شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في عهد

العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في عهد "نتنياهو السادس"... صدام حتمي؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 12 يناير 202311:04 ص

بولايته السادسة، صار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أكثر مَن حكم إسرائيل في تاريخها القصير، كما صار رئيس الحكومة الأكثر يمينية التي شهدتها.

وتضم حكومة نتنياهو بين أفرادها وزراء من الشخصيات الأكثر تطرفاً ويمينية، يثيرون القلاقل داخلياً وخارجياً، ما قد يرتّب على إسرائيل تدهور علاقاتها سواء مع بعض الدول العربية التي وقّعت معها اتفاقات سلام، أو مع دول أخرى ترفض سياسات التشدد اليمينية.

لكن كل الدول في كفة والولايات المتحدة الأمريكية في كفة أخرى. إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بتوجهاتها المعروفة، تنتهج سياسات يتوقع البعض أن تفضي إلى تصادم بينها وبين نتنياهو وحكومته، أكان بسبب تقاربها مع السلطة الفلسطينية مؤخراً، أو بسبب سعيها إلى إحراز تقدّم في الاتفاق النووي الإيراني مع إيران.

يحدث ذلك في ظل تنامي رفض يهود الولايات المتحدة لسياسات الحكومة الإسرائيلية "الطازجة"، والتي بدأت عهدها باقتحام وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى، وفرض عقوبات على السلطة الفلسطينية، ما تسبب في ردات فعل مناهضة.

فهل يحدث الصدام بين واشنطن وتل أبيب؟

"صدام حتمي"

خصص موقع "والا" قريب الصلة من الدوائر الاستخبارية الإسرائيلية تحليلاً موسعاً كتبه خبير الشؤون الأمريكية في جامعة بار إيلان البروفيسور إيتان جلبواع بعنوان "بايدن وحكومة نتنياهو: صدام حتمي"، عرض فيه نقاط التصادم والخلاف، والتي بدأت تظهر بانتقاد شديد من الإدارة الأمريكية لاقتحام بن غفير للمسجد الأقصى مؤخراً، وتشديدها على ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي الراهن في منطقة الحرم.

وتستهدف زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، نهاية كانون الثاني/ يناير، نقل قلق ومخاوف إدارته من توجهات الحكومة الإسرائيلية المتطرفة الحالية، وخاصة من خطوة اقتحام بن غفير لباحة الأقصى، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، كما تسبقها زيارة لمستشار الأمن القومي، جيك سوليفان الذي يعقد عدة لقاءات، على رأسها لقاء مع نتنياهو.

وحول زيارة بلينكن، يرى جلبواع أن الوزير الأمريكي سيحمل رسالة تحذير لنتنياهو من أي تغييرات في "النظام الديمقراطي" لإسرائيل، وكذلك في العلاقات مع الجانب الفلسطيني. وبرأيه، في حال نفّذ نتنياهو خطط وطموحات اليمين المتطرف، سيؤدي ذلك إلى تعقيد العلاقات بين الدولتين، ما يعرّض الأمن القومي للدولة العبرية للخطر، إذ تتعارض طموحات الحكومة اليمينية مع القيم الأمريكية المرتبطة بالديمقراطية وحقوق الإنسان.

وفي هذا الصدد، يوضح جلبواع أن توجهات الحكومة الإسرائيلية تهدد الحريات والحقوق داخل إسرائيل نفسها بسبب توجهات اليمين المتشدد، ما سيؤدي إلى صدام بسبب خرق التوازنات بين السلطات الإسرائيلية نفسها، سواء بفعل التدخل في عمل الشرطة أو بفعل حرمان المرأة من بعض حقوقها وكذلك الأمر في ما خص الأقليات، وكل هذا يتعارض مع توجهات السياسة الخارجية الأمريكية.

وبشكل عام، تنظر واشنطن إلى أن اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى يهدف إلى تغيير الوضع الراهن، خاصة أن الوزير الإسرائيلي أعلن، قبل شهرين من تنصيبه، بشكل واضح، أنه يتمسك بمبادئ الحاخام مائير كاهانا، صاحب الآراء المتطرفة والعنصرية.

هل تتجاوز إسرائيل الخطوط الأمريكية الحمراء؟

فور تنصيب حكومة نتنياهو في كانون الأول/ ديسمبر 2022، بعثت إدارة بايدن رسالة واضحة وحازمة إليها أكدت فيها أن واشنطن ستعارض أي سياسة من شأنها تهديد حل الدولتين الذي تدعمه الولايات المتحدة منذ العام 1967، باختلاف حكوماتها الديمقراطية والجمهورية، وهو ما أكده الممثل البديل للشؤون السياسية الخاصة، السفير روبرت وود، في اجتماع طارئ لمجلس الأمن دعت إليه الدول العربية لإدانة زيارة بن غفير بقوله "إن الولايات المتحدة تبقى ملتزمة بحل الدولتين الذي تعيش إسرائيل بموجبه بسلام وأمن إلى جانب دولة فلسطينية"، مضيفاً: "نحن نشعر بالقلق إزاء الأعمال الأحادية الجانب التي تفاقم التوترات أو تقوّض قابلية حل الدولتين للحياة"، داعياً بشكل مباشر إلى وقف الأعمال الاستفزازية في حرم الأقصى.

تنتهج الإدارة الأمريكية سياسات يتوقع البعض أن تفضي إلى تصادم بينها وبين بنيامين نتنياهو وحكومته. فما هي أبرز نقاط الخلاف بين الطرفين؟

وهناك مخاوف أمريكية من طموحات وتطلعات بن غفير وكذلك من وزير المالية المتطرف، رئيس حزب "الصهيونية الدينية" بتسلَئيل سموتريتش، بسبب إعلانه قبل وصوله إلى الكنيست دعمه لمواصلة سياسة ضم أراضي الضفة وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، وبناء مزيد من المستوطنات.

ورغم إعلان نتنياهو أنه سيحاول كبح جماح سموتريتش في هذه المسألة التي تعارضها واشنطن، إلا أنها تبقى سبباً ممكناً لصدام إضافي بينه وبين إدارة بايدن. وبحسب هيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية ("كان")، تحاول واشنطن وضع حدود للحكومة الإسرائيلية ووضع خطوط حمراء يُمنع تجاوزها، ومن ضمنها ضم أراضي الضفة وكذلك الموقف من الأقليات داخل إسرائيل.

روسيا وإيران

منذ اللحظة الأولى للحرب الروسية الأوكرانية، أدانت الولايات المتحدة روسيا. وقتها أصدر بايدن بياناً رسمياً يصف الغزو الروسي بغير المبرر ويقول فيه إن بوتين بدأ حرباً مع سبق الإصرار ستؤدي إلى خسائر في الأرواح. وتواصل واشنطن دعمها لأوكرانيا بمساعدات عسكرية، ما يوضح الموقف الأمريكي من الدب الروسي داخل أوكرانيا.

في المقابل، أجرى وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد إيلي كوهين اتصالاً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، وقال كوهين: "سنتحدث أقل ونعدّ تقريراً مفصلاً للمجلس الوزاري المصغر من أجل صياغة سياسة مسؤولة".

بالطبع، تسببت هذه التصريحات بغضب بعض المسؤولين الأمريكيين مثل السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام الذي قال بحسب "جيروزاليم بوست": "آمل أن يفهم السيد كوهين أنه عندما يتحدث إلى لافروف الروسي، فإنه يتحدث إلى ممثل نظام يرتكب جرائم حرب". ويرى إيتان جلبواع أن الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء يرون أن مثل هذه الاتصالات تضر بالمصالح الأمريكية، لأن بوتين ونظامه في نظرهم "مجرمو حرب".

وبشكل واضح، صار التواصل الإسرائيلي مع الجانب الروسي محل قلق لدى إدارة بايدن، وبحسب وكالة "أسوشيتد برس"، من المقرر أن يحمل وزير الخارجية الأمريكي في زيارته لإسرائيل رسالة تطلب عدم التودد إلى موسكو.

المتطرفون في حكومة نتنياهو الجديدة لا يفهمون مدى أهمية اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة... فإلى ماذا قد يؤدي الصدام المحتمل بين حكومتي البلدين؟

وفي بداية كانون الثاني/ يناير، أصدر معهد القدس للاستراتيجية والأمن دراسة تحليلية مفصلة تحدث فيها الدكتور عمر دستري عن آثار تعزيز العلاقات بين روسيا وإيران وهل ينعكس ذلك على إسرائيل وسياستها. وبحسب الدراسة، عزز الغزو الروسي لأوكرانيا العلاقات مع طهران بسبب مساعدات إيران العسكرية للجانب الروسي في حربه. وشكك دستري في انعكاس ذلك على أمن إسرائيل، لكنه أشار إلى وجود أنباء تفيد بأن إيران طلبت من روسيا مساعدتها في ملفها النووي. وهنا، أوصى المعهد بضرورة أن تتابع تل أبيب وعن كثب التقارب بين موسكو وطهران خاصة في ما يتعلق بتزويد روسيا بطائرات إيرانية بدون طيار تستخدمها في حربها ضد أهداف أوكرانية، ما يجعل الأراضي الأوكرانية ساحة اختبار مهمة للأسلحة الإيرانية.

وخلصت الدراسة إلى توصية مفادها بأن إسرائيل يجب أن تحافظ على علاقات جيدة مع روسيا وعلى سياسة محايدة معها، لكنها حذّرت من أن سياسة الحياد هذه قد تؤدي إلى مزيد من التوتر بين الولايات المتحدة وبين إسرائيل، لذلك أوصت بضرورة مواصلة المساعدات الإنسانية الإسرائيلية لأوكرانيا، مع وجود تأكيدات بأن هناك تنسيقاً استخبارياً إسرائيلياً أوكرانياً حول استخدام الطائرات الإيرانية بدون طيار، ما يفيد بالطبع المصالح الأمنية الإسرائيلية في المستقبل، وهو ما وصفته الدراسة بـ"الدبلوماسية الذكية".

ويرى مدير الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) وليام بيرنز، في مقابلة أجراها مع شبكة "بي بي أس"، أن التعاون الروسي الإيراني في المجالات الدفاعية يشكل خطراً على الجيران، ويقصد هنا بالطبع إسرائيل. لكن تل أبيب تحاول رسم سياسة تقارب جديدة مع الجانب الروسي، وهذا يناقض الموقف الأمريكي تجاه موسكو.

بشكل عام، هناك موقف معقد، فإسرائيل ترغب في تقويض الطموحات الإيرانية النووية، والإدارة الأمريكية تريد ذلك لكن مع إعادة توقيع الاتفاق النووي، وطي صفحة ما لحق بالاتفاق في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي أيّد إسرائيل حينها وأجهز على الاتفاق النووي الإيراني. وبما أن رغبة إدارة بايدن تخالف رغبة إسرائيل، يظل الملف الإيراني نقطة صدام محتمل بين الجانبين.

نتائج الصدام

يقول نتنياهو إنه يسيطر على حكومته، وأعلنت واشنطن أنها ستحكم على تصرفات الحكومة وليس الأشخاص. ولكن رغم إعلان نتنياهو في وقت سابق أنه طلب من بن غفير تأجيل اقتحامه للأقصى، إلا أن الأخير ضرب بكلامه عرض الحائط، وهو ما يعارض إعلان نتنياهو أن حكومته تعمل بشكل جماعي.

يشير جلبواع إلى أن هذه التصرفات تأتي عكس وعود نتنياهو الذي يعاني من انعدام للمصداقية، لافتاً إلى أن متطرفي إسرائيل في الحكومة الجديدة لا يفهمون مدى أهمية اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة.

ويؤدي الصدام المحتمل بين واشنطن وإسرائيل، بحسب جلبواع، إلى تضرر الجانب الإسرائيلي من ناحية تلقي المساعدات الأمريكية، سواء في مجال السلاح أو حماية المواقع الإسرائيلية والمناصب في المنابر العالمية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان وكذلك في المحاكم الدولية كمحكمة لاهاي التي تنظر في قضايا ضد إسرائيل رفعها مسؤولون فلسطينيون.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard