شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"أشعر بأنني مش رجّال"... عن عقدة ربط الرجولة بالأداء الجنسي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 9 فبراير 202303:00 م

"إذا كانت المرأة التي أعاشرها أقوى منّي في أدائها الجنسي، وإذا كنت عاجزاً عن تلبية رغباتها الجنسية كما يجب وفقدت السيطرة، أشعر بأنني ‘مش رجّال’"، بهذه الجملة عبّر كريم (اسم مستعار)، عن شعوره بنقص في "رجولته" في حال لم يرضِ أداؤه الجنسي رغبات شريكته.

"الفرس بدها خيّالها"

إن الأداء الجنسي هو ما يجعل كريم واثقاً من نفسه، ويُشعره بأنه كامل الرجولة، وذلك مشروط بمدى الإعجاب الذي ستبديه شريكته بأدائه، وحالتها الجسدية بعد الجماع، وفق ما شرح لرصيف22: "يجب أن تبدو مرهقةً، لا تستطيع تحمّل المزيد، وأن تقول لي: هلكتني ما بقى فيي، عندها فقط تزداد ثقتي بنفسي وأشعر بأنني قويّ".

والمسألة برأيه تتعلّق بإرضاء "الأنا": "قوّتي في السرير هي التي تعطيني شعوراً بالرجولة وتزيد ثقتي بأدائي الجنسي، فأهم ما يملك الرجل هو عضوه الذكري، كما أننا تربينا على فكرة أنّ الرجل يجب أن يكون قوياً ومسيطراً، فكيف يكون قويّاً في حياته المهنيّة وضعيفاً في حياته الجنسية؟".

"إذا كانت المرأة التي أعاشرها أقوى منّي في أدائها الجنسي، وإذا كنت عاجزاً عن تلبية رغباتها الجنسية كما يجب وفقدت السيطرة، أشعر بأنني ‘مش رجّال’"

وتابع: "الفرس بدها خيّالها، والخيّال الصحيح هو من يعرف كيف يكون رجلاً في الفراش، بمعزل عن وضعه النفسي، ومن هنا تأتي أهميّة أن يكون العضو الذكري بحجم وطول مناسبين، وإلا ستقوم شريكته بخيانته باحثةً عن رجل يرضيها".

هل تحلّ الألعاب الجنسيّة مكان الرجل؟

في المقابل، شدد نزار (اسم مستعار)، على أنّ الأداء الجنسي ليس معياراً للرجولة: "الرجولة هي أن يعرف الرجل كيفيّة حلّ المشكلات، وكيف يخلّص أمور عائلته ويعيلها"، رافضاً ربط الأداء الجنسي ومدى إمكانية إشباع الرجل لغريزة المرأة بكونه رجلاً أم لا. فالجنس ليس فحصاً لرجولة الرجل".

ورأى نزار أنه ومع تطوّر التكنولوجيا أصبحت هناك ألعاب جنسيّة قد تسعد بعض النساء وتلبّي حاجاتهنّ أكثر من الرجال: "هل هذا يعني أننا يجب أن نحصر دور الرجل في أدائه الجنسي؟".

"هذه المجتمعات تربّي الرجل على فكرة أن رجولته متعلّقة بعدد النساء اللواتي يعاشرهن، وبمدى حجم عضوه الذكري"

ولفت نزار إلى أنّ هناك عوامل عدّة قد تؤثّر على الأداء الجنسي للرجل، منها التعب، الكحول، نوع الطعام، كثرة الهموم والتفكير في المشكلات... ما قد يؤدي إلى أداء جنسي ضعيف: "بعض الرجال، وأنا منهم، يشردون في أثناء الجماع، أو تخطر على بالهم أفكار أخرى، فهل الأداء الجنسي كاف لتحديد مدى رجولتي؟ وماذا لو مرضت ولم يعد بامكاني ممارسة الجنس، فهل هذا يعني أنني لم أعد رجلاً؟".

وأضاف أن التفكير بهذه الطريقة التقليدية يعود إلى ثقافة المجتمعات المتقوقعة: "هذه المجتمعات تربّي الرجل على فكرة أن رجولته متعلّقة بعدد النساء اللواتي يعاشرهن، وبمدى حجم عضوه الذكري"، مضيفاً لرصيف22: "ماذا تتوقّعين من أشخاص يطلبون من أولادهم عرض أعضائهم الحسّاسة أمام الأقارب؟".

ماذا يقول علم النفس؟

شددت الأخصائية في علم النفس د. حنان مطر، في حديثها إلى رصيف22، على أنّ "ربط الرجولة بالأداء الجنسي، هو من المفاهيم الخطأ والشائعة في المجتمع العربي بشكل عام".

وفندت مطر أبرز الأسباب الكامنة وراء هذه العقلية الذكورية:

1- غياب الثقافة الجنسية: تعاني معظم المجتمعات العربية من غياب الثقافة الجنسية، فمواضيع الجنس بمعظمها تُعدّ "تابو" أو من المحرّمات، فيما تقتصر هذه الدروس على بعض الصفوف التي يعطيها رجال الدين، أو أساتذة البيولوجيا في المدارس. أمّا الأهل فيتجنّبون فتح هذه المواضيع مع أولادهم. وإذا سأل الولد لا تتمّ الإجابة بطريقة واضحة وصريحة. وعليه، من المفروض على الأهل أن يناقشوا ويفتحوا هذه الأحاديث لتثقيف أطفالهم جنسياً ولتجنّب المفاهيم الخطأ حول العلاقة الجنسية.

2- التربية: قد يتأثّر الولد بعلاقة أهله. فوجود الحبّ والاحترام والتفاهم بينهم أو عدمه يؤثّران على طريقة معاملته لشريكة حياته، ويجب أن نحذّر الأهل من إمكانية أن يسمع الولد أصواتهم وهم في حالة الجماع، ومدى تأثير هذا الأمر على نفسيته. فهذه الأصوات، قد تجعله يفهم أنّ الجنس الناجح يجب أن ينتج عنه صراخ، وهو ما قد يدفعه في المستقبل نحو ممارسة الجنس العنيف.

كما أن بعض الأولاد قد يشاهدون أهلهم عن طريق الخطأ وهم يمارسون الجنس، وهو ما قد يشوّه فكرة العلاقة الحميمة في ذهن الولد.

من جهة أخرى، قد يتفاخر بعض الأهل بتعددية العلاقات الجنسية لدى ابنهم، من منطلق أنه "رجّال وطالع لبيّو"، وجميعها أفكار سامّة، تجعل الولد الذكر يعتقد أنّ أداءه الجنسي هو ما يجعل منه "قبضاي".

3- الأصدقاء والمقارنة: عندما يصل الأولاد إلى مرحلة البلوغ، تبدأ المقارنات مع أصدقائهم على حجم وطول وشكل عضوهم الذكري والتجارب الجنسيّة التي مرّوا بها. وخطورة الموضوع، أنّ هذه المقارنة، تؤدي إلى وصف من ليست لديه علاقات، أو من هو مختلف في شكل قضيبه عن أصدقائه "بالمش رجّال".

من جهّة أخرى، غالباً ما تتمحور معظم أحاديث الأصدقاء الذكور، حول علاقاتهم الجنسيّة، الأمر الذي يجده البعض فرصةً للمفاخرة بعدد التجارب الجنسية، ومعظم هذه التفاصيل الجنسية التي تُسرد تكون مضخّمةً، لا بل بعضها لا يمت ّإلى الحقيقة بصلة، لكنّها تؤدّي إلى ترسيخ فكرة ارتباط الرجولة بالأداء الجنسي.

وأخيراً، عندما يتزوّج الرجل، يتمحور تركيز أصدقائه على "ليلة الدخلة"، وهنا تبدأ الأسئلة: كيف كنت؟ بيّضتلنا وجنا؟ أوعى تكون ما طلعت رجّال!

4- التجارب الخطأ: عادةً ما يتعلّم الشباب كيفيّة ممارسة الجنس من أفلام البورنو بسبب غياب الثقافة الجنسيّة، غير أن معظم محتوى هذه الأفلام بعيد كلّ البعد عن الحقيقة والواقع، سواء كان ذلك من ناحية أجساد النساء أو أجساد الرجال وحجم أعضائهم التناسلية، وصولاً إلى طريقة المجامعة والتي بمعظمها عنيفةً، ويكون الرجل مسيطراً فيها.

 "قوّتي في السرير هي التي تعطيني شعوراً بالرجولة وتزيد ثقتي بأدائي الجنسي، فأهم ما يملك الرجل هو عضوه الذكري، كما أننا تربينا على فكرة أنّ الرجل يجب أن يكون قوياً ومسيطراً، فكيف يكون قويّاً في حياته المهنيّة وضعيفاً في حياته الجنسية؟"

وعليه، يستند الشاب إلى هذه المشاهد ويعتمدها كمنهج في حياته الحميمة، فيسعى إلى السيطرة الدائمة في العلاقة، ويرفض أي وضعيّة تمنعه من السيطرة على شريكته، أو تجعله يقذف بسرعة.

في المقلب الآخر، يخشى الرجل الشرقي المرأة المثقّفة جنسياً، خصوصاً إذا لمّحت له أنّ حبيبها السابق كان "أقوى" أو كان يلبّي حاجاتها أكثر، عندها يشعر الرجل بانعدام رجولته وينطوي على نفسه وينعزل عن المجتمع، ويجد صعوبةً في إعادة التواصل مع أي إمرأة أخرى.

في المحصّلة، نستنتج أنّ مسألة ربط الرجولة بالأداء الجنسي، لها عوامل اجتماعية وثقافية وتربويّة، تدفع بعض الشباب للاعتقاد بأنّ أداءهم الجنسي هو المعيار الأساسي لقياس نسبة رجولتهم، في حين أن الواقع مختلف: لا ترتكز العلاقات العاطفية على الحياة الجنسية للشريكين فقط، بل على الأدوار الجندرية وتحمّل المسؤوليات وكيفيّة حلّ المشكلات والتفاهم والحوار. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image