شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
إيران على خطى طالبان... جماعات متشدّدة تسمّم الطالبات للحدّ من تعليمهن

إيران على خطى طالبان... جماعات متشدّدة تسمّم الطالبات للحدّ من تعليمهن

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 28 فبراير 202303:24 م

"أراد بعض الأشخاص إغلاق المدارس، خاصة مدارس البنات". هذا أحدث تصريح للحكومة الإيرانية أدلى به نائب وزير الصحة يونس بَناهي حول حالات التسمم المتسلسلة لطالبات الثانويات، والتي ما زالت مستمرةً منذ ثلاثة أشهر في إيران.

وبدأت القضية بعد أن أصيبت طالبات ثانوية نور في مدينة قم الدينية، معقل الفكر الشيعي في البلاد، بحالة تسمم إثر استنشاق رائحة تشبه فاكهة اليوسفي بأجواء المدرسة في 30 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، فانتقلت الطالبات إلى المستشفى حينها في ظل غموض تام بشأن معرفة الأسباب. ومنذ ذلك الوقت حتى اليوم، استمرت حالات التسمم في نحو 12 ثانوية في مدن قم، وأردبيل، وطهران، وبروجرد.

وأبلغت حتى الآن نحو 200 طالبة عن أعراض مثل الغيثان والصداع والسعال وصعوبة التنفس وخفقان القلب والخمول، كما عادت غازات التسمم في بعض المدارس لمرتين متواليتين، إذ يعتقد البعض أنها استهداف متعمد للطالبات.

"حظرُ طالبان لتعليم الفتيات ربما يكون قد استفز المتدينين المتطرفين في قُم لشنّ هجمات على مدارس الفتيات من أجل بث الخوف في نفوسهن وعائلاتهن بهدف نهائي هو إبقاؤهن في المنزل"

وقالت جامعة قم للعلوم الطبية "إن هذه الحوادث تسببت في التنفس السريع للطالبات وتوترهن ثم أصبحن يعانين من قلق غير مسبوق نتيجة الاضطرابات في المدرسة"، كما ذكر رئيس الجامعة مهدي مصري في رسالة أن في حال تكرار التسمم، يمكن القيام بـ"تخزين عينة من هواء المنطقة المسمومة بكيس بلاستيكي وحفظ استنشاق وزفير الطالبات لأخذ العينات"، إذ وصفت الصحف المحلية بأنها رسالة غريبة.

احتجاج العوائل

تسبب إهمال الجهات المعنية وتكرار حالات التسمم بذعر عام لدى الرأي العام الإيراني، وقد احتج أفراد عائلات الطالبات اللواتي ظهرت عليهن أعراض التسمم أمام مكتب حاكم مدينة قم الدينية.

وهتف المحتجون "لا نريد مدارس غير آمنة!" و "يجب تأمين المدارس"، وأكدوا على ضرورة التحقيق الشفاف في الحادث المتسلسل، والإعلان عن نتائجه والحد من التكرار.

وفي ظل عزوف بعض الطالبات عن الحضور في المدارس، تم تعطيل المدارس الثانوية في محافظة قم يومين، لتخفيف الضغط النفسي للطالبات وعوائلهن، وإقامة الدروس "أون لاين". وبعد عودة الطالبات لصفوف التعليم، وقعت حالة تسمم أخرى في إحدى ثانويات المدينة.

جماعات متطرفة

وحذف موقع قم نيوز مقالة للباحثة الإسلامية نفسية مُرادي، بعد ساعات قليلة من نشرها كانت قد تكهنت فيها بأن "جماعات متطرفة ذات معتقدات مشابهة لمعتقدات حركة طالبان في أفغانستان قد تكون وراء عمليات التسمم الغامضة".

وشرحت الأكاديمية إن "حظر طالبان لتعليم الفتيات ربما يكون قد استفز المتدينين المتطرفين في قُم لشن هجمات على مدارس الفتيات من أجل بث الخوف في نفوسهن وعائلاتهن بهدف نهائي هو إبقاؤهن في المنزل، ونصحت السلطات بعقد دروس على الإنترنت حتى يتم التعرف على مرتكبي ما وصفته بالهجمات الإرهابية".

وحذرت من أن أفعال جماعات شيعية ضد المرأة في مدينة قم، تؤمن بمعتقدات حركة طالبان السنية في أفغانستان، يمكن أن تكون أحد العناصر المهددة والمقلقة للأمن القومي الوطني.

أخبار مشابهة

وأعادت بعض مواقع إعلامية إيرانية نشر أخبار عن حالات تسمم وقعت في مدارس أفغانستان للبنات، إذ علّق موقع عصر إيران: "البحث في أرشيف الأخبار يبيّن أن وقائع مشابهة حدثت في أفغانستان قبل ثماني سنوات، عندما كانت طالبان خارج الحكم وتخالف تعليم الفتيات. إن حالات التسمم في قم وأفغانستان تتشابه"، وأضاف الموقع "يمكن أن يكون ذلك بمثابة دليل لمعرفة ما يجري في خلف الكواليس".


وشرح رجل الدين الإصلاحي محمد تقي فاضل ميبدي في حوار مع صحيفة شرق "خلصت دراسة لباحث اجتماعي في مدينة قم إلى أن مجموعة هِزارِه گِرا قامت بتسمم الطالبات، وأن معقل هذا التيار الذي يشبه طالبات (في المعتقدات الرجعية) یقع في مدينة قم وإصفهان، حيث يؤكد قادته أن الفتيات لا بد أن يدرسن حتى الصف الثالث في الإعدادية".

وأكد أن عدم متابعة الموضوع وإعلانه للمجتمع من قبل الحكومة أمر مستغرب، مردفاً "تسيطر أجواء الخوف والوحشة في مدارس البنات".

من هم هؤلاء؟

قال الباحث الديني مهراب صادق نيا عن هذا التيار: "(هزاره گرا) تعني الإيمان بالنهاية الوشيكة للنظام العالمي وظهور حكومة لغرض الخير والوئام والعدالة في العالم. وأهم خصائص هؤلاء عدم الرضا عن الوضع الحالي ثم الإيمان بحدوث فترة في العالم ينتشر فيها العدل والسلام والازدهار".

هذا، وأوعزت الحكومة الإيرانية إلى وزارة الاستخبارات القيام بتحقيق عن الحادث ومعرفة الأسباب، بيد أن نتائج التحقيق لم تكن علنية للمواطنين وعوائل الطالبات حتى الآن، كما أكد البرلماني مجتبى ذوالنور أن تكرار حالات التسمم لم يكن أمراً طبيعياً.

وكلف المدعي العام الشيخ محمد جعفر منتظري فريقاً من جهاز القضاء اتخاذ إجراءات حاسمة ضد الجناة المحتملين، مصرحاً إن "الأنباء الواردة عن تكرار مقلق لحالات التسمم في بعض المراكز التعليمية في قم تشير إلى إمكانية ارتكاب أفعال جنائية متعمدة".

"خلصت دراسة لباحث اجتماعي في مدينة قم إلى أن مجموعة هِزارِه گِرا قامت بتسمم الطالبات، وأن معقل هذا التيار الذي يشبه طالبات (في المعتقدات الرجعية) یقع في مدينة قم وإصفهان، حيث يؤكد قادته أن الفتيات لا بد أن يدرسن حتى الصف الثالث في الإعدادية"

بعد ثلاثة أشهر لم يتم تحديد سبب حوادث التسمم المتتالية حتى الآن، وذكرت الصحافية مستوره برادران نصيري في مقال عنونته: "السيد رئيس الجمهورية! لماذا لا تتفاعلون مع تسمم الطالبات؟"، أن الأمر يعتبر تحدياً على مستوى البلاد، لكن الحقيقة ما زالت غامضة، وأن الحديث في منصات التواصل الاجتماعي يدور حول "إخفاء الحقيقة" بالتعمد من قبل الجهات الرسمية.

وذكرت أن هناك صوراً ومقاطع فيديو يتم تداولها في شبكات التواصل عن حدوث حالات شلل لتلميذات مدارس أصبن بالتسمم، وأكدت في مقالها على ضرورة تشكيل لجنة تقصي الحقائق، خاصة بعد تسريبات عن تشابه الحادث بما فعلته طالبان قبل سنوات. وطالبت الصحافية في حال عدم قيام الحكومة بذلك، فلتسمح لوسائل الإعلام المحلية أن تكون صوت الطالبات وعوائلهن عسى ولعل يتم التوصل لحل في علاج الحادث.

"التأخير في ملاحقة واعتقال المتورطين في تسمم الطالبات في وضح النهار، أليس له معنى واحد بأن من قام بذلك هم من أنصار النظام؟"، هكذا تساءل الناشط الاقتصادي بِدرام سلطاني، الذي يعتبر واحداً من أبرز المحسنين في مجال بناء المدارس في عموم البلاد.

يسيطر التيار المحافظ على مقاليد الحكم في إيران منذ عقود. في ما يتصل بأوضاع الحكومة والبرلمان، وهناك تقاسم أدوار، فتارة يفوز التيار الإصلاحي وتارة التيار الأصولي، بينما في الانتخابات البرلمانية عام 2020 والانتخابات الرئاسية عام 2021 وبعد رد أهلية الكثير من الإصلاحيين، استولى المحافظون على القوى التنفيذية والتشريعية، واستقوى عقب ذلك المتشددون الدينيون في البلاد، لينفذوا معتقداتهم بصرامة، خاصة تلك التي تتعلق بحقوق المرأة، وما هو مؤكد حتى اليوم أن إيران ماضية نحو صراعات داخلية متعاقبة.  

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard