شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
سوبر هيرو عربي؟

سوبر هيرو عربي؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي نحن والحقوق الأساسية

الجمعة 17 فبراير 202312:06 م

كان ملفتاً أنه ما إن أعلنت شركة سينرجي المصرية للإنتاج الفني عن نيتها إنتاج سلسلة أفلام "سوبر هيروز" تتمحور حول "بطل عربي خارق"، حتى تذكر العديد ممن قرأوا الخبر المسلسل الكوميدي "الرجل العناب"، الذي كان أول الأعمال التلفزيونية للثلاثي الفني، هشام (ماجد) و(أحمد) فهمي وشيكو، والذي أنتجته شركة أوسكار للتسجيلات الفنية وعرضته "قناة دريم" في العام 2013.

بشكل عام، يُعرف عام 2013 في الدراما التلفزيونية المصرية بأنه العام الذي شهد عدداً من أهم الإنتاجات الفنية في العقدين الأخيرين، والأهم، أكثرها جرأة، مثل "موجة حارة" عن قصة أسامة أنور عكاشة، و"بدون ذكر أسماء" عن سيناريو وحيد حامد، و"بنت اسمها ذات" عن قصة صنع الله إبراهيم، وغيرها. لقد كان عاماً صعباً، عنيفاً ودموياً، على المستوى السياسي، لكن يبدو أن هذا الانشغال بالصراع السياسي، والذي تلى درجة استثنائية من السيولة الاجتماعية وانفتاح القدرة على التعبير، قد ساهم في "الإفلات" بأعمال فنية، يحلو للسوشال ميديا اليوم أن تستعيد منها العديد من المقاطع، مثيرة دهشة المتلقين من أن مشاهد بتلك الجرأة قد عرضتها التلفزيونات المحلية يوما ما.

وحتى بطبيعته الكوميدية "الحرّاقة"، و"إفيهاته" المضحكة الطازجة، "أفلت" الرجل العناب آنذاك بعدد من مشاهد الكوميديا السياسية، التي اعتمدت على أسلوب "البارودي" الذي طالما ميّز الثلاثي هشام وشيكو وفهمي منذ بداياتهم، حيث يسخر "العناب" من مشاهد المبالغة "في حب مصر"، التي تميز الأعمال الفنية الساذجة، وينجح في انتزاع الضحكات حتى اليوم عبر المقاطع المتداولة على موقع يوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي.

في مدينة متروبوليس التي يعيش فيها سوبرمان، لا يعاني السكان مشكلات الأمية والفساد البيروقراطي والفقر وقمع الصحافة والحق في التعبير، وإلا كانت تلك المشكلات أولى بأن يواجهها سوبرمان

لكن تلك "الإفيهات" السياسية لم تكن هي ما استدعى الرجل العناب إلى أذهان من قرأوا المنشور الذي أعلنت فيه شركة سينرجي، وهي أكبر شركات الإنتاج التلفزيوني المصري حالياً وأقربها إلى الدولة، عن نيتها إنتاج أفلام السوبر هيرو العربي، واستطلاعها رأي الجمهور لاقتراح "الفنان الذي تنطبق عليه هذه الصفات  كي يقوم ببطولة هذا العمل الرائد". وإنما، ما قد استعاد "الرجل العناب" الذي هو في حقيقته المطرب "عصفور الجنينة"، هو أن "عصفور/ أحمد فهمي"، ربما كان أقرب إلى مفهوم "البطل الخارق" الذي قد لا يمكن أن تنتجه إلا بيئة عربية، فهو مطرب شعبي يبحث عن النجاح، رغم أن إمكاناته الصوتية لا تسمح له بذلك، وهو يصطدم بالمخترع الفاشل بيرم (هشام ماجد) عن طريق الصدفة، اصطداماً بالمعنى الحرفي، إذ يصدمه الأخير بسيارته وهو يتحول إلى إنسان خارق بسبب الفوضى في معمل المخترع، والتي تؤدي إلى دخول محلول غامض إلى جسده بالخطأ، وبعد أن يتحول إلى إنسان خارق.

يتم استخدامه أولاً في مهام لا تليق بـإمكاناته الجديدة، كأن يعمل "عامل ديليفري" للاستفادة من سرعته، ثم سرعان ما يتم استغلاله من المسؤولين الأمنيين تارة، وتارة أخرى من رجل الأعمال صريح الفيل (صلاح عبد الله) الذي يسعى إلى النجاح في الانتخابات الرئاسية عن طريق استغلال الرجل العناب، وهو في استغلاله لقدرات العناب للدعاية الانتخابية، يطلب أن "يركبه" ليطيرا في السماء، في "إفيه" يلتقي فيه كل من المعنى الحرفي والمجاز السياسي والإيحاء الجنسي.

يُقال في عدم رواج إنتاج سينما الرعب في العالم العربي، أن متلقيها لا يعاني نقصاً في الرعب، فهو يعيشه في حياته اليومية، فربما أيضاً لا يحتاج المشاهد العربي بطلاً يحارب أشراراً خارقين، فمشاكله أقرب من ذلك بكثير

في المقابل فإن فكرة "البطل الخارق" التي بدأت – في المفهوم الحديث – من عالم المجلات المصورة الأمريكية، ومنها إلى السينما والتلفاز، وإن نشأت في ثلاثينيات القرن العشرين كرد فعل على أزمات اقتصادية وسياسية كبرى في عالم ما بين الحربين العالميتين، فإن نشوءها ذاك كان في إطار تحديات على المستوى الكوني، ربما لهذا جاء سوبرمان من كوكب آخر "كوكب كريبتون الخيالي"، محاولاً التصدي لأشرار خارقين بدورهم، ولتحقيق العدالة التي عجزت عن تحقيقها القوانين والصحافة (يتخفى سوبرمان تحت شخصية الصحفي كلارك كينت) ومؤسسات العدالة، أي كافة مخرجات الدولة الحديثة. في مدينة متروبوليس التي يعيش فيها سوبرمان، لا يعاني السكان مشكلات الأمية والفساد البيروقراطي والفقر وقمع الصحافة والحق في التعبير، وإلا كانت تلك المشكلات أولى بأن يواجهها سوبرمان.

وكما يُقال في عدم رواج إنتاج سينما الرعب في العالم العربي، أن متلقيها لا يعاني نقصاً في الرعب، فهو يعيشه في حياته اليومية، بينما السينما مهرب يمنح الخيال، فربما أيضاً لا يحتاج المشاهد العربي بعد بطلاً يحارب أشراراً خارقين يسكنون القطب الشمالي، فإن مشاكله أقرب من ذلك بكثير.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image