في اليوم العاشر لحصاره المستمر المفروض على مدينة أريحا في الضفة الغربية المحتلة، أقدم الجيش الإسرائيلي على ارتكاب مجزرة جديدة في مخيّم عقبة جبر (جنوب المدينة) أسفرت عن مقتل نحو خمسة من الشبان الفلسطينيين الذين تراوح أعمارهم بين 21 و28 عاماً.
وكان الجيش الإسرائيلي قد فرض حصاراً شاملاً على أريحا قبل 10 أيام، عبر إغلاق مداخلها الرئيسية والفرعية بحواجز عسكرية وتقييد تنقل مركبات المواطنين الفلسطينيين، بذريعة البحث عن "مطلوبين أمنياً" قال إنهم يختبئون في مخيم عقبة جبر.
وفشل الجيش الإسرائيلي في اقتحام المخيم السبت، قبل يومين، وانسحب عقب تبادل عنيف لإطلاق النار أسفر عن إصابة 13 فلسطينياً.
وتضاربت تقديرات حصيلة المجزرة الإسرائيلية إذ أفادت مصادر رسمية فلسطينية بأن خمسة شبان قتلوا وأصيب ثلاثة آخرين، أحدهم إصابته خطيرة بينما أقر الجيش الإسرائيلي بمقتل خمسة فلسطينيين وإصابة اثنين آخرين حالتهما خطيرة (بخلاف المصابين الثلاثة الذين أشارت إليهم المصادر الفلسطينية). وعادت وسائل إعلام إسرائيلية لتؤكد نقلاً عن مصادر عسكرية لم تسمها مقتل سبعة فلسطينيين.
ويرجع التضارب في الأنباء حول أعداد الضحايا إلى أن الجيش الإسرائيلي اختطف الجثامين وبعض المصابين معه قبل الانسحاب من المخيم.
"جريمة حرب جديدة"... إسرائيل تقتل ما لا يقل عن خمسة شبان فلسطينيين في مخيم #عقبة_جبر بعد أيام من الحصار المتواصل للمخيم ولمدينة أريحا، وبن غفير "يهنئ" جنوده على "عملية دقيقة ومهنية أخرى"
ماذا يحدث في عقبة جبر؟
فجر الاثنين 6 شباط/ فبراير 2023، اقتحمت قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي مخيم عقبة جبر بعد أيام من محاصرته وتضييق الخناق على سكّانه، ما أدى إلى مواجهات عنيفة وتبادل لإطلاق النار.
ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) عن محافظ أريحا والأغوار جهاد أبو العسل نبأ "استشهاد خمسة مواطنين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي عقب اقتحام مخيم عقبة جبر جنوب مدينة أريحا"، مضيفةً أن القوات الإسرائيلية أصابت ثلاثة فلسطينيين بالرصاص الحي، أحدهم إصابته خطيرة بالرأس.
وزاد أبو العسل أن الجيش الإسرائيلي احتجز جثامين الضحايا الفلسطينيين الخمس، واعتقل أيضاً ثمانية شبّان فلسطينيين، خمسة منهم من عائلة واحدة، علاوة على شقيقين آخرين، معتبراً أن "هذه الجريمة تضاف إلى سلسلة الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق أبناء شعبنا"، ومطالباً المجتمع الدولي بالتدخل فوراً لحماية الشعب الفلسطيني ومحاسبة القتلة.
بدوره، ندّد رئيس الوزراء محمد اشتية بالجريمة الإسرائيلية، مطالباً الأمم المتحدة بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني وعدم السماح للجناة بالإفلات من العقاب. وأوضح: "بشعور القدرة على الإفلات من العقاب، وبدافع الرغبة بممارسة القتل، وفق عقيدة تصوغ سلوك الجناة، يواصل جنود الاحتلال ارتكاب المجازر، بحق أبناء شعبنا العزل، في مشهد يعيد إلى الأذهان، الجرائم البشعة التي ارتكبتها العصابات الصهيونية ضد أهلنا في المدن والقرى والبلدات عام 1948".
أما المجلس الوطني الفلسطيني (البرلمان)، فاعتبر الحصار "العنصري" العسكري الذي تفرضه إسرائيل على مدينة أريحا ومخيم عقبة جبر منذ 10 أيام، وجريمة الاثنين، بمثابة "انتهاك لكل المواثيق والشرائع الدولية، وجريمة حرب جديدة تضاف إلى السجل الإجرامي لهذا الكيان العنصري"، محملاً "حكومة اليمين الفاشي التي تحاول أن تصدّر أزمتها الداخلية على حساب الدم الفلسطيني" المسؤولية عن الجريمة.
وطالب المجلس على لسان رئيسه روحي فتوح بـ"تقديم قادة الاحتلال إلى المحكمة الجنائية الدولية كمجرمي حرب"، محذراً من أن "هذه المجزرة تصعيد خطير ضمن مسلسل الاعتداءات والمجازر المتكررة على شعبنا الفلسطيني الصامد" وأنها "تأتي في ظل دعم وصمت أميركي أوروبي مباشر، وتواطؤ مفضوح مع جرائم الحكومة الفاشية".
شهد العام 2022 قتل القوات الإسرائيلية 151 فلسطينياً في الضفة الغربية، بينهم 35 طفلاً، في أعلى حصيلة سنوية منذ بدء الأمم المتحدة تسجيل الوفيات منهجياً في 2005، وفق "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" (أوتشا)
إسرائيل تقر وتتوعّد بالمزيد
على الجانب الآخر، أقر الجيش الإسرائيلي بقتله خمسة فلسطينيين، مصرّحاً بأنه يحتجز جثامينهم. وقال مصدر عسكري إسرائيلي - لم يُذكر اسمه - لموقع "آي 24" الإسرائيلي إن الجيش الإسرائيلي قتل سبعة فلسطينيين، بينهم منفّذا عملية إطلاق النار استهدفت مطعماً إسرائيلياً وقد عُرفت باسم "عملية ألموغ" قبل نحو أسبوعين - عرّف عنهما بأنهما رأفت عويضات ومالك لافي - إضافة إلى خمسة آخرين قضوا في الاشتباكات التي أعقبت اقتحامه المخيم.
وبينما أعلن الجيش الإسرائيلي أن حصيلة اعتقالاته بالضفة الغربية ليلة وفجر الاثنين بلغت 19 فلسطينياً، قال نادي الأسير الفلسطيني إن 20 فلسطينياً اعتقلوا بينهم سيدة أربعينية تعاني مشكلات صحية.
وذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن قوة عسكرية اكتشفت مكان اختباء المسلحين بشكل مفاجئ خلال عملية تفتيش روتينية، مبرزةً أن القوات من وحدتي "ماجلان" و"دفدوفان" كانتا في مهمة للعثور على أفراد "الخلية" الفلسطينية لكن في مكان آخر.
ووجّه وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير "التهنئة" لقوات الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) والقوات الخاصة على "عملية دقيقة ومهنية أخرى" ضد الفلسطينيين المتهمين بمحاولة إطلاق النار على هدف إسرائيلي، مردفاً "نفخر بمقاتلينا الذين وصلوا إلى مخبئهم وقضوا عليهم".
وكرر بن غفير تصريحاته السابقة بأن كل فلسطيني يتورط في عمليات ضد إسرائيل "محكوم عليه بالموت" و"سيدفع ثمناً باهظاً".
تصاعد الأحداث
وتأتي التطورات الدموية في مخيم عقبة جبر بعد أيام من ارتكاب القوّات الإسرائيلية، الخميس 26 كانون الثاني/ يناير 2023، مجزرة في مخيّم جنين، راح ضحيّتها تسعة فلسطينيّين بينهم امرأة مسنّة، بالإضافة إلى إصابة 20 آخرين بجروح متفاوتة بين المتوسّطة والخطيرة. تذرّعت إسرائيل آنذاك بأن عمليتها "استهدفت ثلاثة مطلوبين من حركة الجهاد الإسلامي، كانوا قد خطّطوا لعمليّة كبيرة ضدّ أهداف إسرائيليّة".
"بشعور القدرة على الإفلات من العقاب، وبدافع الرغبة بممارسة القتل، وفق عقيدة تصوغ سلوك الجناة، يواصل جنود الاحتلال ارتكاب المجازر، بحق أبناء شعبنا العزل"
أسفر التصعيد الإسرائيلي ضد مخيم جنين عن إقدام عدد من الفلسطينيين على تنفيذ عمليات انتقامية كان من أبرزها عمليتا القدس - في الأولى، أردى الشاب المقدسي خيري علقم سبعة إسرائيليين قتلى وخمسة جرحى في عملية إطلاق نار داخل مستوطنة النبي يعقوب. بعدها بساعات، نفّذ فتى فلسطيني يُدعى محمد عليوات (13 عاماً) عملية إطلاق نار ثانية في سلوان أسفرت عن إصابتين خطيرتين.
وتفاقم الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل، فردت الحكومة الإسرائيلية بفرض مجموعة من الإجراءات العقابية التمييزية على رأسها هدم و/ أو إغلاق منازل منفذي العمليات ضد إسرائيل، ومحاولة سن قانون لسحب الجنسية الإسرائيلية أو الإقامة الدائمة من عائلات المتورطين في عمليات ضد إسرائيل حال موافقتهم على تلقي أموال من السلطة الفلسطينية على سبيل المكافأة أو الإعانة الشهرية.
وفي تقرير حديث، وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية الإجراءات الإسرائيلية بأنها "ترقى إلى مستوى العقاب الجماعي، وهو جريمة حرب".
وبينما شددت "هيومن رايتس" على أن "القوات الإسرائيلية تستخدم بشكل روتيني القوة المفرطة أو القوة القاتلة غير الضرورية ضد المدنيين الفلسطينيين، ونادراً ما تُحاسب على ذلك"، ذكّرت بأن العام 2022 شهد قتل القوات الإسرائيلية 151 فلسطينياً في الضفة الغربية، بينهم 35 طفلاً، في أعلى حصيلة سنوية منذ بدء الأمم المتحدة تسجيل الوفيات منهجياً في 2005، وفق "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" (أوتشا).
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ اسبوعينمقال رائع فعلا وواقعي