"شكراً يا قاضي، ولكنكم ظَلَمة". بهذه الكلمات استقبلت الممثلة وعارضة الأزياء اليمنية انتصار الحمادي (21 سنة) النطق بالحكم الجائر بحقها هي وزميلتها يسرى الناشري (21 سنة)، والذي قضى بحبسهما لخمس سنوات بتهمة تعاطي الحشيش ومواد مخدرة وممارسة الدعارة. وعندما اعترضت الحمادي على الحكم، هددها القاضي بمضاعفته إلى عشر سنوات إنْ لم تصمت...
في صبيحة يوم الأحد في الـ12 من شباط/ فبراير 2023، عقدت محكمة الاستئناف في صنعاء جلسة النطق بالحكم في قضية الحمادي والناشري، وذلك بعد أن قضت الأولى قرابة العامين خلف قضبان السجن تنتظر البت في قضيتها العالقة في أروقة المحاكم، فيما كانت الثانية قد خرجت بكفالة لتتلقى العلاج بعد أن أمضت قرابة السنة وأربعة أشهر في السجن.
وبحسب ناشطين حقوقيين ممن حضروا الجلسة، كانت المحاكمة جائرة، وأيّد فيها القاضي حكم المحكمة الابتدائية، لتنهار انتصار وتبكي وتنهار معها والدتها المُسنّة التي كانت حاضرة في القاعة أثناء النطق بالحكم.
الناشط الحقوقي لؤي العزعزي كان أحد الذين حضروا الجلسة. يقول لرصيف22: "حضرنا إلى محكمة الاستئناف ونحن متأملين بأن تكتفي لجنة القضاة بالعامين اللذين قضتهما انتصار في السجن، على الرغم من عدم ثبوت أي تهمٍ ضدها، إلا أن ما حدث في القاعة فاجأنا، فقد ظهر القضاة وهم يتداولون في الحكم في جلسة النطق بالحكم، بينما من المفترض أن يكون حكم القضاة جاهزاً وموقعاً عليه من قِبلهم".
"استمر القضاة الثلاثة لقرابة النصف ساعة يتناقشون ويتداولون في الحكم بينهم"، يضيف العزعزي، "ثم افتتح قاضي الجلسة كلامه بالحديث عن الحرب الناعمة، والفساد الأخلاقي والانفلات، وقذف الفتيات بما لم يثبت ضدهن، ليعلن بعدها تأييد حكم المحكمة الابتدائية الظالم والذي يقضي بحبس انتصار وصديقتها لخمس سنوات".
وعلّق الصحافي أحمد الولي على الحكم بالقول: "كانت انتصار الحمادي تحلم بأن تخرج من هذه البلاد أو ما قالت إنه ‘المكان الضيق’ حتى تُصبح عارضة أزياء عالمية، لكنها وجدت نفسها في مكان أكثر ضيقاً. ليس هناك ما هو أسوأ من انعكاس الحلم".
نُعتتا بـ"الداعرت" في قاعة المحكمة
يقول مثل شعبي "لو غريمك القاضي فمَن تُقاضي"؟ ويُقصد به أنه إذا كان القاضي خصمك فمَن سينصفك؟ هذا ما حدث في جلسة النطق بالحكم بحسب مَن حضروا الجلسة المذكورة، فقد ظهر تحيز القاضي واضحاً في تعامله مع المتهمتين والنظرة الدونية تجاههما، إذ كان يتبنى أحكاماً مسبقة تطعن في مهنيته وعدالته.
ما حدث في الجلسة المذكورة تجاوز ما هو أبعد من ذلك ووصل إلى تعدي القاضي لفظياً على المتهمتين وقذفهما بـ"الداعرات".
الناشط الحقوقي أحمد النبهاني كان هو الآخر ممن حضروا الجلسة. يشير إلى مخالفات إجرائية ارتكبها القاضي، في منشورٍ كتبه على صفحته على فيسبوك، من بينها "التداول في الحكم داخل قاعة المحكمة" وتهديد القاضي للحمادي "بمضاعفة المدة إلى عشر سنوات" بعد أن نعتت القضاة بـ"الظَلَمة".
وعرض النبهاني ملاحظة ثالثة "تكمن بأنه (القاضي) تلفظ بلفظ ضد انتصار الحمادي وزميلاتها استحي أن أورده في هذا المنشور"، ما يؤكد، برأيه، "أن القاضي تصرف كخصم لانتصار الحمادي وزميلاتها طوال فترة جلسة النطق بالحكم"، وملاحظة رابعة هي "أن محامي انتصار الحمادي ويسرى الناشري لم يحضر الجلسة ولو أنه حضر لقدّم طعناً في الأخطاء القانونية التي واكبت جلسة النطق بالحكم"، داعياً إلى فتح باب التطوع للمحامين للدفاع مجاناً عن الحمادي والناشري "في الجولة الأخيرة للمحاكمة أمام المحكمة العليا".
يقول مثل شعبي "لو غريمك القاضي فمَن تُقاضي"؟ هذا ما حدث في جلسة النطق بالحكم ضد عارضة الأزياء اليمنية انتصار الحمادي وزميلتها يسرى الناشري: وصل الأمر إلى تعدي القاضي لفظياً على المتهمتين وقذفهما بـ"الداعرات"
تعلّق الناشطة النسوية عائشة الجعيدي على "تجاوزات القاضي تجاه الفتيات اللواتي لا تصل أعمارهن إلى 22 سنة" بالقول لرصيف22 إنها "انعكاسٌ لحالة الذكورية في اليمن، وهي هيكلية ومُستشرية في أجهزة الدولة وهذا يظهر في ظاهرة الممارسات القمعية التي راجت مؤخراً، خصوصاً في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، من منع النساء من السفر بمفردهن أو حتى استخراج جواز سفر، وهذا كله لا ينص عليه القانون اليمني على الإطلاق".
وتدعو الجعيدي إلى "إحالة هذا القاضي الذي مارس سلطته بقذف الفتيات والتجنّي عليهن في قاعة المحكمة إلى التفتيش القضائي"، قبل أن تعلّق مستنكرة: "لكن ما الذي يمكن توقعه من هيئات قضائية تحت سيطرة الحوثي؟".
محامي الشابتين الذي تغيّب عن الجلسة هو صقر السماوي الذي حلَّ مكان سابقه خالد الكمال، إثر تعرّض الأخير لمضايقات وتهديدات لترك القضية بسبب تصريحاته لوسائل الإعلام.
يقول الكمال لرصيف22: "منذ أن بدأت العمل في هذه القضية والترافع والدفاع عن هاتين الفتاتين، وإلى اليوم، لا تتوقف التهديدات التي تصلني من أمن ومخابرات صنعاء والمضايقات".
ويروي أنه بعد فترة وجيزة من سريان القضية، "اعترضني مسلحان وأنا عائد إلى بيتي في الليل، وتقدّم أحدهما وسألني هل أنت خالد الكمال محامي انتصار الحمادي؟"، قلت له نعم، لماذا؟ فقال: أنصحك أن تبتعد عن هكذا قضية فأنت من قبيلة معروفة ومن بيت الكمال، ثم هددني بقوله إذا أردتَ تجنب المشاكل لا تتدخل بقضية هذه ‘القحبة’"، ويعلّق: "أفزعتني همجيّته هذه فرديت عليه إن شاء الله خير، وحملت نفسي بخطوات متسارعة نحو المنزل".
بعدها بأيام، يتابع الكمال، وحين كان المحامي في زيارة إلى السجن المركزي لمقابلة موكلته انتصار الحمادي، "دخلت بوابة السجن فرأيت مدير السجن. أوقفني وسألني أنت خالد الكمال محامي انتصار؟ أجبته نعم أنا يا فندم، فرمقني بنظرة ازدراء من أسفل قدميّ حتى رأسي وقال هات بطاقتك، أخرجت له بطاقة المحاماة وقلت تفضل سيدي، أخذ البطاقة ونظر إلى مساعده وقال احبسوه، قلت له صلِّ عَ النبي يا فندم أنا محامي ما يحق لك تحبسني، يحبسوني ليش؟ ثم هرعت إلى غرفة وكيل السجن وطلبت منه مراجعة مدير السجن في تصرفه هذا تجاهي، وبعد محاولات من وكيل السجن سمحوا لي بالخروج لكنه رفض تسليمي بطاقتي. كنت خائفاً، لذلك اكتفيت بسماحهم لي بالخروج والعودة إلى بيتي سالماً ولا تهمّ بطاقتي التي إلى اليوم لا زالت مُصادرة لديهم".
عامان من المعاناة... وسلسلة من الانتهاكات
عامان من الانتهاكات الحوثية بحق انتصار الحمادي وصديقتها يسرى الناشري بدأت باختطافهن في 20 شباط/ فبراير 2021 من أحد شوارع منطقة شملان في العاصمة صنعاء الواقعة تحت سلطة جماعة الحوثيين.
يشير الكمال إلى أن الطريقة التي اقتاد بها الحوثيون الفنانة انتصار وصديقها يسرى لا يمكن بأي شكلٍ من الأشكال اعتبارها تحت إطارٍ قانوني، بل أقل ما يمكن وصفها به هو أنها اختطاف وإخفاء قسري، أولاً لأنهم أوقفوهما في نقطة أمنية مستحدثة وبدون أي أمر رسمي أو مذكرة قبض أو تفتيش رسمية وثانياً لأنهم اقتادوهما إلى مكان مجهول وعصبوا أعينهما وأجبروهما على التبصيم قسراً على أوراق لا يعرفا ما هو مكتوب فيها ومن ثم أخفيتا قرابة أسبوعين في سجنٍ سري ولم يُعلَن عن القبض عليهما ويُنقلا إلى سجن رسمي إلا بعد أن تحرك الرأي العام وبدأت تساؤلات الناس عن مصيرهنّ.
"ضرب وضربونا، كلباش وتكلبشنا، زنزنة في الانفرادي وتزنزنا، ما ذقنا يوم هادئ أنا وانتصار في المعتقل بسبب الزينبيات اللواتي جاؤوا بهن إلى السجن لمراقبة السجينات وتأديبهن"
تتحدث يسرى الناشري عن يوم اعتقالها، في 20 شباط/ فبراير 2021 وتقول لرصيف22 إنها تتذكره وكأنه البارحة، وكان عيد ميلاد أمها وكانت تتحضر للاحتفال بالمناسبة مساءً "لكنه تحوّل إلى أبشع يوم في حياتي، عن جد أبشع يوم، عيّشونا هديك اليوم بخوف، كل ما أتذكره بخاف وبرتعب، وكتير انقهرت إنو هاد اليوم، يوم ميلاد ماما تحوّل لكابوس بشع بحياتي".
"قبل اختطافنا، كانت تصلنا تهديدات أنا وانتصار وأيضاً أهلنا بسبب عملنا كـ‘مودلز’، وبسبب لبسنا ونشرنا صورنا"، تتابع وتضيف: "لكن ما كنا متوقعين إنو يخطفونا هيك من الشارع بهي الطريقة. أمي دورت عليّ بكل مكان أسبوعين وهيّ مو عارفة وين اختفيت وشو هو مصيري. دورت عليّ حتى في ثلاجات الموتى بالمشافي".
ويسرى هي شابة في الـ21 من عمرها، لأبٍ يمنيّ وأمٍ سورية، وعاشت منذ طفولتها مع أسرتها في سوريا، وعندما اندلعت الحرب عادوا إلى اليمن. تقول: "عندما اندلعت الحرب في سوريا، اخترنا أن نعود إلى اليمن، بين أهلنا وناسنا، لكننا هربنا من حربٍ واحدة إلى حروبٍ عدة، فما إنْ وصلنا حتى اندلعت الحرب في اليمن أيضاً. الحرب ذاتها لم تفقدنا معنى الوطن، لكن مَن سيطروا على البلد مسخوا معنى الوطن".
عن فترة سجنها، تروي: "عشتُ قرابة عامٍ ونصف في سجون الحوثيين أقاوم أنا وصديقتي انتصار حروباً عدة، فلو كان سهماً واحداً لاتقيته ولكنه والله سهمٌ وثانٍ وثالث، إلى أن جاء المرض لأول مرة على شكل هبة إلهية أخرجتني من السجن وبقيت صديقتي انتصار والتي أعلم تماماً ما الذي تعانيه في بيت الجرذان ذاك".
يسرى كانت محظوظة مقارنة بصديقتها. تمكنت خلال فترة خروجها من السجن للعلاج من الفرار من مناطق سيطرة الحوثيين والسفر لتنجو من عبثية الأحكام الجائرة.
أما الحمادي، فتقبع في السجن المركزي منذ عامين، وتشير الناشري إلى أن زميلتها تعرّضت للتعذيب على يد السجّانات اللواتي تكررت اعتداءاتهن عليها، حتى تورم وجهها وكُسر أنفها، كما أنها تتعرّض للتمييز والتنمر بسبب لونها، كما تُجبر على لبس اللثام الإلزامي لجميع السجينات، وعلى الخروج في أوقات محددة إلى باحة السجن للاستماع إلى خطب قائد الحوثيين عبد الملك الحوثي، تحت طائلة المعاقبة بالسجن الانفرادي أو الضرب.
تتحدث يسرى الناشري عمّا عانته هي وزميلتها في السجن، وتقول: "من أول يوم وصلنا إلى أيديهم، لم تتوقف الاعتداءات، إلى درجة أني لا أستطيع أن أُحصي عدد المرات التي اعتدوا فيها علينا، ضرب وضربونا، كلباش وتكلبشنا، زنزنة في الانفرادي وتزنزنا، ما ذقنا يوم هادئ أنا وانتصار في المعتقل بسبب الزينبيات اللواتي جاؤوا بهن إلى السجن لمراقبة السجينات وتأديبهن. عزلونا في الانفرادي أكثر من مرة لـ15 يوماً، كانوا يتركوننا في الزنازين بدون تواصل مع أهالينا أو زيارات".
وتروي أن "كل السجينات مجبورات على لبس النقاب وليس لهن الحق حتى في قص شعرهن أو صبغه، وكانت انتصار تمر بحالة اكتئاب جعلتها تقص شعرها قصة قصيرة، لكن الزينبية أخبرتها بأن هذه القصة ممنوعة وخيّرتها بين أن تحلق رأسها قرعة أو أن تعاقبها بالحبس الانفرادي، فرفضت انتصار لكن صديقاتها السجينات خوفاً عليها أخذنها وحلقن لها رأسها كاملاً حلاقة قرعة".
"بعد أن عجزوا عن إثبات أي تهمة ضدنا، جاؤوا إلينا من البحث الجنائي وقدّموا لنا عرضاً للعمل معهم بأن نستقطب شخصيات سياسية معارضة إلى شقق مشبوهة وننصب لهم كاميرات ونمارس الجنس والشرب في سبيل الوطن"
وتردّ الناشري سبب تعنّت الحوثيين حيالهما بهذا الشكل إلى أنه "بعد أن عجزوا عن إثبات أي تهمة ضدنا، جاؤوا إلينا من البحث الجنائي وقدّموا لنا عرضاً للعمل معهم بأن نستقطب شخصيات سياسية معارضة إلى شقق مشبوهة وننصب لهم كاميرات ونمارس الجنس والشرب في سبيل الوطن، وقالوا لنا أننا إذا أردنا أن يفرجوا عنّا، فلننفّذ ما طلبوه منّا وعندما رفضنا قالوا إن علينا تحمل تبعات هذا الرفض".
الأمر نفسه ذكَرَته انتصار الحمادي لمجموعة من الصحافيين والحقوقيين وقضاة وشخصيات معارضة زاروها برفقة محاميها السابق خالد الكمال في أيار/ مايو 2021، بحسب شهادات متقاطعة لأشخاص حضروا اللقاء.
يشدد المحامي خالد الكمال على براءة انتصار الحمادي من كل التهم التي نسبها الحوثيون إليها ويقول إنه "في تحقيق النيابة العامة ظهرت محاضر الضبط خالية من أي دليل يدين انتصار وصديقتها، لذلك أمر قاضي التحقيق في النيابة العامة رياض الأرياني بالإفراج عنهما وأصدر مذكرة إفراج فوري كما أن المحكمة الجزائية رفضت استلام ملف القضية كون التهم غير مثبتة والأدلة ناقصة لكن الحوثيين استدعوا قاضياً من طرفهم، وعندما لم يجد أدلة كافية ضد الفتاتين أمر بإجراء فحص عذرية قسري لانتصار الحمادي وهذا يُعَدّ تجاوزاً لكافة القوانين الإنسانية ولجميع الدساتير والأديان والأعراف".
وفي أيار/ مايو 2021، كان الحوثيون يعتزمون إجراء فحص عذرية قسري لانتصار الحمادي لولا تدخل منظمة العفو الدولية وشخصيات دولية كالسفير البريطاني الذي طالب الحوثيين بالإفراج عن الحمادي بتغريداتٍ على حسابه على تويتر.
أمام هذا الواقع، حاولت الحمادي الانتحار مرتين في السجن، بحسب الناشري والكمال، الأولى عند سماعها بخبر إجراء فحص عذرية لها، ما أدخلها في نوبة اكتئاب دفعتها إلى محاولة شنق نفسها في باحة السجن عندما جاؤوا لتحويلها إلى قسم سجينات الدعارة في السجن؛ والثانية عند سماعها بالحكم الذي أصدرته المحكمة الابتدائية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 بسجنها هي وصديقتها لخمس سنوات بتهمة تعاطي الحشيش ومواد مخدرة وممارسة الدعارة، رغم أن محضر الضبط يُظهر أنه قُبض عليها وليس بحوزتها سوى شنطتها وهاتفها المحمول وعلبة ماكياجها.
وفي شباط/ فبراير 2022 ظهر والد انتصار الذي يقيم منذ سنوات في إثيوبيا، في فيديو مسجّل، وهو يناشد بإطلاق سراح ابنته باكياً ويقول: "ابنتي كانت تقول لي إنها تريد أن تكون فنانة مشهورة، أنا أعرف تربية ابنتي، لا تعرف شيئاً مما قالوه عنها وما اتهموها به، ابنتي ما زالت صغيرة. السجن سيدمر مستقبلها ودراستها، ابنتي ستتعقد من هذا الحياة".
وصمة المجتمع
"وقت ما سمعت بالخبر، وجعني قلبي وحسيت بقهر، مقهورة كتير. قلت يمكن ضميرهم يأنبهن ويقولو هاد ظلم واللي ساووه حرام، لكن للأسف هاد الحكم اللي طلعو فيه ظلم وظلم كتييير... أثبتوا إنه ما عندن ذرة ضمير لأنهم حكموا عَ بنات صغيرات تلفيق وكذب"، تقول والدة يسرى المكلومة عن سماعها خبر الحكم على ابنتها وزميلتها.
أما يسرى، فتقول إنها، وعلى الرغم من أنها خرجت من صنعاء، "إلا أنه عندما أخبرني المحامي بأن جلسة النطق بالحكم في اليوم التالي، توترت ولم أنم حتى الصباح، وعندما أبلغوني بالحكم الذي صدر، انقهرت وكأنه حُكم عليّ للمرة الأوى، فقد كنت أنتظر أن يُزال هذا الهم الذي حملته فوق أكتافي لعامين باطلاً وبهتاناً".
وتضيف أن "ما حدث لي ولأهلي ليس بقليل، فبينما كنت أعاني داخل السجن، كان أهلي يُعانون خارج السجن من وصمة المجتمع الظالمة التي دفعتهم للخروج من المنزل لذي يسكنون فيه والبحث عن منزل آخر، وذلك لأن مالك المنزل أخرجهم بالغصب بسبب الصورة التي روّجها الحوثيون وإعلامهم عني وعن صديقتي انتصار، وقنواتهم التي جيشوها لتشويه صورتنا في المجتمع".
وتتابع أنها "حتى حين خرجتُ من السجن، ما كدت أستوعب أنني خرجت حتى تفاجأت بنظرات الناس الدونية تجاهي، حتى أن أختي كلما حصلت على وظيفة يرفضونها ما أن يكتشفوا أنها أختي، وعندما غادرتُ صنعاء كان على أهلي أن يغادروا معي كي لا يتعرضوا للضرر أو الاعتقال بسببي لذلك تركوا أعمالهم ومدارسهم والتزاماتهم وغادرنا".
"لم يبقَ شيء لم يفعله الحوثيون بي وبأهلي: سجنٌ واعتداءات، وصمونا أمام المجتمع ومن ثم شردونا، فماذا تبقى بعد ذلك؟"، تقول وتضيف: "لا أستطيع تجاوز ما حدث. كل شيء حولي يذكّرني بما حدث. لا أستطيع حتى الخروج إلى الشارع دون أن ألبس اللثام وأخفي هويتي كي لا يتعرف عليّ الناس!".
وتعلّق عائشة الجعيدي على قضية انتصار الحمادي بالقول إنها "عار على المجتمع اليمني الذي يُعرّف نفسه بأنه مجتمع عربي متدين ومحافظ يحترم النساء ولهن حُرمة فيه"، متسائلة: "إذا ما تكلمنا الآن متى بنتكلم؟ ومَن هي الضحية التالية في سلسة الانتهاكات التي لا تتوقف؟".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون