شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
هكذا تحولت لاءات الخرطوم الثلاثة إلى نعم… للصلح، للاعتراف، للتفاوض

هكذا تحولت لاءات الخرطوم الثلاثة إلى نعم… للصلح، للاعتراف، للتفاوض

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 7 فبراير 202301:53 م

بزهو وانتصار، لخّص وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، زيارته الخاطفة إلى السودان نهاية الأسبوع الماضي، بالقول إنه بدّل لاءات الخرطوم الثلاثة التي أعقبت نكسة 1967، إلى "نعم للصلح، نعم للاعتراف، نعم للتفاوض" مع إسرائيل... فهل كان التطبيع الذي يمضي فيه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، يستحق ذلك الثمن الباهظ؟

ومن البرهان نفسه تبدأ وتنتهي حكاية التحول الدراماتيكي في علاقات السودان وإسرائيل، من دولة كانت تفخر بوجودها في قمة سنام الممانعة، وتزين جواز سفرها بختم شهير "كل الدول عدا إسرائيل"، إلى أخرى يُتوقع أن تنضم إلى ركاب التطبيع خلال العام الجاري.

ملخص الحكاية

الخرطوم مؤتمر اللاءات الثلاثه 1967 على عجالة، التقى البرهان برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في عنتبي الأوغندية في شباط/ فبراير 2020، ليبدأ خطى السلام مع إسرائيل، ولكن جهوده تلك جرى كبحها و"فرملتها" من قبل السلطة المدنية في الحكومة الانتقالية، التي لم تمانع -صراحةً- التطبيع، لكنها رأت أن البت فيه رهين بحكومة منتخبة.

وبعد الإطاحة بالمدنيين في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، عاد قائد الجيش لمد جسور التواصل مع إسرائيل، بحيث كثرت حركة الوفود والتعاون الأمني بين البلدين، إلى أن وصل إيلي كوهين قبل أيام بمسودة اتفاق سلام (تطبيع)، من المفترض أن يتم توقيعها في واشنطن العام الجاري.

وفي هذا السياق، تبرز تساؤلات عدة، علَّ أبرزها إطلاقاً هو سر تهافت إسرائيل على خلق علاقات قوية مع المكون العسكري الذي تصف الدول الغربية وجوده في السلطة بأنه "انقلاب"، تعمل مع القوى المدنية على تفكيكه بمفاوضات سياسية جارية حالياً لضمان عودة العسكر إلى ثكناتهم.

هذا السؤال أحلناه في رصيف22، إلى محلل الشؤون الدولية عبد الله سند، فقال إن زيارة كوهين إلى الخرطوم كانت لأجل تسريع خطى التطبيع لجعله أمراً واقعاً على الحكومة المدنية المقبلة، خاصةً أن الأمر يلقى مباركةً من واشنطن التي يقول الوزير الإسرائيلي إن زيارته إلى الخرطوم جاءت بموافقتها.

وأضاف سند أن الحكومة المدنية المقبلة، ستجد نفسها مجبرةً على المضي في الاتفاق كونه أمراً ملزماً، وذلك تجنباً للتبعات التي قد تصل إلى إعادة السودان إلى مربع العزلة الدولية.

وبالطبع حرضتنا هذه الإجابة لسؤال مفتاحي، بشأن ما يستفيده العسكر من التطبيع، طالما أن الحكومة المدنية قادمة ووشيكة؟

أجاب سند، بأن إسرائيل تريد تسويق العسكر -وتحديداً البرهان- على أنهم أصحاب التطبيع، وما سيترتب على ذلك من عوائد ودعم مالي، بصورة تضمن للجنرالات أن يكونوا جزءاً من شراكة حقيقية مع الحكومة المقبلة التي يريد المدنيون احتكارها بالاعتماد على الرافعة الدولية عينها، كما سيحسن من صورة البرهان كزعيم مستقبلي في أي انتخابات قادمة في السودان، كونه قادراً على اتخاذ أصعب القرارات بحثاً عن رفاه الشعب.

 لماذا تحاشى الوفد الإسرائيلي مقابلة "حميدتي"، قائد قوات الدعم السريع و الرجل الثاني في تراتبية الحكم؟

تحاشي حميدتي

من أكثر الأسئلة التي فرضتها الزيارة: لماذا تحاشى الوفد الإسرائيلي، مقابلة الرجل الثاني في تراتبية الحكم، ونعني قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان (حميدتي)؟

سؤال رد عليه الصحافي والمحلل السياسي، رضوان خالد، بأن الأمر يحمل في طياته تأكيداً جديداً على خلافات البرهان وحميدتي.

ويرى رضوان في حديثه إلى رصيف22، أن البرهان يحاول تقديم نفسه للغرب عبر بوابة إسرائيل، ولا يريد منافساً له، وكذلك يريد احتكار التعامل الأمني مع إسرائيل التي يحاول حميدتي مد جسور التواصل معها سراً.

وأوضح بأن ما يؤكد هذا الاتجاه، هو إصدار حميدتي بياناً ينفي فيه معرفته بوصول الوفد الإسرائيلي، أو لقاء أي من أعضاءه، ما يُعدّ -طبقاً للمحلل- محاولةً لكسب تعاطف الفريق الرافض للتطبيع.

وتابع: صراع النفوذ بين البرهان والجيش من جهة، وحميدتي والدعم السريع من جهة أخرى، أخذ أبعاداً خطيرةً ذات طابع دولي، إذ يمتلك حميدتي علاقات وثيقةً بروسيا، وهو أمر يريد أن يوازنه البرهان بعلاقات مع إسرائيل والغرب.

قالت مصادر محلية في وقتٍ سابق، إن تشاد أبلغت البرهان في زيارته الأخيرة عن قلقها من انتشار قوات الدعم السريع في الشريط الحدودي بينها وبين السودان وإفريقيا الوسطى، شاكيةً من علاقات الدعم السريع ومرتزقة فاغنر الروس.

وتتهم تقارير إعلامية غربية، حميدتي بالضلوع في تهريب الذهب السوداني إلى روسيا، لتمويل غزوها أوكرانيا، كما كان حميدتي حاضراً في روسيا بالتزامن مع دخول جيوشها إلى أوكرانيا العام الماضي.

النظر غرباً

تحملنا مسألة تشاد التي افتتحت سفارتها في إسرائيل الأسبوع الماضي، إلى التساؤل عن سر زيارة البرهان إلى إنجمينا في أسبوع وصول الوفد الإسرائيلي للخرطوم، نفسه؟

وهنا يعتقد عبد الله سند، أن محمد إدريس ديبي، هو مهندس زيارة كوهين إلى الخرطوم.

وقال إن مصالح عديدةً تربط البرهان ونجل ديبي، منها إبعاد الروس عن المنطقة، وإعطاء الإذن لطيران "العال"، لعبور الأجواء السودانية والتشادية بصورة تقلل من كلفة الوقود وساعات الطيران بشكل ملحوظ.

ملفات أخرى

من الملفات التي ناقشتها الزيارة طبقاً للمسؤولين الإسرائيليين، ملف السودانيين في أراضيها، وجرت تفاهمات على عودتهم.

ومع غياب إحصائيات عن أعداد السودانيين في إسرائيل، فإن التفاهم الأخير لن يسهم فقط في عودة السودانيين وإنما قد يمتد لاستقبال السودان لأصحاب جنسيات جارات أجرى، بعدما لجأوا إلى إسرائيل في وقت سابق.

هل يستحق التطبيع الذي يمضي فيه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ذلك الثمن الباهظ؟

الرواية الرسمية

في الرواية الرسمية، تقول الخارجية السودانية إن الزيارة بحثت إرساء علاقات مثمرة مع إسرائيل، وتعزيز التعاون المشترك في مجالات الزراعة والطاقة والصحة والمياه والتعليم بجانب المجالات الأمنية والعسكرية.

وسارعت قوى سياسية في السودان للاعتراض على الزيارة، أبرزها حزب الأمة القومي، المنخرط في تحالف الحرية والتغيير الذي يخوض غمار عملية سياسية مع العسكريين لاستعادة الحكم المدني.

وأعلن الحزب موقفه الرافض للتطبيع، ورأى أن تحركات البرهان تقوض الثقة بينه وبين الحرية والتغيير في مساعيهم لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد.

ورفضت التيارات العروبية (البعث، الناصري)، والإسلامية (الشعبي، الحركة الإسلامية)، التطبيع وطالبت الجماهير بالخروج إلى الشوارع للتعبير عن هذا الرفض.

أما الموافقون على التطبيع، فهم القدامى أنفسهم، الممثلون في حزب الأمة بقيادة مبارك الفاضل (حزب ثانٍ بخلاف الأمة القومي)، والبرلماني السابق أبو القاسم برطم، وعدد ممن يرفضون العداء مع إسرائيل كونه لا ينفع القضية الفلسطينية ويضر بمصالح بلادهم.

سوء خاتمة

اختتم بيان مجلس السيادة في السودان، بشأن زيارة كوهين، بدعوة البرهان الجانب الإسرائيلي، إلى "تحقيق الاستقرار بين إسرائيل والشعب الفلسطيني".

عبارة وإن بدت عاديةً، لكنها كبيرة في مدلولاتها، إذ فيها اعتراف بإسرائيل كدولة، وتنزع هذه الصفة عن فلسطين، وإن وضعنا هذا مع تعريف الدولة بأنها "أرض يعيش عليها شعب يتمتع بالحقوق تحت نظام سياسي معين"، فحينها سنعرف حتماً حرص إسرائيل على الدخول إلى السودان من بوابة العسكر.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard