شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"دُنيا وأميرة حلب"... ماريا ظريف تكسر الصورة النمطية التي التصقت بالطفل السوري

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والمهاجرون العرب

السبت 4 فبراير 202302:22 م

انطلق يوم الأربعاء الأول من شباط/فبراير 2023 الفيلم الكندي-الفرنسي "دنيا وأميرة حلب" في صالات السينما الفرنسية. وهو من تأليف وإخراج السورية ماريا ظريف بمشاركة أندريه القاضي، يتناول قصة الحرب في سوريا بشكل مبسط وخالٍ من العنف ليخاطب الأطفال الناطقين باللغة الفرنسية.
فكرة الفيلم انطلقت كمسلسل على التلفزيون الكندي في إقليم كيبيك الناطق بالفرنسية تحديداً، وكان الهدف منه أن يشرح للأطفال ما حدث في سوريا. وبعد ذلك قرر صناع العمل تحويله إلى فيلم للأطفال.


من هي أميرة حلب؟

"دنيا وأميرة حلب" إنتاج كندي فرنسي مشترك، تم إطلاق الفيلم للمرة الأولى في مهرجان مدينة "آنسي" الفرنسية لسينما الرسوم المتحركة، وهو من أهم مهرجانات سينما الرسوم المتحركة في العالم حيث كان الفيلم ضمن الاختيارات الرسمية للمهرجان.
وبعد جولة في عدة مهرجانات سينمائية حضرت مخرجة الفيلم وفريق العمل يوم 22 كانون الثاني/ يناير الماضي في صالة عرض UGC الشهيرة في باريس ضمن العرض الخاص الأول. التذاكر "المجانية" حُجزت عبر الإنترنت لتمتلئ الصالة بالأطفال الراغبين بحضور اللقاء الأول لدنيا مع الجمهور.
الفيلم يحكي قصة طفلة من مدينة حلب، شمال سوريا، كانت ثمرة علاقة حب بين والديها، تعيش مع جدتها "تيتا مونة" وجدها "درويش" بعد أن توفيت والدتها، واعتقل والدها على يد قوات الأمن مطلع الثورة السورية.

الفيلم يحكي قصة طفلة من مدينة حلب، كانت ثمرة علاقة حب بين والديها، تعيش مع جدتها "تيتا مونة" وجدها "درويش" بعد أن توفيت والدتها، واعتقل والدها.

يصور الفيلم رحلة دنيا من حلب إلى كندا التي ترعاها أميرة حلب بطلة قصص قبل النوم التي تحكيها "تيتا مونة"، ومن خلالها يحكي الفيلم ما مر به السوريون في السنوات الماضية بلغة فرنسية رصعتها الكاتبة بمفردات من اللهجة الحلبية، شكلت إضافة لهوية الفيلم التي تكاملت فيه العناصر من النص والحوار والرسم والتحريك والصورة المتقنة لتفاصيل مدينة حلب القديمة.

ماريا ظريف مخرجة الفيلم تقول لـرصيف22: "أردت أن آخذ المشاهد إلى ما هو أعمق من مشاهد الحرب التي يتابعها الناس في الأخبار. للأسف مع مرور الوقت، يأخذ هؤلاء مسافة أمان من المشاهد العنيفة بغية الابتعاد عنها، لذلك عملت على تقديم قصة هي في قالبها الأساسي فيلم للأطفال، لكنها أيضاً فيلم يستطيع أن يصل لجميع الشرائح العمرية".
وتضيف: "من هنا كانت لدي الرغبة بكسر الصورة النمطية التي التصقت بالشعب السوري والطفل السوري تحديداً، لذلك عملت على شخصية طفلة سورية جميلة ولديها من الأمل والجمال ما يكفي لملء الدنيا، وبنفس النمط رسمت سائر الشخصيات".
وترفض ظريف أن تصف كتابة قصة عن الحرب السورية للأطفال بالصعبة، بل على العكس تجدها تجربة ممكنة لأن الطفل بالنهاية ليس لديه إيديولوجيات، ولذلك يصبح لديك الحرية الكاملة بالعودة معه في تفاصيل القصة إلى البداية، وتقديم مفاهيم القصة بشكل طبيعي دون إضافات.
وتوضح: "ليس من الصعب أن ترسم حياة لأسرة سورية طبيعية، ولبيت حلبي تقليدي، وجدة وجد، وأب واجه ما واجهه الكثير من السوريين. الصعوبة تكمن دائماً في أن تكون صادقاً، عندما تكون صادقاً سوف تصل للجميع".

"بذلتُ جهداً كبيراً كي أكون صادقة، وابتعدت عن الاستشراق، هذا صعب جداً خصوصاً خلال العمل مع فريق غربي ينظر إلى الشرق من خلال صورة نمطية". ماريا ظريف، مخرجة فيلم دُنيا وأميرة حلب

وتتابع: "بذلت جهداً كبيراً كي أكون صادقة، وابتعدت كل البعد عن الاستشراق، هذا صعب جداً خصوصاً خلال العمل مع فريق غربي ينظر إلى الشرق من خلال صورة نمطية، ولذلك ركزت على كل تفصيل في العمل".
حوارات الفيلم كانت بالفرنسية. لكنها لم تخلُ من مفردات سورية وحلبية خصوصاً. فعلى سبيل المثال كانت دنيا تخاطب جدتها بـ "تيتا"، إلى جانب عدة مفردات معروفة لدى الحلبيين مثل "وبا" التي تستخدم للتأفف.
تقول ظريف إن الفيلم كان يجب أن يكون بالفرنسية ليس فقط لأنه بدأ كمسلسل في التلفزيون الكندي، ففي هذا الزمن من المهم جداً أن نخاطب الأطفال الناطقين بالفرنسية في كندا أو فرنسا حتى يتعرفوا أكثر فأكثر على أقرانهم من السوريين خصوصاً الذين لجأوا إلى هذه البلاد وأصبحوا زملاءهم أو جيرانهم، ولذلك كان يجب أن نتحدث اللغة المشتركة بينهما.
أما عن المفردات الحلبية فتجد ظريف أن اللكنة واللغة هما جزء من أدوات العمل، ولا تقلان أهمية عن الرسم والألوان في عالم الرسوم المتحركة. تقول: "كنت أريد أن أثير فضول الطفل المشاهد حتى يتقرب من بيئة دنيا ويعرف عنها المزيد من المعلومات".
الموسيقى في الفيلم شرقية. بعضها من وحي تراث مدينة حلب. وثمة أغنية خاصة للفيلم كتبتها الشاعرة السورية مرام المصري وأدّتها جودي باطري التي تقول عن هذه التجربة إنها لدعم مشروع صديقة طفولتي ماريا ظريف، وكذلك لأن المشروع من روح حلب وينقل التجربة التي عاشها الشعب السوري.
وتوضح: "أحببت الموسيقى جداً، ولذلك لم أتمرن كثيراً، بمجرد أن ظهرت الروح التي كان ينتظرها المؤلف الموسيقي فواز باقر اعتمدنا النسخة التي ستسمعونها في الفيلم".

فيلم حلبي جداً

كل هذه التفاصيل الحميمة عن بيئة مدينة حلب الشهيرة بالمطبخ والموسيقى تركت الحاضرين بحالة من الإعجاب والنوستالجيا التي رسمتها دموع السوريين الموجودين في صالة العرض.
فراس حليسو أحد الحاضرين الذين حرصوا أن يصطحبوا عائلاتهم إلى الفيلم وصفه بـ "فيلم حلبي جداً"، وقال لـرصيف22: "ابنتي ولدت في فرنسا وعمرها أربع سنوات أما ابني الذي عمره سبعاً فقد جاء إلى هنا صغيراً جداً. كلاهما لا يعرف شيئاً عن حلب".
وأضاف: "تفاعل ابني مع الفيلم كثيراً وبكى في بعض المشاهد، أما أنا فاستغللت الفرصة لأخبره عن حلب، قلت له هكذا كانت حارتنا، وهذا البيت يشبه بيت جدك، وشرحت له طقوس صناعة الجبنة وصابون الغار وحبة البركة".

صورة أثناء عرض الفيلم في العاصمة الفرنسية باريس، تصوير نورس يكن

لحبة البركة حضور خاص في "دنيا وأميرة حلب"، فكانت كالتعويذة وصلة الوصل بين دنيا وأميرتها. هذا الموضوع أثر كثيراً بـ "غنوة" الشابة السورية التي شاهدت العرض الخاص. قالت: "الفيلم منتج بحرفية عالية، وتفاصيله دقيقة جداً. موضوع حبة البركة كان مؤثراً جداً، وسيبقى رواية رائعة لشيء ما عاشه الشعب السوري".

وأكدت غنوة أنها ستوجه دعوة لكل أصدقائها الفرنسيين لحضور الفيلم في صالات السينما، معتبرة أن من حق سوريا أن يتعرف عليها الناس بعيداً عن صور العنف والقتل والدمار، وأن يحصلوا على رواية حقيقة لما حدث في ربوعها.

حالما انتهى العرض الخاص انتشرت في صالة السينما رائحة صابون الغار الحلبي، إذ قرر صناع الفيلم توزيع قطع من الصابون على الحضور.

حالما انتهى العرض الخاص انتشرت في صالة السينما رائحة صابون الغار الحلبي، إذ قرر صناع الفيلم توزيع قطع من الصابون على الحضور، وكانت القطعة على شكل طائر ومطابقة تماماً لتلك القطعة التي كانت تحملها دنيا في الفيلم.

قالت ظريف إنها تريد أن تترك مع الأطفال شيئاً من دنيا، وأن تجعلهم يقتربون أكثر فأكثر من أطفال سوريا.

عدا "آنسي"، عرض الفيلم في مهرجان جدة في السعودية، ومهرجان مراكش وفي عدة مهرجانات في ألمانيا واليونان والسويد وبلجيكا واليابان وفاز بجائزتين في ألمانيا واليابان.

تمت دبلجته إلى اللغة العربية الفصحى، وسيترجم للإنجليزية وللغات أخرى. وبعد انطلاق العرض في صالات السينما الفرنسية مطلع شباط/ فبراير الجاري، ينطلق أيضاً في بلجيكا وفي كندا أواخر نيسان/أبريل المقبل. ومن المتوقع أن يعرض في الولايات المتحدة وإسبانيا.

"دنيا وأميرة حلب" هو أول فيلم رسوم متحركة عالمي يتناول قصة الحرب في سوريا. القصة التي بدأت مسلسلاً على التلفزيون لديها موعد مع موسم ثانٍ يتابع حكاية دنيا في كندا، وربما هنالك جزء ثان من الفيلم يطوف المهرجانات ودور العرض في الأشهر المقبلة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ثورتنا على الموروث القديم

الإعلام التقليديّ محكومٌ بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعيّة القامعة للحريّات، لكنّ اطمئنّ/ ي، فنحن في رصيف22 نقف مع كلّ إنسانٍ حتى يتمتع بحقوقه كاملةً.

Website by WhiteBeard
Popup Image