شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
كيف فرضت

كيف فرضت "أديداس" و"نايكي" حربهما على العالم؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والتنوّع

الأحد 11 ديسمبر 202201:26 م

يبدأ كأس العالم وينتهي، وبعد أربع سنوات يبدأ أخرى، ولكن هناك معركة رياضية عالمية واحدة لا تتوقف أبداً، وهي الحرب الأبدية بين "أديداس" و"نايكي" للفوز بقلوب وجيوب وحتى أجساد الرياضيين والمستهلكين في جميع أنحاء العالم.

في العام 1978، قامت شركة "ليفايس" بتصنيع الطقم الرسمي لمنتخب المكسيك، إلا أنه وللأسف لم يكن مصنوعاً من قماش الـ"دينيم" المزدوج، وهي أخطاء بسيطة لا تفعلها العملاقة "أديداس" أو منافستها "نايكي" أو حتى العملاقة الثالثة "بوما"، فحين ترغب بفرض سيطرتك على العالم، عليك أن تبدأ من الأمور الصغيرة لتصل إلى الكبيرة. 

نايكي تكسب نيجيريا

وفي العام 2018، صرّحت شركة "نايكي" بأنها قامت بتلقي أكثر من 3 ملايين طلبية شراء مسبقة من الطقم الرسمي الخاص بالمنتخب النيجيري بتصميمه الأيقوني والمتفرد الذي يحتوي على زخارف تشبه الريش ليعكس الروح الحقيقية للمنتخب الملقب بالنسور الخارقة.

في العام 2018 وحده، تلقّت "نايكي" أكثر من 3 ملايين طلبية شراء مسبقة من الطقم الرسمي الخاص بالمنتخب النيجيري فقط

هذا الطقم أصبح قطعة ساخنة حقيقية حتى بالنسبة للمشجعين العاديين، فقد كان تصميمه قوياً وجريئاً ومواكباً للموضة. وقد يكون من الصعب تحديد سبب انتشاره أكثر من سواه، لكنه صار معياراً تحاول العديد من الأندية وحتى المنتخبات الوطنية محاكاته بوضوح، طقم يمكن التعرف عليه على الفور ويمكن ارتداؤه في أكثر من مناسبة أو حالة.

حتى الـ"فيفا" لم تخجل أبداً من اغتنام فرص الرعاية المقدمة لها، فقد أبرمت صفقة في العام 2010 مع دار "لويس فيتون" لتصميم الحقيبة الخاصة لحفظ كأس العالم. نحن هنا أمام جدليات كثيرة واسعة، أولها أن كرة القدم ليست مجرد لعبة جميلة فحسب بل هي لعبة عصرية للغاية، وعصريتها هي ما أكسبتها شعبيتها المتجددة على مر السنين، وآخرها أن الشره الاستهلاكي الرياضي لن يتوقف، وهنا يبدأ صراع العلامات التجارية الرأسمالي لاستحواذ الحصة الأكبر من قالب الحلوى.

أديداس... الكرة الأسطورة

يعود تاريخ شركة "أديداس" مع كرة القدم إلى العام 1954 عندما تعاقد الاتحاد الألماني مع الشركة لتكون مورد الأحذية الرسمي، حيث فازوا بالبطولة لأول مرة، ليسمى هذا الحذاء في وقت لاحق "بطل العالم"، لتعود وتنتج الشركة ما مجموعه 450.000 زوجاً من الحذاء ذاته في ذلك العام.

مع الوقت، عادت الفيفا بكأس العام بنسخة عام 1962 وهنا كانت "أديداس" قد أصبحت اسماً مألوفاً في صناعة أحذية كرة القدم، فقد أفادت الإحصائيات أن لاعباً واحداً على الأقل في كل مباراة كان يرتدي زوجاً من أحذية هذه العلامة التجارية.

بعد النجاح الساحق الذي حققته "أديداس" في صناعة الأحذية الرياضية وتحديداً أحذية كرة القدم، حولت الشركة اهتمامها للتركيز على اللعبة بالكامل. ففي العام 1970، قامت الشركة باحتلال أرضية جديدة من خلال إنتاج كرة البطولة الرسمية لكأس العالم تحت اسم "تيلستار" والتي صممت خصيصاً لتحسين رؤية الكرة على أجهزة التليفزيون التي تبث بالأسود والأبيض.

في العام 1954 تعاقد الاتحاد الألماني مع "أديداس" لتصبح الشركة مورّده الرسمي للأحذية، وحين فاز الألمان بالبطولة سُمي الحذاء بـ"بطل العالم"، لتعود الشركة وتنتج 450 ألف زوج من الحذاء ذاته في ذلك العام لوحده

منذ تلك البطولة، قدمت "أديداس" الكرة الرسمية لكل بطولة حتى الآن، لتشهد علاقة الفيفا بالشركة على بعض الكرات الأسطورية على مر السنين.

عندما يتعلق الأمر بأطقم كرة القدم، فقد حققت "أديداس" نجاحاً ساحقاً في جميع أنحاء العالم على مستوى  الدولي وعلى مستوى الأندية. فقد قدمت الشركة أطقماً فائزة لأربعة منتخبات أخرى منذ أن فازت الأرجنتين بكأس العالم عام 1978 مرتدية طقمها بخطوطه الثلاثة الشهيرة.

خلال الثمانينيات، صعدت "أديداس"  لمستويات أعلى في اللعبة من خلال الحصول على عقود مع عمالقة الكرة الإنجليزية أمثال "مانشستر يونايتد" في عام 1980 و"ليفربول" في عام 1985. هذا، إلى جانب العديد من الأندية الأصغر، ما جعل "أديداس" عملاقاً في اللعبة الإنجليزية على الرغم من مواصلتها القتال الإبداعي والصناعي بشراسة مع منافستيها "نايكي" و"بوما" للاستحواذ على الحصة الأكبر من الأندية الإنجليزية.

رعاية الأندية... والنجوم

على مر السنين، صممت "أديداس" أطقماً وأحذية وحتى كرات لا تنسى. لتصبح جزءاً لا يتجزأ من نوستالجيا كرة القدم. وبالإضافة إلى رعايتها لأكبر الأندية والمنتخبات، ترعى الشركة مجموعة من نخبة لاعبي كرة القدم. حيث يقوم هؤلاء بتمثيلها أينما حلوا أو لعبوا.

في الماضي، رعت "أديداس" أمثال "جيرد مولر" و"أوليفر كان" و"فيليب لام" و"ديفيد بيكهام" و"فرانك لامبارد" و"ستيفن جيرارد" و"زين الدين زيدان" و"فرانز بيكنباور" و"إيكر كاسياس"، والآن، يقوم كلاً من "بول بوجبا" ومحمد صلاح و"توني كروس" مع "ليونيل ميسي" بتمثيلها إعلامياً وإعلانياً، حيث يمتلك ميسي مجموعته الحصرية من ابتكارات الشركة.

تهدف نايكي إلى مشاركة منافستها في احتكار الأسواق في الأوروبية، فتقوم الشركة التي يقع مقرها في ولاية أوريغون الأمريكية الآن برعاية مجموعات من الأندية الرائدة في الخمسة الكبار: الدوري الألماني والدوري الإسباني والدوري الفرنسي 1 والدوري الإيطالي والدوري الإنجليزي الممتاز والذي يعد أكبر جائزة على الإطلاق.

ففي موسم 2013 اشترى مشجعو البطولات الخمس الكبرى أكثر من 13 مليون قميص. ويوضح البروفيسور كريس برادي، مدير مركز الأعمال الرياضية في جامعة سالفورد بالمملكة المتحدة: "إن الوعي بكرة القدم كعلامة تجارية مدرة للأرباح لا مثيل له".

ترعى "نايكي" مجموعات من الأندية الرائدة في الخمسة الكبار: الدوري الألماني، الدوري الإسباني، الدوري الفرنسي1، الدوري الإيطالي، والدوري الإنجليزي الممتاز والذي يعد أكبر جائزة على الإطلاق

فنظراً لأن المستهلكين دائماً على استعداد لإنفاق المزيد على المنتجات عالية الجودة، فإن كلا العلامتين التجاريتين تعملان على تغيير استراتيجيات التوزيع والتجزئة لزيادة هوامش الربح. ينعكس هذا بشكل واضح في الاتجاه الملحوظ للمتاجر المملوكة بالكامل للعلامات التجارية بالإضافة إلى دعم تجار التجزئة الأكثر شهرة في السوق.

يتعلق الأمر برمته بأخذ المستهلك في رحلة منظمة تُستخدم فيها جميع أشكال التسويق -بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي- لتحقيق عملية شراء متكاملة، وبالتالي سيحكم الناس على المعركة بين "أديداس" و"نايكي" من خلال مقدار الثرثرة التي يولدانها.

حرب حقيقية

لكن الحرب الحقيقية ستدور حول كيفية اصطحاب الجمهور في رحلة منظمة تقودهم إلى أقرب متجر واقعي أو إلكتروني لإجراء عملية شراء، ففي نهاية المطاف، تعتمد المبيعات على جودة المنتج وهذا بدوره يعتمد على البحث والتطوير الدؤوب. في الواقع، تتمتع العلامة التجارية الأجود بأفضلية الوزن الأخف، فسرعان ما سيتمكن لاعبو كرة القدم من الركض إلى أرض الملعب بوزن 630 جراماً هو وزن الأحذية والقمصان والسراويل القصيرة والجوارب وواقيات الساق.

العلاقة بين الموضة وكرة القدم ليست بالجديدة. فقد بدأ الرياضون وعشاق الرياضة الأمر بارتدائهم للملابس الكاجوال غير الرسمية، ليصبحوا بهذا النمط من الملابس رواد الموضة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.

ولأن عيون القائمين على الأندية والمنتخبات تتطلع دائماً نحو العالمية، فإنهم يبقون عيوناً أخرى على الشوارع المحلية، ومنصات الموضة لتستقي إلهامها.

من منا لا يذكر بدلة التمرين الرياضية التي كان يرتديها في وقت من الأوقات فقط المعالج الفيزيائي للفريق، إلا أنها الآن أصبحت إحدى أكثر صيحات الموضة عصريةً ورواجاً، وهذا يمكن أن يكون شيئاً جيداً طالما أنها ظلت مثيرة للاهتمام، بدلاً من كونها مبتذلة وساخرة، حينها سنكون على أعتاب عصر ذهبي جديد لأطقم كرة القدم وأحذيتها وكراتها.

أهم رعايات أديداس من النجوم... "جيرد مولر"، "أوليفر كان"، "فيليب لام"، "ديفيد بيكهام"، "فرانك لامبارد"، "ستيفن جيرارد"، "زين الدين زيدان"، "فرانز بيكنباور"، "إيكر كاسياس"، "بول بوجبا"، "محمد صلاح"، "توني كروس" و"ليونيل ميسي".

تميل مستويات القيمة والقوة في الموضة إلى إعادة إنتاج نفسها من أجل ضمان بقاء صناع الذوق في ثقافتنا دون منازع. بهذا المعنى، تقوم الموضة بعكس المجتمع وتقلباتها على ذاته بدلاً من تجديده. فالموضة تعزز مجموعة من القيم فقط إذا كانت هذه القيم تعكس الاتجاهات الحالية في ثقافتنا. وبالتالي، قد يجادل المرء بأنه في حين أن الموضة تخلق إحساساً بالابتكار والتجديد المستمر، إلا أن هيكلها المتأصل والمتجذر يصعّب عملية تحديها وبالتالي كسر قواعدها وتغييرها. لكي تصبح الموضة راديكالية حقاَ، نحتاج إلى التشكيك في أنظمتها وهياكلها. هنا فقط تكمن إمكانية التعبير الثقافي الرائد حقاَ.

اليوم، نرى عدداً كبيراً من رموز القوة في الملابس، من "البدلات الرسمية" إلى "الكعوب العالية". ولكن ما الذي يمنح القوة لما نرتديه ويجعله مظهراً قوياً؟ وفقاً لعالم الاجتماع والمنظّر السياسي ستيفن لوكيس: "نحن نتحدث ونكتب عن السلطة، في مواقف لا حصر لها، وعادة ما نعرف أو نعتقد أننا نعرف جيداً ما نعنيه. ومع ذلك، من بين أولئك الذين فكروا في الأمر، لا يوجد اتفاق حول كيفية تعريفها وكيفية تصورها وكيفية دراستها وإذا كان من الممكن قياسها وكيفية قياسها ".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

تنوّع منطقتنا مُدهش

لا ريب في أنّ التعددية الدينية والإثنية والجغرافية في منطقتنا العربية، والغرائب التي تكتنفها، قد أضفت عليها رومانسيةً مغريةً، مع ما يصاحبها من موجات "الاستشراق" والافتتان الغربي.

للأسف، قد سلبنا التطرف الديني والشقاق الأهلي رويداً رويداً، هذه الميزة، وأمسى تعدّدنا نقمةً. لكنّنا في رصيف22، نأمل أن نكون منبراً لكلّ المختلفين/ ات والخارجين/ ات عن القواعد السائدة.

Website by WhiteBeard
Popup Image