شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
سوخوي 35 إلى إيران... هكذا ستصبح معادلة السيادة الجوية في المنطقة

سوخوي 35 إلى إيران... هكذا ستصبح معادلة السيادة الجوية في المنطقة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتاريخ

الثلاثاء 20 ديسمبر 202205:47 م

لطالما اعتمدت إيران في إستراتيجيتها العسكرية على الصواريخ والطائرات من دون طيار والميليشيات، في عملياتها الخارجية، لكن الأخبار الواردة من واشنطن مؤخراً، تكشف أن طهران ستحصل على مقاتلات متطورة من روسيا، إذ قالت الاستخبارات الأمريكية إن إيران سوف تستقبل مقاتلات سوخوي 35، الروسية الصنع في العام الجديد، لتكون أهم صفقة طائرات مقاتلة تعقدها طهران منذ ما قبل حربها مع العراق.

يستند التقييم الأمريكي حول حدوث الصفقة الإيرانية-الروسية، إلى وجود برنامج لتعليم شريحة من الطيارين الإيرانيين قيادة طائرة Su-35، في روسيا، في الربيع المقبل.

وأكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي للبيت الأبيض، جون كيربي، أن الطيارين الإيرانيين يتلقون تدريبات على مقاتلات سوخوي 35، وأن إيران قد تبدأ باستقبال المقاتلات في أقرب وقت من العام المقبل. وقال كيربي في 9 كانون الأول/ ديسمبر: "ستعزز هذه الطائرات المقاتلة بشكل كبير سلاح الجو الإيراني مقارنةً بجيرانها الإقليميين".

وما تقوله الولايات المتحدة، أكده قائد القوة الجوية في الجيش الإيراني، العميد حميد واحدي، في تصريح لوكالة "إرنا"، في 4 تشرين الأول/ أكتوبر، إذ أعلن عن نية بلاده "شراء طائرات سوخوي-35 من روسيا"، مشيراً إلى أن "التوقيع على هذه الصفقة على جدول أعمالنا".

التعاون الروسي-الإيراني

من المرجح أن تتلقى إيران مقاتلات Su-35 التي صُنعت في البداية لمصر، وهي عبارة عن عشرين مقاتلةً جاهزةً للإقلاع، وقد تراجعت عنها القاهرة بسبب الضغوط الأمريكية والتهديد بفرض عقوبات عليها.

أعلن العميد حميد واحدي، في تصريح لوكالة "إرنا"، عن نية بلاده "شراء طائرات سوخوي-35 من روسيا"

يقول الدبلوماسي الإيراني السابق سيد هادي سيد أفقهي، لرصيف22، إن "التعاون العسکري والاستشاري بين روسيا وإيران قائم على قدم وساق، وهو أوسع وأبعد من بيع وشراء أسلحة من صنع البلدين بما في ذلك سوخوي 35".

من جانبه، يشير جيسون برودسكي، هو مدير السياسات في منظمة "متّحدون ضد إيران النووية"، إلى أن روسيا كانت تجهز لهذا التعاون منذ فترة طويلة .وهي دفعت من أجل إنهاء حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران خلال المفاوضات النووية. وعندما انتهت مدة الحظر في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، أتيحت لموسكو الفرصة لإتمام هذه الصفقة".

ويُعتقد أن موسكو عرضت على طهران تقديم التقنيات التي يحتاجها النظام الإيراني في سحق الاحتجاجات التي تشهدها البلاد حالياً ضمن برنامج التعاون بينهما، وفقاً لتقرير نشره الكاتب بول إيدون، في 12 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، في صحيفة فوربس الأمريكية، مؤكداً أن موسكو يائسة بشكل متزايد وتعرض على طهران مثل هذا الترتيب للحث على الإمداد السريع بالمزيد من الأسلحة لجهودها الحربية في أوكرانيا.

ويتوقع الباحث المصري أنس القصاص، وهو محاضر في العلاقات الدولية والشؤون الإستراتيجية، أن "المنطقة مقبلة على شراكة بين روسيا وإيران أكبر من صفقة السوخوي".

ويقول لرصيف22، إن "هذه الشراكة ستكون مع الحرس الثوري وليس مع إيران الدولة"، مضيفاً أن طهران قد تبتعد أكثر فأكثر عن الدول الأوروبية في الفترة المقبلة كأخطر تداعيات هذا التعاون.

ويلفت القصاص، إلى أن "الروس اختاروا الإستراتيجية الإيرانية والطائرات من دون طيار التي تصنعها طهران بتكلفة أقل وتنفذ كافة المهام الاستطلاعية والتوجيه والاستهداف، بدلاً من الطائرات الصينية من دون طيار ‘وينج لونج’ التي لم تُختبر في ميدان حقيقي".

وبرأيه، فإن الطائرات والتكتيك الإيراني جرى تجريبهما في استهداف أهداف عدة في المنطقة، منها مواقع نفطية في السعودية ويبدو أن روسيا اختارت هذا النهج في حربها مع أوكرانيا.

موقف الخليج

يقول رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) ويليام بيرنز، لشبكة بي بي إس الأمريكية، في مقابلة أذيعت يوم 16 كانون الأول/ ديسمبر 2022، إن "ما بدأ يظهر هي بدايات شراكة دفاعية كاملة بين روسيا وإيران".

 التعاون الروسي والايراني يمكن أن يكون له تأثير أكثر خطورةً على الشرق الأوسط أيضاً إذا استمر في وتيرته الحالية المرشحة للتصاعد، فهل من يأخذه على محمل الجد؟

وذكرت شبكة "NBC" في وقت سابق من هذا الشهر أن روسيا تقدّم "مستوى غير مسبوق" من الدعم العسكري والفني لإيران، مقابل الأسلحة التي قدّمتها طهران لغزو موسكو في الحرب في أوكرانيا.

وبالإضافة إلى تزويد إيران روسيا بالطائرات من دون طيار، ورد أن طهران تفكّر أيضاً في تزويد موسكو بصواريخ باليستية. وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن للشبكة إن "هذه الشراكة تشكل تهديداً ليس فقط لأوكرانيا، ولكن لجيران إيران في المنطقة، لقد شاركنا هذه المعلومات مع شركاء في الشرق الأوسط وحول العالم".

وأضاف: "أعتقد أنه (أي التعاون الروسي والايراني)، يمكن أن يكون له تأثير أكثر خطورةً على الشرق الأوسط أيضاً إذا استمر. إنه شيء نأخذه على محمل الجد".

يشير القصاص إلى أن "امتلاك إيران هذه المقاتلة سيكون مصدر قلق لدول الخليج لأن Su-35 ستكون قادرةً على توجيه ضربات لأهداف داخل هذه البلدان من الأجواء الإيرانية"، مشيراً إلى أن "الصفقة مؤشر على مدى مخاطر قيام دول الخليج بالمناورة في العلاقات مع الدول الغربية، خصوصاً الولايات المتحدة التي وفّرت أنظمة دفاع جوي طوال السنوات الماضية لحلفائها في الخليج".

من جانبه، يستبعد المحلل السعودي عادل الحميدان لرصيف22، أن "تكون للصفقة أي تداعيات سلبية على العلاقات مع روسيا"، مضيفاً أن "كل دولة تعمل لمصلحتها".

وفي الآونة الأخيرة، بدأت السعودية بتنسيق واضح مع روسيا في إدارة سوق النفط من خلال منظمة أوبك بلاس، بعيداً عن الولايات المتحدة من أجل تحديد كميات الإنتاج.

تمتلك السعودية أكثر من 80 طائرةً من طراز F-15SA وهي نسخة متطورة من طراز Strike Eagleالقادرة على حمل ما يصل إلى 12 صاروخ جو-جو

وبرأي الحميدان، فإن هناك تنسيقاً في موضوعات، وتبايناً في المصالح في موضوعات أخرى، مستبعداً أن تؤدي الخطوة الروسية إلى تقارب مع الولايات المتحدة.

ويضيف: "أمريكا ليست كما كانت، المملكة لديها خيارات أخرى، ولا يمكن حصر التقنية في دول معيّنة. هناك تنوع في مصادر السلاح مع دول أكثر مرونةً مثل فرنسا والصين".

لكن برودسكي يُرجّح أن يكون هناك رد فعل يشمل تعاوناً بين واشنطن وشركائها الإقليميين في مواجهة زيادة القدرات العسكرية الإيرانية ووسائل قانونية واستخباراتية مختلفة.

ويضيف في حديثه إلى رصيف22: "أعتقد أننا سنرى مزيجاً من العقوبات، والعمل السرّي، وكشف معلومات استخباراتية للضغط على طهران دبلوماسياً، وأعتقد أنه ستكون هناك محاولة لإعادة الحظر المفروض من الأمم المتحدة على السلاح لإيران، لكن يظل خيار إعادة فرض الحظر من الأمم المتحدة الخيار العملي الوحيد".

في المقابل، يقلّل أفقهي، من شأن أي تقارب محتمل بين الخليج وإسرائيل أو الغرب لمواجهة تداعيات هذه الصفقة، مؤكداً أن التعاون بينهم آخذ في التزايد وبات يظهر على السطح، مستبعداً أن "تنجح الولايات المتحدة في عرقلة الصفقة ولن يكون أمامها خيار آخر أو أي مسار لمنع هذا التعاون".

ميزان القوى

ليس من الواضح بالضبط إلى أي مدى قد تغيّر هذه الصفقة ميزان القوى الإقليمي، لا سيما في ما يتعلق بخصمي طهران الرئيسيَين في الشرق الأوسط: إسرائيل والمملكة العربية السعودية.

ومن المرجح أن تحتاج القوات الجوية الإيرانية إلى 60 مقاتلةً من الجيل 4.5 على الأقل، لتحلّ محل مقاتلات ترسانتها الأكثر تقدماً، F-14A Tomcat و MiG-29A Fulcrumالعتيقة، وفقاً للكاتب بول إيدون.

يعتقد إيدون، أن هذه الكميات التي ستحصل عليها إيران ستكون كافيةً لتعزيز وبدء تحديث أسطول المقاتلات الإيراني القديم، لكن لا تكفي لتشكيل أي تحدٍ كبير للقوة الجوية المتفوقة نوعياً وكمياً لجيرانها في الخليج.

وتمتلك السعودية أكثر من 80 طائرةً من طراز F-15SA وهي نسخة متطورة من طراز Strike Eagleالقادرة على حمل ما يصل إلى 12 صاروخ جو-جو طويل المدى من طراز AIM-120 AMRAAM.

 الطيارون الإيرانيون لم يتم استخدامهم في العمليات الهجومية منذ الحرب العراقية الإيرانية، مع استثناءات واضحة في بضع ضربات جوية ضد جماعات المعارضة، فكيف يتحضرون لصفقة السوخوي؟

أما الإمارات، فتمتلك أسطولاً مشابهاً من طراز F-16E / F Block 60s وستبدأ باستلام 80 مقاتلةً من طراز Rafale F4 متعددة المهام من فرنسا من عام 2027.

تعتمد إيران بشكل كبير على طائرات F-4 فانتوم، و F-14 و F-5E / F Tiger والإصدارات المعادة صياغتها محلياً، والتي وُرثت جميعها بعد الحرب الباردة وثورة 1979 وتزداد صعوبة استمرارها.

ومن غير الواضح ما إذا كانت روسيا سوف تخطط لتصنيع مزيد من الطائرات لإيران كجزء من دفعة ثانية للتسليم بعد سنوات من الآن، أو تسليم مقاتلات من ترسانتها الحالية، وهو أمر غير مرجح نظراً إلى حاجتها في حرب أوكرانيا.

ويشير تقرير فوربس إلى أن هناك تكهنات بأن إيران ستقوم بإنتاج الدفعة الثانية محلياً على غرار صفقة مماثلة بين روسيا والهند لتصنيع مقاتلات ميج 29، وستوافق موسكو في ظل حاجتها إلى طائرات من دون طيار أو صواريخ باليستية.

والجدير بالذكر أن الطيارين الإيرانيين لم يتم استخدامهم في العمليات الهجومية منذ الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) مع استثناءات واضحة في بضع ضربات جوية ضد جماعات المعارضة المتمركزة في العراق في تسعينيات القرن الماضي وغارة جوية واحدة ضد داعش على الحدود العراقية في 2014.

وتفضل طهران دائماً استخدام الطائرات من دون طيار والصواريخ البالستية القصيرة المدى ضد خصومها الإقليميين، وغالباً ما تستخدم الميليشيات الوكيلة لها في جميع أنحاء الشرق الأوسط لمنح نفسها إمكانية الإنكار المعقول.

صفقة للحماية

تُعدّ المقاتلة 35 Suطائرةً مقاتلةً من الدرجة الأولى، مصممةً للتنافس مع طائرات النخبة الغربية، مثل الأمريكية F-22 Raptor و European Typhoon.

تُعدّ المقاتلة 35 Suطائرةً مقاتلةً من الدرجة الأولى، مصممةً للتنافس مع طائرات النخبة الغربية، مثل الأمريكية F-22 Raptor و European Typhoon

وتُعدّ هذه المقاتلة بديلاً فعّالاً من حيث التكلفة للمقاتلات الأمريكية المتقادمة، لذلك، بالنسبة إلى إيران، سوف تمثل هذه الصفقة ترقيةً كبيرةً لقواتها الجوية.

ومع ذلك، يبدو من الصعب القول إن إيران ستحقق السيادة الجوية عبر هذه المقاتلة بعدما عجزت روسيا نفسها عن فعل ذلك في الأجواء الأوكرانية، إذ فقدت روسيا أكثر من عشرين طائرةً مقاتلةً من طراز Su-35 منذ بداية الحرب.

وفي الوقت نفسه، اكتسب دور الطائرات من دون طيار زخماً في الحرب الأوكرانية، كما أن قوتها التدميرية لا تقلّ أهميةً في القضاء على قوات العدو مثل الطائرات المقاتلة.

ويقول القصاص إن المقاتلة الروسية سوف تستخدمها إيران في الأجواء الداخلية لحماية مواقعها الداخلية، ولن تدفع بها في عمليات خارجية.

ويضيف: "الدفاع الجوي بالصواريخ ليس كافياً في حماية الأجواء الإيرانية أو المنشآت التي قد تكون عرضةً لأي هجمات مستقبلية. طائرات سوخوي 35 ستلعب دوراً تكميلياً مهماً مع الدفاع الجوي في حماية هذه الأهداف من مسافات بعيدة. هذه ستكون مهمتها. لا أعتقد أن طهران سترسل هذه المقاتلات في أي عمليات خارجية".

وتُعدّ Su-35 مناسبةً تماماً لمحاربة الطائرات الغربية الحالية. ويوجد في مقدمة هذه الطائرة رادار Irbis-E، وفي قاعدة الجناح يوجد رادارانX-band ، ما يمنحها قدرات قويةً لمحاربة الأهداف غير الواضحة.

ودمرت هذه المقاتلة العديد من الأهداف في معارك جوية في أوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك، يمكنها استخدام صواريخ جو-جو الحديثة R-37M وR-77M، التي يتجاوز مداها كل ما هو متاح في الترسانات الأمريكية والإسرائيلية. ولكن من أجل توفير المال، لا يتم استخدام هذه الصواريخ على نطاق واسع في الوحدات الروسية من طراز Su-35 وهذا عيب ملحوظ.

وعليه، من المحتمل أن تؤدي هذه الطائرة وظائف صواريخ اعتراضية للدفاع الجوي بدلاً من تقديم الدعم الجوي للقوات الإيرانية في سوريا أو حلفاء طهران في لبنان.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard
Popup Image