هيفاء وهبي تثبت أن "النجومية مسؤولية"... ماذا فعل الفنانون العرب لضحايا زلزال سوريا؟

بادرت النجمة اللبنانية هيفاء وهبي بإرسال ألف عبوة حليب صناعي للأطفال المتضررين من الزلزال في مدينة حلب السورية، في مبادرة حظيت بإشادة واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي العربية وأثارت تساؤلات عمّا قدّمه نجوم الفن الآخرون للسوريين في المناطق المنكوبة.

وفي ساعة مبكرة من صباح الاثنين 6 شباط/ فبراير 2023، ضرب زلزال مدمر بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر جنوب تركيا وشمال سوريا، مخلفاً ما لا يقل عن 35 ألف قتيل حتى الآن، وإصابة وتشريد مئات الآلاف من الأشخاص.

في سوريا، وثّقت وزارة الصحة 1414 وفاة، و2357 إصابة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام. في حين أكد الدفاع المدني السوري (الخوذ البيض) مقتل نحو 2274 شخصاً، وإصابة أكثر من 12 ألفاً و400 شخص في مناطق سيطرة المعارضة.

ومع تواصل إرسال المساعدات للمناطق المنكوبة والاهتمام بتوفير الطعام والملابس على نحو خاص، أبلغت فرق الإغاثة والجمعيات الحقوقية عن حاجة ملحة إلى بعض المساعدات النوعية، بما في ذلك الخيام وحفاضات وحليب الأطفال والفوط الصحية. 

"النجومية مسؤولية"

وجاء تحرك هيفاء وهبي استجابةً لتحدٍ خيري واستغاثة أطلقها الإعلامي السوري ماجد العجلاني، في مقطع مصور عبر حساباته على السوشال ميديا، طالبها فيها بتأمين 500 عبوة حليب أطفال رقم 1 للأطفال في مدينة حلب. 

لم يتوقع العجلاني أن تستجيب "الديفا" - كما يطلق عليها جمهورها - في غضون 20 ساعة فقط، وأن ترسل ضعفَيْ الكمية المطلوبة. علماً أن هيفاء اشترطت أمرين لدى إرسال عبوات الحليب: عدم تصوير أي طفل خلال تسلم الحليب، وفتح العُلب قبل تسليمها للجهة المسؤولة عن توزيعها على الأهالي - لتفادي الاتجار بها على ما يبدو.

اشترطت عدم تصوير الأطفال وفتح العبوات لعدم المتاجرة بها... #هيفاء_وهبي تتبرع بـ1000 عبوة حليب للأطفال المتضررين من #زلزال_تركيا_سوريا في مدينة حلب، والجمهور يمتدح "إنسانيتها" و"معدنها الأصيل"

في مقطع مصور لاحق، أكد العجلاني أن هيفاء كانت أول شخصية مشهورة يبدأ بها التحدي الخيري لإغاثة المتضررين من الزلزال في سوريا لأنه التقاها مرتين واستشعر من حديثها حبها لسوريا والشعب السوري. وأضاف أنه حين وجه نداءه إليها ردت: "أنا قلبي لكم وتحت أمركم. اللي تريدوه بصير".

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، حظي موقف هيفاء بإشادة واسعة من الجمهور على "إنسانيتها"، ووصفوها بأنها "أطيب قلب" و"بنت أصل". قالت مايا: "ما فعلته هيفاء وهبي أكبر من تلبية نداء وإغاثة ملهوف. هيفا كسرت احتكار حليب الأطفال. بنت أصول ما تركت أطفالاً بلا حليب ورفضت تصوير أي طفل. وبدل 500 علبة أرسلت 1000 إلى#حلب. الجميلة قلباً وقالباً". وأضافت نوف إلى قول مايا: "هذه هي هيفاء وهبي… القلب الطيب والمعدن الأصيل".

وامتدح مشاهير ما فعلته النجمة اللبنانية أيضاً. كتب الصحافي اللبناني المتخصص في أخبار الفن إيلي مرعب، عبر تويتر، أنه "فخور" بمواطنته النجمة. وهي التغريدة التي شاركتها النجمة السورية كندة علوش وعلقت عليها: "أنتِ جميلة وبهيك مبادرات بتصيري أجمل"، إشارة إلى هيفاء. في حين وصف الصحافي المصري المتخصص في أخبار الفن هاني عزب ما فعلته هيفاء بأنه "لفتة إنسانية محترمة جداً"، مؤكداً "النجومية مسؤولية".

بطبيعة الحال، كان هناك انتقاد محدود لهيفاء من عدد من اللبنانيين الذين تساءلوا عن مصدر الحليب "المقطوع دايماً" في لبنان، وودّوا لو أن كل فنان لبناني يقوم بالفعل نفسه تجاه أبناء وطنه.

أموال ومساعدات ومبادرات تبني

منذ اليوم الأول للكارثة، أعلن العديد من الفنانين السوريين والعرب تباعاً عن تقديم التبرعات والمساعدات العينية أو التعبير عن التعاطف والدعم المعنوي حتى مع ضحايا الزلزال المدمر في سوريا وتركيا. علماً أن غالبية التبرعات المادية قدّمها الفنانون العرب إلى الضحايا السوريين.

وكانت نقابة الفنانين السورية المبادرة بالتبرع بملبغ 75 مليون ليرة سورية (نحو 25 مليون ليرة لكل من حلب واللاذقية وحماة). لاحقاً، أعلن عدد من الفنانين السوريين عن تقديم تبرعات سخيّة بالتعاون مع النقابة كذلك. من هؤلاء الفنانة فواخرجي وزوجها السابق وائل رمضان (تبرعا بـ21 مليون ليرة سورية). وحسام جنيد وطليقته إمارات رزق (تبرعا بمبلغ 200 مليون ليرة سورية).

بين تقديم المساعدات العينية والمادية، والتبرع بأجور الحفلات، ومبادرات تبني الأطفال الذين تُركوا بلا أهل، تنوعت تبرعات الفنانين السوريين والعرب لضحايا الزلزال في #سوريا. #هيفاء_وهبي تحظى بالقدر الأكبر من الإشادة، و#أصالة تتعرض لأكبر قدر من اللوم

وتبرع المغني السوري ناصيف زيتون بمبلغ 360 مليون ليرة سورية، ومواطنه الممثل تيم حسن بمبلغ 107 ملايين ليرة سورية. أما النجم السوري جورج وسوف، فكان الأكثر سخاءً وتبرع لضحايا الزلزال في سوريا بمبلغ 1.5 مليار ليرة سورية.

وقرر عدد من الفنانين السوريين والعرب تخصيص أجور حفلاتهم للضحايا. كانت في مقدمتهم الفنانة اللبنانية نانسي عجرم التي قررت التبرع بأجرها في حفل "فبراير الكويت". يشارك نانسي الغناء في هذا الحفل الفنان العراقي ماجد المهندس الذي أعلن تبرعه بأجره أيضاً لصالح الضحايا في سوريا وتركيا.

الفنانة اليمنية بلقيس فتحي أعلنت تبرعها بعائدات حفلها الغنائي في القرية العالمية بمدينة دبي. كما تبرعت الفنانة ميريام فارس بأجرها عن حفلتها الأخيرة في كندا.

وبينما دعت عبر حسابها في تويتر إلى التبرع للدفاع المدني السوري وفريق ملهم التطوعي، وكلاهما يعمل في مناطق سيطرة المعارضة السورية، أعلنت الفنانة كارول سماحة التبرع بأجر حفلها في الجزائر يوم 17 شباط/ فبراير للمتضررين من الزلزال. وترددت أنباء عن تبرع الفنانة اللبنانية نجوى كرم بمليوني دولار للضحايا السوريين. غير أن هذا الادعاء ثبت عدم صحته ولم تشاركه الفنانة عبر أي من حساباتها الموثقة.

علاوة على الأموال، بادر عدد من الفنانين بتقديم أشكال أخرى من المساعدات. على سبيل المثال، قالت الفنانة السورية سوزان نجم الدين إنها مستعدة لاستقبال الأسر والأهالي المتضررين من الزلزال في منزل والدها وعدة منازل أخرى وفندق سياحي في مدينتها. علاوة على تبرعها بالدم لصالح المصابين في الزلزال.

الفنان السوري عمار الديك أعلن هو الآخر عن استعداده لاستقبال الأسر التي شردها الزلزال في منزله في محافظة اللاذقية. كان بعض الفنانين أكثر حرصاً على تسخير حساباتهم عبر السوشال ميديا لدعم الضحايا، وأبرزهم الفنانة السورية كندة علوش التي استخدمت حساباتها في الحث على التبرع لضحايا الزلزال ونشر صور المفقودين، والأطفال الناجين ليتسنى لذووهم العثور عليهم. علماً أنها لم تكشف عن حجم تبرعاتها.

ونشرت الفنانة المصرية هالة صدقي صورة لصناديق مساعدات عينية، لم تفصح عما بداخلها، قائلةً إنها "هدية بسيطة وبسيطة جداً لأطفالنا في سوريا". وعرض عدد من الفنانين التشكيليين أعمالهم الفنية للبيع على أن يذهب المقابل المادي لصالح الضحايا.

وأعلن أكثر من فنان وفنانة استعدادهم لـ"تبني" الأطفال الذين تركهم الزلزال بلا أهل أو مأوى، لا سيّما الطفلة "آية" التي وُلدت تحت الأنقاض وتوفيت والدتها ونجت هي، وطفل آخر انتشله الدفاع المدني السوري من تحت الأنقاض حياً وحيداً وراجت صورته وهو يتناول "موزة" بينما يظهر في منتهى الإعياء.

من هؤلاء، الفنانة والإعلامية الكويتية  حليمة بولند التي كشفت عن رغبتها في تبني الطفل السوري الناجي، والفنانة السورية رغداء هاشم التي أكدت استعدادها لتبني طفل/ة ممن أصبحوا بلا أهل بعد الكارثة.

أما الإعلامية المغربية هند بومشمر، فأعلنت استعدادها لتبني الطفلة "آية". وهو نفس الأمر الذي أعلنه الفنان السعودي رابح صقر والفنانة المصرية نبيلة عبيد والفنانة السورية هدى شعراوي.

وقوبلت مبادرات تبني الأطفال ببعض الانتقادات من الجمهور إذ اعتُبرت "غير إنسانية" وتسعى إلى "الشو" ولا تضع في الحسبان مصلحة الأطفال وأهمية تنشئتهم في بيئتهم وسط أقاربهم.

وكانت الفنانة السورية أصالة من أكثر الفنانين انتقاداً إذ ظهرت في مقطع مصور على متن طائرة مع صديقها الفنان المصري رامي صبري، في طريقهما لإحياء حفل في السعودية بعد أيام من الزلزال. اتُهمت أصالة بأنها بلا شعور، فخرجت معلنةً تبرعها للضحايا وعزمها تخصيص أجر الحفلة أيضاً لهم. 

كتبت عبر حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي: "مو من عادتي إنّي قول إنّما للاضطرار أحكام، ومتل ما بعمل في الأزمات لأنّي منكم وواجب عليّي اللي بعمله تبرّعت أيضاً بأجري عن حفل دبي لمن هُمّ أحقّ منّي فيه ما عملت إلا واجبي تجاه أهلي وأحبّتي ولو فيه حفلة كلّ يوم بعملها لنعمّر بيوت خربت وقلوب تعبت #زلزال_سوريا". تعرضت أصالة لهجوم شديد مرة أخرى في يوم عيد الحب بعدما ظهرت وهي تحتفل مع زوجها العراقي وتقبله، ما اعتبره معلقون "عدم احترام" للظرف وللضحايا.