شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"أخجل من جسدي ومن الفشل في السرير"... كيف يؤثر القلق والتوتر على الأداء الجنسي؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 1 أكتوبر 202006:34 م

من المفترض أن يكون الجنس ممتعاً لكن من الصعب الاستمتاع به إذا كان المرء قلقاً بشأن أدائه الجنسي. والواقع أنه يمكن أن يكون لحالتكم/نّ الذهنية تأثير كبير على قدرتكم/نّ على الشعور بالإثارة واللذة، فحتى لو كنتم مع شخص تجدونه جذاباً من الناحية الجنسية، فإن القلق بشأن ما إذا كان بوسعكم/نّ إرضائه، يمكن أن يجعل من المستحيل عليكم/نّ الاستمتاع بالعملية الجنسية برمتها.

في الحقيقة، قد يعجز الكثير من الناس عن بلوغ النشوة أثناء الجماع، والسبب لا يتعلق بكونهم يعانون من أي مشكلة جسدية أساسية، بل قد تكون المسألة ناتجة جزئياً أو كلياً عن القلق بشأن عدم القدرة على الأداء الجنسي.

وبالتالي، إذا كنتم من الرجال أو النساء الذين يواجهون صعوبة ما في إسعاد أنفسكم/نّ وشريككم/نّ وترغبون في إعادة الشرارة إلى حياتكم/نّ العاطفية والجنسية، تعرفوا على سبب حدوث قلق الأداء الجنسي، واحصلوا على بعض النصائح لتهدئة أنفسكم/نّ في السرير.

رهاب اجتماعي

يمكننا جميعاً أن نشعر بالقلق والتوتر عند ممارسة الجنس، بخاصة في حال كانت هذه المرة الأولى لنا أو في حال سبق وأن اختبرنا تجارب جنسية سيئة، وفي مثل هذه المواقف نشعر فجأة بدماء تتدفق إلى رأسنا ونبدأ بفقدان الرغبة الجنسية، هذا كله يعرف بقلق الأداء الجنسي، الذي تم تصنيفه من قبل الجمعية الأميركية للطب النفسي في DSM-V على أنه رهاب اجتماعي يقع في خانة القلق الاجتماعي.

ولكن ما هي الأسباب الكامنة وراء قلق الأداء الجنسي؟

لا شك أن الجنس هو أكثر من مجرد استجابة جسدية، بحيث أن العواطف تلعب دوراً كبيراً في مدى الاستمتاع بالعملية الجنسية، فعندما يكون العقل مرهقاً وعاجزاً عن التركيز على الجنس، فهذا يعني أنه لا يمكن للجسم أن يشعر بالإثارة أيضاً.

من المرجح أن يحدث قلق الأداء الجنسي لدى الأشخاص الذين لديهم مخاوف معيّنة بشأن قدراتهم الجنسية أو نوع أجسامهم، أو أولئك الذين يهتمون كثيراً بمدى كفاءتهم في السرير، بخاصة عندما يكون هناك اختلاف ملحوظ في الخبرة الجنسية بين الشريكين.

والحقيقة أن القلق من الأداء الجنسي ينجم في أغلب الأحيان عن الشعور بعدم الكفاءة، فقد يقلق المرء مثلاً من أن يقارنه الطرف الآخر بحبيبه/ته السابق/ة أو أن يشعر بأن جسمه لم يعد جذاباً بنظر شريكه، أو أن المشاكل الصحية قد كبحت حيويته، وغيرها من الأشياء التي يمكن أن تثير لديه الشعور بأنه أقل من غيره، وبسبب هذه الهواجس كلها يصبح الشخص المعني أكثر تركيزاً على الأداء الجنسي من المتعة نفسها، فعوضاً عن الإحساس بالآخر والاستمتاع باللحظة، فإنه سيركز فقط على ما يفعله وعمّا إذا كان ما يقوم به جيداً أم لا.


من المرجح أن يحدث قلق الأداء الجنسي لدى الأشخاص الذين لديهم مخاوف معيّنة بشأن قدراتهم الجنسية أو نوع أجسامهم، أو أولئك الذين يهتمون كثيراً بمدى كفاءتهم في السرير

في هذا الصدد، تحدث الأخصائي في العلاقات الجنسية أنطوني حكيم، عن أبرز العوامل التي تؤجج القلق من الأداء الجنسي، من بينها وضع توقعات وتصورات معيّنة قبل العملية الجنسية: "يطرح المرء على نفسه سلسلة من الأسئلة: كيف ستكون العلاقة الجنسية؟ ماذا سيشعر الشخص الآخر؟ هل سيستمتع معي أم لا؟ هل سيحدث الانتصاب أم لا؟ ماذا عن القذف المبكر؟ مشيراً إلى أن بعض النساء يعشن هاجس أن تكون العملية الجنسية مؤلمة وغير مريحة، الأمر الذي يزيد من قلقهنّ ويمنعهنّ من الاستمتاع بالجماع.

بالإضافة إلى الأسئلة الكثيرة التي ترهق العقل والحالة النفسية، كشف حكيم عن عامل آخر يقف وراء القلق من الأداء الجنسي، وهو صورة الجسد أو الـbody image، أي أفكار المرء وموقفه من مظهره الشخصي، بخاصة عندما يكون عارياً: "كيف يرى الشخص نفسه وكيف يشعر تجاه شكل جسمه وكيف سينظر الطرف الآخر إلى جسمه".

وأوضح أنطوني لموقع رصيف22 أن قلق الأداء الجنسي غالباً ما يكون نتيجة غياب الثقافة والتربية الجنسية السليمة: "للأسف، تعاني مجتمعاتنا العربية من نقص في التربية الجنسية، الأمر الذي يجعل بعض الأشخاص يحصلون على المعلومات الخاطئة من خلال الأفلام الإباحية التي تتسم بالمبالغة، ما يؤثر سلباً على العملية الجنسية كلها".

من هنا شدد حكيم على ضرورة التواصل بين الشريكين بهدف التغلب على هذا النوع من القلق: "يجب على الطرفين أن يتقبلا بعضهما البعض من دون أحكام مسبقة، وأن يوفرا جواً من الراحة قبيل العملية الجنسية، بخاصة وأن مجرد الحكي عن الجنس والعلاقة الجنسية هو أصلاً (تابو) بالنسبة للكثير من الأشخاص الذين يواجهون صعوبة في التحدث بأريحية عن هذه المسائل الحساسة"، وأضاف قائلاً: "أهم شي نريّح بعضنا ونكون متقبلين بعضنا، ونعرف الآخر شو بحب وشو ما بحب".

وأكد أنطوني على ضرورة استقاء المعلومات الجنسية من مصادر موثوقة و"ليس من عالم البورنو، لأنه قائم على التمثيل"، على حدّ قوله.

أما بالنسبة للإحصاءات، فقد كشف حكيم أن المشكلة شائعة أكثر بين الرجال، وذلك بسبب الصور النمطية التي تعتبر أن الرجل هو "الفاعل" و"المبادر" في العملية الجنسية، في حين أن المرأة هي مجرد "متلقية"، منوهاً بأن هذا الأمر يختلف بحسب المجتمعات والأدوار الجندرية.

مشكلة شائعة بين الرجال والنساء

في العادة يتم مناقشة قلق الأداء الجنسي في أوساط الرجال الذين يشعرون بالقلق من حجم القضيب، أو لديهم مخاوف معيّنة متعلقة بسرعة القذف، أو الخشية من استغراق وقت طويل جداً للوصول إلى النشوة الجنسية.

هذا الخوف المسبق يسبب لهم العديد من المشاكل الجنسية، مثل فقدان القدرة على الانتصاب، وذلك بسبب تصاعد مستوى هرمونات التوتر، ما يؤدي إلى تضييق الأوعية الدموية، فعندما ينخفض تدفق الدم إلى القضيب، فإن هذا الأمر يجعل الانتصاب أكثر صعوبة.

في هذا السياق، أوضح الدكتور فران والفيش، وهو المعالج النفسي للأسرة والعلاقات في بيفرلي هيلز، ومؤلف كتاب The Self-Aware Parent لموقع Medical Daily، أن الخوف من القذف المبكر شائع، بخاصة لدى الشباب الذين هم في أواخر سن المراهقة وأوائل العشرينات، ولديهم خبرة جنسية محدودة ومستوى عال من الإثارة المتراكمة.

واللافت أن القلق من الأداء الجنسي لا يصيب الرجال فقط، إذ إن انعدام الأمن في غرفة النوم يجعل بعض النساء غير قادرات على الوصول إلى النشوة الجنسية أو الاستمتاع بالعملية الجنسية، إلا أن مخاوف المرأة من هذا الموضوع تبقى في الكثير من الأحيان طيّ الكتمان، بخاصة في المجتمعات الذكورية التي لا تركز على الصحة الجنسية للنساء.

وتعليقاً على هذه النقطة، قالت الدكتورة جينيفر كودل، أستاذة في جامعة روان، إن المجتمع يضع ضغوطاً على الرجال والنساء لجهة ضرورة الوصول للنشوة الجنسية طوال الوقت.

وفي حين أن الأداء الجنسي بالنسبة للرجال يتعلق بمدى قدرتهم على الحفاظ على الانتصاب لفترة زمنية مقبولة، فإن النساء بمعظمهنّ لا يصلن للنشوة الجنسية بسهولة، وهذا أمر يساهم في شعورهنّ بالقلق من الأداء الجنسي، ناهيك عن الصور النمطية والخوف الذي يزرعه المجتمع في نفوسهنّ.

وعليه، تحدثت كودل عن القلق الذي تشعر به المرأة تجاه جسدها العاري والخجل من الكشف عن أعضائها التناسلية: "تتأقلم النساء اجتماعياً مع فكرة الخوف و/أو كره مظهر الفرج والشفرين، وتعترف العديد من النساء البالغات بقلقهنّ الشديد، بحيث لا يمكن أن ينظرن إلى هذه الأجزاء الحميمية في المرآة. تخيلوا القلق الذي يصاحبهنّ عندما ينظر شخص آخر إلى أعضائهنّ التناسلية "، وأضافت كودل: "أعتقد أن الضجيج المجتمعي حول الجنس يجعل الأمر صعباً على الكثير من الناس. يخبرنا المجتمع كيف علينا أن نكون، ما هو مثير وما هو غير مثير، ما هو الجنس الجيد وما الذي يعتبر جذاباً أو لا. كل هذه القواعد تجعل من الصعب على الناس أن يكونوا حميميين بطريقة منطقية بالنسبة لهم".

5 نصائح للتعامل مع قلق الأداء الجنسي

اتباع روتين معيّن: يبدأ التعامل مع قلق الأداء الجنسي من السرير نفسه، كلما اعتاد المرء أن يستمتع بنفسه وبجسمه، بخاصة عندما يكون عارياً، كلما انخفض قلقه بشأن الأداء الجنسي.

وقد وجدت دراسة نشرت في العام 2010 في PLoS ONE أن ممارسة الجنس كل يوم لمدة أسبوعين أدت لنمو الحصين، وهو جزء من الدماغ مسؤول عن تنظيم مستويات التوتر، ما يعني بأن اتباع روتين معين وممارسة الجنس مع الشريك/ة بشكل متكرر، سيساعد المرء على الشعور بالراحة تجاه جسده وجسد شريكه/ته.

اكتشاف الوتيرة المناسبة: يمكن أن تساعد الوتيرة البطيئة في غرفة النوم في تخفيف القلق من الأداء الجنسي، من هنا يجب التعرف على الشريك/ة جيداً لتحديد مستوى الراحة الجسدية والوتيرة المناسبة للطرفين.

وفي هذا الصدد، وجدت دراسة أجريت في العام 2012 في جامعة كورنيل، أنه كلما كان الجنس أبطأ، كلما كانت العلاقة أفضل، هذا وقد لاحظ الباحثون أن إبطاء الوتيرة بالنسبة للنساء يعني التركيز على العوامل الأخرى التي من شأنها تحسين العلاقة، مثل الالتزام والحميمية العاطفية.

اليقظة الذهنية: إن مفتاح التغلب على قلق الأداء الجنسي هو التركيز على العلاقة الحميمية ووجود شريك/ة داعم/ة. يمكن لليقظة الذهنية أن تساعد الأزواج على تحقيق النشوة الجنسية من خلال التركيز على ما هو موجود الآن، أي اللحظة الآنية من دون تشتت الانتباه وانهماك العقل في أمور كثيرة.

وقد وجدت دراسة أجريت في العام 2011 في جامعة براون أن النساء اللواتي شاركن في دورة تأمل اليقظة لمدة ثلاثة أشهر، وقضين وقتاً في مشاهدة الصور المفعمة بالحيوية، كنّ أكثر إثارة من غيرهنّ.

يخبرنا المجتمع كيف علينا أن نكون، ما هو مثير وما هو غير مثير، ما هو الجنس الجيد وما الذي يعتبر جذاباً أو لا. كل هذه القواعد تجعل من الصعب على الناس أن يكونوا حميميين بطريقة منطقية بالنسبة لهم

معالجة الموقف: إحدى الطرق البسيطة والفعالة للتعامل مع قلق غرفة النوم هي تحديد المحفّز، فالتركيز على مصادر القلق هو المفتاح الذي من شأنه أن يؤدي إلى حل دائم.

التحدث بشفافية مع الشريك/ة: يمكن أن يؤدي ضعف التواصل إلى إحداث مشكلة في الاتصال الجسدي والعاطفي، ويزيد من القلق بشأن الأداء الجنسي. وعليه فإن التواصل بشفافية وصدق هو أمر مطلوب لضمان الاتصال الجنسي الصحي، إذ يحتاج المرء إلى الشعور بالأمان والراحة ليقول ما يشعر به جيداً وما لا يشعر به، ما يحبه وما لا يحبه، ما يريده وما لا يريده من الآخر.

بهدف التغلب على قلق الأداء الجنسي، يجب على المرء أن يتوقف عن القلق بشأن ما سيفكر فيه الطرف الآخر عنه، ويركز على ما يمكن التحكم فيه، أي عالمه الشخصي المليء بالأفكار والتخيلات والأحاسيس والمشاعر المثيرة، والأهم هو التوقف عن المبالغة في مدى سوء عدم الحصول على هزة الجماع، والتوقف عن تقييم التجربة الجنسية، بل تقدير المتعة وعيش اللحظة الآنية بعيداً عن الأحكام المسبقة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image