شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"الأهالي" واليونيفيل من جديد... الرسائل لا تنتهي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 16 ديسمبر 202205:19 م

في بلدة العاقبية في جنوب لبنان، قُتل ليل الأربعاء-الخميس الماضي، جندي إيرلندي وجُرح 3 آخرون نتيجة اعتداء يُقال إنه "مجهول المصدر"، على القوات الدولية اليونيفيل خلال مرورهم في المنطقة التي يسيطر عليها الثنائي الشيعي المكوّن من "حزب الله" و"حركة أمل".

في مقابلة مع الصحافي الشهيد جبران تويني، عام 1995، شدّد أمين عام حزب الله حسن نصر الله، على عدم وجود أي صواريخ في ضاحية بيروت الجنوبية، إذ قال: "إذا عندي مدفع ليش بحطّه بالضاحية؟ بطلّعه على الجنوب".

ويعود وجود قوات اليونيفيل في لبنان إلى عام 1978، وذلك بعد الاجتياح الإسرائيلي وسيطرته على الجنوب. بعد الاعتداء الإسرائيلي على جنوب لبنان، في تموز/ يوليو 2006، في ما عُرف بـ"حرب تموز"، تبنّى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار 1701 الذي نص على تجريد كل الجماعات اللبنانية من سلاحها، داعياً الحكومة اللبنانية إلى نشر قواتها المسلحة في الجنوب بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة.

رسائل الأهالي

وتتكرر بين الحين والآخر حوادث تقع في جنوب لبنان مع قوات اليونيفيل وسكان المناطق الممتدة جنوب الليطاني، وغالباً ما تكون بين السكان وقوات الطوارئ، أو "الأهالي" وقوات حفظ السلام.

يعود وجود قوات اليونيفيل في لبنان إلى عام 1978، وذلك بعد الاجتياح الإسرائيلي وسيطرته على الجنوب

وفي آب/ أغسطس 2018، أُضرمت النيران في مركبات تابعة لليونيفيل وصودرت أسلحتهم ومعداتهم في بلدة مجدل زون الجنوبية. سبق هذا الاعتداء موعد التجديد لهذه القوات في 31 من الشهر نفسه، في الأمم المتحدة، والذي طُرحت خلاله تعديلات تمنح اليونيفيل صلاحيات أوسع على كافة الحدود اللبنانية برّاً وبحراً وجواً، رفضتها السلطات اللبنانية الرسمية حينذاك.

والاعتداء على اليونيفيل في مجدل زون، لم يكن الأول، إذ سبقته حادثة مماثلة في شباط/ فبراير 2017، حيثُ سُجّل حينها إشكال بين الأهالي وبين دورية تابعة للكتيبة الإيطالية، وتردد أنّ الاعتداء جاء على خلفية قيام إحدى الدوريات التابعة لها بعمل ميداني في مناطق عسكرية تابعة لحزب الله.

في العام المنصرم، وتحديداً في كانون الأول/ ديسمبر2021، تعرّضت دورية لليونيفيل للاعتراض في بلدة شقرا الجنوبية. تمّ الإعتداء على الدورية وتكسير زجاج 3 آليات دفع رباعي نصف مصفحة، بحجة أنها تصوّر مناطق في أطراف البلدة. ترافق الاعتداء مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إلى منطقتي صور والناقورة الجنوبيتين.

في كانون الثاني/ يناير الماضي، تعرضت دورية تابعة لليونيفيل لاعتداء وسرقة في قرية رامية جنوب البلاد، ما أدى إلى جرح أحد جنودها. سبق هذا الاعتداء، تعرّض آليات تابعة لليونيفيل لتخريب وسرقة على أيدي مجهولين في بداية الشهر نفسه. ثلاثة أحداث متشابهة شهدتها الفترة الممتدة بين نهاية العام الماضي وبداية هذا العام، إلا أنّها لم تشهد "التصعيد العنيف" الذي شهدته العاقبية ليل الأربعاء، وهي المرّة الأولى التي تصل فيها إلى هذا الحد منذ العام 2007، عندما حصل تفجير استهدف إحدى الدوريات على جسر الأولي عند مدخل صيدا الشمالي.

"الحزب" يتبرأ

تبرأ "حزب الله" من حادثة العاقبية، وطالب مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في "الحزب" وفيق صفا، بـ"عدم إقحام الحزب في الحادثة التي وقعت بين الأهالي وإحدى سيارات اليونيفيل في العاقبية".

تتكرر الاعتداءات بين ما يُسمّى بـ"الأهالي" وقوات اليونيفيل من وقت لآخر، لكن الاعتداء الأخير يأتي في وقت وقع لبنان اتفاقاً مع إسرائيل لاستخراج النفط، فما الذي تغير؟

في المقابل، رفع وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، السقف بعد تأكيده على "أنّنا لا نقبل أي ذريعة تقول إنّ الحادث من فعل الأهالي"، كما لفت مولوي، في حديث تلفزيوني أمس الخميس، إلى أنّ من يقف وراء حادث الاعتداء على قوات حفظ السلام لا يخفي نفسه".

وكان الإشكال قد حصل في العاقبية، بين أهالي المنطقة وقوة من اليونيفيل، إثر اعتراض الأهالي على مسار الدورية. وعلى الإثر، سُمع صوت إطلاق نار في المحلة، وتعرضت آلية تابعة للقوات الدولية لحادث في أثناء محاولة الانسحاب من موقع الإشكال، ما أدى إلى انقلابها، وقتل عنصر وجرح آخرين.

ولا يعدّ الكاتب السياسي قاسم قصير، ما حصل في العاقبية مبطّناً بخلفيات سياسية أو أمنية، "وهو حادث غير مدبّر حدث نتيجة خلل في طريق قوات اليونيفيل إذ دخلت إلى منطقة خارج عملياتها"، ويلخّص قصير المشكلة، لرصيف22، "بوجود السلاح المتفلّت، ولعلّ التفلّت الأمني اليومي هو الدليل الأكبر على ذلك".

ويضيف: "قوات الطوارئ موجودة بموافقة الجميع والتواصل بينها وبين حزب الله قائم، والجميع حريصون على التهدئة في الجنوب بعد اتفاق ترسيم الحدود لاستخراج النفط والغاز".

يُذكر أنه في أيلول/ سبتمبر الماضي، ندّد "حزب الله" بالتعديل الذي تضمنه قرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بتمديد ولاية قوات اليونيفيل. تنديد "الحزب" نبع من منح قوات حفظ الأمن حرية الحركة للاضطلاع بمهامها من دون تنسيق مسبق مع الجيش اللبناني. ورأى نصر الله في قرار مجلس الأمن، "اعتداءً وتجاوزاً على السيادة اللبنانية"، وعدّه "فخّاً ينصبه الإسرائيليون منذ سنوات طويلة للبنان".

في أيلول/ سبتمبر الماضي، ندّد "حزب الله" بالتعديل الذي تضمنه قرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بتمديد ولاية قوات اليونيفيل

ماذا يريد "الحزب"؟

يشدد الصحافي والكاتب السياسي علي الأمين، لرصيف22، على أن "حزب الله" يعمل على حصر عمل هذه القوات وضبط تحركاتها بما لا يمس بمصالحه الأمنية والعسكرية، وتحويل اليونيفل إلى رهينة بحيث يسمح بشروط بقائها واستمرارها، وتحويل عناصرها ودورياتها إلى صندوق بريد يتم من خلاله توجيه رسائل في اتجاه أكثر من دولة".

من التعليقات اللافتة على حادثة العاقبية الإجتماعي، ما قاله الشيخ صادق النابلسي، المحسوب على "حزب الله"، عبر حسابه على "تويتر"، إذ رأى أن بعض الدول المشاركة في قوات اليونيفيل تعمل وكيل أمن لإسرائيل. وشدد على أن أفراد قوات اليونيفيل لم يكونوا تائهين في الطريق كما تردد، وأضاف: "الخروج عن جدول الأعمال وتجاوز الجيش اللبناني مراراً وتكراراً ليس بريئاً".

ويرى الأمين أن "أبعاد ما جرى في العاقبية تعكس حالاً من الضيق الداخلي والخارجي، وهو الحصار الذي يتمثل في إدارة الظهر للحزب دولياً وإقليمياً"، ويضيف: "لا أعتقد أن حزب الله يتطلع إلى تفجير واسع يمكن أن يورطه في حرب مع إسرائيل وتالياً خروج قوات اليونيفل من لبنان. هو يريد من يتحدث إليه ويضمن اتفاقاً لا يخل بقواعد اللعبة المستمرة منذ 2006 سواء داخلياً أو إقليمياً".

بالرغم من تكرار هذه الاعتداءات، حتى باتت تُعدّ روتيناً في مناطق الجنوب، تختلف حادثة العاقبية عن سابقاتها، إذ لم يسبق أن قُتل جندي من اليونيفيل منذ العام 2007، فيما التسويات الداخلية والخارجية "على النار"، ولعل أبرزها انتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية والوضع الإقليمي المنفجر، وهو ما قد يتطلب إيصال رسائل من "العيار الثقيل".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard