قالت تحريات الشرطة، إن الفتاة التي قفزت من النافذة في منطقة التجمّع الأول بالقاهرة، قد فعلت ذلك "هرباً من الفضيحة"، وأكدت التحريات أن الفتاة التي لم يتجاوز عمرها 19 عاماً، حين استشعرت مداهمة ضباط المباحث للشقة التي تقيم فيها، أوائل شهر كانون الثاني/ يناير الجاري، قفزت من الطابق الثالث، "فاصطدم جسدها بأحد أجهزة التكييف وسقطت جثة هامدة".
وأعلن بيان التحريات المنشور في الصحف أن الفتاة المتوفاة كانت تقيم برفقة ستة آخرين من بينهم 3 شبان/ذكور، من أجل "ممارسة الأعمال المنافية للآداب، تحت ستار جلسات المساج". وثمة تعديل طفيف على الرواية، نشره موقع أخباري آخر، أكد أن الفتاة لم تكن تقفز بالضبط، وإنما كانت تحاول الهرب عبر الشرفة، عندما اصطدمت بجهاز التكييف فهوى بها أرضاً، وتوفيت متأثرة بجراحها.
على كل حال، سواء قفزت الفتاة بنفسها أو سقطت عن الشرفة، فإن أربع كاميرات، قد وثّقت "لحظة سقوط الفتاة"، التي كانت حسب جريدة الوطن،"ترتدي كامل ملابسها الداخلية والخارجية"، في حين صدر الأمر بضبط وإحضار أصدقائها الستة.
في الأسبوع نفسه، قبل الواقعة بثلاثة أيام، في الثالث من كانون الثاني/ يناير الجاري، نشرت الصحف أخبار "قفزة" أخرى، أقدم عليها هذه المرة شاب في منطقة رأس البر شمال مصر.
قالت تحريات الشرطة، إن الفتاة التي قفزت من النافذة في منطقة التجمّع الأول بالقاهرة، قد فعلت ذلك "هرباً من الفضيحة"... في الأسبوع نفسه، نشرت الصحف أخبار "قفزة" أخرى، أقدم عليها هذه المرة شاب في منطقة رأس البر شمال مصر
البداية حين "اشتبه" الجيران في صوت "موسيقى وأصوات غريبة وضحكات" تنبعث من إحدى الشقق، ولأننا لسنا في الصيف (حيث تعد رأس البر مصيفاً مشهوراً)، ولأن احتفالات رأس السنة كانت قد انتهت لتوها، فقد رأى الجيران أن من واجبهم أن يستكشفوا سر "الضحكات الغريبة" المنبعثة من الشقة، فأبلغوا الشرطة.
حين حضرت الدورية، اكتشفت أن ثلاثة شبان يقيمون، حسب تعبير الصحف، "حفلة شذوذ جنسي". حضور الشرطة (وفي قول صحيفة أخرى: محاولة اقتحام الأهالي للشقة) دفع أحد الشبان الثلاثة، تماماً كفتاة التجمع الأول، إلى القفز من شرفة الطابق الثاني، ومثلها تماماً، سقط جثة هامدة.
أمام النيابة العامة اعترف "المتهمان" اللذان بقيا على قيد الحياة، بأنهما تعارفا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واتفقا على اللقاء في المدينة "لخلوّها من المصطافين شتاء"، وكوّنا مع آخرين "شبكة لممارسة الشذوذ الجنسي"، وأمرت النيابة بحبسهما، وصرّحت بدفن المتوفي.
قبل أسبوعين من مصرع الشاب في رأس البر، قفزت فتاة في الإسكندرية، من الطابق الرابع حين فشلت في فتح باب الشقة. حسب التحريات، كانت الفتاة تقضي سهرة صحبة صديقها بشقته بالطابق الرابع، وتناولا الخمور وأصيب صديقها بحالة سكر شديد.
وأضافت التحريات أن الفتاة "حاولت المغادرة ولكنها فشلت في فتح باب الشقة، بعد أن أوصده صديقها، وكذلك فشلت في محاولة التعرف على مكان المفتاح من صديقها الذي كان في حالة سكر شديد، وعلى إثر ذلك حاولت القفز من شرفة الشقة إلى العقار المجاور لكنها سقطت إلى الشارع".
لم تمت الفتاة لحسن الحظ، وترقد في المستشفى في حالة حرجة وكسور بالغة، لكنها – على الأقل – على قيد الحياة، فضّلت بعض الصحف أيضاً أن تنشر الخبر مصحوباً بعبارة "خافت من الفضيحة" تفسيراً لقفزتها المتهوّرة.
ثمة غموض في الواقعة، ربما لن نعرف الحقيقة قريباً أو لن نعرفها أبداً بعد أن انتقلت الصحافة إلى "تريندات" أخرى، لكن، ما الذي يدفع شخصاً، حين يعجز عن فتح باب البيت، بدلاً من أن يطلب العون من الجيران، أو يصرخ، أو يطلب البوليس، إلى القفز من الدور الرابع؟
هل رأت الفتاة أن القفز من الشرفة مخاطرة أقل من أن يكتشف الجيران وجودها مع صديقها في شقته؟ هل وجد الشاب في رأس البر أن شرفة الطابق الثاني اختيار أكثر أماناً من هجوم الجيران أو الحبس بتهمة "الشذوذ"؟ هل وجدت فتاة التسعة عشر عاماً في التجمّع الوقت للتفكير قبل أن تغادر عن طريق الشرفة، أم أن الاختيار كان مقرراً، مدمجاً في عقلها من اللحظة الأولى؟
قبل أقل من عامين، عاقبت محكمة قاهرية ثلاثة متهمين بالسجن المشدّد، لاقتحامهم منزل سيدة في منطقة دار السلام، وأضافت المحكمة عن المتهمين "أنهم كانوا يعتقدون أنهم يحاربون الرذيلة ويصلحون المجتمع!"
قبل أقل من عامين، عاقبت محكمة قاهرية ثلاثة متهمين بالسجن المشدّد، لاقتحامهم منزل سيدة في منطقة دار السلام، بحجة استضافتها صديقاً في شقتها في الطابق السادس، وحسب حيثيات الحكم، فإن المتهمين الثلاثة، مالك البناية، حارس العقار وحارس عقار مجاور.
صعدوا شقة المجني عليها، واقتحموها ودخلوها دون وجه حق، واعتدوا ضرباً على المجني عليها وصديقها، وقبضوا عليهما واحتجزوهما، وأوثقوا صديق السيدة من اليدين والقدمين وأخذوا فى تعذيبه وهدّدوا المجني عليها بفضح أمرها، و"لم تجد المجني عليها مفرّاً منهم، فضاقت بها السبل حتى هرولت إلى شرفة مسكنها وألقت بنفسها منها ففارقت الحياة"، وأضافت المحكمة عن المتهمين "أنهم كانوا يعتقدون أنهم يحاربون الرذيلة ويصلحون المجتمع".
عاقبت المحكمة المتهمين الثلاثة بالسجن المشدد عشر سنوات، لكنهم ليسوا وحدهم من "يعتقدون أن يحاربون الرذيلة"، أما السيدة فهي– كما نعلم – لم تكن آخر القافزين من الشرفة خوفاً مما نسميه "الفضيحة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...