شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
عضلات رونالدو وضحكة ميسي وتسريحة نايمار... هل يتوقف دور النساء في التشجيع عند هذا الحدّ؟

عضلات رونالدو وضحكة ميسي وتسريحة نايمار... هل يتوقف دور النساء في التشجيع عند هذا الحدّ؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والنساء

الثلاثاء 6 ديسمبر 202203:00 م

"صديقتي تشجع نادي برشلونة في كأس العالم، لكونها تحب تصفيفة شعر نايمار وضحكة ميسي"، و"ليس من تقاليدنا ولا من شيمنا ولا من أخلاقنا أن نرافق حريمنا لحضور مباراة حماسية"؛ قد يتشابه مضمون هاتين العبارتين من حيث النتيجة، ولكن الاختلاف بينهما كبير. فالأولى مثال واقعي عن تقليد موسمي دائم في مواقع التواصل الاجتماعي يتّسم بالسخرية من المشجعات، وبقلّة معرفتهنّ بقواعد كرة القدم أو بتركيز الاهتمام على شكل اللاعبين ولباسهم فحسب، وكأن مشاهدة الفتيات لكرة القدم تقتصر على شكل اللاعب وتصفيفة شعره، في حين أن التشجيع الحقيقي حكر على الرجال. أما العبارة الثانية، فهي افتتاحية مقال نُشِرَ قبل أيام قليلة بعنوان "النسوان والمونديال"، يتندر فيه الزميل على تشجيع النساء في المباريات.

واللافت أنه لم يستخدم في مقاله مصطلح النساء، بل استخدم التعبير الشائع في الشارع العربي "الحريم"، وكأننا نعيش في زمن حريم السلطان، ورأى أن النساء قمن بتعليق مهامهنّ من طبخ وغسيل، لمشاهدة المباريات، كما استبدلن في خيالهنّ الشريك برونالدو ونوير وماغواير.

إقصاء المرأة عن الحياة الرياضية

قد يرى البعض أن فكرة إقصاء المرأة عن المشاركة في الرياضة، لعباً وتشجيعاً، هي فكرة مبالغ فيها وتضخيم للواقع، زاعمين أن المرأة تشارك اليوم في الرياضة بشكل كبير، ولكن تبقى نسبة تمثيل المرأة في الحياة الرياضية خجولةً، وتختلف من مجتمع إلى آخر.

عموماً، يمكننا القول إن مشاركة النساء في الرياضة ليست كافيةً، وما يدل على ذلك هو احتفال الفيفا بإدارة ثلاث نساء مباراة كأس العالم للمرة الأولى في تاريخ البطولة، وفي الحقيقة هذه الخطوة جاءت متأخرةً.

في افتتاحية مقال نُشِرَ قبل أيام قليلة بعنوان "النسوان والمونديال"، يتندر  الزميل على تشجيع النساء في المباريات. واللافت أنه لم يستخدم مصطلح النساء، بل التعبير الشائع في الشارع العربي "الحريم"، وكأننا نعيش في زمن حريم السلطان، ورأى أن النساء قمن بتعليق مهامهنّ من طبخ وغسيل، لمشاهدة المباريات

تتنوع أشكال إقصاء المرأة عن الحياة الرياضية من ناحية الاهتمام العالمي بالبطولات الخاصة بالنساء، فقلّة من الناس تشاهد كأس العالم لكرة القدم بنسختها النسائية، ولا تهتم القنوات التلفزيونية والشركات بعرض هذه المباريات أو رعايتها، كما أننا لا نشاهد النساء في مناصب رياضية خاصة، كتدريب فرق رجال، أو مناصب عامة كالوزارات والمؤسسات الرسمية المعنية بالشؤون الرياضية. وحتى على المستوى التحكيمي، قليلاً ما نشاهد امرأةً تلعب دور الحكم في مباراة مهمة.

هذا وتقل أعداد المشجعات مقارنةً بأعداد المشجعين، حتى أن بعض الدول العربية كانت تمنع دخول النساء للتشجيع في الملاعب، وفي بعض الدول العربية يتعرض بعضهن للتحرش.

ولعلّ المجال الوحيد الذي تفرّدت فيه المرأة، هو فكرة المشجعات اللواتي يقدّمن عملاً استعراضياً قبل بداية المباراة كنوع من التشجيع للفريق أو حتى للاستعراض.

بطلات يروين تجاربهنّ

بالرغم من قلّة الأندية التي تعتني بالرياضة النسائية، وقلّة أعداد الفتيات اللواتي يتجهنّ نحو الحياة الرياضية بخلاف الذهنية السائدة، إلا أن تحييد المرأة حتى لو حققت بطولات، أمر واضح. فحين حصلت البطلة السورية غادة شعاع، على الميدالية الذهبية في الألعاب الأولمبية في أتلانتا في العام 1996، لم تحظَ بالدعم المطلوب أو بتسلّم منصب رياضي يليق باسمها وببطولتها. في المقابل، تسلّم السبّاح السوري فراس معلا، رئاسة الاتحاد الرياضي العام في سوريا، علماً أنه لم يحقق إنجازاً كغادة، وبالرغم من هذا التمييز الحاصل تستمر المحاولات من بعض الفتيات والنساء لإثبات مواهبهنّ.

في هذا الصدد، قالت لاعبة كرة القدم، ريم زعبلاوي، لرصيف22: "نشأت على حب لعب كرة القدم منذ الطفولة، وبدأت مسيرتي من مدرسة في الكويت، وكنت لا أجد من يلعب معي، ولذلك اضطررت إلى أن ألعب مع الشبان، وثم انتقلت إلى منتخب الجامعة للبنات، وكنا دائماً في صدارة منتخبات الجامعات، وحالياً ألعب في منتخب الجامعة الأمريكية في الشارقة في دولة الإمارات، بعد انتقالي إليها، وتقدمت للتسجيل للّعب على مستوى فرق الدوري المحلي في الإمارات".

وأضافت زعبلاوي: "تحظى لعبة كرة السلة مثلاً بالدعم أكثر مع الفتيات أو بالقبول، كونها لا تُعدّ لعبةً ذكوريةً ككرة القدم، ولكن برأيي تواجه الفتيات صعوبات في الرياضات كلها ليثبتن أنفسهنّ"، موضحةً أنها واجهت صعوبةً في إيجاد نوادٍ لكرة قدم للفتيات في الإمارات، بالرغم من أن الدعم الرياضي للنساء يزداد في السنوات الأخيرة.

"في التفكير الشرقي، لعبة كرة القدم، أو التنس، لعبتان ذكوريتان، ويُظن أن الفتاة التي تلعب الرياضة فتاة "مسترجلة" يجب أن تلعب الأيروبيك أو الجمباز، علماً أن الرياضة لا تتعارض مع جنس اللاعب، والمتعة الموجودة في مباريات الرجال موجودة في مباريات السيدات أيضاً"

وأشارت ريم إلى أنها تلقت دعماً من عائلتها والمحيطين بها، لكن والدتها كانت تفضل أن تلعب رياضةً أخرى تكون أقل قساوةً: "لقد دعمتني لاحقاً بعد إصراري على كرة القدم، ولكن التحدي كان أنني كنت أشعر بالوحدة لأنه لا توجد فتاة في محيطي تلعب كرة القدم، وكنت أتعرض للسخرية من الشبان ويعدونني رقماً زائداً، ولكني كنت أتفوق عليهم".

ربما حظيت ريم بالدعم والتشجيع المناسبين بغية تحقيق طموحها في لعبة كرة القدم، إلا أن تجربة لاعبة كرة الطائرة آلاء قجمي، لم تكن بهذه السهولة، وفق ما كشفت لرصيف22: "بدأت قصتي حين كنت أشاهد الفتيات يلعبن كرة الطائرة وطلبت من المعلمة تدريبي، ولكنها كانت تستخفّ بي، وبدأت بالتدرّب وحدي. وبعد إصرار شديد وافقت المعلمة على اصطحابي لمشاهدة إحدى المباريات، وأصبحت أعرف أكثر عن القوانين والأخطاء والتفاصيل كاملةً. كنت أمسك ورقةً وقلماً لتسجيل المعلومات والملاحظات، وبعد موافقتها على تدريبي بدأت بالمشاركة كلاعبة احتياط، وفي إحدى المباريات وبعد إصابة لاعبة رئيسية بدأت باللعب في الدفاع، وحققت نتائج جيدةً، وانضممت إلى نادي الجلاء الرياضي".

وأضافت آلاء: "تدربت بشكل مكثف، وانتقلت إلى فريق السيدات لاحقاً بالرغم من ضعف الإمكانات، ولعبت في المباراة الأولى في موقع الهجوم بدل الدفاع، بعد إصابة إحدى اللاعبات، وحققنا الفوز حينها. ثم انتقلت للتدريب في نادي الشرطة بعد انتقالي من حلب إلى دمشق، وبالرغم من أن التدريب لم يكن كما في النادي الأصلي، ولكني استفدت من المستوى العالي للفريق، إلا أن شغفي كان يجعلني استمر في التدريب والمتابعة وحضور المباريات. كما كنت ألعب لعبة رمي القرص الحديدي (الكرة الحديدية)، فاهتمامي بالرياضة وتحديداً بالكرة الطائرة وألعاب القوى بدأ منذ الطفولة واستمر معي إلى اليوم".

قد تتشابه بعض العقبات بين النساء والرجال في عالمنا العربي من ناحية غياب الدعم أحياناً، وعدم وجود الاهتمام في الدول النامية عموماً بتطوير المواهب ورعايتها، إلا أن النساء يواجهن تحديات إضافيةً من ناحية النظرة المجتمعية إلى الفتاة التي تلعب الرياضة.

روت لاعبة التنس، تيما مراد، تجربتها في مجال الرياضة، لرصيف22، قائلةً: "بدأت بلعب التنس منذ الطفولة، وكنت ألعب في منتخب سوريا على مستوى الجمهورية، وحتى على المستويين الإقليمي والعربي، وقضيت معظم طفولتي في الملاعب، وكنت أشاهد جميع مباريات التنس وكرة القدم، وتعلّمت قواعدها وأصولها، وساهمت الرياضة في صقل شخصيتي بشكل كبير. كان محيطي يُذهَل من اهتمامي الرياضي ومعرفتي العميقة بتاريخ الرياضات وقواعدها، وعندما انخرطت في العمل الصحافي قدّمت برنامجاً رياضياً، فكنت أحب مشاهدة الصحافة الرياضية وتحديداً المراسلات في أوروبا وإسبانيا، فأحببت فكرة الحديث عن الرياضة المحلية في برنامج مختص".

وأضافت تيما: "في التفكير الشرقي، لعبة كرة القدم، أو التنس، لعبتان ذكوريتان، ويُظن أن الفتاة التي تلعب الرياضة فتاة "مسترجلة" يجب أن تلعب الأيروبيك أو الجمباز، علماً أن الرياضة لا تتعارض مع جنس اللاعب، والمتعة الموجودة في مباريات الرجال موجودة في مباريات السيدات أيضاً، ولكن الناس لا تشاهد مباريات السيدات وذلك بسبب الثقافة السائدة".

"روحي عَ المطبخ"

حين تشاهد الفتاة مباراةً رياضيةً لأنها معجبة بشكل اللاعب فحسب، يتقاطع ذلك مع الشاب الذي يشاهد فيلماً لأنه معجب بشكل البطلة، وقد يتابع البعض مباريات كأس العالم، لأنه حدث يشغل الكوكب برمته، وتالياً يرغب في أن يكون ضمن هذه الأجواء الحماسية حتى لو كان غير مهتم بالنتيجة، ولكن لماذا الاستخفاف بعشاق الرياضة من النساء تحديداً؟

عن تجربتها في تشجيع كرة القدم، قالت هند لرصيف22: "بدأت بمتابعة كرة القدم منذ أكثر من عشرة أعوام، وكنت أحب متابعة مباريات الدوري الإسباني والإنكليزي كذلك، وبدأت بمعرفة قوانين هذه اللعبة من خلال المشاهدة، وكنت أتناقش مع الفتية في المدرسة حول نتائج المباريات ومجرياتها، واشتركت في مجموعة عبر فيسبوك تهتم بكرة القدم، وكنت أكتب منشورات لأتحدث عن فكرة معيّنة أو أناقش أمراً ما، وكتبت مرةً منشوراً فيه خطأ في اسم لاعب، فكان التعليق من زميلي في الجامعة ‘روحي عالمطبخ’".

قد تكون عبارة "روحي عَ المطبخ"، مجرد دعابة كما يفكر البعض ، ولكنها قد تكون كافيةً لإحباط لاعبة محترفة تتجهز لمباراة مصيرية، وقد تلعب بعض الفتيات دوراً سلبياً في نشر الصورة النمطية، كالفتاة التي قالت إنها تشجع سوريا في كأس العالم، وتحب الملاكم "أندرتيكر" في الفريق

وتابعت: "التنميط الخاص بمتابعة المرأة لكرة القدم هو جزء من ثقافة مكرّسة، ولكنها باتت تتغير في السنوات الأخيرة قليلاً وذلك بسبب وجود العديد من الفتيات اللواتي يسعين إلى كسر الصورة النمطية التي تعدّ التشجيع للرجال فقط، لكن هناك قلة الضخ الإعلامي والدعم لمباريات الإناث ككأس العالم أو دوري أبطال أوروبا للإناث وغيرها، ويرجع الأمر برمته إلى الثقافة أو العادات الراسخة فينا".

قد تكون عبارة "روحي عَ المطبخ"، التي تلقتها هند، مجرد دعابة كما يفكر البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنها قد تكون كافيةً لإحباط لاعبة محترفة تتجهز لمباراة مصيرية، وقد تلعب بعض الفتيات دوراً سلبياً في نشر الصورة النمطية، كالفتاة التي قالت إنها تشجع سوريا في كأس العالم، وتحب الملاكم "أندرتيكر" في الفريق.

استطاع كأس العالم هذا العام أن يكون مسرحاً لصراعات أيديولوجية بين التشدد والتحرر، ولدعم المثلية والوقوف ضدها، وتشجيع المنتخبات العربية وعدم تشجيعها، وغيرها من القضايا التي تصدّرت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، والجميع يناقشون تلك القضايا ويحلّلون الأفعال والتصرفات التي تقف وراءها، بينما تبقى قضية "الجندر" في اللعب والتشجيع الرياضي على الهامش، وكأنها من المسلّمات أو من الطبيعي أن تعتكف النساء عن المشاركة في الحياة الرياضية.   


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image