شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
إيران تسلّم السفارة الأفغانية لطالبان... هل يتقرب النظام الإيراني من الحركة؟

إيران تسلّم السفارة الأفغانية لطالبان... هل يتقرب النظام الإيراني من الحركة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 1 مارس 202304:46 م

ترفرف رسمياً راية طالبان في وسط طهران بعد إنزال علم أفغانستان من سفارتها في العاصمة الإيرانية، إذ ترأس فضل محمد حقاني، من قبل خارجية طالبان، البعثة الدبلوماسية الأفغانية البالغ عددها سبعة أشخاص، وفق ما أشار ذاكر جلالي مستشار الحركة.

وبعد سيطرة طالبان على كابول في آب/أغسطس عام 2021، ترك السفير الأفغاني لدى طهران عبد الغفور ليوال، السفارةَ٫ وتوجه إلى أوروبا حيث يعيش هناك الآن، ولكن السفارة وقنصليتها في مدينة مشهد شمال شرق البلاد، بقيت في يد دبلوماسيين من النظام السابق، يزاولون عملهم ويقدمون الخدمة لنحو 6 ملايين لاجئ أفغاني يعيشون في إيران.

ورفض عبد القيوم سليماني، مسؤول البعثة الأفغانية وطاقم السفارة العملَ لصالح الحركة. وقبل يوم من تسليم السفارة، نشر أولئك الدبلوماسيون صورهم التذكارية في مبنى السفارة على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها صورة تظهر إنزال صورة أحمد شاه مسعود (1953-2001) وإخراجها من مبنى السفارة، حيث كان الأخير قائداً للمقاومة الأفغانية إبان الحرب مع الاتحاد السوفياتي وضد الحكومة الأولى لحركة طالبان في نهاية القرن العشرين، ويمثل اليوم نجلُه أحمد شاه قائداً لقوى المعارضة لحكم طالبان.

سفير طالبان يسلب أمن المهاجرين

أثارت هذه الصور حفيظة بعض الإيرانيين والأفغانيين المعارضين لحركة طالبان، واعتبروا خطوة إيران في تسليم السفارة الأفغانية لأفراد الحركة، مفاجئةً، وأنها جاءت "مخالفة للمبادئ الدبلوماسية" و"معادية لمصالح الشعب الأفغاني".

الصور التي نشرها الدبلوماسيون الأفغان عند مغادرتهم مبنى السفارة٫ أثارت حفيظةَ بعض الإيرانيين والأفغانيين المعارضين لحركة طالبان، واعتبروا خطوة إيران في تسليم السفارة الأفغانية لأفراد الحركة، مفاجئةً، و"مخالفة للمبادئ الدبلوماسية" و"معادية لمصالح الشعب الأفغاني"

ونشرت "جبهة المقاومة الأفغانية"، بزعامة المعارض أحمد مسعود، بياناً اعتبرت تسليم مبنى السفارة لممثل "جماعة حكمها غير شرعي وإرهابي في أفغانستان" مخالفاً للأعراف الدبلوماسية.

"إن الحضور الدبلوماسي لطالبان في طهران، بمثابة تهديد للجالية الأفغانية التي لجأت إلى إيران إثر الخوف والذعر وضغط الحركة، ويمكن أن يسلب هذا الحضور أمن المهاجرين الأفغان"٫ وفق ما جاء في البيان.

وقالت مصادر مطلعة من السفارة الأفغانية إن مساعد وزير الخارجية الإيراني رسول موسوي، كان قد أبلغ قبل أسبوع أعضاءَ السفارة السابقين بقبول طهران بتسليم مبنى السفارة لممثل طالبان، وبأن تسليم السفارة له سيتم حتى يوم الاثنين 28 من شباط/فبراير.

وأعلن دبلوماسي لوسائل إعلام دولية دون الكشف عن اسمه أنه "تم تسليم وثائق السفارة الأفغانية بطهران إلى الجانب الإيراني الذي بدوره سيقوم بتسليمها إلى سفير طالبان"، كما كشف أنه من المقرر أن تتسلم طالبان مبنى القنصلية الأفغانية في إسطنبول التركية.

إيران تنفي

من جهته نفى ناصر كنعاني، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، تسليم بلادها السفارةَ لطالبان واعتبر ذلك شأناً داخلياً يتعلق بأفغانستان قائلاً: "انتهاء مهمة الدبلوماسي وتكليف دبلوماسي آخر من نفس السفارة بالإشراف على شؤون السفارة لا يعني تغييراً في الوضع القانوني لتلك السفارة".

كما أكد المتحدث على عدم حدوث أي تغيير في سياسات ومواقف بلادها تجاه التعامل مع حكومة تصريف الأعمال في أفغانستان.

وحول استلامها وثائق ومستندات من دبلوماسي النظام السابق الأفغاني، أضاف كنعاني: "لم تتسلم وزارة خارجية إيران أي مستند أو معدات أو أي شيء آخر مملوك للسفارة الأفغانية في طهران."٫ يستولي أعضاء طالبان على سفارات بلادهم واحدة تلو الأخرى، فبعد قطر وباكستان وتركمانستان والصين وأوزبكستان وروسيا، جاء دور إيران وتركيا. تشرع الحركة علاقاتها مع الدول على الرغم من أن العالم لا يعترف بشرعية حكومتها حتى الآن، وما زالت معظم السفارات الأفغانية في الدول الأجنبية بيد الدبلوماسيين من النظام السابق.

كانت إيران على علاقات وثيقة مع قيادة الحركة قبل وصولها إلى سدة الحكم في منتصف آب/أغسطس 2021، وتوسعت العلاقات بعد توليهم زمام الحكم في أفغانستان.

950 كلم حدود مشتركة

كل ما يجوز في وصف العلاقة بين طهران وطالبان حتى الآن، أن الأخيرة عادت جارة بـ ٩٥٠ كيلومتراً حدوداً مشتركة، إذ تحظى الحركة بقبول ورفض شعبي في الداخل الإيراني وهذا بحد ذاته يخلق تحدياً للنظام حين فتح صفحة جديدة مع طالبان.

الحرکة وحاضرها وماضيها مرفوضة شعبية في الداخل الإيراني، وعدم القبول هذا ينقسم إلى شقین؛ الأول هو البعد الطائفي، فطالبان طائفة سنية متشددة لم یقبل بها الشیعة کما علت أصواتهم قبل سیطرة الحرکة علی أفغانستان، وهذا الرفض یأتي من منطلق عقائدي.

أما البعد الثاني من الرفض، هو طبقة نخبوية منفتحة ترفض طالبان دیمقراطیاً؛ حیث تری بطالبان توحشاً ورجعية وعملیات اغتیال وعدم مراعاة لحقوق الإنسان٫ خاصة المرأة وحریة التعبیر، وقد أشعلت هذه الفئة منصات التواصل برفضها القاطع لما یجري في الجارة الشرقية خلال الآونة الأخيرة. ومما زاد الکره لطالبان هو وجود الشعور القومي المتعصب لدی فئة لا بأس بها من الإیرانيين الذين لم ینسوا أن أفغانستان کانت یوماً ما جزءاً من الإمبراطوریة الفارسية القديمة٫ فلا یریدون لها ما تریده الحرکة من أسلمة المجتمع هناك.

"طالبانيسم"

وخلال الحوادث التي طرأت على المجتمع الإيراني في الآونة الأخيرة، تمثلت في قضية حجاب المرأة، بات جزء من المجتمع الإيراني، يصف سياسات الحكومة وأنصارها في التسريع والتشديد بتطبيق الأحكام الشرعية، بمثابة متابعة نهج طالبان.

واستخدم الإعلام المحلي الحر مصطلحَ "طالبانيسم"، لوصف سعي النظام في الحذو وراء أفعال طالبان الرجعية التي تشهدها أفغانستان هذه الأيام.

ما زالت هناك خلافات شاسعة بين الجانبين، فأفغانستان في عهد طالبان وعلى غرار النظام السابق لم تسمح بالإفراج عن سهم إيران من المياه خلف السدود الأفغانية. كما تشهد الحدود المشتركة صراعات طفيفة لكنها مستمرة

أما الحكومة الإيرانية، ورغم عدم اعترافها شرعياً بحكومة طالبان، إلا أنها مُجبرة على التعامل والتواصل معها بحكم الكثير من المتغيرات والتحديات، وتساندها أصوات داعمة لطالبان في الداخل الإيراني، ممن يرون في أعضاء الحركة، زملاء في الصراع ضد أمريكا حسب أيديولوجية النظام الإسلامي. كما يعد خروج الولايات المتحدة من أفغانستان الجارة الشرقية لإيران، بمثابة مصالح براغماتية تتقاسمها إیران وطالبان رغم العداوة التاریخیة بینهما.

ورغم ذلك، ما زالت هناك خلافات شاسعة بين الجانبين، فأفغانستان في عهد طالبان وعلى غرار النظام السابق لم تسمح بالإفراج عن سهم إيران من المياه خلف السدود الأفغانية. كما تشهد الحدود المشتركة صراعات طفيفة لكنها مستمرة عن خلافات حدودية.

تزعج تصرفات طالبان، الحكومة الإيرانية المحافظة، لكنها تستمر بالتفاوض والحوار معها، خاصة أن أفغانستان توصف بمتنفس الاقتصاد الإيراني من خلال تصدير البضائع.

ويذكر أن طهران أجرت جولة محادثات بين المعارضة الأفغانية وبين حركة طالبان بهدف المصالحة الوطنية، حيث تسعى لحلحلة الخلافات بينهما عبر الحوار دون الانحياز لأي منهما، ولهذا يمكن القول إنها تقف على مسافة واحدة من الجانبين رغم التقارب الروحي بين الثقافة الإيرانية وقبائل الطاجيك والهزاره (المعارضة)، على حساب البَشتون (وطالبان منهم) في أفغانستان. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image