كأي حدث ضخم، هناك عين ثالثة ترصد الطرائف، وكما نُسعد بمشاهدة أخطاء وعثرات النجوم في المسلسلات والأفلام التي قد تمرّ في آخر العرض، حتماً هناك ما يثير الدهشة والمتعة لكل ما هو طريف في أي مجال. في ما يأتي جولة على طرائف كأس العالم منذ انطلاقته عام 1930، وحتى نسخته الحالية في قطر 2022.
يدخل التلميذ الامتحان وقد يحمل ما نسميه برشاماً/ روسيت (للغش)، وهذا تماماً ما فعله لينس ليمان، حارس المنتخب الألماني في مونديال ألمانيا عام 2006، حين كانت الأرجنتين خصماً مرّاً لألمانيا في دور الثمانية، ولأن العزيمة الألمانية لا تترك شيئاً للصدفة، لجأ أندي كوبكه، وهو مدرب حرّاس المرمى إلى دراسة ركلات لاعبي التانغو، بما فيها الارتفاع وزاوية التسديد والقدم المسدِّدة.
دسَّ ليمان قصاصةً ورقيةً حوت كل التفاصيل في جوربه، وأخذ وقته الكافي ليقرأ قبل كل ركلة ترجيحاً ولمحةً عمن يسدّدها، وبالفعل نجح في صدّ ركلتين لرونالدو أيالا وأخرى لستيبان كامبياسو، ليقود منتخب بلاده إلى المربع النهائي.
لاحقاً، بيعت القصاصة بمليون يورو في مزاد علني لصالح إحدى الجمعيات الخيرية، وكان حارس أرسنال قد كشف ما حوته من معلومات: "ريكلمي يسار/ أعلى، كريسبو ركضة بعيدة/ يمين أو ركضة قريبة/ يسار، أيالا وقفة طويلة، ركضة/ يسار".
نلعب حفاةً أو نرحل!
تأهلت الهند إلى مونديال البرازيل عام 1950، لكن سرعان ما انسحبت لسببٍ طريفٍ للغاية، فالفريق ومدربه أصرّوا على اللعب حفاةً، بحجة أن الحذاء يعيق اللعب في الجو الماطر، لكن الفيفا رفضت الطلب الهندي، فما كان من الأخير إلا أن قرر الانسحاب وعدم لعب البطولة.
تأهلت الهند إلى مونديال البرازيل عام 1950، لكن سرعان ما انسحبت لسببٍ طريفٍ للغاية، فالفريق ومدربه أصرّوا على اللعب حفاةً، بحجة أن الحذاء يعيق اللعب في الجو الماطر
في شأن مماثل، لعب البرازيلي ليونيداس دا سيلفا، حافي القدمين أيضاً للسبب الهندي ذاته، وحين أمره الحكم بانتعال حذائه الرياضي وفقاً لقوانين السلامة، سجّل ثلاثة أهداف في مرمى بولندا في مونديال فرنسا (1983)، في حين عجز عن ذلك وهو حافي القدمين.
تمائم غريبة
كل من تحدث عن المنتخبات الإفريقية، عرّج بشكل أو بآخر على موضوع السحر والتمائم وإيمان كثير من فرقهم به كعامل للفوز، فطرد الأرواح الشريرة من الملاعب بالصراخ نُفّذ عملياً في كأس العالم، أما منتخب الكونغو الديمقراطية فكان له خياره غير الموفق، حين عثر أمن المطار الألماني عام 1974 على قِرَدة ميتة بين الملابس والأحذية، وبينما علت الدهشة موظفي الجمارك، تمسّك لاعبو زائير بالقِرَدة معلّلين بأنها أكثر من طعام مفضّل، بل طقس قبل أي مباراة يمنحهم الفوز والحظ. وبعد صدّ وردّ كان لجماعة القردة ما طلبوا.
والجدير بالذكر أنه في البطولة نفسها، ارتكب المدافع الزائيري إلونجا خطأً خلّده التاريخ باسمه كأكثر الأخطاء طرافةً، ووصفه مذيع البي بي سي، لحظة جهل إفريقية، حين ركل الكرة التي يستعدّ لتنفيذها لاعب برازيلي كضربة حرّة مباشرة كان قد استحقها، ليتبين أن ليونجا كان يهدر الوقت حتى لا تتربع الأهداف في مرمى بلاده إذ تلقّوا تهديداً من رئيس البلاد مفاده عدم العودة إلى الديار إن خسروا بأربعة أهداف وما فوق.
أما الحارس الأرجنتيني سيرجيو جويوكوتشيا، فكانت تميمته مميزةً للغاية، جرّبها مرةً أمام يوغسلافيا عام 1990 ونجحت، فأصر عليها في كل مرة، ليس هو فحسب بل مدربه أيضاً، كارلوس بيلاردو الذي يذكّره ليلبّي نداء الطبيعة قبل كل ركلات ترجيحية، وغالباً يعاند الحكم أو يضيّق الوقت ليلبّي جويوكوتشيا النداء في إحدى زوايا الملعب ويأتي فاتحاً ذراعيه للفوز.
طرفة عنوانها الملابس
في ملعب نادي نابولي في إيطاليا عام 1934، اضطر حكم المباراة إلى إجراء القرعة حتى يحدّد من من النمسا وألمانيا يُبقي على لباسه، بعد أن تماثلت الملابس، فالفريقان ارتديا اللون الأبيض والأسود في مباراتهما لتحديد صاحب المركز الثالث. المنتخب النمساوي الذي وقع في ورطة، لم يكن يملك زيّاً احتياطياً، وهنا تدخّل مسؤولو نادي نابولي الإيطالي لينقذوا الموقف بمنح زيّ ناديهم للنمسا التي خسرت بالرغم من كرم الضيافة 3/2 ونالت المركز الرابع في حين تُوِّجت المضيفة إيطاليا باللقب.
المنتخب النمساوي لم يكن يملك زيّاً احتياطياً، وهنا تدخّل مسؤولو نادي نابولي الإيطالي لينقذوا الموقف بمنح زيّ ناديهم للنمسا التي خسرت بالرغم من كرم الضيافة
لكن هل تعلم أن الأصفر والأزرق لم يكن لباس المنتخب البرازيلي الرسمي؟ نعم إذ اعتاد المنتخب أن يرتدي اللون الأبيض وتخلّى عنه ليتخلّى عمّا وصفه البعض بنحس القميص الأبيض، بعد أن خسرت البرازيل على أرضها عام 1950.
وأُعلن عن مسابقة تصميم مُستوحى حصراً من ألوان العلم البرازيلي، فتلقّى المسؤولون أكثر من 300 تصميم فاز بينها تصميم للشاب ألدير جارسيا صاحب الـ19 عاماً، ليرتدي عشاق السامبا الزيّ في مونديال سويسرا عام 1954، وبالرغم من خسارتهم في الربع النهائي أمام المجر، إلا انهم تمسّكوا بالزيّ إلى يومنا هذا.
إلى دكّة الاحتياط
ريموند دومنيك، مدرب فرنسا الذي خاض تجربتين موندياليتين عامي 2006 و2010، كان مؤمناً بالأبراج وطالع الفلك، فصفات البرج تنطبق حتماً على صاحبها حسب اعتقاده، وكان شديد الحساسية إزاء لاعبي برج العقرب، ما يدفعه إلى إجلاسهم على دكّة الاحتياط.
وبالرغم من نفيه اختياره تشكيلة فريقه على أساس الأبراج، مؤكداً على معايير عدة تجب مراعاتها وليكن علم الفلك مضافاً إليها. كما صرّح دومنيك بأن برج الأسد سيئ في الدفاع: "عندما يكون لدي برج الأسد في الدفاع، أعلم أنه يريد التباهي بطريقة ما، وهذا سيكلفنا الكثير".
كأس العالم في القمامة
كان الكلب "بيكلز"، بطل مونديال عام 1966، حين عثر على الكأس المسروقة من قبل مشجع إنكليزي من داخل متحف للطوابع، فتم إلقاء القبض عليه بعد اتفاق ميرز، رئيس الاتحاد الإنكليزي مع الشرطة، والذي تواصل السارق معه وابتزه مالياً ليعيد الكأس. والمفارقة أن الكلب ليكيز هو من أعاد الكأس بعد سبعة أيام من حادثة السرقة حين عثر عليها في حاوية قمامة في شرق لندن، هذا وقد سلّم ديفد كوربت، صاحب الكلب، الكأس للشرطة.
لم تكن تلك المرة الأولى التي سُرق فيها كأس العالم، ففي عام 1938، في البرازيل، سُرق الكأس من خزينة مضادة للرصاص في ريو دي جينيرو، ولم يُعثر عليه إلا بعد 12 عاماً بحوزة تاجر مخدرات برازيلي كان قد ابتاعه من أحدهم بعد أن ظُنّ بأنه صُهر وبيع كسبائك ذهبية.
ريموند دومنيك، مدرب فرنسا الذي خاض تجربتين موندياليتين عامي 2006 و2010، كان مؤمناً بالأبراج وطالع الفلك، فصفات البرج تنطبق حتماً على صاحبها، فماذا قال عن برج الأسد؟
وعند اندلاع الحرب العالمية الثانية، توقف كأس العالم قسرياً، وطوال تلك الفترة كان رئيس اتحاد الفيفا خائفاً على الكأس، لذا لفّه بالجرائد وأخفاه في علبة حذاء وضعها تحت السرير 12 عاماً، وبعد كُل تلك الحوادث قررت الفيفا أن تحفظ أربع نسخ من الكأس في أماكن مختلفة، تفادياً لموقف محرج.
شقيقان وجهاً لوجه
شاءت أقدار المستديرة أن تجعل من اللاعب ندّاً لأخيه، ففي مونديال جنوب إفريقيا، عام 2010، تقابل الأخوان غير الشقيقين كيفن برينس، وجيروم بواتينج، في مباراة ألمانيا وغانا، لكن في معسكرين مختلفين، وعادا ليتقابلا مجدداً عام 2014 في البرازيل، وحينها قال كيفن: "مجدداً يا أخي، إنها حلاوة الحياة."
وبفعل حصول اللاعب على جنسيتين، جنسية بلده الأصلي وجنسية الفريق الذي يلعب فيه كمهاجر أو كلاعب تم تجنيسه، تحدث مثل تلك الصدف التي ربما تكون محرجةً، فحكيم زياش الملقب بالساحر المغربي تعرّض لعبارات عنصرية وتم رشقه في الملاعب الهولندية بعبوات المياه لأنه اختار عام 2015، أن يمثّل المغرب دولياً لا هولندا مسقط رأسه: "دمي ليس برتقالياً لألعب لهولندا، دمي أحمر كعلم المغرب".
من سرواله إلى فمه
لعلّ الموقف المثير للجدل الذي رصدته الكاميرا، وكان صاحبه اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو، من أكثر المواقف التي أثارت العناوين الصحافية في مونديال قطر الحالي. رونالدو الذي دسّ يده خلسةً في سرواله وأخرج شيئاً لم يُرَ ووضعه في فمه، لم يكن يعلم بأن الملايين سيختلفون حول ما مضغ، أهي منشطات، أم مكملات غذائية لم تمنعها الفيفا بحسب صحيفة 'آس' الإسبانية؟
سروالٌ آخر رصدته ضحكات الجماهير واللاعبين من ضمنهم الحارس البرازيلي جويليرت والتر، حين وقف أمامه اللاعب الإيطالي الشهير جوسيبي مياتزا، بسروال متهتك بفعل لاعبي البرازيل الذين شدّوا مياتزا بهدف عرقلة لعبه طوال المباراة. سدّد مياتزا هدفاً من ركلة الجزاء التي أقرّها له الحكم السويسري بفعل خطأ، وركض فرحاً ليسقط السروال مثيراً موجةً من السخرية والضحك، فالتفَّ حوله الرفاق ريثما أحضرت له إدارة المنتخب سروال الاحتياط. ارتدى مياتزا السروال وترك البرازيل المهزومة 2/1 في النصف النهائي، ليفوز على المجر وتحمل إيطاليا اللقب للمرة الثانية عام 1938.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
عبد الغني المتوكل -
منذ 20 ساعةوالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ 21 ساعةرائع
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت