بين باريس، كفرنبل، دمشق، وحلب تتنقل ريما خوري بطلة رواية "طبول الحب"، لتروي وتوثق أحداث الثورة السورية منذ انطلاقتها في مارس عام 2011.
تبدأ الرواية بمقدمة تشرح فيها الكاتبة، مها حسن، المتماهية مع شخصيتها ريما خوري، دوافع وأسباب تأليفها لهذا الكتاب: "أثارت أسئلة طلابي المزمنة، حول سبب تعثر الربيع العربي في سوريا، هواجس مماثلة لدي… وقررت أنا أيضاً، بالتوازي مع حلقات بحث طلابي... تأليف كتاب عن الثورة السورية، لا بشكل أكاديمي، بل بشكل شخصي، أجمع فيه الشهادات والخبرات التي حصلت عليها، في رحلتي إلى سوريا".
تنتقل من ذلك إلى التعريف بنفسها، فهي مترجمة وأستاذة جامعية من أصل سوري، لكنها تقيم في باريس منذ زمن بعيد، وتحديداً منذ زواجها على الرغم من رفض أبيها، ثم طلاقها بعد ذلك. تبدأ الراوية حين تقرر "ريما" فتح حساب على فايسبوك، متخذة إسماً مستعاراً هو "إيزابيل صباغ". على الموقع الأزرق، ستتعرف إلى شاب سوري من كفرنبل، يدعى يوسف، وتنشأ بينهما علاقة حب افتراضية قوية: "ما عشته مع يوسف، ليس مجرد عاطفة قوية، وإدمان يومي، بل كان بمثابة استعادة لمفهوم الوطن".
تناقش مها حسن في الفصل الأول الفايسبوك وأسباب التعلق الخاص للمجتمعات العربية به، فهو بالنسبة إليها يشبه الجلسات الصباحية التي تعقدها السيدات، أو ذهاب الرجال للمقهى بغرض التسلية، كما أنها ترى فيه فرصة للتعبير عن الذات في ظل الرقابة التي يفرضها المجتمع العربي على الإنسان الفرد: "الفايسبوك صنع حالة ديمقراطية في المجتمع العربي".
لا تلبث علاقة الحب أن تتطور بعد بداية الثورة السورية، وانخراط يوسف فيها، إذ يصبح يوسف هو عين "ريما" في الوطن، وهو من ينقل إليها الأحداث التي لا تنقلها المحطات. تتابع الكاتبة مراحل الثورة في بداياتها من المظاهرة الأولى في دمشق، وتظاهرات الجامع العمري في درعا، والقمع الذي قابلت به قوات السلطة هذه التظاهرات، التي استمرت رغم التصدي الوحشي لها، ثم تنقل تأثرها بالمجازر التي كانت ترى صورها في المحطات والمواقع الإخبارية. لكن الروائية في سردها لكل هذا، وقعت في فخ التوثيق، وغادرت التخييل الروائي لصالح التسجيل، فجاءت كثير من مقاطع الرواية مكتوبة بلغة تقريرية جافة، مما أفقد الرواية حرارتها وجعلها أشبه بنص إخباري أو تقرير مكتوب. يخترق هذا النص/ التقرير انطباعات ريما، وتأثرها ووصف مشاعرها تجاه كل ما تسمعه، بعد أن وجدت نفسها غير قادرة على مبارحة جهاز التلفاز ومواقع الانترنت التي تنقل أخبار بلدها، والثورة فيه.
مع ازدياد رقعة انتشار المظاهرات، وبداية التسلح عند الثوار، وانضمام يوسف إلى الجيش الحر، تقرر ريما أخذ إجازة من عملها والسفر إلى سوريا، لأنها لم تعد قادرة على احتمال بقائها بعيداً عما يحدث هناك. تصف الكاتبة مشاهد الانتشار الأمني الكثيف، وانقطاع الكهرباء، بعد وصولها إلى دمشق: "في الطريق من المطار، فاجأني الوجود الأمني الكثيف، دوريات شرطة، وسيارات جيش وعساكر"، "الدخول إلى سوريا يوحي بالحزن، ملامح القلق والتأهب تنتشر على مشارف المدينة".
ومن دمشق، ستسافر إلى حلب، لتلتقي بعدد من الأشخاص هناك، فتقدم العديد من النماذج، ووجهات النظر حول الثورة والتسليح والمعارضة... استطاعت مها حسن في هذا الفصل أن تنقل بأمانة المواقف والآراء والأفكار المتباينة لأطياف الشعب السوري تجاه هذه الحرب، دون أن تقمع أو تصادر أي رأي، حتى لو اختلف مع رأيها وموقفها الشخصيين.
الفصل الأخير في الرواية جاء بعنوان "مظاهرة الحرية". تذهب ريما لتشارك في مظاهرة تنتهي عبرها الرواية بطريقة غير متوقعة.
مها حسن (مواليد 1966) كاتبة وروائية كردية سورية تقيم في فرنسا. حاصلة على جائزة هيلمان - هامت Hellman - Hammett في عام 2005. "طبول الحب" روايتها السادسة. ترشحت روايتها "حبل سري" إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية عام 2010.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع