أدى الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، صلاة الجمعة في أحد مساجد أهل السنّة في مدينة سنندج التابعة لمحافظة كردستان، في 1 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، في الوقت الذي تمنع فيه حكومته وجميع حكومات ما بعد الثورة الإسلامية عام 1979، الإيرانيين السنّة من بناء مساجد خاصة بهم.
قبلها بيومين، وتحديداً في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أصدر أئمة جمعة ومدرّسون وعلماء دين في عدد من المدن الإيرانية، بياناً أكدوا فيه "وحدة علماء السنّة والشيوخ، والأوصياء والمعلمين والمثقفين في محافظة سيستان وبلوشستان في إدانة الأحداث الأخيرة المروعة في البلاد"، وأدانوا الأحداث المؤلمة في كردستان، والمروعة في زاهدان. معربين عن معارضتهم للتعامل اللا إنساني للنظام الإيراني مع الشعب المحتج.
وفي تغريدة على حسابه في تويتر، قال إمام أهل السنّة في زاهدان، مولوي عبد الحميد إسماعيل زهي، "لطالما كان للشعب البلوشي النصيب الأكبر في عمليات الإعدام".
وخلال خطبة له في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ألقى مولوي المسؤولية عن أحداث الجمعة الدامية في زاهدان على المرشد قائلاً: "المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكذلك المسؤولون الآخرون جميعهم مسؤولون، ولا يمكن لأحد التهرب من هذه المسؤولية"، ورفض رواية الحكومة بأن المحتجين "إرهابيون"، ووصفها بأنها "أكاذيب مطلقة".
خلال خطبة له في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ألقى مولوي المسؤولية عن أحداث الجمعة الدامية في زاهدان على المرشد
وأتى محتوى خطبة مولوي، في إشارة إلى تعرض مسجد مكة في مدينة زاهدان ومحيطه، نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي، إلى مجزرة راح ضحيتها ما لا يقل عن 90 شخصاً، وفقاً لإحصاءات وثقتها منظمات حقوقية ووكالات إخبارية. فبعد صلاة جمعة خرج منها المصلّون محتجين وغاضبين، جراء اغتصاب فتاة بلوشية من قائد شرطة محلي، واجهتهم قوات الأمن والباسيج بالذخيرة الحية بشكل عشوائي من فوق أسطح المنازل.
وتشكل منطقة بلوشستان وسيستان تاريخياً، هدفاً سهلاً للجمهورية الإسلامية، عندما ترغب في سحق المعارضة، من خلال إخراج ورقتي "الانفصالية" و"الإرهاب"، واللعب بهما وعليهما، وبسبب التهميش نفسه، رفضت الحكومة الإيرانية منح شهادات ميلاد رسمية للآلاف من أفراد المجتمع البلوش، مما تركهم محرومين فعلياً من مجموعة من الخدمات والتعليم والتنقل على السلم الاجتماعي، بحسب ما يذكر موقع "المونيتور".
وكان رصيف22، قد ناقش في تقرير سابق، قضية التهميش والقمع الواقعة على الأقليات العرقية في إيران، منبّهاً إلى مضاعفتها في المناطق التي يتلاقى فيها التمايز العرقي والمذهبي/ الديني معاً، كحال كردستان وبلوشستان وبعض المحافظات الإيرانية، حيث تلتقي القومية غير الفارسية بالمذهب السنّي أو بديانة غير الإسلام الشيعي الاثني عشري، المؤمن بولاية الفقيه المطلقة.
التركيبة العقدية للمجتمع
يشكل العامل المذهبي في النسيج العرقي الإيراني بعداً مهماً، فبحسب الأرقام الرسمية فإن 89% من سكان إيران يدينون بالمذهب الشيعي، ويشكل أهل السنّة 10%، ويتوزع 1% بين الأرثوذكس الأرمن واليهود والزرادشتيين وغيرهم.
وفيما يشكل معظم الفرس والأذر والجيلاك والعرب سواد الشيعة، يشكل الأكراد والبلوش والتركمان وبعض العرب والفرس في الأقاليم الجنوبية والشرقية سنّة إيران، الذين يدّعون أن نسبتهم تفوق الـ20% وينتقدون سياسات التضييق والتجاهل المتعمدة من قبل الحكومة المركزية في طهران، خصوصاً في فترة ما بعد الثورة الإسلامية.
وتورد دراسة للمعهد الدولي للدراسات الإيرانية بعنوان "طموح الأقليات ومستقبل الدولة في إيران"، أن نسبة الشيعة في إيران 65%، والسنّة 25%، وتشكل الديانات الثلاث، اليهودية والمسيحية والزردشتية بالإضافة إلى البهائية 10%.
وهذا التباين في نسب المكونات الدينية/ المذهبية والعرقية في المجتمع الإيراني، يرجعه معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إلى غياب الإحصاءات الرسمية والموثوقة في إيران، مقدراً تراوح نسبة الأقلية السنّية في إيران ما بين 10% و15% من عدد سكان إيران المقدر بحدود 86 مليون نسمة.
وتنص المادة 12 من الدستور الإيراني، على أن الدين الرسمي لإيران، هو الدين الإسلامي طبقاً للمذهب الجعفري الاثني عشري، وأن هذا المبدأ غير قابل للتغيير أبداً، معترفةً بثلاث ديانات أخرى؛ اليهودية، والمسيحية (بطائفتيها الموجودتين في إيران، الآشورية والأرمينية)، والزرادشتية، وما سوى هذا الديانات محظور.
تعدّ الجمهورية الإسلامية الفارسية الأقليات الطائفية أو العرقية، نقطة ضعف يمكن أن يتسلل من خلالهم أعداء الجمهورية ‘الإسلامية’، فعملت على تهميشهم وقمعهم، فكيف يتحركون اليوم في ظل الاحتجاجات؟
وتشير المادة 13 إلى السماح لهذه الأقليات بممارسة الشعائر الدينية والعقائدية، والعمل وفق أحكامها في الأحوال الشخصية والتعاليم الدينية، فيما تأتي المادة 46 على التمثيل النيابي في البرلمان، قاصرةً إياه على الأقليات المسيحية، واليهودية، والزرادشتية، مغفلةً تمثيل المذهب السنّي.
وتنص هذه المادة على أنه "ينتخب الزرادشت واليهود كل على حدة نائباً واحداً؛ وينتخب المسيحيون الآشورىون والكلدانيون معاً نائباً واحداً؛ وينتخب المسيحيون الأرمن في الجنوب والشمال كل على حدة نائباً واحداً.
التمييز الديني
لم تتعدَّ نسبة النواب السُّنة المنتخَبين 6% من إجمالي النواب الذي مرّوا على المجلس (121 من أصل 1،996 نائباً)، منذ تشكيل أول برلمان إيراني بعد "الثورة الإسلامية الإيرانية"، في عام 1980 حتى اليوم، وفقاً لمعهد واشنطن.
وضعف التمثيل السُنّي في مجلس الشورى الإيراني، هو جزء من عملية الاضطهاد الممنهج ضد أبناء الطائفة السُنّية منذ ثورة الخميني، والتمييز ضدهم في الوظائف العامة، بحسب رئيس مركز الخليج للدراسات الإيرانية، شريف عبد الحميد، إذ لا يتم تعيين شخصيات سُنّية كوزراء ومحافظين ومستشارين، أو نواب رئيس وممثلين عن المرشد الأعلى ومستشاري المرشد الأعلى، وغيرها من المناصب، فضلاً عن عدم توظيفهم في الوزارات والقوات المسلحة ومكاتب مراكز المحافظات السنّية، التي يحكمها مسؤولون شيعة.
ويضيف عبد الحميد، في حديثه إلى رصيف22: "يمنع الدستور الإيراني نفسه الشخصيات السنّية من تبوّؤ مناصب حكومية عليا عدة، ويقصرها على أبناء الشيعة الإمامية فقط، حيث يمنع نص المادة 107 من الدستور أي شخص من الديانات والمذاهب الأخرى، من الترشيح لمنصب المرشد الأعلى، أو حتى عضوية "مجلس خبراء القيادة، كما تمنع المادة 61 المواطن السنّي من تبوؤ أي منصب في القضاء الإيراني".
وبحسب الباحث، "تسلب المادتان 12 و13 من الدستور حرية العبادة الدينية، وإقامة الشعائر للمذاهب غير الشيعية، ما أدى إلى منع الترخيص ببناء مساجد لأهل السنّة في العاصمة طهران، أو في سائر المدن الأخرى ذات الأغلبية الشيعية. وهناك العشرات من الناشطين ورجال الدين السنّة يقبعون في السجون، بسبب الدعوة لعقيدتهم، والعديد منهم مهدد بتنفيذ حكم الإعدام في أي لحظة، لمجرد تنظيم صفوف للدروس الدينية في المساجد السنّية".
يمنع الدستور الإيراني نفسه الشخصيات السنّية من تبوّؤ مناصب حكومية عليا عدة، ويقصرها على أبناء الشيعة الإمامية فقط
وحرم الدستور الإيراني، المسلمين السنّة والأقليات العرقية الشيعية المذهب من حق رئاسة الدولة بنص المادة 115، التي تشترط في رئيس الدولة أن يكون معتنقاً للمذهب الشيعي الاثني عشري، وقارنت في الوقت ذاته بين التشيع مع الجنسية و"الأصل الإيراني"، بحسب مركز الدراسات "رصانة".
وبالرغم من عدم تكرار هذا الشرط مع المناصب القيادية الأخرى، فإن وضع الدستور شرط الأصل الإيراني يثير تساؤلات حول دولة تقيم شرعيتها على أساس ديني، في حين لا يمكن تفسير لماذا تم استثناء المسلمين السنّة من تخصيص مقاعد لهم في البرلمان الإيراني بعكس الحال مع غير المسلمين.
تهميش الأقليات
تقول الباحثة في الشأن الإيراني، شيماء محمد، لرصيف22، إن "الحكومة الإسلامية في إيران، أو الجمهورية الإسلامية الفارسية، تعدّ الأقليات الطائفية أو العرقية، نقطة ضعف يمكن أن يتسلل من خلالهم أعداء الجمهورية ‘الإسلامية’، كما يزعم المسؤولون الإيرانيون. وعليه، نرى البلوش والأكراد محرومين سياسياً واقتصادياً، نتيجةً لسنوات طويلة من القوانين التمييزية".
وتضيف: "دائماً ما تشكك الجمهورية الإسلامية في النوايا الانفصالية من جانب هذه الأقليات، واقتنعت، خطأً، بأن القبضة الحديدية والملاحقات الأمنية تجاه الأقليات الدينية والعرقية ستكون الحل الأمثل لتحجيمهم، مغيبةً بذلك الكثير من الحلول السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تمثل الحل للأقليات العرقية والدينية/ المذهبية، والتي تؤدي إلى صهر الأقليات في بوتقة المواطنة الكاملة، بما تحمله من حقوق وواجبات متساوية".
ولا تتمتع الأقليات العرقية مع الأقلية السنّية، بسلطة اتخاذ قرار بشأن أوضاعها، نظراً إلى ضعف نفوذها داخل مؤسسات الدولة، بسبب حرمانها من تقلّد مناصب قيادية مثل رئاسة الجمهورية، والسلطة القضائية، والوزارات، ومناصب المحافظين، لا سيما للأقاليم والمحافظات التي تمثل أي منها أغلبيةً فيها، بالإضافة إلى عدم وجود أي شخص ينتمي إلى أقلية عرقية تتخذ غير التشيع مذهباً في مجمع تشخيص مصلحة النظام، ومجلس صيانة الدستور، والمجلس الأعلى للأمن القومي فضلاً عن عدم الاعتراف رسمياً بالأحزاب المستقلة المرتبطة بالأقليات العرقية التي تدافع عن حقوق هذه الأقليات وتعبّر عن مطالبها.
للوقوف على ما تمارسه سلطة الملالي من اضطهاد وتمييز ضد الإيرانيين السنّة، عليك الرجوع إلى مقابلة على قناة العربية، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، مع الوزير الأردني وسفيرها الأسبق في إيران، بسام العموش، بحسب إياد حمود، مدير مركز نورس للدراسات. ذكر العموش خلالها أنهم كانوا يصلون الجمعة في كراج السفارة السعودية، نظراً إلى عدم وجود مسجد لأهل السنّة في طهران، و"مع ذلك تعرضوا للمضايقات بسبب صلاتهم في كراج السفارة السعودية. وإذا كان هذا حال سفراء الدول وممثليها في إيران، بإمكانك تصور مدى التمييز والاضطهاد الذي تمارسه السلطة الإيرانية على مواطنيها من أهل السنّة".
كُنا نُصلّي الجمعة في كراج السفارة السعودية، نظراً إلى عدم وجود مسجد لأهل السنّة في طهران، ومع ذلك تعرضنا للمضايقات بسبب هذا الأمر
ويضيف حمود خلال حديثه إلى رصيف22: "تقوم الجمهورية الإيرانية على أيديولوجيا نفي الآخر، فترى تصريحات للمسؤولين الإيرانيين عن الإسلام المحمدي وفق التشيع الإيراني وولاية الفقيه. وفي ما يخص الديانات الأخرى، يعترف الدستور الإيراني بثلاث ديانات فقط، نتيجة عوامل براغماتية بالنسبة للديانتين المسيحية واليهودية"، مشيراً إلى "دور أحد التجار الإيرانيين اليهود في عملية تزويد إسرائيل لإيران بالأسلحة (فضيحة إيران كونترا)، ونتيجة العامل الإثني بالنسبة للزرادشتية، كونها الديانة القديمة لأهل فارس".
وفي السياق عينه، يذكر عبد الحميد، أننا في المادة الثانية من الدستور الإيراني "الطائفي"، نجد نصاً يقول إن "النظام يقوم على أساس الكتاب وسنّة المعصومين"، بما يعني عدم الاعتراف بسنّة النبي، بل يؤمنون بما يسمّونها "سنّة المعصومين"، وهو جزء من الأباطيل التي يقوم عليها المذهب الشيعي. والسؤال هنا، من أعطى لهؤلاء هذه العصمة المزعومة؟
وبرأيه، إيران هي "الدولة الوحيدة في العالم التي تحدد مذهبها الديني في دستورها. وذلك، على الرغم من خطورة هذا المسلك الغريب على مخالفي هذه الجمهورية المذهبية، سواء من رعاياها غير المتمذهبين بالمذهب الاثني عشري، أو حتى من غير رعاياها المخالفين لهذا التوجه الطائفي، في المنطقة العربية السُنّية بشكل عام".
مولوي والنظام
خلال الحراك البرلماني المصاحب لحراك الشارع الإيراني، عقب وفاة الشابة مهسا أميني، انتقد النائب الإيراني، شهر محمد تقي نقادلي، إمام أهل السنّة في زاهدان، مولوي عبد الحميد زهي، من دون ذكر اسمه بالقول، إن "الأشخاص الذين يتحدثون عن الدفاع عن حقوق المرأة كل يوم جمعة، من الأفضل لهم الدفاع عن ابنة رسول الله التي انتُهكت حقوقها"، بحسب صحيفة ابتكار، في إشارة إلى انتهاك حقوق فاطمة الزهراء، بحسب القراءة الشيعية.
وعقب فوزه بالرئاسة خلال دورته الرئاسية الأولى، أنشأ الرئيس الإيراني حسن روحاني، مكتباً خاصاً بشؤون القوميات والأقليات الدينية من أجل تطبيق وعوده الانتخابية للأقليات، وقام بتعيين إبراهيم يونسي نائباً له ومسؤولاً عن شؤون الأقليات. وللمرة الأولى عيّن سفيراً سنّياً كردياً، هو السفير صالح أديبي، إلى كل من دولتَي فيتنام وكمبوديا، بحسب ما تذكر دراسة رصانة.
تقول المادة الثانية من الدستور الإيراني إن "النظام يقوم على أساس الكتاب وسنّة المعصومين"
وحين عيّن الرئيس إبراهيم رئيسي، ماموستا عبد السلام كريمي، مستشاراً له لشؤون الأقليات العرقية والدينية، في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، كانت هي المرة الأولى التي يتولى فيها سنّيٌّ هذا الدور الاستشاري المعني بالأقليات، بحسب تقرير في معهد واشنطن، والذي يشير إلى أن "سُنّة بلوشستان حالياً، وجدوا زعيماً لهم في شخص شيخ الإسلام في زاهدان، مولوي عبد الحميد إسماعيل زهي. وقد أعلنت أربعون قبيلةً بلوشيةً وعشرات الزعماء السنّة الآخرين من جميع أنحاء البلاد عن دعمهم له".
تصف الباحثة شيماء محمد، علاقة مولوي بالحكومة الإيرانية، بالـ"هشّة، فللسيد مولوي أفكار دينية تتوافق مع هوى المؤسسة السياسية في طهران، مثل تصريحاته المؤيدة للحجاب الإجباري. وفي الوقت نفسه، لا ننسى دعم جماعة طالبان لمولوي، وهو عامل مؤثر في علاقته بالطبقة الشيعية الحاكمة في إيران".
وتضيف: "في إطار لعبة المصالح، دعم مولوي الرئيس إبراهيم رئيسي في الانتخابات، ضمن مساعيه إلى منح المرشح الرئاسي بعض الأصوات السنّية، مقابل بعض الحقوق القليلة لأبناء الطائفة السنّية، من دون أن يلغي ذلك تاريخ مولوي، فخلال السنوات الماضية، كانت له مواقف معارضة للحكومة في طهران، وإن كانت تتسم بالنعومة".
وبحسب عبد الحميد، فإن "تأييد مولوي للرئيس المتشدد رئيسي، كان موقفاً سياسياً تكتيكياً، فهو ليس مجرد إمام للسنّة في زاهدان، بل يُعدّ إمام أهل السنّة في إيران، وهو رجل سياسي من الطراز الأول، ومن حقه أن يتخذ مواقف يرى أنها في صالح الطائفة السنّية، وأن يسعى إلى إحداث توازنات سياسية في علاقته بنظام الملالي، خاصةً في ظل بطش هذا النظام برجال الدين السنّة، وهو ما بدا في الحركة الاحتجاجية الراهنة، والتي وُصفت بأنها "حركة شعبية بلا قائد ميداني"، فيما يرى قطاع كبير من المحتجين في شخص مولوي، بأنه "المُلهِم"، نظراً إلى جرأته على الوقوف في وجه نظام الملالي، والدعوة علناً إلى إجراء استفتاء شعبي عام في البلاد بإشراف دولي".
هل يدفع التهميش بالأقليات، إلى البحث عن هوياتهم الخاصة، بعيداً عن الهوية الإيرانية، التي تعدّهم مواطنين من الدرجتين الثانية والثالثة؟
وبالرغم من مشاركتهم في الثورة الإيرانية، حرمهم الخميني من حرية تعليم الإسلام السنّي، ولم يسمح للسنّة بأن يكون لهم مسجد في طهران، ما أثار غضب أحمد مفتي زاده، أحد قيادات السنّة في إيران، بسبب ما سماه "نكوصاً للوعود التي وعدهم بها الخميني"، فاعتُقل عام 1982، لمدة عشرة أعوام في زنزانة ارتفاعها متر ونصف المتر، بحيث لا يمكنه الوقوف معتدلاً، ما تسبب في تكسّر عظامه مرةً تلو أخرى. وتوفي بعد أسبوعين من الإفراج عنه، ولاحقت السلطات بعض شركائه وقتلتهم، خوفاً من التجمع حول ذكراه، وفق دراسة رصانة، "أهل السنّة في إيران، دراسة في التأسيسيات الأيدولوجية والسياسة المذهبية تجاه أهل السنّة".
وفي الاحتجاجات الحالية، سقط 128 شخصاً على الأقل في "سيستان-بلوشستان"، في الحملة الأمنية التي تشنّها السلطات الإيرانية، وهي أكبر حصيلة للذين تم تسجيل سقوطهم في محافظات إيران الـ31، فيما تأتي كردستان في المرتبة الثانية لجهة عدد ضحايا الاحتجاجات (53 شخصاً)، وفي المحافظتين يشكّل السنّة أغلبية السكان.
وفي هذا السياق، يُشير حمود إلى "تلاعب النظام الإيراني على وتر الأقليات الدينية/ العرقية، من خلال دمغ الاحتجاجات الشعبية الراهنة بالدمغة الانفصالية والعمالة للخارج، في إطار منهجية خبيثة تسعى إلى إسكات الشارع المحتج وحرفه عن مطالبه المركزية، بالإضافة إلى تبرير الوحشية في ضرب مناطق الأقليات، الأكثر احتجاجاً والأكثر تهميشاً أيضاً. إلا أن هذه المنهجية المتبعة من قبل سلطة طهران، ستدفع بالأقليات إلى البحث عن هوياتهم الخاصة، بعيداً عن الهوية الإيرانية، التي تعدّهم مواطنين من الدرجتين الثانية والثالثة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون