عالمتة عزمتينا
بإيديكي تسقينا
ع موعدنا جيّنا نشربها ع الريق
المتّة بجعودك
والمصاصة نهودك
وع جمرات خدودك سخنّا الأبريق
هكذا تقول إحدى الأغنيات الشعبية المرتبطة بطقس شرب المتة في سوريا، أما الأقوال الفكاهية الدارجة، فأشهرها شعبياً والتي تُستخدم للتظرف: "لعن الله ثلاثاً؛ من دُعي إلى المتّة ولم يشرب، ومن شربها ولم ينقع، ومن غادرها ولم يقطع".
"سخّن الإبريق جايليك"
كثيراً ما يردد السوريون العبارة السابق لضرب موعد للقاء. فما أن تدخل إلى دار أحدهم للزيارة حتى يستقبلك بصينية تحتوي على "عدة" المتة، وهي بالعادة كأس ومصاصة وسكر وإبريق ماء ساخن، ودون الحاجة لسؤالك، ماذا تشرب؟ كرمز للحفاوة والتأهيل به، مثلها في ذلك، مثل عادة تقديم القهوة العربية في منطقة الخليج العربي، أو الشاي في تركيا كأحد طقوس استقبال الضيوف.
من أقوال تدليل المتة في سوريا "لعن الله ثلاثاً؛ من دُعي إلى المتّة ولم يشرب، ومن شربها ولم ينقع، ومن غادرها ولم يقطع".
العشبة اللاتينية الشهيرة، هي المشروب المفضل لدى الكثير من النجوم العالميين أمثال ليونيل ميسي ولويس سواريز، حتى أن بعثة منتخب الأرجنتين المشارك في كأس العالم الأخير أحضرت معها إلى قطر، ما مقداره نصف طن من المتة حتى لا ينقطع الفريق عن مشروبهم المفضل بحسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" في 15 من كانون الأول/ ديسمبر 2022، حيث نقلت على لسان أحد لاعبي المنتخب (أليكسيس ماك ليستر) قوله إن المتّة هي "أكثر ما يجمع بين لاعبي المنتخب".
"كلشي إلا المتّة"
جلبها المهاجر السوري واللبناني مطلع السبعينيات من القرن العشرين أثناء زيارته لبلده، لتتربع على عرش المشروبات المفضلة في سوريا وجبل لبنان، ولتمسي أقرب إلى بديهيات ولوازم العيش بالنسبة للكثيرين منهم. حتى أن البعض يفضلها على فنجان القهوة الصباحي.
تقول مي (35 عاماً) لرصيف22، وهي ربّة منزل وتعتبر نفسها مدمنة متّة إنها تفضل شربها على الريق لكي لا تصاب بالصداع، وإنها تشرب المتة 4 مرات في اليوم القصير.
تعتبر سوريا المستورد الأول للمتة في العالم تليها لبنان، ويضعها السوريون على رأس أولويات مشترياتهم وحاجاتهم المنزلية رغم الارتفاع المتزايد في أسعارها خلال سنوات الحرب حالها حال سائر السلع الاستهلاكية الأخرى المستوردة. وقد تداولت وسائل إعلام سورية محلية بعض الصور والمشاهد لطوابير تقف بانتظار الحصول على "علبة متة "خلال الأيام الأخيرة نتيجة الأزمة الخانقة التي تعيشها البلاد.
تعتبر سوريا هي المستورد الأول للمتة في العالم، تليها لبنان، والبعض يعتبرها من الأساسيات ولوازم العيش حتى مع ارتفاع سعرها بسبب الحرب، بل وأهم من القهوة والشاي والزهورات عند مدمنيها
وقد وصل سعر العلبة الواحدة من فئة الـ(200) غم بـ(6000) ليرة سورية، أي ما يقارب الدولار الأمريكي الواحد. والـ(500) غم بـ(18000) ليرة سورية، أي ما يعادل ثلاثة دولارات في السوق السوداء.
وقد تم إدراج مادة المتة ضمن المواد الموجودة على البطاقة الذكية التي تم استحداثها خلال الحرب ابتداءً من بداية عام 2023. دون تحديد موعد محدد لتنفيذ القرار. وذلك، كما صرحت (السورية للتجارة) التابعة لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بهدف ضمان حصول المواطنين عليها بالسعر الحقيقي، ومنعاً للمتاجرة ومظاهر الازدحام غير المقبول.
كذلك، تم خلق طقوس للتفنن بشربها، ومفردات يستخدمها "شريبة" المتة على الرغم من بساطة إعدادها فما بين "نقرقع" و"نحتسي" فوارق ثقافية يزيدها حميمةً الأجواء العائلية وجلسات الشتاء حول صوبة الحطب، إذ تجاوزت شعبيتها الفقراء وأهل الأرياف منطقة الساحل- جبل العرب إلى سكان المُدن على امتداد الجغرافية السورية. وبعض المناطق في لبنان (جبل الشوف)، و بعض مناطق الأردن.
أصول الشجرة بنت الأصول
هي في الأصل، شجرة خضراء متوسطة الطول والحجم، يتراوح نموها من 4 إلى 8 أمتار، وتشبه أوراقها أوراق الشاي، تنشر الأغصان الصغيرة في العراء، لتجف تحت أشعة الشمس ثم يُصار إلى سحقها لتصبح وريقات صغيرة.
تم إدراج مادة المتة ضمن المواد الموجودة على البطاقة الذكية التي تم استحداثها خلال الحرب ابتداءً من بداية عام 2023، دون تحديد موعد محدد لتنفيذ القرار.
يجري تحضيرها من خلال نقع الأوراق الجافة من العشبة بعد وضعها في جوزة أي كأس خشبية مع إضافة الماء الساخن "غير المغلي" إليها وشربها عبر مصاصة توضع في الجوزة.
يقول الدكتور محمود المختص في الهضمية، لرصيف22: "تُعرف المتّة بفوائدها العديدة، فهي رغم احتوائها على ما نسبته 3% من الكافيين، إلا أنها تعتبر مشروباً صحياً إذا ما قورنت بمشروبات أخرى كالشاي والقهوة والنسكافيه عالية التركيز من الكافيين. إضافة إلى وجود الأملاح المعدنية وفيتامينات (C) و(b) وبذلك تعمل كمادة منشطة للقلب والجسم والعضلات وعُسر التنفس، وكمُدرة للبول. كذلك تفيد حسب الأخصائيين في حالات الإصابة بالرشح. كما أن شرب المتّة قبل الطعام يُنقص الشهية ويساعد على الحمية وتخفيف الوزن".
وبحسب الموقع الخاص بالمتّة Yerba Matero فإن الموطن الأصلي للعشبة في أمريكا اللاتينية، حيث يعود المشروب الشائع في عدة بلدان فيها وهي البارغواي، الأوروغواي، الأرجنتين، والبرازيل إلى ما قبل عهد الاستعمار الإسباني للقارة، حيث كانت المتة المشروب الرئيسي لشعب "الغوراني".
وترتبط عشبة المتة لدى هذه الشعوب بأسطورة تتحدث عن نزول "آلهة القمر والغيوم" إلى الأرض لزيارتهم -أي الغورانيون-، لكن الفلاحين في تلك الليلة لم يكونوا في الغابة لاستقبالها، فتعرضت الآلهة لهجوم من قبل فهد حاول قتلها، لتساعدها سيدة عجوز بإدخالها إلى منزلها، فقدمت لها الآلهة عشبة المتة كعربون امتنان، أما تسمية "المتّة" فهي تسمية إسبانية حديثة.
"ما بذل حماتي"
تختلف طقوس شرب المتّة من منطقة إلى أخرى، فعلى الرغم من بساطة وشعبية وسهولة إعدادها، إلى جانب ما يُقدم إلى جانبها من مكسرات وحلوى متنوعة وحسب المستوى المادي لأصحابها؛ إلا أنها في الغالب تخضع لأمزجة وتفضيلات الشريبة بين من "يقرقع" بسكر أو بدون. فالمتّة الطرطوسية تُشرب بالماء الساخن جداً، حيث يتداول السوريون أن هذه الفئة من شاربي المتّة "مبلطين سقف حلقهم" كما يُقال في اللغة الدارجة.
أما "المتمتة" في محافظة حمص فتكون بماء ساخن حتى لا "تفرط الكاسة بسرعة"، و"تفوش السمكات" على الماء، ويقصد بـ"السمكات" أعواد المتّة المخلوطة مع العشبة الشهيرة. وهناك من يضيف إلى كأسه بعض الزهورات والأعشاب الطبيعية كالزنجبيل والكركديه، كذلك يستخدم المصابون بالرشح والزكام "عصرة ليمون حامض" مع المتّة الساخنة. وهنالك من يستخدم الحليب بدلاً من الماء، إلا أن هذا الطقس صار يعد رفاهية غير ممكنة في الوقت الحاضر بسبب ارتفاع أسعار الحليب.
تختلف طقوس شرب المتة، ففي بعض المناطق تشرب بالماء الساخن كما في حمص، وفي بعضها بالماء المغلي، وقد يضاف إليها الليمون للمصاب بالزكام، وقد تشرب مع الزهورات والأعشاب الطبيعية كالزنجبيل والكركديه
الطقوس الجماعية للشرب أيضاً تختلف ففي بعض نواحي محافظة حمص والسويداء يتداول الحاضرون شرب المتّة بكأس واحدة بينهم. ويدل ذلك، على الود والتشاركية وليس بُخلاً كما يُشيع من ينتقد هذه الطريقة. في السويداء تحديداً يتم تعقيم المصاصة بالليمون قبل أن تنتقل الكأس من شارب لآخر. لكن أبرز المصطلحات المرتبطة بالشرب، عبارة "ما بذّل حماتي"، وهي كناية عن طلب المضيف من الضيف أن ينقع له كأسه بالماء البارد، في رفض الأخير ذلك. بيد أن هناك من يمارس عادة "الذّل" عدة مرات قبل الشرب.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون