شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"يحتجن إلى دعم مضاعف"... كيف فاقم الزلزال معاناة النساء والفتيات السوريات؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والنساء

الاثنين 13 فبراير 202312:25 م

"لا ضل عنّا شيء، لا بيت لا رزق. بايتين بالشارع. بانيين خيمة بالشارع. بايتين إحنا بالخيمة 20 شخص. لمّا بننام، بننام فوق بعضنا. عند جيراننا بننام. بيدبرها الله".

بهذه الكلمات روت طفلة سورية من ريف إدلب، في مقابلة مع "تلفزيون سوريا"، كيف نجت من الزلزال المدمر الذي ضرب شمالية سوريا وجنوب تركيا قبل أسبوع وأسفر عن مقتل أكثر من 30 ألف شخص وإصابة وتشريد مئات الآلاف.

نظرياً، "نجت" الطفلة التي لم يُذكر اسمها في المقابلة، والتي لا يتجاوز عمرها 13 عاماً، مع شقيقتين عمر إحداهما أربع سنوات والثانية ثمانٍ، وأخ في الثالثة من العمر.

وهي إلى الساعة لا تعلم شيئاً عن مصير والدها الذي أخرجوه من تحت أنقاذ منزلهم المنهار، ووالدتها وإخوة آخرين ما يزالون تحت الأنقاض، ولا تدري ما ينتظرها مستقبلاً كما أن تعافيها من تبعات المحنة ليس يسيراً.

أضافت الطفلة في حديثها: "ما ضل فيني شي طاول (تقصد ليست بحال جيدة أبداً)… موجوعة وماني موجوعة. بدي أهلي يطلعوا".

النساء والفتيات أكثر تضرراً

يأتي هذا الزلزال المدمّر بعد نحو 12 عاماً من اندلاع الثورة السورية التي استحالت حرباً أهلية تسببت في مقتل الآلاف وتشريد الملايين داخلياً وخارجياً. وتسبب الزلزال في تفاقم الأوضاع المتدهورة بفعل الحرب والنزوح/ الهجرة وأيضاً بفعل جائحة كوفيد-19 المستمرة منذ ثلاث سنوات تقريباً.

بعد أن شردتهن الحرب وتركت الكثيرات منهن بلا أب أو زوج… #زلزال_تركيا_وسوريا يفاقم معاناة النساء السوريات اللواتي نجوْن من الصراع ويفقدهن منازلهن المؤقتة وجيرانهن وأحباءهن وسبل عيشهن. كيف تنبغي مساعدتهن؟ 

وعادةً ما تعاني النساء في أوقات الكوارث إذ يتحملن التبعات أكبر من الاهتمام برعاية شؤون الأسرة بما في ذلك إعداد الطعام وتطبيب المرضى من الأهل وفي أحيان كثيرة تأمين الطعام والشراب والملابس في ظل غياب أو فقدان الذكور الناضجين أو تعرضهم للإصابة.

بحسب منظمة "أكشن إيد" الإنسانية الدولية، فإن الزلزال وما تبعه من عشرات الهزّات الارتدادية تسببا في "تفاقم معاناة النساء السوريات اللواتي نجوْن من الصراع وفقدانهن منازلهن المؤقتة وجيرانهن وأحباءهن وكذلك سبل عيشهن".

وأوضحت المنظمة أن الكثيرات من السوريات تركتهن الحرب الأهلية وأطفالهن بلا آباء أو إخوة أو أزواج، إذ ازدادت أعداد الأرامل والأسر التي تُعيلها النساء أحياناً لفقدان العائل الذكر أو إصابته بإعاقات وإصابات مزمنة، لافتةً إلى أن هؤلاء النساء "أصبح مستقبلهن مشوشاً إلى حد كبير" بعد الزلزال.

بحسب سوسر تالوستان، وهو أحد المستجيبين المحليين للطوارئ في منظمة "بنفسج" أو "فيوليت" شريكة "أكشن إيد"، فإن "ما حدث في الصباح الباكر يوم 6 فبراير/شباط أعاد ذكريات مروّعة" للاجئين السوريين وأغرقهم في ذكريات الحرب السورية، منوهاً بأنهم "بدأوا في استيعاب المأساة في صباح اليوم التالي. بعد بضع ساعات عندما عادوا إلى منازلهم لجلب بعض الأغراض وقعت أقوى هزّة ارتدادية. في الواقع كان زلزالاً هائلاً بلغت قوته 7.5 درجة وتسبب في انهيار المباني المتبقية وبالتالي تفاقمت المأساة".

أكد تالوستان أن هذه "ضربة موجعة للسوريين الذين نزحوا عدة مرات من منازلهم ولا يزالون يكافحون من أجل التأقلم"، لا سيّما في شمال غربي سوريا حيث يعيش 4.2 مليون شخص في ملاجئ مؤقتة بينها خيام ومنازل هشّة. 

من جديد، "وجدت آلاف الأمهات أنفسهن نازحات مرة أخرى مع أطفالهن وسط درجات الحرارة المنخفضة ولم يعدن يملكن أي شيء"، وفق بيان "أكشن إيد". وأضاف تالوستان: "لا يعرف الأطفال حتّى معنى كلمة ‘منزل‘ لأنهم إما ولدوا في خيمة أو يعيشون فيها وبعضهم لا يعرف حتّى معنى كلمة مدرسة".

وتواجه منطقة شمال غربي سوريا، التي تضررت بشدة جراء الزلزال والهزّات الارتدادية التي أعقبته، أزمةً اقتصادية متفاقمة تركت الأسر والعائلات تعاني انعدام الأمن الغذائي وانهيار الخدمات العامة وارتفاع أسعار المواد الغذائية وانقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر. هذا فضلاً عن المشكلات المزمنة المتعلقة بضعف البنى التحتية وعدم القدرة على الوصول إلى المياه النظيفة، ما أدى إلى تفشّي وباء الكوليرا نهاية عام 2022. علماً أنه ما يزال مستمراً.

لعل هذا ما دفع رشا نصر الدين، المديرة الإقليمية لـ"أكشن إيد" في المنطقة العربية، للقول: "نحن قلقون على سلامة النساء وأطفالهن الذين نزحوا بسبب النزاع السوري ورفاهيتهم أيضاً. العديد من النساء المتضررات من الزلزال اليوم هن ربّات أسر وهذه الكارثة تضيف إلى معاناتهن معاناة جديدة ويحتجن إلى دعم مضاعف".

شددت المنظمة على أن النساء في المناطق المتضررة من الزلزال في حاجة ماسّة إلى "الغذاء والماء والبطانيات والمأوى والملابس الشتويّة" لأنه "في مثل هذه الكوارث، تصبح النساء والفتيات أكثر عرضة إلى الخطر والاستغلال"، ما يجعل من "حمايتهن وسلامتهن أولوية قصوى".

"لا ضل عنّا شيء، لا بيت لا رزق. بايتين بالشارع، بانيين خيمة. بايتين إحنا بالخيمة 20 شخص. لمّا بننام، بننام فوق بعضنا. عند جيراننا بننام. بيدبرها الله"... طفلة سوريّة خسرت والديها في #زلزال_تركيا_وسوريا وباتت مسؤولة عن رعاية ثلاثة أشقاء أصغر منها

قالت "أكشن إيد" إنها توفر "خدمات الحماية والمساحات الآمنة للنساء لإيواء أطفالهن وإرضاعهم وتحميمهم والحصول على الدعم العاطفي للتعامل مع الصدمات".

مستلزمات الدورة الشهرية

تعدّ مستلزمات الدورة الشهرية من أهم احتياجات النساء. مع ذلك، لا تحظى بالاهتمام في أوقات المحن والكوارث إذ ما يزال الكثيرون يعتبرونها من أوجه الرفاهية لا الضروريات. لكن "أكشن إيد" أكدت اهتمامها بتوفير الفوط الصحية وغيرها من مستلزمات الدورة الشهرية للنساء في المناطق المتضررة.

قالت في بيانها: "دمرت الزلازل حياة الآلاف الذين سيواجهون صعوبات غير مسبوقة لأسابيع وأشهر قادمة. ستبقى منظمة أكشن إيد من خلال شركائنا المحليين على الأرض مع العائلات حيث نقوم بتقييم الدعم الإضافي المطلوب، بما في ذلك الحماية والدعم النفسي ومجموعات صحة الدورة الشهرية".

ختاماً، ناشدت المنظمة الإنسانية المجتمع الدولي "ضمان التمويل الكافي للاستجابة الإنسانية للزلزال، بما في ذلك رعاية الناجين من العنف القائم على النوع الإجتماعي ودعم الوصول الآمن والسريع ودون عوائق لمنظمات الإغاثة إلى أكثر المجتمعات تضرراً".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

رصيف22 من أكبر المؤسسات الإعلامية في المنطقة. كتبنا في العقد الماضي، وعلى نطاق واسع، عن قضايا المرأة من مختلف الزوايا، وعن حقوق لم تنلها، وعن قيود فُرضت عليها، وعن مشاعر يُمنَع البوح بها في مجتمعاتنا، وعن عنف نفسي وجسدي تتعرض له، لمجرد قولها "لا" أحياناً. عنفٌ يطالها في الشارع كما داخل المنزل، حيث الأمان المُفترض... ونؤمن بأن بلادنا لا يمكن أن تكون حرّةً إذا كانت النساء فيها مقموعات سياسياً واجتماعياً. ولهذا، فنحن مستمرون في نقل المسكوت عنه، والتذكير يومياً بما هو مكشوف ومتجاهَل، على أملٍ بواقع أكثر عدالةً ورضا! لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم، وأخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا!.

Website by WhiteBeard
Popup Image