من أجمل مائة افتتاحية روائية: "كل العائلات السعيدة تتشابه، لكن لكل عائلةٍ تعيسة طريقتها الخاصة في التعاسة.
نادني إسماعيل.
لا والله ما حكم عسكر... النمرة غلط".
****
يؤمن العاملون في مجال حقوق الإنسان في مصر، أن بلادنا تعيش أجواء كرنفالية رائعة من الحريات، لذا يشجبون ويدينون محاولات التدخّل في شؤوننا من الخارج، واعتبر البرلمانُ المصري بيانَ البرلمان الأوروبي الذي يدين وضع حقوق الإنسان في مصر مجرّد أكاذيب وافتراءات، ومن بينها ادعاؤه استمرار قانون الطوارئ، الذي أُوقِف العمل به منذ عام 2021، بينما الحقيقة أننا نواصل الاعتقال بدون الحاجة إليه، وأنه مازال سارياً لكن تحت مسمّى قانون "المش طوارئ"، فمصر مازالت، وستظلّ ولو كره الكارهون، بلد الأمن، "دولة عليا طوارئ" والأمان.
ومن قبل، اعتبر أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، محاولات عائلة علاء عبد الفتاح للاستغاثة بقادة العالم أثناء قمة المناخ من أجل الإفراج عنه، محاولة مشبوهة للاستقواء بالخارج.
على أي حال لقد فشلت المحاولة. وعاد قادة العالم إلى بلادهم، سعداء على ما يبدو بذلك التحسّن المصري اللافت في ملف "عقوق الإنسان".
ما البدائل المتاحة؟
يقول أحمد موسى ورفاقه في إعلام جهاز السامسونج، إن المعارضة الحقيقية يجب أن تأتي من الداخل، ويطالبون المعارضين في الخارج بالعودة للمشاركة في كرنفال الحرية. يردّدون الدعوة بحماس وثقة، على طريقة رسائل النصب التي تأتينا على هواتفنا:
"يا معارض ارجع... أبوك لقى آثار ومحتاجين حد أمين يصرفهم".
الحقيقة أننا نواصل الاعتقال بدون الحاجة إليه، وأنه مازال سارياً لكن تحت مسمّى قانون "المش طوارئ"، فمصر مازالت، وستظلّ ولو كره الكارهون، بلد الأمن، دولة الطوارئ والأمان
يعلم الجميع أن المعارضة من الداخل لا تعني سوى أن "تُحسبن" عليهم في سرّك، لأن الدعاء جهراً قد يعتبر أيضاً محاولة مشبوهة للاستقواء بالخارج، رغم أن الجهات السيادية لا تشك للحظة بأن الله معها.
يصرخ الدولجية رداً على بيان البرلمان الأوروبي: "إننا نعيش أزهى عصور حقوق الإنسان"، والحق أقول لكم، ولا حقوق" انتساب" حتى.
كل ما لدينا من حقوق الإنسان هو مبنى يذهب إليه الرئيس أحياناً، ربما لإطلاق الاستراتيجية الوطنية العامة للإنسان، حيث الإنسان الوحيد المسموح به هو من تكون بطاقته ذكر مسلم، سيساوي، أهلاوي، أما ذوي الهويات المربكة كالبهائيين، نضع بجوار خانة ديانتهم: "بدون".
مواطن مثالي، لا يشتكي من توالي القرارات التي "تصبّ في المصلحة" حتى ولو أنهكت مصلحته ولم تعد صالحة للاستخدام فأصبح "بدون"، ورغم ذلك يخبرنا الرئيس، من وقت لآخر، عن حزنه لأنه طالما "ضرب الودع مالقاش مواطن جدع".
وقد لقننا جهاز السامسونج الذي يدير الإعلام مراراً أن ديفيد كاميرون، رئيس وزراء بريطانيا السابق، قال في عام 2012: "عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي فلا تحدثني عن حقوق الإنسان".
بالطبع هو لم يقل ذلك، لكن تمّ تكريس تلك العبارة من قبل اللجان الإلكترونية حتى صارت حقيقة لا تقبل الشك، على اعتبار أن بلد الحريات نفسها، بل الدولة التي تعتبر أم الديمقراطية في العالم، ترى أن الوطن أهم من المواطن.
يصرخ الدولجية رداً على بيان البرلمان الأوروبي: "إننا نعيش أزهى عصور حقوق الإنسان"، والحق أقول لكم، ولا حقوق" انتساب" حتى.
رغم أنها كذبة، إلا أننا للأمانة لا نطبقها بحذافيرها، لأننا لا نقبل التدخّل الأجنبي ولا الاستقواء بالغرب- عدا القروض والطائرات الرئاسية والمعونات- وعندما يسأل الإعلام الغربي مسؤولينا عن ملف الحريات، تكاد أن تكون إجابتهم: "عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان فلا تحدثني عن حقوق الإنسان"، أو بمعنى آخر (...) أم الديمقراطية في العالم.
بإمكاننا جميعاً الحديث في الشأن العام، هذا مجال مفتوح للجميع، إذا ما استثنينا السياسة، والاقتصاد، والقضاء، والشرطة، وقضايا الفساد، والمستقبل، والمسلسلات الوطنية، سيتبقى لنا الكثير للحديث بشأنه، كتصوير باسبور فنانة في المطار بتهمة تعاطي المخدرات، وعرضه في صحف السامسونج كانفراد، وتصوير "مصلحة" خالد يوسف، ثم إعطائه مسلسل بميزانية ضخمة لإخراجه بعد أن نغفر له خطاياه، فالمخرج دائماً مصاب، ولأنه ذكر، لن نلحق به العار كالنساء.
للأسف، لا يملك جهاز السامسونج خيالاً واسعاً ليطلق إلهاءات أكثر إثارة وتسلية وأقل فضائحية، ماذا عن إطلاق إشاعة أن بطلاً خارقاً ظهر في مصر، هل يخشى القائمون على الجهاز ألا نصدق؟
كل ما لدينا من حقوق الإنسان هو مبنى يذهب إليه الرئيس أحياناً، ربما لإطلاق الاستراتيجية الوطنية العامة للإنسان، حيث الإنسان الوحيد المسموح به هو من تكون بطاقته ذكر مسلم، سيساوي، أهلاوي
بالفعل، لا يمكن أن يظهر في مصر بطل خارق، لأنه سيقبض عليه فوراً بتهمة إساءة استخدام وسائل التوصل الاجتماعي، نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة "ذا أفانجرز" التي أُّسِّست خلافاً لأحكام القانون والدستور.
لأنه لن يمكنه الإفلات من التحقيق الذي يتكون من سؤال واحد:
• إنت معانا ولا مع التانيين؟
• معاكوا.
• إحنا التانيين.
لأن في مصر بطلاً خارقاً واحداً، صدق وعده وهزم الأحزاب وحده. لأننا بلد حريات طالما ظلت حبيسة النفس، ووفق مسلسل الاختيار، نحن لا نقبض على أحد إلا في سياق الدراما، وحرية الاعتقاد مكفولة للجميع... احذر كمين بعد 100 متر.
لأن الطيران في حاجة إلى تراخيص معقدة، ومدام عفاف في الدور الرابع، يهمها "العنوان ولو مالوش إنسان".
بإمكاننا جميعاً الحديث في الشأن العام، هذا مجال مفتوح للجميع، إذا ما استثنينا السياسة، والاقتصاد، والقضاء، والشرطة، وقضايا الفساد، والمستقبل، والمسلسلات الوطنية
لأن القوى الخارقة حرام شرعاً، سيتمّ تخوينه، تشويه سمعته، وسيقدم اعترافاً بأنه جاسوس، أطلقته منظمة دي سي الماسونية، لزعزعة الاستقرار ونشر الأفكار المسمومة لقناة كارتون نيتورك.
وقيل في الأثر: "أبطال الجمهورية، عدّوا حدود العالمية، فاتعملهم محضر سرقة تيار كهربائي".
****
لا والله ما حكم سامسونج.
****
- بكره تشوفوا مصر.
- أيوه يعني إمتى؟
- رمضان الجي، في مسلسل إخراج بيتر ميمي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...