شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"أم علي”.. عندما يتحول الانتقام المرّ إلى ألذّ مذاق

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 23 مايو 201905:40 م

ما إن يحل شهر رمضان حتى تستضيف الموائد العربية أصنافاً مختلفة من الحلويات الشرقية، أبرزها حلوى "أم علي" مصرية المنشأ والتي يمتد عمرها أكثر من 760 عاماً. لكن الكثيرين لا يعرفون ربما أن خلف مذاقها الشهي قصة انتقام مرّ أشعله "كيد النساء".

أصول “أم علي” يرويها حجاجي إبراهيم، الأثري المصري المختص في التاريخ الإسلامي وأستاذ الآثار بجامعة طنطا، لرصيف22، كاشفاً سبب تسميتها بهذا الاسم. يقول: "الحكاية بدأت مع إهداء الخليفة العباسي الجارية الأرمينية شجر الدر للأمير الصالح نجم الدين أيوب قبل أن يتولى السلطة. أراد الأمير أن يتزوجها لكن والده الكامل رفض، فانتظر حتى تولى الحكم وتزوجها. توفي نجم الدين في معركة المنصورة في الحرب بين المصريين والفرنج (الصليبيين)، فأرسلت شجر الدر تستدعي ابنه توران شاه لتولي الحكم،  ظناً منها أنها تستطيع السيطرة عليه".

ويردف: "عندما فشلت شجر الدر، الملقبة بعصمة الدين أم خليل، في السيطرة على توران شاه، عملت على إحداث الوقيعة بينه وبين أمراء المماليك فقتلوه لتتولى هي الحكم 80 يوماً"، الأمر الذي لم يعجب الخليفة العباسي، فأرسل للمصريين ساخراً ومحذراً "إن كانت الرجال عدمت لديكم سيّرت لكم رجلاً"، إذّاك تضطر السلطانة للزواج من أحد أمراء المماليك، والكلام لا يزال للمختص بالآثار الإسلامية.

"أم علي" تنتقم

يتابع إبراهيم: "فاضلت شجر الدر بين الفارس أقطاي وعز الدين أيبك، لتستقر على الزواج من الأخير، الذي كان متزوجاً بسيدة ولديه منها ابن يدعى علي المنصور"، مشيراً إلى أن أيبك انشغل بشجر الدر وترك أم ابنه وتنكر لها.

ورغم تنافسه على الفوز بها، يقول حجاجي، سرعان ما أحب أيبك جارية أخرى على شجر الدر، كما خطب بنت بدر الدين لؤلؤ أمير الموصل آنذاك. وعندما وصل الخبر لشجر الدر، وكان عز الدين أيبك ترك القلعة ليعيش في منزل منفصل، أرسلت تتودد إليه معربة عن موافقتها على الزواج منه، فصدقها وذهب إليها ليقتل وتشيع أنه مات ليلاً.

لم يصدق أحد أن وفاة أيبك كانت طبيعية، لا سيما مماليكه وأم ابنه (أم علي) التي جاءت بالجواري ليغرقوا شجر الدر في الحمام، قبل أن يلقوا بجثتها من برج الإمام في القلعة. ظلت الكلاب تنهش جثة شجر الدر، قبل أن يتعاطف معها البعض وينقلوها إلى الضريح الذي أقامته في حياتها.

في الأثناء، أمرت "أم علي" بتوزيع طبق مكون من السمن والسكر واللبن والرقاق والمكسرات على العامة ابتهاجاً بالخلاص من غريمتها شجر الدر وفرحاً بالانتصار عليها. أطلق عليه العامة "حلاوة أم علي".

ونفى حجاجي في حديثه مع رصيف22 أن تكون "أم علي" قامت باقتلاع حلمتَي ثدي شجر الدر وتقطيعهما لتزيين الأطباق بهما تشفياً، وقد حل محلهما الزبيب في ما بعد، حسبما يشيع البعض، موضحاً أن الأكلة مصرية المنشأ لكنها استطاعت أن تنتقل إلى العديد من الموائد العربية وتفرض وجودها بطعمها المميز وقيمتها الغذائية العالية.

حلوى "أم علي" مصرية المنشأ يمتد عمرها أكثر من 760 عاماً، لعلها من أبرز حلويات رمضان. ما لا يعرفه الكثيرون هو أن خلف مذاقها الشهي قصة انتقام مرير أشعله "كيد النساء”. تفاصيل القصة  والوصفة كذلك في تقريرنا.

إليكم وصفة أم علي

تصنع حلوى "أم علي" من 4 مربعات من عجينة البف باستري (أو الرقاق) المخبوزة، بإضافة 8 أكواب من الحليب السائل إليها، وعلبة من القشدة، وثلاثة أرباع كوب من السكر، وكوبين من المكسرات المحمصة (جوز ولوز وفستق حلبي وزبيب وجوز الهند).



أما طريقة تحضيرها فسهلة، ولا تتطلب وقتاً، وتبدأ بمزج الحليب والسكر وملعقتين كبيرتين من القشدة وترك المزيج ينضج على نار هادئة. في الأثناء، تفتت عجينة البف باستري المخبوزة في طبق زجاجي (بايركس)، ثم يتم توزيع كوب ونصف الكوب من المكسرات عليها.

وبعد أن يغلي مزيج الحليب والسكر والقشدة، نسكب مقدار ستة أكواب منه فوق البف باستري. ثم نوزع نصف علبة القشدة على المزيج، ويُسّخن الفرن عند 176 درجة مئوية، ونضع فيه طبق البايركس مدة تراوح بين خمس وعشر دقائق.

ثم نخرج الطبق ونسكب الكمية المتبقية من مزيج الحليب والسكر، مع توزيع بقية القشدة على وجه الطبق، ونعيده إلى الفرن حتى يحمر وجهه ونخرجه لإضافة بقية المكسرات. ثم نقدمه ساخناً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image