شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
إمبريالية أم كوزموبوليتية... مضمرُ المقالات الصينية في نظام العالم

إمبريالية أم كوزموبوليتية... مضمرُ المقالات الصينية في نظام العالم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتاريخ

الجمعة 23 ديسمبر 202211:46 ص

حازت الصين، منذ انقلابها من ماوية الثورة الثقافية (1966- 1975) والدعوة إلى حصار أرياف العالم الآسيوية والأفريقية والأمريكية الجنوبية مدنَه الصناعية الأوروبية والأمريكية الشمالية في الخارج وإنشاء "الكومونات" أو العاميات الشعبية والبديلة من الدولة في الداخل، إلى إنجاز الثورات الصناعية الثلاث ثم الأربع في الأثناء (1979- 2020)، (حازت) إعجاب "العالم" وإكباره.

وقدّر العالم التقدير اللائق لحاق إمبراطورية الوسط، لقب الصين المحلي، في غضون أربعة عقود بما اقتضى صنعه من الغرب أربعة قرون تامة، على ما قال الرئيس و"الربان" (لقب ماو تسي تونغ، مؤسس جمهورية الصين الشعبية في 1949) شي جينبينغ، في أحد منتديات دافوس قبل أعوام قليلة، إلى جمهور المستمعين، أي إلى معظم البشرية.

والإدلال بالإنجاز العظيم هذا قام علامة على تخلّي الصين، في عهد "ابن السماء" الجديد (القيصر أو الإمبراطور أو السلطان، أو "الخليفة" على معنى يأتي شرحه أدناه)، في 2012، عن تواضعها السابق، وإعلانها المتواتر أن "صعودها" لن يصحبه أو يترتب عليه قلب بنية العلاقات الدولية وموازين القوى العالمية رأساً على عقب.

فهي لا تنشد غير الاندماج في منظومة العلاقات والموازين هذه. وتقتصر أمانيها على نيل حصتها المناسبة والعادلة من "الكعكة"، على قول مصري يُترجم عبارة أوروبية مبتذلة وصحيحة. والدليل على صدق المناشدة طلب الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية في 2001، على ما ألح سلف شي الأسبق جينغ زيمين. وهو أحد مفاتيح "المعجزة" الصينية، وسبب راجح في تسريعها.

وهذا ما يتناساه كلام "الربان" الحالي: ففي أثناء العقود الأربعة نَهَب "التنين" الأكبر التكنولوجيا الغربية، من طرق كثيرة، وغزا الأسواق متوسّلاً ببعض "التحرر" من شروط العقد التجاري العالمي في معالجة مسألتين جوهريتين: سعر صرف العملة ومصدر الاستثمارات وتكلفتها.

تعلن الصين بشكل متواتر أن "صعودها" لن يصحبه أو يترتب عليه قلب بنية العلاقات الدولية وموازين القوى العالمية رأساً على عقب

"الفوتوشوب" الصيني

وفي أثناء العقود الأربعة العتيدة لم تلطخ صورة الصين، المسالمة والمنتجة (النملة العاملة)، وصمة. فلا دعم نظام الخمير الحمر الدموي (على غرار السياسة الأمريكية النيكسونية)، ولا العدوان على فيتنام، ولا الكشف عن معتقلات "غولاغ" ماوي، ولا قمع ساحة تيان آن مين الهمجي، ولا قسوة اضطهاد الفرق الدينية الجديدة وأهلِ أقليم التيبت البوذي وأويغور إقليم شينغيانغ المسلمين والسكوت عن مجزرة ضباط بورما في قوم الروهينغا- ولا انتهاج طريق "وحشي" إلى التراكم الرأسمالي الأولي (أو "اقتصاد السوق الاجتماعية"، في المصطلح الحزبي "الماركسي")، ولا قمع الحركة الديموقراطية في هونغ كونغ طوال عقد من الزمن- حملت على تناول الصين، وصورتها، على خلاف "الفوتوشوب" التي يولفها الحزب الشيوعي، ويسهر على "استقرارها".

حرصت البيانات الثلاثة التي ذيّلت قمم الرياض، في 7 و8 و9 كانون الأول/ديسمبر الجاري، على التجميل والتزيين هذين، وعلى تقاسمهما. فلم يبق بند اقتصادي -وعلى الاقتصاد مدار القمم المعلن والمرجو- إلا ونال إما تمامُه، وإما تعهّده، وإما التفكير فيه، المديحَ والثناء. فمن الأمن الغذائي وسلاسل الإمداد العالمية وأمن الطاقة وتلبية حاجات العالم إلى الطاقة واستقرار سعرها أولاً وأخيراً وتبادل الخبرات، إلى خلق الشراكات المتنوعة في التجارة والاستثمار والطاقة والتعليم والبحث العلمي والبيئة والصحة وإقامة مناطق تجارية حرة وحوكمة المصالح المتبادلة والاستفادة القصوى من فرص الاستثمار الواعدة وعملة المبادلات ودخول البورصات، فلم تغفل البيانات والخطب بنداً اقتصادياً واحداً إلا وأرسته على أساسه وأحصته.

وركن "الوئام" -على قول عبدالعزيز بو تفليقة في استفتائه الجزائريين رأيهم في صلحهم الأهلي عام 1999- العميم هذا، والمعلن، هو فصل السياسة عن الاقتصاد، وحمل "الاقتصاد السياسي" كله، على رغمه إذا اقتضى الأمر، على خصوصية مجرّدة ومكتفية بنفسها، على ما هي حاله في النظريات "النيوليبرالية" والنقدية (من النقد أو العملة) الخالصة.

وهي نظريات يرفع لواءها "صبية إجماع واشنطن"، دعاة "تحرير" الأسواق، ما عدا سوق اليد العاملة والمهاجرة، من أشكال تدخّل السلطات العامة كلها. ولا يفوت العين، بالغاً ما بلغ شرودها وضعف انتباهها، أن من يُعمِلون مثل هذا الفصل يمثّلون ويجسّدون دولاً وإدارات وهيئات مركزية لا شريك لها في القرارات الاقتصادية العليا. ولا ينسى القارئ أن شي جينبينغ، في بداية عهده، وغداة أزمة 2007- 2008 المالية والمصرفية القاسية التي عصفت ببعض المصارف الضخمة، ذكّر الولايات المتحدة وأوروبا بمضار التخلّي عن حرية المبادلات وتقييد حركة الاستثمارات ورؤوس الأموال.

وعلى هذا، يُعزى إلى الصين -وإلى حزبها الشيوعي الحاكم والواحد والمستعيد، مع شي، مركزيته السلطوية والإدارية والإيديولوجية والعسكرية غير منقوصة- التجرّد من أضعف غرض سياسي ملوّث، على شاكلة السؤال عن طرق إجراء السلطة "المطلقة"، على قول ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء السعودي، في مسائل مثل السلامة الشخصية والحريات "الشكلية" والسطحية (وتختصرها، في كتابات أقلام الحرس الصحافي والدعائي "حرية" المثلية)، مثل الأقليات والنساء والتفاوت الاجتماعي والمشاركة السياسية والمدنية.

حمل الصين، على التجرّد من "السياسة"، وعلى معنى الغرض، يتغذى من مشهد إنجاز اقتصادي فعلي، ومن تستّر خطابي وأسطوري، كان يُنسب إلى الإيديولوجيا ويُنسب اليوم إلى السردية

وما يصدق في حال الصين وعليها ينبغي أن يصدق مثله في حال المتعاقدين معها. فالطرفان المتعاقدان على تشارك المصالح الخالصة، وعلى إحالة القضايا السياسية والخلافات التي قد تفضي إلى الحرب أو إلى "عمليات خاصة" (ف. بوتين) إلى الحوار والدبلوماسية والوساطات الهادئة- كلاهما، والصين على الأخص، تخفّف من أثقال الحمل على "أكتافه" (وهي كتفان وكاهلان في العادة) "نظريات تبشيرية مثل تلك التي تحملها الولايات المتحدة عن "صراع الحضارات" أو ما تسميها "الديموقراطية في مواجهة السلطوية" كما يصفها عبدالمنعم سعيد، في مقاله "قمة الرياض العربية-الصينية"، في الشرق الأوسط، في 14 كانون الأول/ديسمبر 2022.

الشائع والمضمر

والقمم الثلاث، وبياناتها وسياسات أصحابها في الأوقات كلها، صُنعت من مادة أثيرية، غير تبشيرية، إذن، وبريئة من الأغراض والأهواء. وحمل الصين، إمبراطورية الوسط، على التجرّد من "السياسة"، وعلى معنى الغرض، يتغذى من مشهد إنجاز اقتصادي فعلي، ومن تستّر خطابي وأسطوري، كان يُنسب إلى الإيديولوجيا ويُنسب اليوم إلى السردية، على عوامله وأثمانه.

ويتغذى أخيراً، ربما، من أهواء ثأرية لا ينكرها "السائرون على خط الإمام" (الخميني). وهم اليوم المنتظرون طلوع الشمس، و"الثورة" معها، من الشرق، على قول الماريشال لين بياو، نائب ماوتسي تونغ في أثناء الثورة الثقافية.

ولا يشارك بعض أهل الاختصاص في الثقافة والتاريخ الصينيَّين الدعاةَ الصينيين وأنصارهم العرب الرأي في طهارة بكين وعصمة حكامها من نجاسة الحسابات المنحازة، والمنافسة على المكاسب، وفي نهاية المطاف من طلب الانفراد والتحكّم والتسلّط.

وينبّه واحد من أهل الاختصاص، وهو الفرنسي جان إيف هيرتبيز J.I. Heurtbise، الأستاذ المحاضر في جامعة فوجين الكاثوليكية بتايوان والعضو الشريك في مركز دراسات الصين المعاصرة الفرنسي بهونغ كونغ وتايبه، وصاحب كتاب استشراق واستغراب وعمومية جامعة/ تاريخ التصوّرات المتقاطعة بين العالمين الأوروبي والصيني ومنهجه، إلى مكانة الإحالات التراثية والثقافية في خطب الحكّام الصينيين ومقالاتهم.

فما يبدو للقارئ غير الصيني معنىً بديهياً مترتباً على المخاطبة اليومية والشائعة في لغته وثقافته يحيل، في المقالات الصينية، إلى معانٍ مضمرة في مصادر ومراجع يتشاركها المثقفون أو "الأدباء" المحليون، المتأدّبون بآداب ثقافتهم وتاريخهم، وتلتبس بساطتها الظاهرة على غيرهم.

تتناقل المقالات، مفهوم تيانجيا، منذ لاوتزي (القرن السادس ق.م.) وكونفوشيوس (551- 479 ق.م.)، للدلالة على العالم الأرضي

إحالات شي جينبينغ

في خطبة ألقاها في 23 تشرين الأول/أكتوبر عام 2014، يتناول الرئيس الصيني مفهوماً شائعاً يتردّد في المقالات السياسية والأخلاقية منذ نشأة الإمبراطوريات الأولى. وتتناقل المقالات، المفهوم هذا وهو تيانجيا، منذ لاوتزي (القرن السادس ق.م.) وكونفوشيوس (551- 479 ق.م.)، للدلالة على العالم الأرضي، أو الدنيا. وهذه "الدنيا" لا تعارض أو تقابل الآخرة، على ما هي الحال في استعمال عربي غلب عليه الإنشاء الإسلامي.

وتجمع "الدنيا" وجهين: المعمورة على اتساعها وترامي أطرافها وأقاليمها، وعمرانها بالبشر وبصنيعهم، من وجه، والمرتبة التي تنزلها محلها "تحت السماء"، من وجه آخر. والفضيلة هي العامل في الترتيب وفي التدبير. ويتبوّأ "ابن السماء"، أي "وليّ الأمر" و "المستخلف" في الأرض وعليها، "المحل الأرفع"، على قول ابن سينا، من تيانجيا. وكل ما في الأرض، وتحت السماء الجامعة، ينسب إلى "ابن السماء" أو يضاف إليه.

ويستهلّ شي جينبينغ خطبته هذه بشاهد طويل من شانغ يانغ، أحد متكلّمي أو مفكّري مدرسة المشرّعين التي أنشأها لاوتزي، وخالفها كونفوشيوس. وفي الشاهد من شانغ يانغ أن الحكيم، وهو الحاكم، إنما يخدم المملكة التي يتولّى تسيير أمورها حين لا يحيد عن السّنن، ويلي الأحكام على مقتضى القانون، ويدبّر شؤون المملكة بحسب هذا المقتضى. ويرسم شانغ يانغ، في النص الأصلي، غايتين لتدبير المملكة: حمل الرجال كلهم في الداخل على مزاولة الزراعة، وفي الخارج على الحرب.

وتستشهد خطبة شي جينبينغ، في موضع آخر، بالمفكّر الإصلاحي والمشرِّع الجديد وانغ آنشي (1021- 1086م)، وتقتطف قوله: حين يستقر شرع تيانجيا وينتظم حاله، وحين يُعْمل القانون القويم في الدولة، يمسي توحيد الدولة في المتناول. وتثنّي بشاهد ثالث من زهانغ جوزهينغ (1525- 1582م): ليس سن القوانين عسيراً فمصدر العسر هو الحمل على العمل بها وإنفاذها من غير تلكؤ أو استثناء، والحكم بموجب القانون هو ركن الدستور.

التربية أم القصاص

ويلاحظ ج. إ. هيرتبيز أن صيغ هذه الخطبة، وغيرها من المقالات، وربطها السياسة والحكم والدولة والتدبير بـ"القانون" والسنن، تنقل إلى اللغات الغربية بـ"دولة (الحق و) القانون". وتُرد، من هذا الطريق، إلى المفهوم الأوروبي. إلا أن المفهوم الأوروبي هو ثمرة مناقشة بين مفكّري الحق الطبيعي وأصحاب الحق الوضعي. وتبلور المفهوم الصيني في سياق مناقشة مدرسة المشرِّعين ومدرسة كونفوشيوس وخلافهما.

وتناولت المناقشة الصينية ماهية الوسيلة الفضلى إلى حمل الشعب على العمل بموجب مقتضى إقرار النظام في "المجتمع" (الناس، الرعيّة...)، هل هي التربية بواسطة الشعائر والموسيقى والإقناع، أم هي القصاص والجوائز وابتكار عقوبات أشد إيلاماً من تلك المعروفة. فدولة القانون، على هذا، هي مراقبة المحكومين، ومزاولة السلطة والأمر بواسطة إنفاذ القوانين التي يسنّها حق وضعي، على مذهب مدرسة المشرِّعين (لاوتزي). أما دعوة المحكومين إلى ضبط نفسهم بنفسهم فتفضي إلى حكم من غير قانون، وإلى "سلطان المعيار". وهو الحق الطبيعي بحسب كونفوشيوس.

يتطاول مفهوم تيانجيا إلى العلاقات الدولية، وهي الشق الخارجي والحربي من مثال حكم الحكم، على ما مر. ويترتّب على إعماله في العلاقات الدولية سيادة ديكتاتورية القانون الشاملة، فما هو هذا المفهوم؟

فمراقبة السلطة "الشعب" من طريق سن القوانين وملاحظة إنفاذها، وحدها هي دولة القانون، على المعنى التشريعي الذي يقرّه اليوم شي جينبينغ وطاقم حكمه. وعرّف مندوب الصين الدائم إلى الأمم المتحدة في 2007، دويان جييلونغ، "دولة الحق" على النحو التالي: هي غاية مشتركة وعامة تسعى فيها الأمم كلها، ووسيلة فاعلة إلى إرساء النظام وحفظه وإحقاق العدالة، وإتاحة التقدّم على الصعيد الاجتماعي.

وجاء هذا التعريف على لسان المندوب الصيني رداً على تعريف صاغه كوفي أنان، أمين عام الأمم المتحدة يومها، وأدخل فيه ما سكت عنه السفير الصيني: حقوق الإنسان، والمساواة بين المواطنين، ومراقبة المحكومين الحكّام وأهل السلطة، واستقلال هيئات المحاسبة (المجالس المنتخبة، القضاء، الروابط والنوادي والجمعيات المدنية، الصحافة...) عن السلطة.

نظام العالم

ويتطاول مفهوم تيانجيا إلى العلاقات الدولية، وهي الشق الخارجي والحربي من مثال حكم الحكم، على ما مر. ويترتّب على إعماله في العلاقات الدولية سيادة ديكتاتورية القانون الشاملة.

وهذه الديكتاتورية "حق دولي" لا تجوز معارضته. وذكر أحد مثقفي النظام الشيوعي الصيني وألسنته، هانغ سونغ جو (2003) بواقعة جيو سياسية مديدة: تمتعت الصين في آسيا القارية، على الدوام، بموقع مهيمن، وبسيطرة على الجوار وأرضه وشعوبه. وهذا الترتيب، يحسبه هانغ، باسم الصين، "أمراً واقعاً" لا يحتاج إلى تسويغ قانوني ومعياري، ولا إلى تضمين الكل اختلاف الأمم فيما بينها، وحرصها على اعتبار هذا الاختلاف واحتسابه.

وعلى رغم أن الثقافة السياسية الصينية، لا تغفل عن مفهوم الأمة ومعناها، إلا أن مفهوم "العالم"، أو جماع الأمم، يبقى مبهماً، ومعه مفهوم العالمية، ومفهوم السياسة العالمية أو "النظام العالمي"، وحين يناقش زهاو تينغ يونغ (2008)، أحد مثقفي النظام ودعاته، تعريف الكاتبين الماركسيين، توني نيغري ومايكل هاردت، الإمبراطورية (الأطلسية)- هي ضرب من إمبراطورية رومانية، جامعة أو مسكونية+ إمبريالية حديثة واقتصادية+ أيديولوجيا العمومية الكونية والثقافية المسيحية-، يطرح زهاو القاعدة الاقتصادية والرأسمالية من التعريف.

ويرى هيرتبيز أن ما عدا الفرق الثقافي، الصيني وليس الغربي- المسيحي، يتفق تعريف نيغري وهاردت الإمبراطورية الأطلسية، الأميركية- الأوروبية الغربية، مع تعريف زهاو تيانجيا مثالاً للتدبير الصيني على الصعيد العالمي. والصين نصير لمبدأ السيادة القومية، وكل تحفظ عن سياستها الداخلية تحمله بكين على تدخل يرمي إلى تقسيم البلاد.

وعليه، فتيانجيا أقرب إلى المفهوم الإمبريالي منه إلى المفهوم الكوزموبوليتي، أو الأممي الجامع والقائم على كثرة الأمم و "الشعوب والقبائل". وهو كناية عن الهيمنة الصينية، تحت أو داخل قشرة رقيقة من الفضيلة والأخلاق. وبيانات قمم الرياض الثلاث غَلَّفت بقشرة، سميكة هذه المرة، نواةً من الأطماع والغايات الدنيوية. والمحاكاة "العربية" للترفُّع الفضيل والأخلاقي عن الولوغ في السياسة وانحيازاتها، وأحكامها القيمية والحقوقية، علامة من علامات كثيرة على خلوّ الوفاض من أساس معنوي كبير وعريض تنهض عليه المصالح الحيوية والأحلاف والخصومات في عالم تحفّه أخطار مصيرية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

‎من يكتب تاريخنا؟

من يسيطر على ماضيه، هو الذي يقود الحاضر ويشكّل المستقبل. لبرهةٍ زمنيّة تمتد كتثاؤبٍ طويل، لم نكن نكتب تاريخنا بأيدينا، بل تمّت كتابته على يد من تغلّب علينا. تاريخٌ مُشوّه، حيك على قياس الحكّام والسّلطة.

وهنا يأتي دور رصيف22، لعكس الضرر الجسيم الذي أُلحق بثقافاتنا وذاكرتنا الجماعية، واسترجاع حقّنا المشروع في كتابة مستقبلنا ومستقبل منطقتنا العربية جمعاء.

Website by WhiteBeard
Popup Image