هذ القصة عن “مؤثرتين“، وهي متعلقة بأحداث فيما بينهن، لكنها تكشف لنا مهازل توظيف الشهرة والمال، لشراء السلطة، في بلاد الميلشيات و“المافيات“.
على مدى الأيام القليلة الماضية، لم تهدأ الاتصالات بين العاصمتين العراقية بغداد، والليبية طرابلس، وسط مساعي السلطات الليبية والعراقية لاحتواء أزمة تعرّض عراقية للخطف في العاصمة الليبية طرابلس، قبل أن تتحول إلى أزمة في العلاقات بين البلدين.
ودخلت الحكومة العراقية على نحو رسمي على خط واقعة اختطاف مؤثرة عراقية تُدعى داليا فرهود، إذ أكدت وزارة الخارجية اليوم أنها تتابع مصير فتاة عراقية اختُطِفت في ليبيا، ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن المتحدث باسم الوزارة إنها "تتابع باهتمام مع السلطات الليبية للتعرف على مصير فتاة عراقية اختُطِفت في طرابلس يوم الأربعاء الماضي".
كيف وصل الصراع بين المؤثرات وصانعات المحتوى إلى هذا الحد من العنف؟
عراقية في ليبيا
وترددت معلومات عن خطف الممثلة واليوتيوبر العراقية داليا فرهود، التي تعيش في طرابلس منذ عام 1998، وتعمل في مجال الموضة، وصانعة محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، من منزلها في منطقة جنزور غرب العاصمة.
واتضح لاحقاً أن اختفاء فرهود مرتبط بناشطة ليبية أخرى تُدعى غالية أبو زعكوك، تقدّم نفسها على أنها مذيعة تلفزيونية، ودخلت مؤخراً مجال التجارة.
وأبلغ مصدر في جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة الذي يقوده المتشدد عبد الرؤوف كاره، وسائل إعلام محلية، بأنه تم توقيف فرهود بسبب انتهاكها للخصوصية ونشرها محتوى لا يتناسب مع المجتمع الليبي، مشيراً إلى أنه جارٍ التحقيق معها قبل إحالتها إلى النيابة.
وكرر الناطق باسم ما يُسمى جهاز الردع، لوسائل إعلام ليبية محلية، عدم صحة ما يشاع، أو يتردد إعلامياً أو عبر وسائل الإعلام التواصل الاجتماعي بشأن خطف فرهود في طرابلس، وأوضح في المقابل أنها محتجزة لدى الجهات المختصة، بتهمة نشر محتوى لا يتناسب مع المجتمع الليبي.
وأوضح بن سالم، أن الأجهزة الأمنية اتخذت الإجراءات القانونية اللازمة بخصوص عملية الضبط، ونفذت القبض وسيجري تسليمها إلى الجهات المختصة لمباشرة التحقيقات معها.
كما أبلغ وسائل إعلام عراقية بأن فرهود موقوفة بصفة رسمية، وبعلم النيابة والنائب العام، وتتواصل مع أهلها وقد طمأنتهم.
لكن غالية بوزعكوك، ادّعت في المقابل، أنها اضطرت إلى اتخاذ إجراءات قوية جداً لضمان خصوصيتها وخصوصية أي بنت أخرى، كون شخصها هو الانطلاقة!
ولم توضح فحوى الخلاف أو كيفية تجاوز خصوصيتها كما ادّعت، لكن مقربين منها زعموا في المقابل بأن العراقية تجاوزت حدود الأدب والأصول، وصوّرت الليبية في مناسبة اجتماعية خاصة من دون حجاب، كما اتهموا العراقية بابتزاز بعض السيدات الليبيات.
وروت نهلة فائز عبد الله، والدة فرهود، أن ابنتها اتصلت بها مساء يوم الأربعاء الماضي، بعد يوم من أخذها من منزلها، وأبلغتها بأنه تم التحقيق معها، ولم يثبت عليها أي شيء.
وقالت في مداخلة تلفزيونية إنه تم اقتياد ابنتها إلى سجن معيتيقة من منزلها مساء الثلاثاء من قبل قوة مسلحة تابعة لجهاز الردع، من دون أمر من النيابة ومن دون أمر بإلقاء القبض، مشيرةً إلى أن المسلحين دخلوا المنزل، وقاموا بتفتيش غرفتها الخاصة، من دون أن يتلقوا ردّاً حول عما يبحثون.
وكشفت عن تواصل وزارة الخارجية العراقية مع العائلة، تم على إثره توجيه برقية عاجلة إلى الخارجية الليبية، لكنها نفت أي اتصال من السلطات الليبية.
وطلبت من رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، التدخل فوراً لإطلاق فرهود كونها مواطنةً عراقيةً.
هل كيد النساء فقط وراء اختطاف داليا فرهود، أم أن الأمور في ليبيا أعقد من ذلك؟
خلاف افضي للخطف
واتضح أن ثمة خلافاً قديماً على ما يبدو بين فرهود بوزعكوك، يرجع إلى عام 2021، كما تبين أن بوزعكوك التي اشتهرت بتصريحاتها المثيرة للجدل، وتقدم نفسها على أنها إعلامية، سبق أن استضافت قبل شهور الكويتية "روان بن حسين"، طليقة رجل الأعمال الليبي يوسف المقريف، في العاصمة طرابلس لافتتاح محل تجاري يخصّ المذيعة السابقة في قناة ليبيا الأحرار.
وانضمت بوزعكوك التي عملت مع قناة ليبيا الأحرار بعد سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، للعمل في قناة إعلامية ليبية محلية في برامج رمضانية قبل نحو عامين.
وسبق أن اتهمت المذيعة الجزائرية في قناة الجزيرة القطرية خديجة بن قنة، بإجراء عمليات تجميل برغم بلوغ سنها الستين، قبل أن تتراجع عنه، وتقدّم اعتذاراً رسمياً لتسحب كلامها السابق نهائياً.
وجهاز الردع المتهم بخطف اليوتيوبر العراقية، معروف بانتهاكاته لحقوق الإنسان، علماً بأن الرئيس السابق لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، كان قد أعلن عام 2018، حل كتيبة قوات الردع الخاصة بقيادة عبد الرؤوف كارة، واستبدلها بجهاز أمني جديد، عهد إليه بمهام فضفاضة من بينها مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، ومراقبة مواقع التواصل الاجتماعي.
وبحسب وسائل إعلام ليبية، لم يكن كارة، ابن منطقة سوق الجمعة، من وجوه شباط/ فبراير، البارزة في الأحداث عام 2011، لكن برز اسمه عندما شكل كتيبة النّواصي.
ولطالما تحدثت تقارير إعلامية عن كارة كونه عنصراً إرهابياً، كان مسؤولاً عن نقل المرتزقة من السودان إلى ليبيا، كما أنه يدير جزءاً من سجن معيتيقة، ومتورط في عمليات تعذيب وقتل السجناء.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...