شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
شراء السجاد المستعمل في مصر... من

شراء السجاد المستعمل في مصر... من "النزاهة" إلى الاضطرار

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 18 فبراير 202309:53 م

تشهد مصر ازدياداً في شعور المقيمين والمواطنين ببرودة الشتاء بفعل ارتفاع تأثر البلاد بالتغيرات المناخية من جانب، وسوء خامات البناء وعدم ملاءمتها لأوضاع المناخ من جانب آخر، فأصبحت المنازل في مصر أكثر برودة من الشوارع خلال وقت الشتاء.

هذا الوضع يستدعي من المصريين اتخاذ إجراءات خاصة، فإلى جانب ارتداء طبقات من الملابس، يحتاج سكان البلد -التي كانت معروفة قديمة بميل جوها إلى الاعتدال والدفء- للجوء إلى حيل للتدفئة، أبرزها تغطية كل شبر من أرض البيت بالسجاد أو الموكيت أو الحصير أو الكليم المصري التقليدي، الذي كان منتشراً في بيوت الطبقتين الوسطى والدنيا قبل انتشار السجاجيد المميكنة محلية الصنع.

لكن كانت هناك دائماً فئة خاصة من محبي الجمال، يبحثون عن السجاد اليدوي الذي يحمل قيمة تاريخية أو جمالية مميزة، يجدونه عند تجار "الأنتيكات" و"خرج البيت" ممن يبيعون الأثاث المستعمل ذو القيمة المميزة. إلا أنه استجابة للظروف الاقتصادية الحالية التي تمر بها البلاد، لم يعد بمقدور كثير من المصريين شراء السجاد الجديد، لتظهر سوق أخرى لسجاد المستعمل لراغبي التدفئة ممن يبحثون عن بديل رخيص نسبياً للسجاد الجديد مرتفع الثمن، ككل شيء في مصر الآن.

الظروف تحكم

ليلى أحمد التي تعيش في مركز قويسنا بالمنوفية، كانت ممن لجأوا مؤخراً لشراء السجاد المستعمل من أحد المتاجر التي تعرض بضائعها عبر فيسبوك، بعدما يأست من تجديد سجادها "الذي عفا عليه الزمن وأصبح كالخرقة البالية" على حد وصفها.

تقول ليلى لرصيف22 إن سجاد بيتها بلي بعد 15 عاماً من الاستخدام منذ زواجها، ولم يعد قادراً على التخفيف من البرودة الشديد التي تنبعث من أرضية البيت في الشتاء، "بس مفيش مقدرة اشتري سجاد جديد يدفي ويعيش" فلجأت إلى شراء سجاد مستعمل "مستورد من الخارج"، على حد وصف التاجر.

هذا الوضع يستدعي من المصريين اتخاذ إجراءات خاصة، فإلى جانب ارتداء طبقات من الملابس، يحتاج سكان البلد للجوء إلى حيل للتدفئة، أبرزها تغطية كل شبر من أرض البيت بالسجاد أو الموكيت أو الحصير أو الكليم المصري التقليدي

قبل قرارها شراء السجاد المستعمل، قامت ليلى أحمد بجولة في متاجر المدينة التي تعيش فيها "لكن الأسعار كانت نار، مثلا سجادة مصانع مصرية مقاس 2*3 تساوي 1500 جنيه (50 دولار- نحو نصف الحد الأدني للأجور)، وخامتها متوسطة جداً أما الخامات الجيدة مثل الحرير والصوف فلا يقل الثمن عن 2500 جنيه لنفس المقاس، كذلك السجاد الشاج فهو غالي الثمن أيضاً"، لكنها استطاعت شراء سجادة مستعملة حسب المقاس الذي تحتاجه، وخامتها صوف ثقيل بسعر 800 جنيه مصري فقط، وحالتها لا تبتعد كثيراً عن حال السجاد الجديد – بحسب شهادتها لرصيف22-.

العرائس أيضاً يشترين المستعمل

يختلف الحال في مصر عن غيرها من البلدان العربية فيما يتعلق بتأثيث المنزل عند الزواج، حيث تتحمل العروس وأسرتها معظم نفقات التأثيث، ومن بين ما تتحمله الزوجة وأسرتها: تكلفة تغطية ارضيات البيت كلها بالسجاد.

ومنذ أزمة شُح الدولار التي أدخلت مصر في أزمة اقتصادية تداعياتها مرشحة للاستمرار إلى مدى غير معلوم، صارت تكالي الزواج وخاصة نفقات التأثيث ترتفع في قفزات متسارعة، وبدأ المقبلون على الزواج في البحث عن سبل لتلبية "التزاماتهم" بأسعار يقدرون عليها هم وأسرهم، وخاصة أسر الفتيات، وهو ما دفع سهيلة ممدوح -23 عاماً- ابنة محافظة الشرقية التي تزوجت حديثاً إلى البحث عن بدائل مناسبة لتقليل العبء المادي على أسرتها في تأثيث البيت، لتشتري السجاد المستعمل المستورد من تركيا، والذي تراه أفضل جودة وارخص سعراً من السجاد المصري الجديد.

قبل قرار شراء السجاد المستعمل، قامت ليلى بجولة في متاجر المنوفية: "لكن الأسعار كانت نار، مثلا سجادة مصانع مصرية مقاس 2*3 تساوي 1500 جنيه (نصف الحد الأدني للأجور)، وخامتها متوسطة"، لكنها اشترت سجادة مستعملة مستوردة من المقاس نفسه وخامتها صوف ثقيل بسعر 800 جنيه مصري فقط

تقول ممدوح لرصيف22: "اشتريت سجادتين توينز (أي متطابقتين) حسب الموضة من ماركة تركية شهيرة وجيدة بسعر 100 جنيه فقط للسجادة المستعملة في حين أن مثيلتها تباع في المحال في مصر بسعر 2800 جنيه، وليست بنفس الجودة". وتؤكد أن بنات عائلتها جميعاً اتبعن نفس الفكرة أثناء التجهيز لزواجهن.

من الخليج

تحدث رصيف22، مع سارة ناصر مالكة متجر "القُط للسجاد المستعمل وارد الكويت"، وهو أحد المتاجر الشهيرة للسجاد المستعمل على فيسبوك، وشرحت لنا تجارتها بالتفصيل، موضحة أن السجاد يكون مستورداً من الكويت عبر وسيط هناك، ويتم شحنه إلى مصر في شحنات يفصل بينها 20 يوماً، وعند طلب العميل لسجادة ما، لا بُد أن يدفع "عربون" أي دفعة مقدمة لضمان جدية الحجز، وعن الأنواع التي يستوردونها، قالت سارة إن معظم السجاد صناعة تركية "درجة أولى" والبعض يطلب سجاداً إيرانياً، وهناك أنواع من ماركة "النساجون الشرقيون" المصرية لكنها لا تستوردها.

التجار الذين تحدثنا إليهم رفضوا الإفصاح عن طريقة استيراد شحنات السجاد المستعمل في ظل القيود المصرية على الاستيراد، وعلى استيراد السلع المستعملة تحديداً، إلا أن متاجرهم المتاح الاطلاع على محتوياتها عبر فيسبوك وانستاغرام، مليئة بأنواع السجاد التركي والإيراني الغالي والرخيص

أوضحت سارة أن الإقبال على السجاد المستعمل يعد جيداً ويزداد، "كان هناك خوف وقلق منه من قبل المستهلكين في البداية لأنها ليست تجارة معتادة أو منتشرة، ولكن بمرور الوقت وقيام البعض بتجربته وحاز على إعجابهم، أصبح الإقبال عليه كبير لرخص ثمنه وخامته الجيدة. كما أن هذا السجاد لم يستخدم سوى مرة أو مرتين، وبعضه تكون قطع لُقطة (متميزة وفريدة) وتباع لزبون خاص يقدر هذا النوع من السجاد".

تكشف جولة في المتجر الإلكتروني لسارة أن لديها سجاد حديث وآخر كلاسيكي، متفاوت المقاسات والأسعار، حيث تبدأ المقاسات من 120*180 سم وسجاد مقاس 160*120 حتى مقاس 5*6 وتختلف الخامات ما بين الصوف والحرير، لم تُفصح سارة عن أسعار كل سجادة على حدة لكن الأسعار تتفاوت حسب المقاس والخامة.


تحدثنا أيضاً مع أم ميدو*، التي تعمل كذلك في تجارة السجاد المستعمل بمحافظة دمياط، تعمل أم ميدو في تجارة السجاد التركي المستعمل الذي يتم الاستغناء عنه في دول الخليج، وكذلك سجاد ماركة "أصفهان" الإيرانية، "هناك أنواع كثيرة منها الغالي والرخيص، فمثلاً أنواع من الإيراني مقاس 2*3 باعتها بثمن 6000 جنيه مصري، وكشفت أيضاً عن أن هناك أنواع سجاد تركي ويوجد عليها العلم التركي ولكن بتصميم إيراني وتباع بأسعار أقل من الإيراني الأصلي.

التجار الذين تحدثنا إليهم رفضوا الإفصاح عن طريقة استيراد شحنات السجاد المستعمل في ظل القيود المصرية على الاستيراد، وعلى استيراد السلع المستعملة تحديداً، إلا أن متاجرهم المتاح الاطلاع على محتوياتها عبر فيسبوك وانستاغرام، مليئة بأنواع السجاد التركي الغالي والرخيص من عدة ماركات مثل "حرير المليون والشيراز التركي والأصفهان الإيراني والكاشان الإيراني، والحرير البلجيكي" وكان هناك سجادة من النوع الأخير مقاس 2.5*3.5 بسعر 3250 جنيه مصري وهناك أنواع نفس المقاس أغلى من ذلك وأرخص أيضاً حسب الخامة والماركة، وهناك أيضاً أنواع شبيهة بالسجاد المصري الحديث ورخيصة في الثمن أما السجاد "كسر الزيرو" ويباع الأخير بأسعار قريبة من أسعار السجاد المصري الجديد، أو تزيد عنه أحياناً بحسب الخامة أو الماركة.



رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image