من إمساك أو تراكم للغازات.
وتشير إلى أن القورو يُحسّن الدورة الدموية إذ إن الكافيين والثيوبرومين يعملان على زيادة معدل نبضات ضخ الدم من القلب مما يزيد من نشاط الدورة الدموية ويحسّن وصول الأوكسجين إلى الخلايا وخاصةً الدماغ ويساعد ذلك في تحسين التركيز.
هل تساوي سويعات من السعادة في الفراش كل تلك المخاطر الصحية؟
أضرار مرعبة
من جانبه يحذر أخصائي التغذية عيسى عبد الرحمن من مخاطر تناول ثمار القورو، ويقول إنها قد تؤدي إلى الإصابة بجرثومة المعدة، وربما لاحقًا سرطان الجهاز الهضمي، علاوة على أنها تزيد من احتمال الإصابة بسرطان الفم.
ويشدد على أن الإفراط من مضغ الثمرة يسبب الصداع الحاد والانهيار العصبي، إضافة إلى عدم انتظام ضربات القلب واضطراب التنفس.
ويشير، خلال حديثه لرصيف 22، أنه لا ينصح المرأة الحامل بتناول القورو، لتأثيرها على انخفاض وزن الجنين عند الولادة إذا لم يتسبب في إجهاضها.
لا يجادل السودانيون الذين يتناولون ثمار القورو في الأضرار المحتملة، لكنهم يحدثونك عن فوائدها في زيادة الحيوية ومساعدتها على الانتصاب، وهنا يظهر أن حديث الصيدلانية بدور حول أن كل شيء يتعلق بزيادة القدرة الجنسية للرجال مغرٍ، لكنها لم تضف أنه يجد رواجاً كبيراً أيضاً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون