قبل 15 عاماً فكر عادل وهبة في إطلاق تجارة مطلوبة في بلدته بمحافظة الشرقية (شمال شرقي العاصمة المصرية) عبر استيراد الملابس النسائية ذات المقاسات الخاصة من تركيا بعدما وجد إقبالاً عليها. ولكن مع ارتفاع تكاليف الاستيراد ورسوم الجمارك على الملابس النسائية مما يضطره إلى رفع الأسعار بدرجة تؤثر على دورة رأس المال، قرر أن يخوض تجربة التصنيع للملابس النسائية ذات المقاسات الخاصة وملابس الحوامل عام 2012. وقد تميز دون غيره بتلك التصميمات وأوقف استيرادها من تركيا.
من الاستيراد للتصنيع
يحكى وهبة عن تجربته لرصيف22: "في البداية استغرب كثيرون في السوق خوضي تلك التجربة، ورغم التحديات التي واجهتها قررت خوضها ولا أزال. لكن مع جائحة كورونا بدأت معاناتي تزيد، خاصة في ظل ضعف الإقبال، إذ تقلصت مبيعاتي نحو 60%، مما دفعني لتسريح نسبة تراوح بين 50 و 60 % من العمالة. في وقت ارتفعت تكلفة أسعار خامات التصنيع نحو 150%".
عمل اليماني في 30 مصنعاً للملابس، ولاحظ أن أيّاً منها لم يهتم باحتياجات السيدات ذوات الأوزان الكبيرة إلى أن جاءته فرصة العمل في مصنع وحيد لإنتاج الملابس الموجهة لذوات الأوزان الخاصة، فأدرك أن هذا سوق مطلوب تغطيته
حرص وهبة أن تناسب تصميماته الأوزان التي تصل إلى 140 كيلوغراماً، بأشكال وتصميمات متنوعة تناسب جميع الأذواق، ولم ينسَ الحوامل في تصميماته. وخلال سنوات قليلة، بات إنتاجه يصل محافظات مختلفة ليغطي حاجة ساكناتها.
لم يكن وهبة الوحيد الذي خاص تجربة التصنيع للمقاسات الخاصة، ففي عام 2017 قرر عادل اليماني، 35 عاماً، ابن محافظة الدقهلية (وسط الدلتا) أن يتخصص في تصميم المقاسات الخاصة للسيدات.
بدأ اليماني رحلته في تعلُّم فنون التصميم في مصنع والده الذي كان متخصصاً في تصميم الزي المدرسي. لم يكن العمل بمصنع الوالد يستغرق أكثر من ثمانية أشهر في العام، وخلال الفترة المتبقية كان اليماني يتنقل من مصنع إلى آخر للعمل والتعلم بمحافظتي القاهرة والدقهلية. عمل في 30 مصنعاً للملابس، ولاحظ أن أيّاً منها لم يهتم باحتياجات السيدات ذوات الأوزان الكبيرة إلى أن جاءته فرصة العمل في مصنع وحيد لإنتاج الملابس الموجهة لذوات الأوزان الخاصة، فأدرك أن هذا سوق مطلوب تغطيته. إذ ذاك قرر أن يستقل بمشروعه الخاص بعيداً عن عمل والده، وافتتح ورشة متخصصة في تصميم المقاسات الخاصة عام 2017، ومنها انطلق إلى مصنع صغير في عام 2019. وقد حرص على أن يلبي حاجة جميع المقاسات الكبيرة إلى أن صمم ملابس تناسب أوزان الـ 170 كيلوغراماً.
طلب كبير وندرة في العرض
تعاني بسمة البربري، 35 عاماً، ابنة محافظة الشرقية من السمنة المفرطة نتيجة معاناتها من مرض ضمور العضلات وقلة حركتها، تحكي لرصيف22: "كلما ذهبت لشراء فستان أو عباءة لا أجد مقاساتي، ويبرر أصحاب المحالّ الموقف بأن المتوفر لديهم مقاسات صغيرة فحسب، هذا الأمر جعلني أشعر بالضيق وعزفن عن التردد إلى أي محل لشراء ملابس جديدة لنحو عامين، خاصة أنني إذا وجدت مقاساً مناسباً يكون الموديل مناسباً للسيدات العجائز أو الأمهات ولا يلائم سني نهائياً. كل هذا كان سبباً في خشيتي الدائمة من تكرار تجربة شراء ملابس جديدة".
مصر من بين الدول التي تنخفض فيها جودة الغذاء بسبب انخفاض الدخول وصعوبة الوصول إلى غذاء صحي متوازن، ما يُلجئ المصريين وخاصة النساء منهم إلى خفض اعتمادهم على البروتينات والألياف الصحية، واللجوء إلى أطعمة عمادها الكربوهيدرات والدهون المُصنَّعة لتحقيق الإشباع
تتمنى بسمة أن يراعي المصممون وأصحاب المصانع ظروفهن كممتلئات ويصممون مقاسات تناسبهن دون المبالغة في الأسعار، قائلة: "من حقنا نلبس زي غيرنا مش نفضل نعاني لإيجاد ملبس مناسب، تجربتي الماضية جعلتني أطلب من صديقة مصممة أخذ مقاسي لتصمم فستان لي بعد أن يئست من إيجاد حل".
حالة بسمة ليست نادرة، إذ تزداد معدلات السمنة في مصر نتيجة سوء التغذية، إذ تعد مصر من بين الدول التي تنخفض فيها جودة الغذاء بسبب انخفاض الدخول وصعوبة الوصول إلى غذاء صحي متوازن، ما يُلجئ المصريين وخاصة النساء منهم إلى خفض معدلات اعتمادهم على البروتينات والألياف الصحية، واللجوء إلى أطعمة عمادها الكربوهيدرات والدهون المُصنَّعة لتحقيق الإشباع.
تقدر نسبة المحلات والمصانع العاملة في المقاسات الكبيرة 1% فقط من جميع الورش والمصانع العاملة في مجال تصنيع الملابس وبيعها في مصر
في دراسة "العبء الصحي للسمنة" التي أعدتها إحدى شركات الدراسات لصالح الحكومة المصرية، ظهر أن معدل السمنة أكثر انتشاراً بين النساء بنسبة 49.5%، مقابل 29.5 بين الرجال، إذ يعاني 39.8% من المصريين البالغين من السمنة، وذلك وفقاً لمسح أجرته حملة "100 مليون صحة" عام 2019، وشمل 49.7 مليون مصري.
وعن الأمراض الناتجة عن السمنة أشارت الدراسة إلى أن 13 مرضاً تشكّل عبئاً كبيراً على الأنظمة الصحية والاقتصادية في مصر، ومنها ارتفاع ضغط الدم والسكري وتوقف التنفس أثناء النوم والكبد الدهني وزيادة شحوم الدم وأمراض القلب والاكتئاب.
وفقاً لدراسة نشرتها المجلة الأمريكية المرموقة "لانسيت The Lancet"، من المتوقع أن تصبح مصر أعلى دول العالم في معدلات السمنة في صفوف السيدات بحلول عام 2025، وكما أنه من المتوقع أن تصاب حوالى نصف السيدات المصريات بالسمنة بنسبة تبلغ 50.1%.
نسبة السيدات المصريات اللاتي يعانين من السمنة بلغ خلال عام 2014 حوالى 39.7%، وهو ما جعل مصر ثانية أكبر دول العالم امتلاكاً لمعدلات سمنة النساء بالنسبة لعدد سكانها
وكشفت نتائج الدراسة إلى أن نسبة السيدات المصريات اللاتي يعانين من السمنة بلغ خلال عام 2014 حوالى 39.7%، وهو ما جعل مصر ثانية أكبر دول العالم امتلاكاً لمعدلات سمنة النساء بالنسبة لعدد سكانها، ويبلغ عدد السيدات المصريات المصابات بالسمنة وفقاً لآخر إحصائية حوالى 10.2 مليون سيدة، وهي تمثل نسبة 2.7% في معدلات السمنة العالمية.
في رأي الدكتور محمد عبد السلام، رئيس غرفة صناعة الملابس والمفروشات المنزلية بإتحاد الصناعات، تقدر نسبة المحلات والمصانع العاملة في المقاسات الكبيرة 1% فقط من جميع الورش والمصانع العاملة في مجال تصنيع الملابس وبيعها في مصر، ويقول لرصيف22: "يبلغ إجمالي مصانع الملابس في مصر 12000، أما عدد المحلات فهو 7000 محل تبيع مختلف المقاسات".
ويشير عبد السلام إلى أن المحلات العادية تبيع حتى مقاسات 3X، وما يزيد على ذلك يدخل في نطاق تصميمات الـ Big Size وصولاً لـ7 أو 8 X Large. مضيفاً: "تعداد المصانع والمحلات المتخصصة في المقاسات الكبيرة تتناسب مع تعداد المشترين". وعن حجم مبيعات الملابس الجاهزة خلال الموسم الشتوي هذا العام، يقول: "تراجعت 50% بسبب الضغوط الاقتصادية التي يعانيها المواطنون، إذ انخفضت معدلات شراء الملابس الجديدة بشكل عام خلال 2022، والربع الأول من العام الحالي. وباتت معظم القطع المتوفرة في السوق من جميع المقاسات محلية الصنع، ولم يزد حجم المستورد عن 15% من الموجود في السوق. فيما ارتفعت أسعار الملابس وأسعار الخامات، فاضطرت المصانع إلى خفض طاقتها الإنتاجية نتيجة الركود.
محمود داعور رئيس شعبة الملابس الجاهزة بالغرفة التجارية بالقاهرة، ذكر لرصيف22 أن لا وجود لإحصائيات لدى الشعبة حول عدد مصانع الملابس المخصصة لتصميمات الأوزان الخاصة أو الحوامل أو توزيعها الجغرافي وتغطية إنتاجها بمحافظات المختلفة، مشيراً إلى أن التزايد أو التراجع في تعداد هذا النوع من المصانع والمحلات يعود للموضة والطلب عليها فحسب.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 19 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 5 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين